Nooniyah Ibn Al-Qayyim
﷽
-
حُكْمُ الْمَحَبَّةِ ثَابِتُ الْأَرْكَانِ * مَا لِلصُّدُودِ بِفَسْخِ ذَاكَ يَدَانِ
-
أَنَّى وَقَاضِي الْحُسْنِ نَفَّذَ حُكْمَهَا * فَلِذَا أَقَرَّ بِذَلِكَ الْخَصْمَانِ
-
وَأَتَتْ شُهُودُ الْوَصْلِ تَشْهَدُ أَنَّهُ * حَقًّا جَرَى فِي مَجْلِسِ الإِحْسَانِ
-
فَتَأَكَّدَ الْحُكْمُ الْعَزِيزُ فَلَمْ يَجِدْ * فَسْخُ الْوُشَاةِ إِلَيْهِ مِنْ سُلْطَانِ
-
وَلِأَجْلِ ذَا حُكْمُ الْعَذُولِ تَدَاعَتِ الْـ * أَرْكَانُ مِنْهُ فَخَرَّ لِلأَرْكَانِ
-
وَأَتَى الْوُشَاةُ فَصَادَفُوا الْحُكْمَ الَّذِي * حَكَمُوا بِهِ مُتَيَقَّنَ الْبُطْلَانِ
-
مَا صَادَفَ الْحُكْمُ الْمَحَلَّ وَلَا هُوَ اسْـ * ـتَوْفَى الشُّرُوطَ فَصَارَ ذَا بُطْلَانِ
-
فَلِذَاكَ قَاضِى الْحُسْنِ أَثْبَتَ مَحْضَرًا * بِفَسَادِ حُكْمِ الْهَجْرِ وَالسُّلْوَانِ
-
وَحَكَى لَكَ الْحُكْمَ الْمُحَالَ وَنَقْضَهُ * فَاسْمَعْ إِذًا يَا مَنْ لَهُ أُذُنَانِ
-
حَكَمَ الْوُشَاةُ بِغَيْرِ مَا بُرْهَانِ * أَنَّ الْمَحَبَّةَ وَالصُّدُودَ لِدَانِ
-
وَاللَّهِ مَا هَذَا بِحُكْمٍ مُقْسِطٍ * أَيْنَ الْغَرَامُ وَصَدُّ ذِي هِجْرَانِ
-
شَتَّان بَيْنَ الْحَالَتَيْنِ فَإنْ تُرِدْ * جَمْعًا فَمَا الضِّدَّانِ يَجْتَمِعَانِ
-
يَا وَالِهًا هَانَتْ عَلَيهِ نَفْسُهُ * إذْ بَاعَهَا غَبْنًا بِكُلِّ هَوَانِ
-
أتَبِيعُ مَنْ تَهْواهُ نَفْسُك طَائِعًا * بِالصَّدِّ وَالتَّعْذِيبِ وَالهِجْرَانِ
-
أجَهِلْتَ أَوْصَافَ الْمَبِيعِ وَقَدْرَهُ * أمْ كُنْتَ ذَا جَهْلٍ بِذِي الأَثْمَانِ
-
وَاهًا لِقَلْبٍ لَا يُفارِقُ طَيْرُه الْـ * أَغْصَانَ قَائِمَةً عَلَى الْكُثْبَانِ
-
وَيظَلُّ يَشْجَعُ فَوْقَهَا وَلِغَيْرِهِ * مِنْهَا الثِّمَارُ وَكُلُّ قِطْفٍ دَانِ
-
وَيَبِيتُ يَبْكِي وَالمُوَاصِلُ ضَاحِكٌ * وَيَظَلُّ يَشْكُو وَهْوَ ذُو شُكْرَانِ
-
هَذَا وَلَوْ أَنَّ الْجَمَالَ مُعَلَّقٌ * بِالنَّجْمِ هَمَّ إليْهِ بِالطَّيَرَانِ
-
لِلَّهِ زَائِرَةٌ بِلَيْلٍ لَمْ تَخَفْ * عَسَسَ الْأَمِيرِ وَمَرْصَدَ السَّجَّانِ
-
قَطَعَتْ بِلَادَ الشَّامِ ثُمَّ تَيمَّمَتْ * مِنْ أَرْضِ طَيْبَةَ مَطلِعَ الْإِيمَانِ
-
وَأَتَتْ عَلَى وَادِي الْعَقِيقِ فَجَاوَزَتْ * مِيقَاتَهُ حِلًّا بِلَا نُكْرَانِ
-
وَأَتَتْ عَلَى وَادِي الْأَرَاكِ وَلَمْ يَكُنْ * قَصْدًا لَهَا فَأْلًا بِأَنْ سَتَرَانِي
-
وَأَتَتْ عَلَى عَرَفَاتِ ثُمَّ مُحَسِّرٍ * وَمِنًى فَكَمْ نَحَرَتْهُ مِنْ قُرْبَانِ
-
وَأَتَتْ عَلَى الْجَمَرَاتِ ثُمَّ تَيَمَّمَتْ * ذَاتَ السُّتُورِ وَرَبَّةَ الْأَرْكَانِ
-
هَذَا وَمَا طَافَتْ وَلَا اسْتَلَمَتْ وَلَا * رَمَتِ الْجِمَارَ وَلَا سَعَتْ لِقِرَانِ
-
وَعَلَتْ عَلَى أَعْلَى الصَّفَا فَتَيمَّمَتْ * دَارًا هُنَالِكَ لِلْمُحِبِّ الْعَانِي
-
أَتُرَى الدَّلِيلَ أَعَارَهَا أَثْوَابَهُ * وَالرِّيحَ أَعْطَتْهَا مِنَ الْخَفَقَانِ
-
وَاللَّهِ لَوْ أَنَّ الدَّلِيلَ مَكَانَهَا * مَا كَانَ ذَلِكَ مِنْهُ فِي إِمْكَانِ
-
هَذَا وَلَوْ سَارَتْ مَسِيرَ الرِّيحِ مَا * وَصَلَتْ بِهِ لَيْلًا إِلَى نَعْمَانِ
-
سَارَتْ وَكَانَ دَلِيلَهَا فِي سَيْرِهَا * سَعْدُ السُّعُودِ وَلَيْسَ بِالدَّبَرَانِ
-
وَرَدَتْ جِفَارَ الدَّمْعِ وَهْيَ غَزِيرَةٌ * فَلِذَاكَ مَا احْتَاجَتْ وُرُودَ الضَّانِ
-
وَعَلَتْ عَلَى مَتْنِ الْهَوَى وَتَزَوَّدَتْ * ذِكْرَ الحَبِيبِ وَوَصْلَهُ الْمُتَدَانِي
-
عَدَتْ بِزَوْرَتِهَا فَأَوْفَتْ بِالَّذِي * وَعَدَتْ وَكَانَ بِمُلْتَقَى الْأَجْفَانِ
-
لَمْ تَفْجَأِ الْمُشْتَاقَ إِلَّا وَهْيَ دَا * خِلَةُ السُّتُورِ بِغَيْرِ مَا اسْتِئْذَانِ
-
قَالَتْ وَقَدْ كَشَفَتْ نِقَابَ الْحُسْنِ مَا * بِالصَّبْرِ لِي عَنْ أنْ أَرَاكَ يَدانِ
-
وَتَحَدَّثَتْ عِنْدِي حَدِيثًا خِلْتُهُ * صِدْقًا وَقَدْ كَذَبَتْ بِهِ الْعَيْنَانِ
-
فَعَجِبْتُ مِنْهُ وَقُلْتُ مَنْ فَرَحِي بِهِ * طَمَعًا وَلَكِنَّ الْمَنَامَ دَهَانِي
-
إِنْ كُنْتِ كَاذِبَةَ الَّذِي حَدَّثْتِنِي * فَعَلَيْكِ إِثْمُ الْكَاذِبِ الْفَتَّانِ
-
جَهْمِ بْنِ صَفْوَانٍ وَشِيعَتِهِ الأُلَى * جَحَدُوا صِفَاتِ الْخَالِقِ الْمَنَّانِ
-
بَلْ عَطَّلُوا مِنْهُ السَّمَاوَاتِ الْعُلَى * وَالْعَرْشَ أَخْلَوْهُ مِنَ الرَّحْمٰنِ
-
وَنَفَوْا كَلَامَ الرَّبِّ جلَّ جَلَالُهُ * وَقَضَوْا لَهُ بِالْخَلْقِ وَالْحِدْثَانِ
-
قَالُوا وَلَيْسَ لِرَبِّنَا سَمْعٌ وَلَا * بَصَرٌ وَلَا وَجْهٌ فَكَيْفَ يَدَانِ
-
وَكَذَاكَ لَيْسَ لِرَبِّنَا مِنْ قُدْرَةٍ * وَإِرَادَةٍ أَوْ رَحْمَةٍ وَحَنَانِ
-
كَلَّا وَلَا وَصْفٌ يَقُومُ بِهِ سِوَى * ذَاتٍ مُجَرَّدَةٍ بِغَيْرِ مَعَانِ
-
وَحَيَاتُهُ هِيَ نَفْسُهُ وَكَلَامُهُ * هُوَ غَيْرُهُ فَاعْجَبْ لِذَا الْبُهْتَانِ
-
وَكَذَاكَ قَالُوا مَا لَهُ مِنْ خَلْقِهِ * أَحَدٌ يَكُونُ خَلِيلَهُ النَّفْسَانِي
-
وَخَلِيلُهُ الْمُحْتَاجُ عِنْدَهُمُ وَفِي * ذَا الْوَصْفِ يَدْخُلُ عَابِدُ الْأَوْثَانِ
-
فَالْكُلُّ مُفْتَقِرٌ إِلَيْهِ لِذَاتِهِ * فِي أَسْرِ قَبْضَتِهِ ذَلِيلٌ عَانِ
-
وَلِأَجْلِ ذَا ضَحَّى بِجَعْدٍ خَالِدُ الْـ * ـقَسْرِيُّ يَوْمَ ذَبَائِحِ الْقُرْبَانِ
-
إِذْ قَالَ: إِبْرَاهِيمُ لَيْسَ خَلِيلَهُ * كَلَّا وَلَا مُوسَى الْكَلِيمَ الدَّانِي
-
شَكَرَ الضَّحِيَّةَ كُلُّ صَاحِبِ سُنَّةٍ * لِلَّهِ دَرُّكَ مِنْ أَخِي قُرْبَانِ
-
وَالْعَبْدُ عِنْدَهُمُ فَلَيْسَ بِفَاعِلٍ * بَلْ فِعْلُهُ كَتَحَرُّكِ الرَّجْفَانِ
-
وَهُبُوبِ رِيحٍ أَوْ تَحَرُّكِ نَائِمٍ * وَتَحَرُّكِ الْأَشْجَارِ لِلْمَيَلَانِ
-
وَاللَّهُ يُصْلِيهِ عَلَى مَا لَيْسَ مِنْ * أفْعَالِهِ حَرَّ الْحَمِيمِ الآنِي
-
لَكِنْ يُعَاقِبُهُ عَلَى أَفْعَالِهِ * فِيهِ تَعَالَى اللَّهُ ذُو الْإِحْسَانِ
-
وَالظُّلْمُ عِنْدَهُمُ الْمُحَالُ لِذَاتِهِ * أنَّى يُنَزَّهُ عَنْهُ ذُو السُّلْطَانِ
-
وَيَكُونُ مَدْحًا ذَلِكَ التَّنْزِيهُ مَا * هَذَا بِمَعْقُولٍ لَدَى الْأَذْهَانِ
-
وَكَذَاكَ قَالُوا مَا لَهُ مِنْ حِكْمَةٍ * هِيَ غَايَةٌ لِلْأَمْرِ وَالْإِتْقَانِ
-
مَا ثَمَّ غَيْرُ مَشِيئَةٍ قَدْ رَجَّحَتْ * مِثْلًا عَلَى مِثْلٍ بِلَا رُجْحَانِ
-
هَذَا وَمَا تِلْكَ الْمَشِيئَةُ وَصْفَهُ * بَلْ ذَاتُهُ أَوْ فِعْلُهُ قَولَانِ
-
وَكَلَامُهُ مُذْ كَانَ غَيْرًا كَانَ مَخْـ * ـلُوقًا لَهُ مِنْ جُمْلَةِ الْأَكْوَانِ
-
قَالُوا وَإقْرَارُ الْعِبَادِ بِأَنَّهُ * خَلَّاقُهُمْ هُوَ مُنْتَهَى الْإِيْمَانِ
-
وَالنَّاسُ فِي الْإِيمَانِ شَيْءٌ وَاحِدٌ * كَالْمُشْطِ عِنْدَ تَمَاثُلِ الْأَسْنَانِ
-
فَاسْأَلْ أَبَا جَهْلٍ وَشِيعَتَهُ وَمَنْ * وَالَاهُمُ مِنْ عَابِدِي الْأَوْثَانِ
-
وَسَلِ الْيَهُودَ وَكُلَّ أَقْلَفَ مُشْرِكٍ * عَبَدَ المَسِيحَ مُقَبِّلَ الصُّلْبَانِ
-
وَاسْأَلْ ثَمُودَ وَعَادَ بَلْ سَلْ قَبْلَهُمْ * أعْدَاءَ نُوحٍ أُمَّةَ الطُّوفَانِ
-
وَاسْأَلْ أَبَا الجِنِّ اللَّعِينَ أَتَعْرِفُ الْـ * ـخَلَّاقَ أَمْ أَصْبَحْتَ ذَا نُكْرَانِ
-
وَاسْأَلْ شِرَارَ الْخَلْقِ أَعْنِي أُمَّةً * لُوطِيَّةً هُمْ نَاكِحُو الذُّكْرَانِ
-
وَاسْأَلْ كَذَاكَ إِمَامَ كُلِّ مُعَطِّلٍ * فِرعَونَ مَعْ قَارُونَ مَعْ هَامَانِ
-
هَلْ كَانَ فِيهِمْ مُنْكِرٌ لِلْخالِقِ الرَّ * بِّ الْعَظِيمِ مُكَوِّنِ الْأَكْوَانِ
-
فَلْيُبْشِرُوا مَا فِيهِمُ مِنْ كَافِرٍ * هُمْ عِنْدَ جَهْمٍ كَامِلُو الْإِيمَانِ
-
وَقَضَى بِأَنَّ اللَّهَ كَانَ مُعَطَّلًا * وَالْفِعْلُ مُمْتَنِعٌ بِلَا إِمْكَانِ
-
ثُمَّ اسْتَحَالَ وصَارَ مَقْدُورًا لَهُ * مِنْ غَيْرِ أَمْرٍ قَامَ بِالدَّيَّانِ
-
بَلْ حَالُهُ سُبْحَانَهُ فِي ذَاتِهِ * قَبْلَ الْحُدُوثِ وَبَعْدَهُ سِيَّانِ
-
وَقَضَى بِأَنَّ النَّارَ لَمْ تُخْلَقْ وَلَا * جَنَّاتُ عَدْنٍ بَلْ هُمَا عَدَمَانِ
-
فَإِذَا هُمَا خُلِقَا لِيَوْمِ مَعَادِنَا * فَهُمَا عَلَى الْأَوْقَاتِ فَانِيَتَانِ
-
وَتَلَطَّفَ الْعَلَّافُ مِنْ أَتْبَاعِهِ * فَأَتَى بِضُحْكَةِ جَاهِلٍ مَجَّانِ
-
قَالَ الْفَنَاءُ يَكُونُ فِي الْحَرَكاتِ لَا * فِي الذَّاتِ وَاعَجَبَا لِذَا الْهَذَيَانِ
-
أَيَصِيرُ أَهْلُ الْخُلْدِ فِي جَنَّاتِهِمْ * وجَحِيمِهِمْ كَحِجَارَةِ الْبُنْيَانِ
-
مَا حَالُ مَنْ قَدْ كَانَ يَغْشَى أَهْلَهُ * عِنْدَ انْقِضَاءِ تَحَرُّكِ الْحَيَوَانِ
-
وَكَذَاكَ مَا حَالُ الَّذِي رَفَعَتْ يَدَا * هُ أُكْلَةً مِنْ صَحْفَةٍ وَخِوَانِ
-
فَتَنَاهَتِ الْحَرَكَاتُ قَبْلَ وُصُولِهَا * لِلْفَمِّ عِنْدَ تَفَتُّحِ الْأَسْنَانِ
-
وَكَذَاكَ مَا حَالُ الَّذِي امْتَدَّتْ يَدٌ * مِنْهُ إِلَى قِنْوٍ مِنَ الْقِنْوَانِ
-
فَتَنَاهَتِ الْحَرَكَاتُ قَبْلَ الْأَخْذِ هَلْ * يَبْقَى كَذَلِكَ سَائِرَ الْأَزْمَانِ
-
تَبًّا لِهَاتِيكَ الْعُقُولِ فَإِنَّهَا * وَاللَّهِ قَدْ مُسِخَتْ عَلَى الْأَبْدَانِ
-
تَبًّا لِمَنْ أَضْحَى يُقَدِّمُهَا عَلَى الْـ * آثارِ وَالْأَخْبَارِ وَالْقُرْآنِ
-
وَقَضَى بِأَنَّ اللَّهَ يَجْعَلُ خَلْقَهُ * عَدَمًا وَيقْلِبُهُ وُجُودًا ثَانِي
-
الْعَرْشُ وَالْكُرْسِيُّ وَالْأَرْوَاحُ وَالْـ * أَمْلَاكُ وَالْأَفْلَاكُ وَالْقَمَرَانِ
-
وَالْأَرْضُ وَالْبَحْرُ الْمُحِيطُ وَسَائِرُ الْـ * أَكْوَانِ مِنْ عَرَضٍ وَمِنْ جُثْمَانِ
-
كُلٌّ سَيُفْنِيهِ الْفَنَاءَ الْمَحْضَ لَا * يَبْقَى لَهُ أَثَرٌ كَظِلٍّ فَانِ
-
وَيُعِيدُ ذَا الْمَعْدُومَ أَيْضًا ثَانِيًا * مَحْضَ الْوُجُودِ إِعَادَةً بِزَمَانِ
-
هَذَا الْمَعَادُ وَذَلِكَ الْمَبْدَا لَدَى * جَهْمٍ وقَدْ نَسَبُوهُ لِلْقُرْآنِ
-
هَذَا الِّذِي قَادَ ابْنَ سِينَا وَالْأُلَى * قَالُوا مَقَالَتَهُ إِلى الْكُفْرَانِ
-
لَمْ تَقْبَلِ الْأَذْهَانُ ذَا وَتَوَهَّمُوا * أنَّ الرَّسُولَ عَنَاهُ بِالْإِيمَانِ
-
هَذَا كِتَابُ اللَّهِ أنَّى قَالَ ذَا * أوْ عَبْدُهُ الْمَبْعُوثُ بِالبُرْهَانِ
-
أَوْ صَحْبُهُ مِنْ بَعْدِهِ أَوْ تَابِعٌ * لَهُمُ عَلَى الْإِيمَانِ وَالْإِحْسَانِ
-
بَلْ صَرَّحَ الْوَحْيُ الْمُبِيْنُ بِأَنَّهُ * حَقًّا مُغِيِّرُ هَذِهِ الْأَكْوَانِ
-
فَيُبَدِّلُ اللَّهُ السَّمَاوَاتِ الْعُلَى * وَالْأَرْضَ أَيْضًا ذَانِ تَبْدِيلَانِ
-
وَهُمَا كَتَبْدِيلِ الْجُلُودِ لِسَاكِنِي النِّـ * ـيرَانِ عِنْدَ النُّضْجِ مِنْ نِيرَانِ
-
وَكَذَاكَ يَقْبِضُ أَرْضَهُ وَسَمَاءَهُ * بِيَدَيْهِ مَا الْعَدَمَانِ مَقْبُوضَانِ
-
وَتُحَدِّثُ الْأَرْضُ الَّتِي كُنَّا بِهَا * أَخْبَارَهَا فِي الْحَشْرِ لِلرَّحْمٰنِ
-
وَتَظَلُّ تَشْهَدُ وَهْيَ عَدْلٌ بِالَّذِي * مِنْ فَوْقِهَا قَدْ أَحْدَثَ الثَّقَلَانِ
-
أَفَيَشْهَدُ الْعَدَمُ الَّذِي هُوَ كَاسْمِهِ * لَا شَيْءَ هَذَا لَيْسَ فِي الْإِمْكَانِ
-
لَكِنْ تُسَوَّى ثُمَّ تُبْسَطُ ثُمَّ تَشْـ * ـهَدُ ثُمَّ تُبْدَلُ وَهْيَ ذَاتُ كِيانِ
-
وَتُمَدُّ أَيْضًا مِثْلَ مَدِّ أَدِيمِنَا * مِنْ غَيْرِ أَوْدِيَةٍ وَلَا كُثْبَانِ
-
وَتَقِيءُ يَوْمَ العَرْضِ ذَا أَكْبَادَهَا * كَالْأُسْطُوَانِ نَفَائِسَ الْأَثْمَانِ
-
كُلٌّ يَرَاهُ بِعَيْنِهِ وَعِيَانِهِ * مَا لِامْرِئٍ بِالْأَخْذِ مِنْهُ يَدَانِ
-
وَكَذَا الْجِبَالُ تُفَتُّ فَتًّا مُحْكَمًا * فَتَعُودُ مِثْلَ الرَّمْلِ ذِي الْكُثْبَانِ
-
وَتَكُونُ كَالْعِهْنِ الَّذِي أَلْوَانُهُ * وَصِبَاغُهُ مِنْ سَائِرِ الْأَلْوَانِ
-
وَتُبَسُّ بَسًّا مِثْلَ ذَاكَ فَتَنْثَنِي * مِثْلَ الْهَبَاءِ لِنَاظِرِ الْإِنْسَانِ
-
وَكَذَا الْبِحَارُ فَإِنَّهَا مَسْجُورَةٌ * قَدْ فُجِّرَتْ تَفْجِيرَ ذِي سُلْطَانِ
-
وَكَذَلِكَ الْقَمَرَانِ يَأْذَنُ رَبُّنَا * لَهُمَا فَيَجْتَمِعَانِ يَلْتَقِيَانِ
-
هَذِي مُكَوَّرَةٌ وَهَذَا خَاسِفٌ * وَكِلَاهُمَا فِي النَّارِ مَطْرُوحَانِ
-
وَكَوَاكِبُ الْأَفْلَاكِ تُنْثَرُ كُلُّهَا * كَلَآلِئٍ نُثِرَتْ عَلَى مَيْدَانِ
-
وَكَذَا السَّمَاءُ تُشَقُّ شَقًّا ظَاهِرًا * وَتَمُورُ أَيْضًا أَيَّمَا مَوَرَانِ
-
وَتَصِيرُ بَعْدَ الْاِنْشِقَاقِ كَمِثْلِ هَـ * ـذَا الْمُهْلِ أَوْ تَكُ وَرْدَةً كَدِهَانِ
-
وَالْعَرْشُ وَالْكُرْسِيُّ لَا يُفْنِيهُمَا * أَيْضًا وَإنَّهُمَا لَمَخْلُوقَانِ
-
وَالْحُورُ لَا تَفْنَى كَذَلِكَ جَنَّةُ الْـ * ـمَأْوَى وَمَا فِيهَا مِنَ الْوِلْدَانِ
-
وَلِأَجْلِ هَذَا قَالَ جَهْمٌ إِنَّهَا * عَدَمٌ وَلَمْ تُخْلَقْ إِلَى ذَا الْآنِ
-
وَالْأَنْبِيَاءُ فَإِنَّهُمْ تَحْتَ الثَّرَى * أَجْسَامُهُمْ حُفِظَتْ مِنَ الدِّيدَانِ
-
مَا لِلْبَلَى بِلُحُومِهِمْ وَجُسُومِهِمْ * أَبَدًا وَهُمْ تَحْتَ التُّرَابِ يَدَانِ
-
وَكَذَاكَ عَجْبُ الظَّهْرِ لَا يَبْلَى بَلَى * مِنْهُ تُركَّبُ خِلْقَةُ الْإِنْسَانِ
-
وَكَذَلِكَ الْأَرْوَاحُ لَا تَبْلَى كَمَا * تَبْلَى الْجُسُومُ وَلَا بِلَى اللُّحْمَانِ
-
وَلِأَجْلِ ذَلِكَ لَمْ يُقِرَّ الْجَهْمُ بِالْـ * ـأَرْوَاحِ خَارِجَةً عَنِ الْأَبْدَانِ
-
لَكِنَّهَا مِنْ بَعْضِ أَعْرَاضٍ بِهَا * قَامَتْ وَذَا فِي غَايَةِ الْبُطْلَانِ
-
فَالشَّأْنُ لِلْأَرْوَاحِ بَعْدَ فِرَاقِهَا * أَبْدَانَنَا وَاللَّهِ أَعْظَمُ شَانِ
-
إِمَّا عَذَابٌ أَوْ نَعِيمٌ دَائِمٌ * قَدْ نُعِّمَتْ بِالرَّوْحِ وَالرَّيْحَانِ
-
وَتَصِيرُ طَيْرًا سَارِحًا مَعَ شَكْلِهَا * تَجْنِي الثِّمَارَ بِجَنَّةِ الْحَيَوَانِ
-
وَتَظَلُّ وَارِدَةً لِأَنْهَارٍ بِهَا * حَتَّى تَعُودَ لِذَلِكَ الْجُثْمَانِ
-
لَكِنَّ أَرْوَاحَ الَّذِينَ اسْتُشْهِدُوا * فِي جَوْفِ طَيْرٍ أخْضَرٍ رَيَّانِ
-
فَلَهُمْ بِذَاكَ مَزِيَّةٌ فِي عَيْشِهِمْ * وَنَعِيمُهُمْ لِلرُّوحِ وَالْأَبْدَانِ
-
بَذَلُوا الْجُسُومَ لِرَبِّهِمْ فَأَعَاضَهُمْ * أَجْسَامَ تِلْكَ الطَّيْرِ بِالْإِحْسَانِ
-
وَلَهَا قَنَادِيلٌ إِلَيْهَا تَنْتَهِي * مَأْوًى لَهَا كَمَسَاكِنِ الْإِنْسَانِ
-
فَالرُّوحُ بَعْدَ الْمَوْتِ أَكْمَلُ حَالَةً * مِنْهَا بِهَذِي الدَّارِ فِي جُثْمَانِ
-
وَعَذَابُ أَشْقَاهَا أَشَدُّ مِنَ الَّذِي * قَدْ عَايَنَتْ أَبْصَارُنَا بِعِيَانِ
-
وَالْقَائِلُونَ بِأَنَّهَا عَرَضٌ أَبَوْا * ذَا كُلَّهُ تَبًّا لِذِي نُكْرَانِ
-
وَإِذَا أَرَادَ اللَّهُ إِخْرَاجَ الْوَرَى * بَعْدَ الْمَمَاتِ إِلَى الْمَعَادِ الثَّانِي
-
أَلْقَى عَلَى الْأَرْضِ الَّتِي هُمْ تَحْتَهَا * وَاللَّهُ مُقْتَدِرٌ وَذُو سُلْطَانِ
-
مَطَرًا غَلِيظًا أَبْيَضًا مُتَتَابِعًا * عَشْرًا وَعَشْرًا بَعْدَهَا عَشْرَانِ
-
فَتَظَلُّ تَنْبُتُ مِنْهُ أَجْسَامُ الْوَرَى * وَلُحُومُهُمْ كَمَنَابِتِ الرَّيْحَانِ
-
حَتَّى إِذَا مَا الْأُمُّ حَانَ وِلَادُهَا * وَتَمَخَّضَتْ فَنِفَاسُهَا مُتَدَانِ
-
أَوْحَى لَهَا رَبُّ السَّمَا فَتَشَقَّقَتْ * فَبَدَا الْجَنِينُ كَأَكْمَلِ الشُّبَّانِ
-
وَتَخَلَّتِ الْأُمُّ الْوَلُودُ وَأَخْرَجَتْ * أَثْقَالَهَا أُنْثَى وَمِنْ ذُكْرَانِ
-
وَاللَّهُ يُنْشِئُ خَلْقَهُ فِي نَشْأَةٍ * أُخْرَى كَمَا قَدْ قَالَ فِي الْفُرْقَانِ
-
هَذَا الَّذِي جَاءَ الْكِتَابُ وَسُنَّةُ الْـ * ـهَادِي بِهِ فَاحْرِصْ عَلَى الْإِيمَانِ
-
مَا قَالَ إِنَّ اللَّهَ يُعْدِمُ خَلْقَهُ * طُرًّا كَقَوْلِ الْجَاهِلِ الْحَيْرَانِ
-
وَقَضَى بِأَنَّ اللَّهَ لَيْسَ بِفَاعِلٍ * فِعْلًا يَقُومُ بِهِ بِلَا بُرْهَانِ
-
بَلْ فِعْلُهُ الْمَفْعُولُ خَارِجَ ذَاتِهِ * كَالْوَصْفِ غَيْرِ الذَّاتِ فِي الْحُسْبَانِ
-
وَالْجَبْرُ مَذْهَبُهُ الَّذِي قَرَّتْ بِهِ * عَيْنُ الْعُصَاةِ وَشِيعَةِ الشَّيْطَانِ
-
كَانُوا عَلَى وَجَلٍ مِنَ الْعِصْيَانِ إِذْ * هُوَ فِعْلُهُم وَالذَّنْبُ لِلْإِنْسَانِ
-
وَاللَّوْمُ لَا يَعْدُوهُ إِذْ هُوَ فَاعِلٌ * بِإِرَادَةٍ وَبِقُدْرَةِ الْحَيَوَانِ
-
فَأَرَاحَهُمْ جَهْمٌ وَشِيعَتُهُ مِنَ اللَّـ * ـوْمِ الْعَنِيفِ وَمَا قَضَوْا بِأَمَانِ
-
لَكِنَّهُمْ حَمَلُوا ذُنُوبَهُمُ عَلَى * رَبِّ الْعِبَادِ بِعِزَّةٍ وَأَمَانِ
-
وَتَبَرَّؤُوا مِنْهَا وَقَالُوا إِنَّهَا * أَفْعَالُهُ مَا حِيلَةُ الْإِنْسَانِ
-
مَا كَلَّفَ الْجَبَّارُ نَفْسًا وُسْعَهَا * أَنَّى وَقَدْ جُبِلَتْ عَلَى الْعِصْيَانِ
-
وَكَذَا عَلَى الطَّاعَاتِ أَيْضًا قَدْ غَدَتْ * مَجْبُورَةً فَلَهَا إِذًا جَبْرَانِ
-
وَالْعَبْدُ فِي التَّحْقِيقِ شِبْهُ نَعَامَةٍ * قَدْ كُلِّفَتْ بِالْحَمْلِ وَالطَّيَرَانِ
-
إِذْ كَانَ صُورَتُهَا تَدُلُّ عَلَيْهِمَا * هَذَا وَلَيْسَ لَهَا بِذَاكَ يَدَانِ
-
فَلِذَاكَ قَالَ بِأَنَّ طَاعَاتِ الْوَرَى * وَكَذَاكَ مَا فَعَلُوهُ مِنْ عِصْيَانِ
-
هِيَ عَيْنُ فِعْلِ الرَّبِّ لَا أَفْعَالُهُمْ * فَيَصِحُّ عَنْهُمْ عِنْدَ ذَا نَفْيَانِ
-
نَفْيٌ لِقُدْرتِهِمْ عَلَيْهَا أَوَّلًا * وَصُدُورِهَا مِنْهُمْ بِنَفْيٍ ثَانِ
-
فَيُقَالُ مَا صَامُوا وَلَا صَلَّوْا وَلَا * زَكَّوْا وَلَا ذَبَحُوا مِنَ القُرْبَانِ
-
وَكَذَاكَ مَا شرِبُوا وَمَا قَتَلُوا وَلَا * سَرَقُوا وَلَا فِيهِمْ غَوِيٌّ زَانِ
-
وَكَذَاكَ لَمْ يَأْتُوا اخْتِيَارًا مِنْهُمُ * بِالْكُفْرِ وَالْإِسْلَامِ وَالْإِيْمَانِ
-
إِلَّا عَلَى وَجْهِ الْمَجَازِ لِأَنَّهَا * قَامَتْ بِهِمْ كَالطَّعْمِ وَالْأَلْوَانِ
-
جُبِرُوا عَلَى مَا شَاءَهُ خَلَّاقُهُمْ * مَا ثَمَّ ذُو عَوْنٍ وَغَيْرُ مُعَانِ
-
الْكُلُّ مَجْبُورٌ وَغَيْرُ مُيَسَّرٍ * كَالْمَيْتِ أُدْرِجَ دَاخِلَ الْأَكْفَانِ
-
وَكَذَاكَ أَفْعَالُ الْمُهَيْمِنِ لَمْ تَقُمْ * أَيْضًا بِهِ خَوْفًا مِنَ الْحَدَثَانِ
-
فَإِذَا جَمَعْتَ مَقَالَتَيْهِ أَنْتَجَا * كَذِبًا وَزُورًا وَاضِحَ الْبُهْتَانِ
-
إِذْ لَيْسَتِ الْأَفْعَالُ فِعْلَ إِلَهِنَا * وَالرَّبُّ لَيْسَ بِفَاعِلِ العِصْيَانِ
-
فَإِذَا انْتَفَتْ صِفَةُ الْإِلَهِ وَفِعْلُهُ * وَكَلَامُهُ وَفَعَائِلُ الْإِنْسَانِ
-
فَهُنَاكَ لَا خَلْقٌ وَلَا أَمْرٌ وَلَا * وَحْيٌ وَلَا تَكْلِيفُ عَبْدٍ فَانِ
-
وَقَضَى عَلَى أَسْمَائِهِ بِحُدُوثِهَا * وبِخَلْقِهَا مِنْ جُمْلَةِ الْأَكْوَانِ
-
فَانْظُرْ إِلَى تَعْطِيلِهِ الْأَوْصَافَ وَالْـ * أفْعَالَ وَالْأَسْمَاءَ لِلرَّحْمٰنِ
-
مَاذَا الَّذِي فِي ضِمْنِ ذَا التَّعْطِيلِ مِنْ * نَفْيٍ وَمِنْ جَحْدٍ وَمِنْ كُفْرَانِ
-
لَكِنَّهُ أَبْدَى الْمَقَالَةَ هَكَذَا * فِي قَالَبِ التَّنْزِيهِ لِلرَّحْمٰنِ
-
وَأَتَى إِلَى الْكُفْرِ الْعَظِيمِ فَصَاغَهُ * عِجْلًا لِيَفْتِنَ أُمَّةَ الثِّيرَانِ
-
وَكَسَاهُ أنْوَاعَ الْجَوَاهِرِ وَالحُلِيَّ * مِنْ لُؤْلُؤٍ صَافٍ وَمِنْ عِقْيَانِ
-
فَرَآهُ ثِيرَانُ الْوَرَى فَأَصَابَهُمْ * كَمُصَابِ إِخْوَتِهِمْ قَدِيمَ زَمَانِ
-
عِجْلَانِ قَدْ فَتَنَا العِبَادَ بِصَوْتِهِ * إِحْدَاهُمَا وَبِحَرفِهِ ذَا الثَّانِي
-
وَالنَّاسُ أَكْثَرُهُمْ فَأَهْلُ ظَوَاهِرٍ * تَبْدُو لَهُمْ لَيْسُوا بِأَهْلِ مَعَانِ
-
فَهُمُ الْقُشُورُ وَبِالْقُشُورِ قِوَامُهُم * وَاللُّبُّ حَظُّ خُلَاصَةِ الْإِنْسَانِ
-
وَلِذَا تَقَسَّمَتِ الطَّوَائِفُ قَوْلَهُ * وَتَوَارَثُوهُ إِرْثَ ذِي السُّهْمَانِ
-
لَمْ يَنْجُ مِنْ أَقْوَالِهِ طُرًّا سِوَى * أَهْلِ الْحَدِيثِ وَشِيْعَةِ الْقُرْآنِ
-
فَتَبَرَّؤُوا مِنْهَا بَرَاءَةَ حَيْدَرٍ * وَبَرَاءَةَ الْمَوْلُودِ مِنْ عِمْرَانِ
-
مِنْ كُلِّ شِيعِيٍّ خَبِيثٍ وَصْفُهُ * وَصْفُ الْيَهُودِ مُحَلِّلِي الْحِيتَانِ
-
يَأَيُّهَا الرَّجُلُ الْمُرِيدُ نَجَاتَهُ * اِسْمَعْ مَقَالَةَ نَاصِحٍ مِعْوَانِ
-
كُنْ فِي أُمُورِكَ كُلِّهَا مُتَمَسِّكًا * بِالْوَحْيِ لَا بِزَخَارِفِ الْهَذَيَانِ
-
وَانْصُرْ كِتَابَ اللَّهِ وَالسُّنَنَ الَّتِي * جَاءَتْ عَنِ الْمَبْعُوثِ بِالْفُرْقَانِ
-
وَاضْرِبْ بِسَيْفِ الْوَحْيِ كُلَّ مُعَطِّلٍ * ضَرْبَ الْمُجَاهِدِ فَوْقَ كُلِّ بَنَانِ
-
وَاحْمِلْ بِعَزْمِ الصِّدْقِ حَمْلَةَ مُخْلِصٍ * مُتَجِرِّدٍ لِلَّهِ غَيْرِ جَبَانِ
-
وَاثْبُتْ بِصَبْرِكَ تَحْتَ أَلْوِيَةِ الْهُدَى * فَإِذَا أُصِبْتَ فَفِي رِضَا الرَّحْمٰنِ
-
وَاجْعَلْ كِتَابَ اللَّهِ وَالسُّنَنَ الَّتِي * ثَبَتَتْ سِلَاحَكَ ثُمَّ صِحْ بِجَنَانِ
-
مَنْ ذَا يُبارِزُ فَلْيُقَدِّمْ نَفْسَهُ * أَوْ مَنْ يُسَابِقْ يَبْدُ فِي الْمَيْدَانِ
-
وَاصْدَعْ بِمَا قَالَ الرَّسُولُ وَلَا تَخَفْ * مِنْ قِلَّةِ الْأَنْصَارِ وَالْأَعْوَانِ
-
فَاللَّهُ نَاصِرُ دِينِهِ وَكِتَابِهِ * وَاللَّهُ كَافٍ عَبْدَهُ بِأَمَانِ
-
لَا تَخْشَ مِنْ كَيْدِ الْعَدُوِّ وَمَكْرِهِمْ * فَقِتَالُهُمْ بِالْكِذْبِ وَالْبُهْتَانِ
-
فَجُنُودُ أَتْبَاعِ الرَّسُولِ مَلَائِكٌ * وَجُنُودُهُمْ فَعَسَاكِرُ الشَّيْطَانِ
-
شَتَّانَ بَيْنَ الْعَسْكَرَيْنِ فَمَنْ يَكُنْ * مُتَحَيِّزًا فَلْيَنْظُرِ الْفِئَتَانِ
-
وَاثْبُتْ وَقَاتِلْ تَحْتَ رَايَاتِ الْهُدَى * وَاصْبِرْ فَنَصْرُ اللَّهِ رَبِّكَ دَانِ
-
وَاذْكُرْ مَقَاتِلَهُمْ لِفُرْسَانِ الْهُدَى * لِلَّهِ دَرُّ مَقَاتِلِ الْفُرْسَانِ
-
وَادْرَأْ بِلَفْظِ النَّصِّ فِي نَحْرِ الْعِدَا * وَارْجُمْهُمُ بِثَوَاقِبِ الشُّهْبَانِ
-
لَا تَخْشَ كَثْرَتَهُمْ فَهُمْ هَمَجُ الْوَرَى * وَذُبَابُهُ أَتَخَافُ مِنْ ذِبَّانِ
-
وَاشْغَلْهُمُ عِنْدَ الْجِدَالِ بِبَعْضِهِمْ * بَعْضًا فَذَاكَ الْحَزْمُ لِلْفُرْسَانِ
-
وَإِذَا هُمُ حَمَلُوا عَلَيْكَ فَلَا تَكُنْ * فَزِعًا لِحَمْلَتِهِمْ وَلَا بِجَبَانِ
-
وَاثْبُتْ وَلَا تَحْمِلْ بِلَا جُنْدٍ فَمَا * هَذَا بِمَحْمُودٍ لَدَى الشُّجْعَانِ
-
فَإِذَا رَأَيْتَ عِصَابَةَ الْإِسْلَامِ قَدْ * وَافَتْ عَسَاكِرُهَا مَعَ السُّلْطَانِ
-
فَهُنَاكَ فَاخْتَرِقِ الصُّفُوفَ وَلَا تَكُنْ * بِالْعَاجِزِ الْوَانِي وَلَا الْفَزْعَانِ
-
وَتَعَرَّ مِنْ ثَوْبَيْنِ مَنْ يَلْبَسْهُمَا * يَلْقَ الرَّدَى بِمَذَمَّةٍ وَهَوَانِ
-
ثَوْبٌ مِنَ الْجَهْلِ الْمُرَكَّبِ فَوْقَهُ * ثَوْبُ التَّعَصُّبِ بِئْسَتِ الثَّوبَانِ
-
وَتَحَلَّ بِالْإِنْصَافِ أَفْخَرِ حُلَّةٍ * زِينَتْ بِهَا الْأَعْطَافُ وَالْكَتِفَانِ
-
وَاجْعَلْ شِعَارَكَ خَشْيَةَ الرَّحْمٰنِ مَعْ * نُصْحِ الرَّسُولِ فَحَبَّذَا الْأَمْرَانِ
-
وَتَمَسَّكَنَّ بِحَبْلِهِ وَبِوَحْيِهِ * وَتَوَكَّلَنَّ حَقِيقَةَ التُّكْلَانِ
-
فَالْحَقُّ وَصْفُ الرَّبِّ وَهْوَ صِرَاطُهُ الْـ * ـهَادِي إِلَيْهِ لِصَاحِبِ الْإِيمَانِ
-
وَهُوَ الصِّرَاطُ عَلَيْهِ رَبُّ الْعَرْشِ أَيْ * ضًا ذَا وَذَا قَدْ جَاءَ فِي الْقُرْآنِ
-
وَالْحَقُّ مَنْصُورٌ وَمُمْتَحَنٌ فَلَا * تَعْجَبْ فَهَذِي سُنَّةُ الرَّحْمٰنِ
-
وَبِذَاكَ يَظْهَرُ حِزْبُهُ مِنْ حَرْبِهِ * وَلِأَجْلِ ذَاكَ النَّاسُ طَائِفَتَانِ
-
وَلِأَجْلِ ذَاكَ الْحَرْبُ بَيْنَ الرُّسْلِ وَالْـ * ـكُفَّارِ مُذْ قَامَ الوَرَى سَجْلَانِ
-
لَكِنَّمَا الْعُقْبَى لِأَهْلِ الْحَقِّ إِنْ * فَاتَتْ هُنَا كَانَتْ لَدَى الدَّيَّانِ
-
وَاجْعَلْ لِقَلْبِكَ هِجْرَتَيْنِ وَلَا تَنَمْ * فَهُمَا عَلَى كُلِّ امْرِئٍ فَرْضَانِ
-
فَالْهِجْرةُ الْأُولَى إِلَى الرَّحْمٰنِ بِالْـ * إِخْلَاصِ فِي سِرٍّ وَفِي إِعْلَانِ
-
فَالْقَصْدُ وَجْهُ اللَّهِ بِالْأَقْوَالِ وَالْـ * أَعْمَالِ وَالطَّاعَاتِ وَالشُّكْرَانِ
-
فَبِذَاكَ يَنْجُو الْعَبْدُ مِنْ إشْرَاكِهِ * وَيَصِيرُ حَقًّا عَابِدَ الرَّحْمٰنِ
-
وَالْهِجْرَةُ الْأُخْرَى إِلَى الْمَبْعُوثِ بِالْـ * ـحَقِّ الْمُبِينِ وَوَاضِحِ الْبُرْهَانِ
-
فَيَدُورُ مَعْ قَوْلِ الرَّسُولِ وَفِعْلِهِ * نَفْيًا وَإِثْبَاتًا بِلَا رَوَغَانِ
-
وَيُحَكِّمُ الْوَحْيَ الْمُبِينَ عَلَى الَّذِي * قَالَ الشُّيُوخُ فَعِنْدَهُ حَكَمَانِ
-
لَا يَحْكُمَانِ بِبَاطِلٍ أَبَدًا وَكُلُّ م * الْعَدْلِ قَدْ جَاءَتْ بِهِ الْحَكَمَانِ
-
وَهُمَا كِتَابُ اللَّهِ أَعْدَلُ حَاكِمٍ * فِيهِ الشِّفَا وَهِدَايَةُ الْحَيْرَانِ
-
وَالْحَاكِمُ الثَّانِي كَلَامُ رَسُولِهِ * مَا ثَمَّ غَيْرُهُمَا لِذِي إِيمَانِ
-
فَإِذَا دَعَوْكَ لِغَيْرِ حُكمِهِمَا فَلَا * سَمْعًا لِدَاعِي الْكُفْرِ وَالْعِصْيَانِ
-
قُلْ لَا كَرَامَةَ لَا وَلَا نُعْمَى وَلَا * طَوْعًا لِمَنْ يَدْعُو إِلَى طُغْيَانِ
-
وَإِذَا دُعِيتَ إِلَى الرَّسُولِ فَقُلْ لَهُمْ * سَمْعًا وَطَوْعًا لَسْتُ ذَا عِصْيَانِ
-
وَإِذَا تَكَاثَرتِ الْخُصُومُ وَصَيَّحُوا * فَاثْبُتْ فَصَيْحَتُهُمْ كَمِثْلِ دُخَانِ
-
يَرْقَى إِلَى الْأَوْجِ الرَّفِيعِ وَبعْدَهُ * يَهوِي إِلَى قَعْرِ الْحَضِيضِ الدَّانِي
-
هَذَا وَإِنَّ قِتَالَ حِزْبِ اللَّهِ بِالْـ * أَعْمَالِ لَا بِكَتَائِبِ الشُّجْعَانِ
-
وَاللَّهِ مَا فتَحُوا الْبِلَادَ بِكَثْرَةٍ * أَنَّى وَأَعْدَاهُمْ بِلَا حُسْبَانِ
-
وَكَذَاكَ مَا فَتَحُوا الْقُلُوبَ بِهَذِهِ الْـ * آرَاءِ بَلْ بِالْعِلْمِ وَالْإِيمَانِ
-
وَشَجَاعَةُ الْفُرْسَانِ نَفسُ الزُّهْدِ فِي * نَفْسٍ وَذَا مَحْذُورُ كُلِّ جَبَانِ
-
وَشَجَاعَةُ الْحُكَّامِ وَالْعُلَمَاءِ زُهْـ * ـدٌ فِي الثَّنَا مِنْ كُلِّ ذِي بُطْلَانِ
-
فَإِذَا هُمَا اجْتَمَعَا لِقَلْبٍ صَادِقٍ * شَدَّتْ رَكَائِبُهُ إِلَى الرَّحْمٰنِ
-
وَاقْصِدْ إِلَى الْأَقْرَانِ لَا أَطْرَافِهَا * فَالْعِزُّ تَحْتَ مَقَاتِلِ الْأَقْرَانِ
-
وَاسْمَعْ نَصِيحَةَ مَنْ لَهُ خُبْرٌ بِمَا * عِنْدَ الْوَرَى مِنْ كَثْرَةِ الْجَوَلَانِ
-
مَا عِنْدَهُمْ وَاللَّهِ خَيْرٌ غَيْرَ مَا * أَخَذُوهُ عَمَّنْ جَاءَ بِالْقُرْآنِ
-
وَالْكُلُّ بَعْدُ فَبِدْعةٌ أَوْ فِرْيَةٌ * أَوْ بَحْثُ تَشْكِيكٍ وَرَأْيُ فُلَانِ
-
فَاصْدَعْ بِأَمْرِ اللَّهِ لَا تَخْشَ الْوَرَى * فِي اللَّهِ وَاخْشَاهُ تَفُزْ بِأَمَانِ
-
وَاهْجُرْ وَلَوْ كُلَّ الْوَرَى فِي ذَاتِهِ * لَا فِي هَوَاكَ وَنَخْوَةِ الشَّيْطَانِ
-
وَاصْبِرْ بِغَيْرِ تَسَخُّطٍ وَشِكَايَةٍ * وَاصْفَحْ بِغَيْرِ عِتَابِ مَنْ هُوَ جَانِ
-
وَاهْجُرْهُمُ الْهَجْرَ الْجَمِيلَ بِلَا أَذًى * إِنْ لَمْ يَكُنْ بُدٌّ مِنَ الْهِجْرَانِ
-
وَانْظُرْ إِلَى الْأَقْدَارِ جَارِيَةً بِمَا * قَدْ شَاءَ مِنْ غَيٍّ وَمِنْ إِيمَانِ
-
وَاجْعَلْ لِقَلْبِكَ مُقْلَتَيْنِ كِلَاهُمَا * بِالْحَقِّ فِي ذَا الْخَلْقِ بَاصِرَتَانِ
-
فَانْظُرْ بِعَيْنِ الْحُكْمِ وَارْحَمْهُمْ بِهَا * إِذْ لَا تُرَدُّ مَشِيئَةُ الدَّيَّانِ
-
وَانْظُرْ بِعَيْنِ الْأَمْرِ وَاحْمِلْهُمْ عَلَى * أَحْكَامِهِ فَهُمَا إِذًا نَظَرَانِ
-
وَاجْعَلْ لِوَجْهِكَ مُقْلَتَيْنِ كِلَاهُمَا * مِنْ خَشْيَةِ الرَّحْمٰنِ بَاكِيَتَانِ
-
لَوْ شَاءَ رَبُّكَ كُنْتَ أَيْضًا مِثْلَهُمْ * فَالْقَلْبُ بَيْنَ أَصَابِعِ الرَّحْمٰنِ
-
وَاحْذَرْ كَمَائِنَ نَفْسِكَ اللَّاتِي مَتَى * خَرَجَتْ عَلَيْكَ كُسِرْتَ كَسْرَ مُهانِ
-
وَإِذَا انْتَصَرْتَ لَهَا تَكُونُ كَمَنْ بَغَى * طَفْيَ الدُّخَانِ بِمُوقَدِ النِّيرَانِ
-
وَاللَّهُ أَخْبَرَ وَهْوَ أَصْدقُ قَائِلٍ * أَنْ لَيْسَ يَنْصُرُ عَبْدَهُ بِأَمَانِي
-
مَنْ يَعْمَلِ السُوأَى سَيُجْزَى مِثْلَهَا * أَوْ يَعْمَلِ الْحُسْنَى يَفُزْ بِجِنَانِ
-
هَذِي وَصِيَّةُ نَاصِحٍ وَلِنَفْسِهِ * وَصَّى وَبَعْدُ لِسَائِرِ الْإِخْوَانِ
-
فَاجْلِسْ إِذًا فِي مَجْلِسِ الْحَكَمَيْنِ لِلرَّ * حْمٰنِ لَا لِلنَّفْسِ وَالشَّيْطَانِ
-
إِحْدَاهُمَا النَّقْلُ الصَّحِيحُ وَبَعْدَه الْـ * ـعَقْلُ الصَّرِيحُ وَفِطْرَةُ الرَّحْمٰنِ
-
وَاحْكُمْ إِذًا فِي رُفْقَةٍ قَدْ سَافَرُوا * يَبْغُونَ فَاطِرَ هَذِهِ الْأَكْوَانِ
-
فَتَرَافَقُوا فِي سَيْرِهِمْ وَتَفَارَقُوا * عِنْدَ افْتِرَاقِ الطُّرْقِ بِالْحَيْرَانِ
-
فَأَتَى فَرِيقٌ ثُمَّ قَالَ وَجَدتُّهُ * هَذَا الْوُجُودَ بِعَيْنِهِ وَعِيَانِ
-
مَا ثَمَّ مَوْجُودٌ سِوَاهُ وَإِنَّمَا * غَلِطَ اللِّسَانُ فَقَالَ مَوْجُودَانِ
-
فَهُوَ السَّمَاءُ بِعَيْنِهَا وَنُجُومُهَا * وَكَذَلِكَ الْأَفْلَاكُ وَالْقَمَرَانِ
-
وَهُوَ الْغَمَامُ بِعَيْنِهِ وَالثَّلْجُ وَالْـ * أَمْطَارُ مَعْ بَرَدٍ ومَعْ حُسْبَانِ
-
وَهُوَ الْهَوَاءُ بِعَيْنِهِ وَالْمَاءُ وَالتُّـ * ـرْبُ الثَّقِيلُ وَنَفْسُ ذِي النِّيرَانِ
-
هَذِي بَسَائِطُهُ وَمِنْهُ تَرَكَّبَتْ * هَذِي الْمَظَاهِرُ مَا هُنَا شَيْئَانِ
-
وَهُوَ الْفَقِيرُ لَهَا لِأَجْلِ ظُهُورِهِ * فِيهَا كَفَقْرِ الرُّوحِ لِلْأَبْدَانِ
-
وَهِيَ الَّتِي افْتَقَرَتْ إِلَيْهِ لِأَنَّهُ * هُوَ ذَاتُهَا وَوُجُودُهَا الْحَقَّانِي
-
وَتَظَلُّ تَلْبَسُهُ وَتَخْلَعُهُ وَذَا الْـ * إِيجَادُ وَالْإِعْدَامُ كُلَّ أَوَانِ
-
وَيَظَلُّ يَلْبَسُهَا وَيَخْلَعُهَا وَذَا * حُكْمُ الْمَظَاهِرِ كَيْ يُرَى بِعِيَانِ
-
وَتَكَثُّرُ الْمَوْجُودِ كَالْأَعْضَاءِ فِي الْـ * ـمَحْسُوسِ مِنْ بَشَرٍ وَمِنْ حَيَوَانِ
-
أَوْ كَالْقُوَى فِي النَّفْسِ ذَلِكَ وَاحِدٌ * مُتَكَثِّرٌ قَامَتْ بِهِ الْأَمْرَانِ
-
فَيَكُونُ كُلًّا هَذِهِ أَجَزَاؤُهُ * هَذِي مَقَالَةُ مُدَّعِي الْعِرْفَانِ
-
أَوْ أَنَّهَا كَتَكَثُّرِ الْأَنْوَاعِ فِي * جِنْسٍ كَمَا قَالَ الْفَرِيقُ الثَّانِي
-
فَيَكُونُ كُلِّيًّا وَجُزْئِيَّاتُهُ * هَذَا الْوُجُودُ فَهَذِهِ قَوْلَانِ
-
أُولَاهُمَا نَصُّ الْفُصُوصِ وَبَعْدَهُ * قَوْلُ ابْنِ سَبْعِينٍ وَمَا الْقَوْلَانِ
-
عِنْدَ الْعَفِيفِ التِّلْمِسَانِيِّ الَّذِي * هُوَ غَايَةٌ فِي الْكُفْرِ وَالْبُهْتَانِ
-
إِلَّا مِنَ الْأَغْلَاطِ فِي حِسٍّ وَفِي * وَهْمٍ وَتِلْكَ طَبِيعَةُ الْإِنْسَانِ
-
وَالْكُلُّ شَيْءٌ وَاحِدٌ فِي نَفْسِهِ * مَا لِلتَّعَدُّدِ فِيهِ مِنْ سُلْطَانِ
-
فَالضَّيْفُ وَالْمَأْكُولُ شَيْءٌ وَاحِدٌ * وَالْوَهْمُ يَحْسَبُ هَهُنَا شَيْئَانِ
-
وَكَذَلِكِ الْمَوْطُوءُ عَيْنُ الْوَاطِ وَالْـ * ـوَهْمُ الْبَعِيدُ يَقُولُ ذَانِ اثْنَانِ
-
وَلَرُبَّمَا قَالَا مَقَالَتَهُ كَمَا * قَدْ قَالَ قَوْلَهُمَا بِلَا فُرْقَانِ
-
وَأَبَى سِوَاهُمْ ذَا وَقَالَ مَظَاهِرٌ * تَجْلُوهُ ذَاتُ تَوَحُّدٍ وَمَثَانِ
-
فَالظَّاهِرُ الْمَجْلُوُّ شَيْءٌ وَاحِدٌ * لَكِنْ مَظَاهِرُهُ بِلَا حُسْبَانِ
-
هَذِي عِبَارَاتٌ لَهُمْ مَضْمُونُهَا * مَا ثَمَّ غَيْرٌ قَطُّ فِي الْأَعْيَانِ
-
فَالْقَوْمُ مَا صَانُوهُ عَنْ إِنْسٍ وَلَا * جِنٍّ وَلَا شَجَرٍ وَلَا حَيَوَانِ
-
كَلَّا وَلَا عُلْوٍ وَلَا سُفْلٍ وَلَا * وَادٍ وَلَا جَبَلٍ وَلَا كُثْبَانِ
-
كَلَّا وَلَا طَعْمٍ وَلَا رِيحٍ وَلَا * صَوْتٍ وَلَا لَوْنٍ مِنَ الْأَلْوَانِ
-
لَكِنَّهُ الْمَطْعُومُ وَالْمَلْمُوسُ وَالْـ * ـمَشْمُومُ وَالْمَسْمُوعُ بِالْآذَانِ
-
وَكَذَاكَ قَالُوا إِنَّهُ الْمَنْكُوحُ وَالْـ * ـمَذْبُوحُ بَلْ عَيْنُ الْغَوِيِّ الزَّانِي
-
وَالْكُفْرُ عِنْدَهُمُ هُدًى وَلَوَ انَّهُ * دِينُ الْمَجُوسِ وَعَابِدِي الْأَوْثَانِ
-
قَالُوا وَمَا عَبَدُوا سِوَاهُ وَإِنَّمَا * ضَلُّوا بِمَا خُصُّوا مِنَ الْأَعْيَانِ
-
وَلَوَ انَّهُمْ عَمُّوا وَقَالُوا كُلُّهَا * مَعْبُودَةٌ مَا كَانَ مِنْ كُفْرَانِ
-
فَالْكُفْرُ سَتْرُ حَقِيقَةِ الْمَعْبُودِ بِالتَّـ * ـخْصِيصِ عِنْدَ مُحَقِّقٍ رَبَّانِي
-
قَالُوا وَلَم يَكُ كَافِرًا فِي قَوْلِهِ * أَنَا رَبُّكُمْ فِرْعَوْنُ ذُو الطُّغْيَانِ
-
بَلْ كَانَ حَقًّا قَوْلُهُ إِذْ كَانَ عَيْـ * ـنُ الْحَقِّ مُضْطَلِعًا بِهَذَا الشَّانِ
-
وَلِذَا غَدًا تَغْرِيقُهُ فِي الْبَحْرِ تَطْـ * ـهِيرًا مِنَ الْأَوْهَامِ وَالْحُسْبَانِ
-
قَالُوا وَلَمْ يَكُ مُنْكِرًا مُوسَى لِمَا * عَبَدُوهُ مِن عِجْلٍ لَدَى الْخَوَرَانِ
-
إِلَّا عَلَى مَنْ كَانَ لَيْسَ بِعَابِدٍ * مَعَهُمْ وَأَصْبَحَ ضَيِّقَ الْأَعْطَانِ
-
وَلِذَاكَ جَرَّ بِلِحْيَةِ الْأَخِ حَيْثُ لَمْ * يَكُ وَاسِعًا فِي قَوْمِهِ لِبِطَانِ
-
بَلْ فَرَّقَ الْإِنْكَارُ مِنْهُ بَيْنَهُمْ * لَمَّا سَرَى فِي وَهْمِهِ غَيْرَانِ
-
ولقدْ رأى إبليسَ عارِفُهُمْ فأَهْـ * ـوَى بالسجودِ هُوِىَّ ذِي خُضْعانِ
-
قَالُوا لَهُ مَاذَا صَنَعْتَ فَقَالَ هَلْ * غَيْرُ الْإِلَهِ وَأَنْتُمَا عَمِيَانِ
-
مَا ثَمَّ غَيْرٌ فَاسْجُدُوا إِنْ شِئْتُمُ * لِلشَّمْسِ وَالْأَصْنَامِ وَالشَّيْطَانِ
-
فَالْكُلُّ عَيْنُ اللَّهِ عِنْدَ مُحَقِّقٍ * وَالْكُلُّ مَعْبُودٌ لِذِي الْعِرْفَانِ
-
هَذَا هُوَ الْمَعْبُودُ عِنْدَهُمُ فَقُلْ * سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ ذَا السُّبْحَانِ
-
يَا أُمَّةً مَعْبُودُهَا مَوْطُوؤُهَا * أَيْنَ الْإِلَهُ وَثُغْرَةُ الطَّعَّانِ
-
يَا أُمَّةً قَدْ صَارَ مِنْ كُفْرَانِهَا * جُزْءًا يَسِيرًا جُمْلَةُ الْكُفْرَانِ
-
وَأَتَى فَرِيقٌ ثُمَّ قَالَ وَجَدتُّهُ * بِالذَّاتِ مَوْجُودًا بِكُلِّ مَكَانِ
-
هُوَ كَالْهَوَاءِ بِعَيْنِهِ لَا عَيْنُهُ * مَلَأَ الْخُلُوَّ وَلَا يُرَى بِعِيَانِ
-
وَالْقَوْمُ مَا صَانُوهُ عَنْ بِئْرٍ وَلَا * قَبْرٍ وَلَا حُشٍّ وَلَا أَعْطَانِ
-
بَلْ مِنْهُمُ مَنْ قَدْ رَأَى تَشْبِيهَهُ * بِالرُّوحِ دَاخِلَ هَذِهِ الْأَبْدَانِ
-
مَا فِيهُمُ مَنْ قَالَ لَيْسَ بِدَاخِلٍ * أَوْ خَارِجٍ عَنْ جُمْلَةِ الْأَكْوَانِ
-
لَكِنَّهُمْ حَامُوا عَلَى هَذَا وَلَمْ * يَتَجَاسَرُوا مِنْ عَسْكَرِ الْإِيمَانِ
-
وَعَلَيْهِمُ رَدَّ الْأَئِمَّةُ أَحْمَدٌ * وَصِحَابُهُ مِنْ كُلِّ ذِي عِرْفَانِ
-
فَهُمُ الْخُصُومُ لِكُلِّ صَاحِبِ سُنَّةٍ * وَهُمُ الْخُصُومُ لِمُنْزِلِ الْقُرْآنِ
-
وَلَهُمْ مَقُالُاتٌ ذَكَرْتُ أُصُولَهَا * لَمَّا ذَكَرْتُ الْجَهْمَ فِي الْأَوْزَانِ
-
وَأَتَى فَرِيقٌ ثُمَّ قَارَبَ وَصْفُهُ * هَذَا وَلَكِنْ جَدَّ فِي النُّكْرَانِ
-
فَأَسَرَّ قَوْلَ مُعَطِّلٍ وَمُكَذِّبٍ * فِي قَالَبِ التَّنْزِيهِ لِلرَّحْمٰنِ
-
إِذْ قَالَ لَيْسَ بِدَاخِلٍ فِينَا وَلَا * هُوَ خَارِجٌ عَنْ جُمْلَةِ الْأَكْوَانِ
-
بَلْ قَالَ لَيْسَ بِبَائِنٍ عَنْهَا وَلَا * فِيهَا وَلَا هُوَ عَيْنُهَا بِبَيَانِ
-
كَلَّا وَلَا فَوْقَ السَّمَوَاتِ الْعُلَى * وَالْعَرْشِ مِنْ رَبٍّ وَلَا رَحْمٰنِ
-
وَالْعَرْشُ لَيْسَ عَلَيْهِ مَعْبُودٌ سِوَى الْـ * ـعَدَمِ الَّذِي لَا شَيْءَ فِي الأَعْيَانِ
-
بَلْ حَظُّهُ مِنْ رَبِّهِ حَظُّ الثَّرَى * مِنْهُ وَحَظُّ قَوَاعِدِ الْبُنْيَانِ
-
لَوْ كَانَ فَوْقَ الْعَرْشِ كَانَ كَهَذِهِ الْـ * أَجْسَامِ سُبْحَانَ الْعَظِيمِ الشَّانِ
-
وَلَقَدْ وَجَدتُّ لِفَاضِلٍ مِنْهُمْ مَقَا * مًا قَامَهُ فِي النَّاسِ مُنْذُ زَمَانِ
-
قَالَ اسْمَعُوا يَا قَوْمِ إِنَّ نَبِيَّكُمْ * قَدْ قَالَ قَوْلًا وَاضِحَ الْبُرْهَانِ
-
لَا تَحْكُمُوا بِالفَضْلِ لِي أَصْلًا عَلَى * ذِي النُّونِ يُونُسَ ذَلِكَ الْغَضْبَانِ
-
هَذَا يَرُدُّ عَلَى الْمُجَسِّمِ قَوْلَهُ * اللَّهُ فَوْقَ الْعَرْشِ وَالْأَكْوَانِ
-
وَيَدُلُّ أَنَّ إِلَهَنَا سُبْحَانَهُ * وَبِحَمْدِهِ يُلْفَى بِكُلِّ مَكَانِ
-
قَالُوا لَهُ بَيِّنْ لَنَا هَذَا فَلَمْ * يَفعَلْ فَأَعْطَوْهُ مِنَ الْأَثْمَانِ
-
أَلْفًا مِنَ الذَّهَبِ الْعَتِيقِ فَقَالَ فِي * تِبْيَانِهِ فَاسْمَعْ لِذَا التِّبْيَانِ
-
قَدْ كَانَ يُونُسُ فِي قَرَارِ الْبَحْرِ تَحْـ * ـتَ الْمَاءِ فِي قَبْرٍ مِنَ الْحِيتَانِ
-
وَمُحَمَّدٌ صَعِدَ السَّمَاءَ وَجَاوَزَ السَّـ * ـبْعَ الطِّبَاقَ وَجَازَ كُلَّ عَنَانِ
-
وَكِلَاهُمَا فِي قُرْبهِ مِنْ رَبِّهِ * سُبْحَانَهُ إِذْ ذَاكَ مُسْتَويَانِ
-
فَالْعُلْوُ وَالسُّفْلُ اللَّذَانِ كِلَاهُمَا * فِي بُعْدِهِ مِنْ ضِدِّهِ طَرَفَانِ
-
إِنْ يُنْسَبَا لِلَّهِ نُزِّهَ عَنْهُمَا * بِالْاِخْتِصَاصِ بَلَى هُمَا سِيَّانِ
-
فِي قُربِ مَنْ أَضْحَى مُقِيمًا فِيهِمَا * مِنْ رَبِّهِ فَكِلَاهُمَا مِثْلَانِ
-
فَلِأَجْلِ هَذَا خُصَّ يُونُسُ دُونَهُمْ * بِالذِّكْرِ تَحْقِيقًا لِهَذَا الشَّانِ
-
فَأَتَى النِّثَارُ عَلَيْهِ مِنْ أَصْحَابِهِ * مِنْ كُلِّ نَاحِيَةٍ بِلَا حُسْبَانِ
-
فَاحْمَدْ إِلَهَكَ أيُّهَا السُّنِّيُّ إِذْ * عَافَاكَ مِنْ تَحْرِيفِ ذِي بُهْتَانِ
-
وَاللَّهِ مَا يَرْضَى بِهَذَا خَائِفٌ * مِنْ رَبِّهِ أَمْسَى عَلَى الْإِيمَانِ
-
هَذَا هُوَ الْإِلْحَادُ حَقًّا بَلْ هُوَ الـ * ـتَّحْرِيفُ مَحْضًا أَبْرَدُ الْهَذَيَانِ
-
وَاللَّهِ مَا بُلِيَ الْمُجَسِّمُ قَطُّ ذِي الْـ * ـبَلْوَى وَلَا أَمْسَى بِذِي الْخِذْلَانِ
-
أَمْثَالُ ذَا التَّأْوِيلِ أَفْسَدَ هَذِهِ الْـ * أَدْيَانَ حِينَ سَرَى إِلَى الْأَدْيَانِ
-
وَاللَّهِ لَوْلَا اللَّهُ حَافِظُ دِينِهِ * لَتَهَدَّمَتْ مِنْهُ قُوَى الْأَرْكَانِ
-
وَأَتَى فَرِيقٌ ثُمَّ قَارَبَ وَصْفُهُ * هَذَا وَزَادَ عَلَيْهِ فِي الْمِيزَانِ
-
قَالَ اسْمَعُوا يَا قَوْمُ لَا تُلهِيكُمُ * هَذِي الْأَمَانِي هُنَّ شَرُّ أَمَانِي
-
أَتَعِبْتُ رَاحِلَتِي وَكَلَّ مَطِيَّتِي * وبَذَلْتُ مَجْهُودِي وَقَدْ أَعْيَانِي
-
فَتَّشْتُ فَوْقُ وَتَحْتُ ثُمَّ أَمَامَنَا * وَوَرَاءُ ثُمَّ يَسَارُ مَعْ أَيْمَانِ
-
مَا دَلَّنِي أَحَدٌ عَلَيْهِ هُنَاكُمُ * كَلَّا وَلَا بَشَرٌ إِلَيْهِ هَدَانِي
-
إِلَّا طَوَائِفُ بِالحَدِيثِ تَمسَّكَتْ * تُعْزَى مَذَاهِبُهَا إِلَى الْقُرْآنِ
-
قَالُوا الَّذِي تَبْغِيهِ فَوْقَ عِبَادِهِ * فَوْقَ السَّمَاءِ وَفَوْقَ كُلِّ مَكَانِ
-
وَهُوَ الَّذِي حَقًا عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى * لَكِنَّهُ اسْتَوْلَى عَلَى الْأَكْوَانِ
-
وَإِلَيْهِ يَصْعَدُ كُلُّ قَوْلٍ طَيِّبٍ * وَإِلَيْهِ يُرْفَعُ سَعْيُ ذِي الشُّكْرَانِ
-
وَالرُّوحُ وَالْأَمْلَاكُ مِنْهُ تَنَزَّلَتْ * وَإِلَيْهِ تَعْرُجُ عِنْدَ كُلِّ أَوَانِ
-
وَإِلَيْهِ أَيْدِي السَّائِلِينَ تَوَجَّهَتْ * نَحْوَ الْعُلُوِّ بِفِطْرَةِ الرَّحْمٰنِ
-
وَإِلَيْهِ قَدْ عَرَجَ الرَّسُولُ فَقُدِّرَتْ * مِنْ قُرْبِهِ مِنْ رَبِّهِ قَوْسَانِ
-
وَإِلَيْهِ قَدْ رُفِعَ الْمَسِيحُ حَقِيقَةً * وَلَسَوْفَ يَنْزِلُ كَيْ يُرَى بِعِيَانِ
-
وَإِلَيْهِ يَصْعَدُ رُوحُ كُلِّ مُصَدِّقٍ * عِنْدَ الْمَمَاتِ فَيَنْثَنِي بِأَمَانِ
-
وَإِلَيْهِ آمَالُ الْعِبَادِ تَوَجَّهَتْ * نَحْوَ الْعُلُوِّ بِلَا تَوَاصٍ ثَانِ
-
بَلْ فِطْرَةُ اللَّهِ الَّتِي لَمْ يُفْطَرُوا * إِلَّا عَلَيْهَا الْخَلْقُ وَالثَّقَلَانِ
-
وَنَظِيرُ هَذَا أَنَّهُمْ فُطِرُوا عَلَى * إِقرَارِهِم لَا شَكَّ بِالدَّيَّانِ
-
لَكِنْ أُولُو التَّعْطِيلِ مِنْهُمْ أَصْبَحُوا * مَرْضَى بِدَاءِ الْجَهْلِ وَالْخِذْلَانِ
-
فَسَأَلْتُ عَنْهُمْ رُفْقَتِي وَأَحِبَّتِي * أَصْحَابَ جَهْمٍ حِزْبَ جِنْكِسْخَانِ
-
مَنْ هَؤُلَاءِ وَمَنْ يُقَالُ لَهُمُ فَقَدْ * جَاؤُوا بِأَمْرٍ مَالِئِ الْآذَانِ
-
وَلَهُمْ عَلَيْنَا صَوْلَةٌ مَا صَالَهَا * ذُو بَاطِلٍ بَلْ صَاحِبُ الْبُرْهَانِ
-
أَوَ مَا سَمِعْتُمْ قَوْلَهُمْ وَكَلَامَهُمْ * مِثْلَ الصَّوَاعِقِ لَيْسَ ذَا لِجَبَانِ
-
جَاؤُوكُمُ مِنْ فَوْقِكُمْ وَأَتَيْتُمُ * مِنْ تَحْتِهِمْ مَا أَنْتُمُ سِيَّانِ
-
جَاؤُوكُمُ بِالوَحْيِ لَكِنْ جِئْتُمُ * بِنُحَاتَةِ الْأَفْكَارِ وَالْأَذْهَانِ
-
قَالُوا مُشَبَّهَةٌ مُجَسِّمَةٌ فَلَا * تَسْمَعْ مَقَالَ مُجَسِّمٍ حَيَوَانِ
-
وَالْعَنْهُمُ لَعْنًا كَثِيرًا وَاغْزُهُمْ * بِعَسَاكِرِ التَّعْطِيلِ غَيْرَ جَبَانٍ
-
وَاحْكُمْ بِسَفْكِ دِمَائِهِمْ وَبِحَبْسِهِمْ * أَوْ لَا فَشَرِّدْهُمْ عَنِ الأَوْطَانِ
-
حَذِّرْ صِحَابَكَ مِنْهُمُ فَهُمُ أضَلُّ م * مِنَ اليَهُودِ وعَابِدي الصُّلْبَانِ
-
وَاحْذَرْ تُجَادِلَهُمْ بِقَالَ اللَّهُ أَوْ * قَالَ الرَّسُولُ فَتَنْثَنِي بِهَوَانِ
-
أَنَّى وَهُمْ أَوْلَى بِهِ قَدْ أَنْفَدُوا * فِيهِ قُوَى الأَذْهَانِ وَالأَبْدَانِ
-
فَإِذَا بُلِيتَ بِهِمْ فَغَالِطْهُمْ عَلَى التَّـ * ـأْوِيلِ لِلْأَخْبَارِ وَالْقُرْآنِ
-
وَكَذَاكَ غَالِطْهُمْ عَلَى التَّكذيِبِ لِلْـ * آحَادِ ذَانِ لِصَحْبِنَا أَصْلَانِ
-
أَوْصَى بِهَا أَشْيَاخُنَا أَشْيَاخَهُمْ * فَاحْفَظْهُمَا بِيَدَيْكَ وَالْأَسْنَانِ
-
وَإِذَا اجْتَمَعْتَ وَهُمْ بِمَشْهَدِ مَجْلِسٍ * فَابْدُرْ بِإِيرَادٍ وَشَغْلِ زَمَانِ
-
لَا يَمْلِكُوهُ عَلَيْكَ بِالْآثَارِ وَالْـ * أَخْبَارِ وَالتَّفسِيرِ لِلْفُرْقَانِ
-
فَتَصِيرَ إِنْ وَافَقْتَ مِثْلَهُمُ وَإِنْ * عَارَضْتَ زِنْدِيقًا أَخَا كُفْرَانِ
-
وَإِذَا سَكَتَّ يُقَالُ هَذَا جَاهِلٌ * فَابْدُرْ وَلَوْ بِالْفَشْرِ وَالْهَذَيَانِ
-
هَذَا الَّذِي وَاللَّهِ أَوْصَانَا بِهِ * أَشْيَاخُنَا فِي سَالِفِ الأَزْمَانِ
-
فَرَجَعْتُ مِنْ سَفَرِي وَقُلْتُ لِصَاحِبِي * وَمَطِيَّتِي قَدْ آذَنَتْ بِحِرَانِ
-
عَطِّلْ رِكَابَكَ وَاسْتَرِحْ مِنْ سَيْرِهَا * مَا ثَمَّ شَيْءٌ غَيْرُ ذِي الأَكْوَانِ
-
لَوْ كَانَ لِلْأَكْوَانِ رَبٌّ خَالِقٌ * كَانَ الْمُجَسِّمُ صَاحِبَ الْبُرْهَانِ
-
أَوْ كَانَ رَبٌّ بَائِنٌ عَنْ هَذَا الْوَرَى * كَانَ الْمُجَسِّمُ صَاحِبَ الْإِيمَانِ
-
وَلَكِنَ عِندَ النَّاسِ أَوْلَى الْخَلْقِ بِالْـ * إِسْلَامِ وَالْإِيمَانِ وَالْإِحْسَانِ
-
وَلَكِنْ كَانَ هَذَا الْحِزْبُ فَوْقَ رُؤُوسِهِمْ * لَمْ يَخْتَلِفْ مِنْهُمْ عَلَيْهِ اثْنَانِ
-
فَدَعِ التَّكَالِيفَ الَّتِي حُمِّلْتَهَا * وَاخْلَعْ عِذَارَكَ وَارْمِ بِالْأَرْسَانِ
-
مَا ثَمَّ فَوْقَ الْعَرْشِ مِن رَبٍّ وَلَمْ * يَتَكَلَّمِ الرَّحْمَـٰنُ بِالْقُرْآنِ
-
لَوْ كَانَ فَوْقَ الْعَرْشِ رَبٌّ نَاظِرٌ * لَزِمَ التَّحَيُّزُ وَافْتِقَارُ مَكَانِ
-
أَوْ كَانَ ذَا الْقُرْآنُ عَيْنَ كَلَامِهِ * حَرْفًا وَصَوْتًا كَانَ ذَا جُثْمَانِ
-
فَإِذَا انْتَفَى هَذَا وَهَذَا مَا الَّذِي * يَبْقَى عَلَى ذَا النَّفْي مِنْ إِيمَانِ
-
فَدَعِ الحَلَالَ مَعَ الحَرَامِ لِأَهْلِهِ * فَهُمَا السِّيَاجُ لَهُمْ عَلَى الْبُسْتَانِ
-
فَاخْرِقْهُ ثُمَّ ادْخُلْ تَرَى فِي ضِمْنِهِ * قَدْ هُيِّئَتْ لَكَ سَائِرُ الأَلْوَانِ
-
وَتَرَى بِهِ مَا لَا يَرَاهُ مُحَجَّبٌ * مِنْ كُلِّ مَا تَهْوَى بِهِ زَوْجَانِ
-
وَاقْطَعْ عَلَائِقَكَ الَّتِي قَدْ قَيَّدَتْ * هَذَا الْوَرَى مُذْ سَالِفِ الْأَزْمَانِ
-
لِتَصِيرَ حُرًّا لَسْتَ تَحْتَ أَوَامِرٍ * كَلَّا وَلَا نَهْيٍ وَلَا فُرْقَانِ
-
لَكِنْ جَعَلْتَ حِجَابَ نَفْسِكَ إِذْ تَرَى * فَوْقَ السَّمَاءِ لِلنَّاسِ مِنْ دَيَّانِ
-
لَوْ قُلْتَ مَا فَوْقَ السَّمَاءِ مُدَبِّرٌ * وَالْعَرْشَ تُخْلِيهِ مِنَ الرَّحْمَـٰنِ
-
وَاللَّهُ لَيْسَ مُكَلِّمًا لِعِبَادِهِ * كَلَّا وَلَا مُتَكَلِّمًا بِقُرَانِ
-
مَا قَالَ قَطُّ وَلَا يَقُولُ وَلَا لَهُ * قَوْلٌ بَدَا مِنْهُ إِلَى إِنْسَانِ
-
لَحَلَلْتَ طِلِّسْمًا وَفُزْتَ بِكَنْزِهِ * وَعَلِمْتَ أَنَّ النَّاسَ فِي هَذَيَانِ
-
لَكِنْ زَعَمْتَ بأنَّ رَبَّكَ بائِنٌ * مِنْ خَلْقِهِ إذْ قُلْتَ مَوْجُودَانِ
-
وَزَعَمْتَ أَنَّ اللَّهَ فَوْقَ الْعَرْشِ وَالْـ * ـكُرْسِيَّ حَقًّا فَوْقَهُ الْقَدَمَانِ
-
وَزَعَمْتَ أَنَّ اللَّهَ يَسْمَعُ خَلْقَهُ * وَيَرَاهُمْ مِنْ فَوْقِ سَبْعِ ثَمَانٍ
-
وَزَعَمْتَ أَنَّ كَلَامَهُ مِنْهُ بَدَا * وَإِلَيْهِ يَرْجِعُ آخِرَ الْأَزْمَانِ
-
وَوَصَفْتَهُ بِالسَّمْعِ وَالْبَصَرِ الَّذِي * لَا يَنْبَغِي إِلَّا لِذِي الْجُثْمَانِ
-
وَوَصَفْتَهُ بِإِرَادَةٍ وَبِقُدْرَةٍ * وَكَرَاهَةٍ وَمَحَبَّةٍ وَحَنَانِ
-
وَزَعَمْتَ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ كُلَّ مَا * فِي الْكَوْنِ مِنْ سِرٍّ وَمِنْ إِعْلَانِ
-
وَالْعِلْمُ وَصْفٌ زَائِدٌ عَنْ ذَاتِهِ * عَرَضٌ يَقُومُ بِغَيْرِ ذِي جُثْمَانِ
-
وَزَعَمْتَ أَنَّ اللَّهَ كَلَّمَ عَبْدَهُ * مُوسَى فَأَسْمَعَهُ نِدَا الرَّحْمَـٰنِ
-
أَفْتَسْمَعُ الأُذُنَانِ غَيْرَ الْحَرْفِ وَالـ * ـصَّوْتِ الَّذِي خُصَّتْ بِهِ الأُذُنَانِ
-
وَكَذَا النِّدَاءُ فَإِنَّهُ صَوْتٌ بِإِجْـ * ـمَاعِ النُّحَاةِ وَأَهْلِ كُلِّ لِسَانِ
-
لَكِنَّهُ صَوْتٌ رَفِيعٌ وَهْوَ ضِدٌّ م * لِلنِّجَاءِ كِلَاهُمَا صَوْتَانِ
-
فَزَعَمْتَ أَنَّ اللَّهَ نَادَاهُ وَنَا *جَاهُ وَفِي ذَا الزَّعْمِ مَحْذُورَانِ
-
قُرْبُ الْمَكَانِ وَبُعْدُهُ وَالصَّوْتُ بَلْ * نَوْعَاهُ مَحْذُورَانِ مُمْتَنِعَانِ
-
وَزَعَمْتَ أَنَّ مُحَمَّدًا أَسْرَى بِهِ * لَيْلًا إِلَيْهِ فَهْوَ مِنْهُ دَانِ
-
وَزَعَمْتَ أَنَّ مُحَمَّدًا يَوْمَ اللِّقَا * يُدْنِيهِ رَبُّ الْعَرْشِ بِالرِّضْوَانِ
-
حَتَّى يُرَى الْمُخْتَارُ حَقًّا قَاعِدًا * مَعَه عَلَى الْعَرْشِ الرَّفِيعِ الشَّانِ
-
وَزَعَمْتَ أَنَّ لِعَرْشِهِ أَطًّا بِهِ * كَالرَّحْلِ أَطَّ بِرَاكِبٍ عَجْلَانِ
-
وَزَعَمْتَ أَنَّ اللَّهَ أَبْدَى بَعْضَهُ * لِلطُّورِ حَتَّى عَادَ كَالْكُثْبَانِ
-
لَمَّا تَجَلَّى يَوْمَ تَكْلِيمِ الرِّضَا * مُوسَى الْكَلِيمُ مُكَلَّمِ الرَّحْمَـٰنِ
-
وَزَعَمْتَ لِلْمَعْبُودِ وَجْهًا بَاقِيًا * وَلَهُ يَمِينٌ بَلْ زَعَمْتَ يَدَانِ
-
وَزَعَمْتَ أَنَّ يَدَيْهِ لِلسَّبْعِ الْعُلَى * وَالْأَرْضِ يَوْمَ الْحَشْرِ قَابِضَتَانِ
-
وَزَعَمْتَ أَنَّ يَمِينَهُ مَلَأً مِنَ الْـ * ـخَيْرَاتِ مَا غَاضَتْ عَلَى الْأَزْمَانِ
-
وَزَعَمْتَ أَنَّ الْعَدْلَ فِي الْأُخْرَى بِهَا * رَفْعٌ وَخَفْضٌ وَهْوَ بِالْمِيزَانِ
-
وَزَعَمْتَ أَنَّ الْخَلْقَ طُرًّا عِنْدَمَا * يَهْتَزُّ فَوْقَ أَصَابِعِ الرَّحْمَـٰنِ
-
وَزَعَمْتَ أَيْضًا أَنَّ قَلْبَ الْعَبْدِ مَا * بَيْنَ اثْنَتَيْنِ مِنَ الْأَصَابِعِ عَانِ
-
وَزَعَمْتَ أَنَّ اللَّهَ يَضْحَكُ عِنْدَمَا * يَتَقَابَلُ الصَّفَّانِ يَقْتَتِلَانِ
-
مِنْ عَبْدِهِ يَأْتِي فَيُبْدِي نَحْرَهُ * لِعَدُوِّهِ طَلَبًا لِنَيْلِ جِنَانِ
-
وَكَذَاكَ يَضْحَكُ عِنْدَمَا يَثِبُ الفَتَى * مِنْ فَرْشِهِ لِتِلَاوَةِ القُرْآنِ
-
وَكَذَاكَ يَضْحَكُ مِنْ قُنُوطِ عِبَادِهِ * إِذْ أَجْدَبُوا وَالغَيْثُ مِنْهُمْ دَانِ
-
وَزَعَمْتَ أَنَّ اللَّهَ يَرْضَى عَنْ أُولِي الْـ * ـحُسْنَى وَيَغْضَبُ عَنْ أُولِي الْعِصْيَانِ
-
وَزَعَمْتَ أَنَّ اللَّهَ يَسْمَعُ صَوْتَهُ * يَوْمَ الْمِعَادِ بَعِيدُهُمْ وَالدَّانِي
-
لَمَّا يُنَادِيهُمْ أَنَا الدَّيَّانُ لَا * ظُلْمٌ لَدَيَّ فَيَسْمَعُ الثَّقَلَانِ
-
وَزَعَمْتَ أَنَّ اللَّهَ يُشْرِقُ نُورَهُ * فِي الْأَرْضِ يَوْمَ الْفَصْلِ وَالْمِيزَانِ
-
وَزَعَمْتَ أَنَّ اللَّهَ يَكْشِفُ سَاقَهُ * فَيَخِرُّ ذَاكَ الْجَمْعُ لِلْأَذْقَانِ
-
وَزَعَمْتَ أَنَّ اللَّهَ يَبَسُطُ كَفَّهُ * لِمُسِيئِنَا لِيَتُوبَ مِنْ عِصْيَانِ
-
وَزَعَمْتَ أَنَّ يَمِينَه تَطْوِي السَّمَا * طَيَّ السِّجِلِّ عَلَى كِتَابِ بَيَانِ
-
وَزَعَمْتَ أَنَّ اللَّهَ يَنْزِلُ فِي الدُّجَى * فِي ثُلْثِ لَيْلٍ آخِرٍ أَوْ ثَانِ
-
فَيَقُولُ هَلْ مِنْ سَائِلٍ فَأُجِيبَهُ * فَأَنَا الْقَرِيبُ مُجِيبُ مَنْ نَادَانِي
-
وَزَعَمْتَ أَنَّ لَهُ نُزُولًا ثَانِيًا * يَوْمَ الْقِيَامَةِ لِلْقَضَاءِ الثَّانِي
-
وَزَعَمْتَ أَنَّ اللَّهَ يَبْدُو جَهْرَةً * لِعِبَادِهِ حَتَّى يُرَى بِعِيَانِ
-
بَلْ يَسْمَعُونَ كَلَامَهُ وَيَرَوْنَهُ * فَالْمُقْلَتَانِ إِلَيْهِ نَاظِرَتَانِ
-
وَزَعَمْتَ أَنَّ لِرَبِّنَا قَدَمًا وَأَنَّ مَـا * اللَّهَ وَاضِعُهَا عَلَى النِّيرَانِ
-
فَهُنَاكَ يَدْنُو بَعْضُهَا مِنْ بَعْضِهَا * وَتَقُولُ قَطْ قَطْ حَاجَتِي وَكَفَانِي
-
وَزَعَمْتَ أَنَّ النَّاسَ يَوْمَ مَزِيدِهِمْ * كُلٌّ يُحَاضِرُ رَبَّهُ وَيُدَانِي
-
بِالْحَاءِ مَعَ ضَادٍ وَجَا مَعَ صَادِهَا * وَجْهَانِ فِي ذَا اللَّفْظِ مَحْفُوظَانِ
-
فِي التِّرْمِذِيِّ وَمُسْنَدٍ وَسِوَاهُمَا * مِنْ كُتْبِ تَجْسِيمٍ بِلَا كِتْمَانِ
-
وَصَفْتَهُ بِصِفَاتِ حَيٍّ فَاعِلٍ * بِالِاخْتِيَارِ وَذَانِكَ الأَصْلَانِ
-
أَصْلَا التَّفَرُّقِ بَيْنَ هَذَا الْخَلْقِ فِي الْـ * ـبَارِي فَكُنْ فِي النَّفْيِ غَيْرَ جَبَانِ
-
أَوْ لَا فَلَا تَلْعَبْ بِدِينِكَ نَاقِضًا * نَفْيًا بِإِثْبَاتٍ بِلَا فُرْقَانِ
-
فَالنَّاسُ بَيْنَ مُعَطِّلٍ أَوْ مُثْبِتٍ * أَوْ ثَالِثٍ مُتَنَاقِضٍ صَفْعَانِ
-
واللَّهِ لَسْتَ بِرَابِعٍ لَهُمُ بَلَى * إِمَّا حِمَارًا أَوْ مِنَ الثِّيرَانِ
-
فَاسْمَحْ بِإِنْكَارِ الْجَمِيعِ وَلَا تَكُنْ * مُتَنَاقِضًا رَجُلًا لَهُ وَجْهَانِ
-
أَوْ لَا فَفَرِّقْ بَيْنَ مَا أَثْبَتَّهُ * وَنَفَيْتَهُ بِالنَّصِّ وَالْبُرْهَانِ
-
فَالْبَابُ بَابٌ وَاحِدٌ فِي النَّفىِ وَالْـ * إِثْبَاتِ فِي عَقْلٍ وَفِي مِيزَانِ
-
فَمَتَى أَقَرَّ بِبَعْضِ ذَلِكَ مُثْبِتٌ * لَزِمَ الْجَمِيعُ أَوِ ائْتِ بِالْفُرْقَانِ
-
وَمَتَى نَفَى شَيْئًا وَأَثْبَتَ مِثْلَهُ * فَمُجَسَّمٌ مُتَنَاقِضٌ دِيصَانِي
-
فَذَرُوا الْمِرَاءَ وَصَرِّحُوا بِمَذَاهِبِ الْـ * ـقُدَمَاءِ وَانْسَلِخُوا مِنَ الْإِيمَانِ
-
أَوْ قَاتِلُوا مَعَ أُمَّةِ التَّشْبِيهِ وَالتَّـ * ـجْسِيمِ تَحْتَ لِوَاءِ ذِي الْقُرْآنِ
-
أَوْ لَا فَلَا تَتَلَاعَبُوا بِعُقُولِكُمْ * وَكِتَابِكُمْ وَبِسَائِرِ الْأَدْيَانِ
-
فَجَمِيعُهَا قَدْ صَرَّحَتْ بِصِفَاتِهِ * وَكَلَامِهِ وَعُلُوِّهِ بِبَيَانِ
-
وَالنَّاسُ بَيْنَ مُصَدِّقٍ أَوْ جَاحِدٍ * أَوْ بَيْنَ ذَلِكَ أَوْ شَبِيهُ أَتَانِ
-
فَاصْنَعْ مِنَ التَّنزِيهِ تُرْسًا مُحْكَمًا * وَانْفِ الجَمِيعَ بِصَنْعَةٍ وَبَيَانِ
-
وَكَذَاكَ لَقِّبْ مَذْهَبَ الْإثْبَاتِ بِالتَّـ * ـجْسِيمِ ثُمَّ احْمِلْ عَلَى الْأَقْرَانِ
-
فَمَتَى سَمَحْتَ لَهُمْ بِوَصْفٍ وَاحِدٍ * حَمَلُوا عَلَيْكَ بِحَمْلَةِ الْفُرْسَانِ
-
فَصُرِعْتَ صِرْعَةَ مَنْ غَدَا مُتَلَبِّطًا * وَسَطَ الْعَرِينِ مُمَزَّقَ اللُّحْمَانِ
-
فَلِذَاكَ أَنْكَرْنَا الْجَمِيعَ مَخَافَةَ التَّـ * ـجْسِيمِ إِنْ صِرْنَا إِلَى الْقُرْآنِ
-
وَلِذَا خَلَعْنَا رِبْقَةَ الأَدْيَانِ مِنْ * أَعْنَاقِنَا فِي سَالِفِ الأَزْمَانِ
-
وَلَنَا مُلُوكٌ قَاوَمُوا الرُّسْلَ الأُلَى * جَاؤُوا بِإِثْبَاتِ الصَّفَاتِ كَمَانِي
-
فِي آلِ فِرْعَوْنَ وَقَارُونٍ وَنُـ * ـمْرُودٍ وَهَامَانٍ وَجِنْكِسْخَانِ
-
وَلَنَا الأَئِمَّةُ كَالْفَلَاسِفَةِ الأُلَى * لَمْ يَعْبَؤُوا أَصْلًا بِذِي الْأَدْيَانِ
-
مِنْهُمْ أَرِسْطُو ثُمَّ شِيعَتُهُ إِلَى * هَذَا الأَوَانِ وَعِنْدَ كُلِّ أَوَانِ
-
مَا فِيهِمُ مَنْ قَالَ إِنَّ اللَّهَ فَوْ * قَ الْعَرْشِ خَارِجَ هَذِهِ الْأَكْوَانِ
-
كَلاَّ وَلَا قَالُوا بِأَنَّ إِلَهَنَا * مُتَكَلِّمٌ بِالْوَحْيِ وَالْقُرْآنِ
-
وَلِأَجْلِ هَذَا رَدَّ فِرْعَوْنُ عَلَى * مُوسَى وَلَمْ يَقْدِرْ عَلَى الْإِيمَانِ
-
إِذْ قَالَ مُوسَى رَبُّنَا مُتَكَلِّمٌ * فَوْقَ السَّمَاءِ وَإِنَّهُ نَادَانِي
-
وَكَذَا ابْنُ سِينَا لَمْ يَكُنْ مِنْكُمْ وَلَا * أَتْبَاعُهُ بَلْ صَانَعُوا بِدِهَانِ
-
وَكَذَلِكَ الطُّوسِيُّ لَمَّا أَنْ غَدَا * ذَا قُدْرَةٍ لَمْ يَخْشَ مِنْ سُلْطَانِ
-
قَتَلَ الْخَلِيفَةَ وَالْقُضَاةَ وَحَامِلِي الْـ * ـقُرْآنِ وَالْفُقَهَاءَ فِي الْبُلْدَانِ
-
إذْ هُمْ مُشَبِّهَةٌ مُجَسَّمَةٌ وَمَا * دَانُوا بِدِينِ أَكَابِرِ الْيُونَانِ
-
وَلَنَا الْمَلاحِدَةُ الْفُحُولُ أَئِمَّةُ التَّـ * ـعْطِيلِ وَالسِّكِّينِ آلُ سِنَانِ
-
وَلَنَا تَصَانِيفٌ بِهَا غَالَبْتُمُ * مِثْلَ الشِّفَا وَرَسَائِلِ الإخْوَانِ
-
وَكَذَا الإِشَارَاتُ الَّتِي هِيَ عِندَكُمْ * قَدْ ضُمِّنَتْ لِقَوَاطِعِ الْبُرْهَانِ
-
قَدْ صَرَّحَتْ بِالضِّدِّ مِمَّا جَاءَ فِي التَّـ * ـوْرَاةِ وَالإِنْجِيلِ وَالْفُرْقَانِ
-
هِيَ عِندَكُمْ مِثْلُ النُّصُوصِ وَفَوْقَهَا * فِي حُجَّةٍ قَطْعِيَّةٍ وَبَيَانٍ
-
وَإِذَا تَحَاكَمْنَا فَإِنَّ إِلَيْهِمُ * يَقَعُ التَّحَاكُمُ لَا إِلَى الْقُرْآنِ
-
إِذْ قَدْ تَسَاعَدْنَا بِأَنَّ نُصُوصَهُ * لَفْظِيَّةٌ عُزِلَتْ عَنِ الْإِيْقَانِ
-
فَلِذَاكَ حَكَّمْنَا عَلَيْهِ وَأَنْتُمُ * قَوْلَ الْمُعَلِّمِ أَوَّلًا وَالثَّانِي
-
يَا وَيْحَ جَهْمٍ وَابْنِ دِرْهَمَ وَالأُلَى * قَالُوا بِقَوْلِهِمَا مِنَ الْخَوَرَانِ
-
بَقِيَتْ مِنَ التَّشْبِيهِ فِيهِ بَقيَّةٌ * نَقَضَتْ قَوَاعِدَهُ مِنَ الأَرْكَانِ
-
يَنْفِي الصِّفَاتِ مَخَافَةَ التَّجْسِيمِ لَا * يَلْوِي عَلَى خَبَرٍ وَلَا قُرْآنِ
-
وَيَقُولُ إِنَّ اللَّهَ يَسْمَعُ أَوْ يَرَى * وَكَذَاكَ يَعْلَمُ سِرَّ كُلِّ جَنَانِ
-
وَيَقُولُ إِنَّ اللَّهَ قَدْ شَاءَ الَّذِي * هُوَ كَائِنٌ مِنْ هَذِهِ الْأَكْوَانِ
-
وَيقُولُ إنَّ الفِعْلَ مَقْدُورٌ لَهُ * وَالكَوْنَ يَنْسُبُهُ إِلَى الحِدْثَانِ
-
وَبِنَفْيِهِ التَّجْسِيمَ يَصْرُخُ فِي الْوَرَى * وَاللَّهِ مَا هَذَانِ يَتَّفِقَانِ
-
لَكِنَّنَا قُلْنَا مُحَالٌ كُلُّ ذَا * حَذَرًا مِنَ التَّجْسِيمِ وَالإِمْكَانِ
-
وَأَتَى فَرِيقٌ ثُمَّ قَالَ أَلَا اسْمَعُوا * قَدْ جِئْتُكُمْ مِنْ مَطْلَعِ الْإِيمَانِ
-
مِنْ أَرْضِ طَيِّبَةَ مِنْ مُهَاجَرِ أَحْمَدٍ * بِالْحَقِّ وَالْبُرْهَانِ وَالتِّبْيَانِ
-
سَافَرْتُ فِي طَلَبِ الإِلَٰهِ فَدَلَّنِي الْـ * ـهَادِي عَلَيْهِ وَمُحْكَمُ الْقُرْآنِ
-
مَعَ فِطْرَةِ الرَّحْمَـٰنِ جَلَّ جَلَالُهُ * وَصَرِيحِ عَقْلٍ فَاعْتَلَى بُنْيَانِي
-
فَتَوافَقَ الْعَقْلُ الصَّرِيحُ وَفِطْرَةُ الرَّ * حْمَـٰنِ وَالْمَنْقُولُ فِي إِيمَانِي
-
شَهِدُوا بِأَنَّ اللَّهَ جَلَّ جَلَالُهُ * مُتَفَرِّدٌ بِالْمُلْكِ وَالسُّلْطَانِ
-
وَهُوَ الإِلَةُ الْحَقُّ لَا مَعْبُودَ إِلَّا * م وَجْهُهُ الأَعْلَى الْعَظِيمُ الشَّانِ
-
بَلْ كُلُّ مَعْبُودٍ سِوَاهُ فَبَاطِلٌ * مِنْ عَرْشِهِ حَتَّى الْحَضِيضِ الدَّانِي
-
وَعِبَادَةُ الرَّحْمَـٰنِ غَايَةُ حُبِّهِ * مَعَ ذُلِّ عَابِدِهِمَا قُطْبَانِ
-
وَعَلَيْهِمَا فَلَكُ العِبَادَةِ دَائِرٌ * مَا دَارَ حَتَّى قَامَتِ القُطْبَانِ
-
وَمَدَارُهُ بِالأَمْرِ أَمْرِ رَسُولِهِ * لَا بِالْهَوَى وَالنَّفْسِ وَالشَّيْطَانِ
-
فَقِيامُ دِينِ اللَّهِ بِالإِخْلَاصِ وَالْـ * إِحْسَانِ إِنَّهُمَا لَهُ أَصْلَانِ
-
لَمْ يَنْجُ مِنْ غَضَبِ الإِلَٰهِ وَنَارِهِ * إِلَّا الَّذِي قَامَتْ بِهِ الأَصْلَانِ
-
وَالنَّاسُ بَعْدُ فَمُشْرِكٌ بِإِلَٰهِهِ * أَوْ ذُو ابْتِدَاعٍ أَوْ لَهُ الْوَصْفَانِ
-
وَاللَّهُ لَا يَرْضَى بِكَثْرَةِ فِعْلِنَا * لَكِنْ بِأَحْسَنِهِ مَعَ الْإِيمَانِ
-
فَالْعَارِفُونَ مُرَادُهُمْ إِحْسَانُهُ * وَالْجَاهِلُونَ عَمُوا عَنْ الْإِحْسَانِ
-
وَكَذَاكَ قَدْ شَهِدُوا أَنَّ اللَّهَ ذُو * سَمْعٍ وَذُو بَصَرٍ هُمَا صِفَتَانِ
-
وَهوَ العَلِيُّ يَرَى وَيَسْمَعُ خَلْقَهُ * مِنْ فَوْقِ عَرْشٍ فَوْقَ سِتِّ ثَمَانِ
-
فَيَرى دَبِيبَ النَّمْلِ فِي غَسَقِ الدُّجَى * وَيَرَى كَذَاكَ تَقَلُّبَ الأَجْفَانِ
-
وَضَجِيجُ أَصْوَاتِ الْعِبَادِ بِسَمْعِهِ * وَلدَيْهِ لَا يَتَشَابَهُ الصَّوْتَانِ
-
وَهُوَ الْعَلِيمُ بِمَا يُوَسْوِسُ عَبْدُهُ * فِي نَفْسِهِ مِنْ غَيْرِ نُطْقِ لِسَانِ
-
بَلْ يَسْتَوِي فِي عِلْمِهِ الدَّانِي مَعَ الْـ * ـقَاصِي وَذُو الْإِسْرَارِ وَالْإِعْلَانِ
-
وَهُوَ الْعَلِيمُ بِمَا يَكُونُ غَدًا وَمَا * قَدْ كَانَ وَالْمَعْلُومِ فِي ذَا الْآنِ
-
وَبِكُلِّ شَيْءٍ لَمْ يَكُنْ لَوْ كَانَ كَيْـ * ـفَ يَكُونُ مَوْجُودًا لِذِي الْأَعْيَانِ
-
وَهُوَ الْقَدِيرُ فَكُلُّ شَيْءٍ فَهْوَ مَقْـ * ـدُورٌ لَهُ طَوْعًا بِلَا عِصْيَانِ
-
وَعُمُومُ قُدْرَتِهِ يَدُلُّ بِأَنَّهُ * هُوَ خَالِقُ الأَفْعَالِ لِلْحَيَوَانِ
-
هِيَ خَلْقُهُ حَقًّا وَأَفْعَالٌ لَهُمْ * حَقًّا وَلَا يَتَنَاقَضُ الأَمْرَانِ
-
لَكِنَّ أَهْلَ الْجَبْرِ وَالتَّكْذِيبِ بِالْـ * أَقْدَارِ مَا انْفَتَحَتْ لَهُمْ عَيْنَانِ
-
نَظَرُوا بِعَيْنَيْ أَعْوَرٍ إِذْ فَاتَهُمْ * نَظَرُ البَصِيرِ وَغَارَتِ العَيْنَانِ
-
فَحَقِيقَةُ القَدَرِ الَّذِي حَارَ الوَرَى * فِي شَأْنِهِ هُوَ قُدْرَةُ الرَّحْمَـٰنِ
-
وَاسْتَحْسَنَ ابْنُ عَقِيلٍ ذَا مِنْ أَحْمَدٍ * لَمَّا حَكَاهُ عَنِ الرِّضَا الرَّبَّانِي
-
قَالَ الْإِمَامُ شَفَا الْقُلُوبَ بِلَفْظَةٍ * ذَاتِ اخْتِصَارٍ وَهِيَ ذَاتُ بَيَانِ
-
وَلَهُ الحَيَاةُ كَمَالُهَا فَلِأَجْلِ ذَا * مَا لِلْمَمَاتِ عَلَيْهِ مِنْ سُلْطَانِ
-
وَكَذَلِكَ الْقَيُّومُ مِنْ أَوْصَافِهِ * مَا لِلْمَنَامِ لَدَيْهِ مِنْ غَشَيَانِ
-
وَكَذَلِكَ أَوْصَافُ الْكَمَالِ جَمِيعُهَا * ثَبَتَتْ لَهُ وَمَدَارُهَا الْوَصْفَانِ
-
فَمُصَحِّحُ الأَوْصَافِ وَالأَفْعَالِ وَالْـ * أَسْمَاءِ حَقًّا ذَانِكَ الأَصْلَانِ
-
وَلَأَجْلِ ذَا جَاءَ الْحَدِيثُ بِأَنَّهُ * فِي آيَةِ الْكُرْسِيِّ وَذِي عِمْرَانَ
-
اِسْمُ الإِلهِ الأَعْظَمُ اشْتَمَلَا عَلَى اسْـ * ـمِ الحَيِّ وَالْقَيُّومِ مُقْتَرِنَانِ
-
فَالْكُلُّ مَرْجِعُهَا إِلَى الْإِسْمَيْنِ يَدْ * رِي ذَاكَ ذُو بَصَرٍ بِهَذَا الشَّانِ
-
وَلَهُ الإِرَادَةُ وَالكَرَاهَةُ وَالرِّضَا * وَلَهُ الْمَحَبَّةُ وَهْوَ ذُو الْإِحْسَانِ
-
وَلَهُ الْكَمَالُ الْمُطْلَقُ الْعَارِي عَنِ التَّـ * ـشْبِيهِ وَالتَّمْثِيلِ بِالْإِنْسَانِ
-
وَكَمَالُ مَنْ أَعْطَى الْكَمَالَ لِنَفْسِهِ * أَوْلَى وَأَقْدَمُ وَهْوَ أَعْظَمُ شَانِ
-
أَيَكُونُ قَدْ أَعْطَى الْكَمَالَ وَمَا لَهُ * ذَاكَ الْكَمَالُ أَذَاكَ ذُو إِمْكَانِ
-
أَيَكُونُ إِنْسَانٌ سَمِيعًا مُبْصِرًا * مُتَكَلِّمًا بِمَشِيئَةٍ وَبَيَانِ
-
وَلَهُ الحَيَاةُ وَقُدْرَةٌ وَإِرَادَةٌ * وَالعِلْمُ بِالكُلِّيِّ وَالأَعْيَانِ
-
وَاللَّهُ قَدْ أَعْطَاهُ ذَاكَ وَلَيْسَ هَـ * ـذَا وَصْفَهُ فَاعْجَبْ مِنَ الْبُهْتَانِ
-
بِخِلَافِ نَوْمِ الْعَبْدِ ثُمَّ جِمَاعِهِ * وَالْأَكْلِ مِنْهُ وَحَاجَةِ الْأَبْدَانِ
-
إِذْ تِلكَ مَلْزُومَاتُ كَوْنِ الْعَبْدِ مُحْـ * ـتَاجًا وَتِلْكَ لَوَازِمُ النُّقْصَانِ
-
وَكَّذَا لَوازِمُ كَوْنِهِ جَسَدًا نَعَمْ * وََلَوَازِمُ الإحْدَاثِ وَالإمْكَانِ
-
يَتَقَدَّسُ الرَّحْمَـنُ جَلَّ جَلَالُهُ * عَنْهَا وَعَنْ أَعْضَاءِ ذِي جُثْمَانِ
-
وَاللَّهُ رَبِّي لَمْ يَزَلْ مُتَكَلِّمًا * وَكَلَامُهُ الْمَسْمُوعُ بِالْآذَانِ
-
صِدْقًا وَعَدْلًا أُحْكِمَتْ كَلِمَاتُهُ * طَلَبًا وَإِخْبَارًا بِلا نُقْصَانِ
-
وَرَسُولُهُ قَدْ عَاذَ بِالْكَلِمَاتِ مِنْ * لَدْغٍ وَمِنْ عَيْنٍ وَمِنْ شَيْطَانٍ
-
أَيَعُوذُ بِالْمَخْلُوقِ حَاشَاهُ مِنَ الْـ * إِشْرَاكِ وَهُوَ مُعَلِّمُ الْإِيمَانِ
-
بَلْ عَاذَ بِالْكَلِمَاتِ وَهِيَ صِفَاتُهُ * سُبْحَانَهُ لَيْسَتْ مِنَ الْأَكْوَانِ
-
وَكَذَلِكَ القُرْآنُ عَيْنُ كَلَامِهِ الْمَسْمُوعِ مِنْهُ حَقِيقَةً بِبَيَانِ
-
هُوَ قَوْلُ رَبِّي كُلُّهُ لَا بَعْضُهُ * لَفْظًا وَمَعْنًى مَا هُمَا خَلْقَانِ
-
تَنْزِيلُ رَبِّ الْعَالَمِينَ وَقَوْلُهُ * الْلَّفْظُ وَالْمَعْنَى بِلَا رَوَغَانِ
-
لَكِنَّ أَصْوَاتَ الْعِبَادِ وَفِعْلَهُمْ * كَمِدَادِهِمْ وَالرَّقِّ مَخْلُوقَانِ
-
فَالصَّوْتُ لِلْقَارِى وَلَكِنَّ الْكَلَا * مَ كَلَامُ رَبِّ الْعَرْشِ ذِي الْإِحْسَانِ
-
هَذَا إِذَا مَا كَانَ ثَمَّ وَسَاطَةٌ * كَقِرَاءَةِ الْمَخْلُوقِ لِلْقُرْآنِ
-
فَإِذَا انْتَفَتْ تِلْكَ الْوَسَاطَةُ مِثْلَمَا * قَدْ كَلَّمَ الْمَوْلُودَ مِنْ عِمْرَانِ
-
فَهُنَالِكَ الْمَخْلُوقُ نَفْسُ السَّمْعِ لَا * شَيْءٌ مِنَ الْمَسْمُوعِ فَافْهَمْ ذَانِ
-
هَذِهِ مَقَالَةُ أَحْمَدَ وَمُحَمَّدٍ * وَخُصُومُهُمْ مِنْ بَعْدِ طَائِفَتَيْنِ
-
إحْدَاهُمَا زَعَمَتْ بِأَنَّ كَلَامَهُ * خَلْقٌ لَهُ أَلْفَاظُهُ وَمَعَانِي
-
وَالْآخَرُونَ أَبَوْا وَقَالُوا شَطْرُهُ * خَلْقٌ وَشَطْرٌ قَامَ بِالرَّحْمَـٰنِ
-
زَعَمُوا الْقُرْآنَ عِبَارَةً وَحِكَايَةً * فَلَنَا كَمَا زَعَمُوهُ قُرْآنَانِ
-
هَذَا الَّذِي نَتْلُوهُ مَخْلُوقٌ كَمَا * قَالَ الْوَلِيدُ وَبَعْدَهُ الْفِئَتَانِ
-
وَالْآخَرُ الْمَعْنَى الْقَدِيمُ فَقَائِمٌ * بِالنَّفْسِ لَمْ يُسْمَعْ مِنَ الدَّيَّانِ
-
وَالأمْرُ عَيْنُ النَّهْيِ وَاسْتِفْهَامُهُ * هُوَ عَيْنُ إِخْبَارٍ وَذَا وَحْدَانِي
-
وَهُوَ الزَّبُورُ وَعَيْنُ تَوْرَاةٍ وَإِنْـ * ـجِيلٍ وَعَيْنُ الذِّكْرِ وَالْفُرْقَانِ
-
الكُلُّ مَعْنًى وَاحِدٌ فِي نَفْسِهِ * لَا يَقْبَلُ التَّبْعِيضَ فِي الأَذْهَانِ
-
مَا إِنْ لَهُ كُلٌّ وَلَا بَعْضٌ وَلَا لَفْظٌ * وَلَا حَرْفٌ وَلَا عَرَبِيٌّ وَلَا عِبْرَانِي
-
وَدَلِيلُهُمْ فِي ذَاكَ بَيتٌ قَالَهُ * فِيمَا يُقَالُ الأَخْطَلُ النَّصْرَانِي
-
يَا قَوْمُ قَدْ غَلِطَ النَّصَارَى قَبْلُ فِي * مَعْنَى الْكَلَامِ وَمَا اهْتَدَوْا لِبَيَانِ
-
وَلَأَجْلِ ذَلِكَ ظَنُّوا الْمَسِيحَ إِلَٰهَهُمْ * إِذْ قِيلَ كِلْمَةُ خَالِقٍ رَحْمَٰنِ
-
وَلَأَجْلِ ذَا جَعَلُوهُ نَاسُوتًا وَلَا * هُوتًا قَدِيمًا بَعْدُ مُتَّحِدَانِ
-
وَنَظِيرُ هَذَا مَنْ يَقُولُ كَلَامُهُ * مَعْنًى قَدِيمٌ غَيْرُ ذِي حِدْثَانِ
-
وَالشَّطْرُ مَخْلُوقٌ وَتِلْكَ حُرُوفُهُ * نَاسُوتُهُ لَكِنْ هُمَا غَيْرَانِ
-
فَانظُرْ إِلَى ذَا الاتِّفَاقِ فَإِنَّهُ * عَجَبٌ وَطَالِعْ سُنَّةَ الرَّحْمَـٰنِ
-
وَتَكَايَسَتْ أُخْرَى وَقَالَتْ إِنَّ ذَا * قَوْلٌ مُحَالٌ وَهْوَ خَمْسُ مَعَانِ
-
تِلْكَ التِي ذُكِرَتْ وَمَعْنَىً جَامِعٌ * لِجَمِيعِهَا كَالأُسِّ لِلْبُنْيَانِ
-
فَتَكُونُ أَنْوَاعًا وَعِندَ نَظِيرِهِمْ * أَوْصَافَهُ وَهُمَا فَمَتَّفِقَانَ
-
أَنَّ الَّذِي جَاءَ الرَّسُولُ بِهِ فَمَخْـ * ـلُوقٌ وَلَمْ يُسْمَعْ مِنَ الدَّيَّانِ
-
وَالْخُلْفُ بَيْنَهُمُ فَقِيلَ مُحَمَّدٌ * أَنْشَاهُ تَعْبِيرًا عَنِ الْقُرْآنِ
-
وَالْآخَرُونَ أَبَوْا وَقَالُوا إِنَّمَا * جِبْرِيلُ أَنْشَاهُ عَنِ الْمَنَّانِ
-
وَتَكَايَسَتْ أُخْرَى وَقَالَتْ إِنَّهُ * نَقْلٌ مِنَ اللَّوحِ الرَّفِيعِ الشَّانِ
-
فَاللَّوحُ مَبدَاهُ وَرَبُّ اللَّوحِ قَدْ * أَنْشَاهُ خَلْقًا فِيهِ ذَا حِدْثَانِ
-
هَذِهِ مَقَالَاتٌ لَهُمْ فَانْظُرْ تَرَى * فِي كُتْبِهِمْ يَا مَنْ لَهُ عَيْنَانِ
-
لَكِنَّ أَهْلَ الْحَقِّ قَالُوا إِنَّمَا * جِبْرِيلُ بَلَّغَهُ عَنِ الرَّحْمَـٰنِ
-
أَلْقَاهُ مَسْمُوعًا لَهُ مِنْ رَبِّهِ * لِلصَّادِقِ الْمَصْدُوقِ بِالْبُرْهَانِ
-
وَإِذَا أَرَدْتَ مَجَامِعَ الطُّرُقِ الَّتِي * فِيهَا افْتِرَاقُ النَّاسِ فِي الْقُرْآنِ
-
فَمَدَارُهَا أَصْلَانِ قَامَ عَلَيْهِمَا * هَذَا الْخِلَافُ هُمَا لَهُ رُكْنَانِ
-
هَلْ قَوْلُهُ بِمَشِيئَةٍ أَمْ لَا وَهَلْ * فِي ذَاتِهِ أَمْ خَارِجٌ هَذَانِ
-
أَصْلَا اخْتِلَافِ جَمِيعِ أَهْلِ الْأَرْضِ فِي الْـ * ـقُرْآنِ فَاطْلُبْ مُقْتَضَى الْبُرْهَانِ
-
ثُمَّ الأُلَى قَالُوا بِغَيْرِ مَشِيئَةٍ * وَإِرَادَةٍ مِنْهُ فَطَائِفَتَانِ
-
إحْدَاهُمَا جَعَلَتْهُ مَعْنَىً قَائِمًا * بِالنَّفْسِ أَوْ قَالُوا بِخَمْسِ مَعَانِ
-
وَاللَّهُ أَحْدَثَ هَذِهِ الْأَلْفَاظَ كَيْ * تُبْدِيهِ مَعْقُولًا إِلَى الْأَذْهَانِ
-
وَلَذَاكَ قَالُوا إِنَّهَا لَيْسَتْ هِيَ الْـ * ـقُرْآنَ بَلْ دَلَّتْ عَلَى الْقُرْآنِ
-
وَلَرُبَّمَا سُمِّيَ بِهَا الْقُرْآنُ تَسْـ * ـمِيَةَ الْمَجازِ وَذَاكَ وَضْعٌ ثَانِ
-
وَلِذَلِكَ اخْتَلَفُوا فَقِيلَ حِكَايَةٌ * عَنْهُ وَقِيلَ عِبَارَةٌ لِبَيَانِ
-
إِذْ كَانَ مَا يُحْكَى كَمَحْكِيٍّ وَهَـ * ـذَا اللَّفْظُ وَالْمَعْنَى فَمُخْتَلِفَانِ
-
وَلِذَا يُقَالُ حَكَى الْحَدِيثَ بِعَيْنِهِ * إِذْ كَانَ أَوَّلُهُ نَظِيرَ الثَّانِي
-
فَلِذَاكَ قَالُوا لَا نَقُولُ حِكَايَةٌ * وَنَقُولُ ذَاكَ عِبَارَةُ الْفُرْقَانِ
-
وَالْآخَرُونَ يَرَوْنَ هَذَا الْبَحْثَ لِفْـ * ـظِيًّا وَمَا فِيهِ كَبِيرُ مَعَانِ
-
وَالْفِرْقَةُ الْأُخْرَى فَقَالَتْ إِنَّهُ * لَفْظٌ وَمَعْنًى لَيْسَ يَنْفَصِلَانِ
-
وَاللَّفْظُ كَالْمَعْنَى قَدِيمٌ قَائِمٌ * بِالنَّفْسِ لَيْسَ بِقَابِلِ الْحِدْثَانِ
-
فَالْسِّينُ عِندَ الْبَاءِ لَا مُشْبُوقَةٌ * لَكِنْ هُمَا حَرْفَانِ مُقْتَرِنَانِ
-
وَالْقَائِلُونَ بِذَا يَقُولُونَ إِنَّمَا * تَرْتِيبُهَا فِي السَّمْعِ بِالْآذَانِ
-
وَلَهَا اقْتِرَانٌ ثَابِتٌ لِذَوَاتِهَا * فَاعْجَبْ لِذَا التَّخْلِيطِ وَالْهَذَيَانِ
-
لَكِنَّ زَاغُونِيَّتَهُمْ قَدْ قَالَ إِنَّ م * ذَوَاتِهَا وَوُجُودَهَا غَيْرَانِ
-
فَتَرَتَّبْتْ بُوُجُودِهَا لَا ذَاتِهَا * يَا لَلْعُقُولِ وَزِيْغَةِ الأَذْهَانِ
-
لَيْسَ الوُجُودُ سِوَى حَقِيقَتِهَا لَدَى الْـ * أَذْهَانِ بَلْ فِي هَذِهِ الْأَعْيَانِ
-
لَكِنْ إِذَا أَخَذَ الْحَقيقَةَ خَارِجًا * وَوُجُودَهَا ذِهْنًا فَمُخْتَلِفَانِ
-
وَالْعَكْسُ أَيْضًا مِثْلُ ذَا فَإِذَا هُمَا اتَّـ * ـحَدَا اعْتِبَارًا لَمْ يَكُنْ شَيْئَانِ
-
وَبِذَا تَزُولُ جَمِيعُ إِشْكَالاتِهِمْ * فِي ذَاتِهِ وَوُجُودِهِ الرَّحْمَـٰنِ
-
وَالقَائِلُونَ بِأَنَّهُ بِمَشِيئَةٍ * وَإِرَادَةٍ أَيْضًا فَهُمْ صِنْفَانِ
-
إحْدَىٰهُمَا جَعَلَتْهُ خَارِجَ ذَاتِهِ * كَمَشِيئَةٍ لِلْخَلْقِ وَالأَكْوَانِ
-
قَالُوا: وَصَارَ كَلَامُهُ بِإِضَافَةِ التَّـ * ـشْرِيفِ مِثْلَ الْبَيْتِ ذِي الْأَرْكَانِ
-
مَا قَالَ عِندَهُمُ وَلَا هُوَ قَائِلٌ * وَالْقَوْلُ لَمْ يُسْمَعْ مِنَ الدَّيَّانِ
-
فَالْقَوْلُ مَفْعُولٌ لَدَيْهِمْ قَائِمٌ * بِالْغَيْرِ كَالأَعْرَاضِ وَالْأَلْوَانِ
-
هَذِهِ مَقَالَةُ كُلِّ جَهْمِيٍّ وَهُمْ * فِيهَا الشُّيُوخُ مُعَلِّمُو الصِّبْيَانِ
-
لَكِنَّ أَهْلَ الْاعْتِزَالِ قَدِيمَهُمْ * لَمْ يَذْهَبُوا ذَا الْمَذْهَبَ الشَّيْطَانِي
-
وَهُمُ الأُلَى اعْتَزَلُوا عَنْ الْحَسَنِ الرِّضَا الْـ * ـبَصْرِيِّ ذَاكَ الْعَالِمِ الرَّبَّانِي
-
وَكَذَاكَ أَتْبَاعٌ عَلَى مِنْهَاجِهِمْ * مِنْ قَبْلِ جَهْمٍ صَاحِبِ الحِدْثَانِ
-
لَكِنَّمَا مُتَأَخِّرُوهُمْ بَعْدَ ذَ * لِكَ وَافَقُوا جَهْمًا عَلَى الْكُفْرَانِ
-
فَهُمُ بِذَا جَهْمِيَّةٌ أَهْلُ اعْتِزَا * لٍ ثَوْبُهُمْ أَضْحَى لَهُ عَلَمَانِ
-
وَلَقَدْ تَقَلَّدَ كُفْرَهُمْ خَمْسُونَ فِي * عَشْرٍ مِنَ الْعُلَمَاءِ فِي الْبُلْدَانِ
-
وَاللَّالَكَائِيُّ الْإِمَامُ حَكَاهُ عَنْـ * ـهُم بَلْ حَكَاهُ قَبْلَهُ الطَّبَرَانِي
-
وَالْقَائِلُونَ بِأَنَّهُ بِمَشِيئَةٍ * فِي ذَاتِهِ أَيْضًا فَهُمْ نَوْعَانِ
-
إحْدَاهُمَا جَعَلَتْهُ مَبْدُوءًا بِهِ * نَوْعًا حِذَارَ تَسَلْسُلِ الْأَعْيَانِ
-
فَيَسُدُّ ذَاكَ عَلَيْهِمْ فِي زَعْمِهِمْ * إِثْبَاتَ خَالِقِ هَذِهِ الْأَكْوَانِ
-
فَلِذَاكَ قَالُوا إِنَّهُ ذُو أَوَّلٍ * مَا لِلفَنَاءِ عَلَيْهِ مِنْ سُلْطَانِ
-
وَكَلَامُهُ كَفِعَالِهِ وَكِلَاهُمَا * ذُو مَبْدَأٍ بَلْ لَيْسَ يَنْتَهِيَانِ
-
قَالُوا وَلَمْ يُنْصِفْ خُصُومٌ جَعْجَعُوا * وَأَتَوْا بِتَشْنِيعٍ بِلَا بُرْهَانِ
-
قُلْنَا كَمَا قَالُوهُ فِي أَفْعَالِهِ * بَلْ بَيْنَنَا بَوْنٌ مِنَ الْفُرْقَانِ
-
بَلْ نَحْنُ أَسْعَدُ مِنْهُمُ بِالْحَقِّ إِذْ * قُلْنَا هُمَا بِاللَّهِ قَائِمَتَانِ
-
وَهُمُ فَقَالُوا لَمْ يَقُمْ بِاللَّهِ لَا * فِعْلٌ وَلَا قَوْلٌ فَتَعْطِيلَانِ
-
لِفَعَالِهِ وَمَقَالِهِ شَرٌّ وَأَبْـ * ـطَلُ مِنْ حُلُولِ حَوَادِثٍ بِبَيَانِ
-
تَعْطِيلُهُ عَنْ فِعْلِهِ وَكَلَامِهِ * شَرٌّ مِنَ التَّشْنِيعِ بِالْهَذَيَانِ
-
هَذِي مَقَالاتُ ابْنِ كَرَّامٍ وَمَا * رَدُّوا عَلَيْهِ قَطُّ بِالْبُرْهَانِ
-
أَنَّى وَمَا قَدْ قَالَ أَقْرَبُ مِنْهُمُ * لِلْعَقْلِ وَالْآثَارِ وَالْقُرْآنِ
-
لَكِنَّهُم جَاؤُوا لَهُ بِجَعَاجِعٍ * وَفَرَاقِعٍ وَقَعَاقِعٍ بِشِنَانِ
-
وَالْآخَرُونَ أُولُو الْحَدِيثِ كَأَحْمَدٍ * وَمُحَمَّدٍ وَأَئِمَّةِ الْإِيمَانِ
-
قَالُوا بِأَنَّ اللَّهَ حَقًّا لَمْ يَزَلْ * مُتَكَلِّمًا بِمَشِيئَةٍ وَبَيَانِ
-
إِنَّ الْكَلَامَ هُوَ الْكَمَالُ فَكَيْفَ يَخْـ * ـلُو عَنْهُ فِي أَزَلٍ بِلَا إِمْكَانِ
-
وَيَصِيرُ فِيمَا لَمْ يَزَلْ مُتَكَلِّمًا * مَاذَا اقْتَضَاهُ لَهُ مِنَ الْإِمْكَانِ
-
وَتَعَاقُبُ الكَلِمَاتِ أَمْرٌ ثَابِتٌ * لِلذَّاتِ مِثْلَ تَعَاقُبِ الأَزْمَانِ
-
وَاللَّهُ رَبُّ الْعَرْشِ قَالَ حَقِيقَةً * حمَ مَعْ طه بِغَيْرِ قِرَانِ
-
بَلْ أَحْرُفٌ مُتَرَتِّبَاتٌ مَثْلَمَا * قَدْ رُتِّبَتْ فِي مَسْمَعِ الْإِنْسَانِ
-
وَقْتَانِ فِي وَقْتٍ مُحَالٌ هَكَذَا * حَرْفَانِ أَيْضًا يُوجَدَا فِي آنِ
-
مِنْ وَاحِدٍ مُتَكَلِّمٍ بَلْ يُوجَدَا * بِالرَّسْمِ أَوْ بِتَكَلُّمِ الرَّجُلَانِ
-
هَذَا هُوَ الْمَعْقُولُ أَمَّا الْاقْتِرَا * نُ فَلَيْسَ مَعْقُولًا لَدَى الْأَذْهَانِ
-
وَكَذَا كَلَامٌ مِنْ سِوَى مُتَكَلِّمٍ * أَيْضًا مُحَالٌ لَيْسَ فِي إِمْكَانِ
-
إِلَّا لِمَنْ قَامَ الْكَلَامُ بِهِ فَذَا * كَ كَلَامِهِ الْمَعْقُولُ لِلْإِنْسَانِ
-
أَيَكُونُ حَيٌّ سَامِعًا أَوْ مُبْصِرًا * مِنْ غَيْرِ مَا سَمْعٍ وَغَيْرِ عِيَانِ
-
وَالسَّمْعُ وَالإِبْصَارُ قَامَ بِغَيْرِهِ * هَذَا الْمُحَالُ وَوَاضِحُ الْبُهْتَانِ
-
وَكَذَا مُرِيدٌ وَالإرَادَةُ لَمْ تَكُنْ * وَصْفًا لَهُ هَذَا مِنَ الهَذَيَانِ
-
وَكَذَا قَدِيرٌ مَا لَهُ مِنْ قُدْرَةٍ * قَامَتْ بِهِ مِنْ وَاضِحِ الْبُطْلَانِ
-
وَاللَّهُ جَلَّ جَلاَلُهُ مُتَكَلِّمٌ * بِالنَّقْلِ وَالْمَعْقُولِ وَالْبُرْهَانِ
-
قَدْ أَجْمَعَتْ رُسُلُ الْإِلَٰهِ عَلَيْهِ لَمْ * يُنْكِرْهُ مِنْ أَتْبَاعِهِم رَجُلَانِ
-
فَكَلَامُهُ حَقًّا يَقُومُ بِهِ وَإِلَّا م * لَم يَكُنْ مُتَكَلِّمًا بِقُرَانِ
-
وَاللَّهُ قَالَ وَقَائِلٌ وَكِذَا يَقُولُ * لُ الْحَقَّ لَيْسَ كَلَامُهُ بِالْفَانِي
-
وَيُكَلِّمُ الثَّقَلَيْنِ يَوْمَ مَعَادِهِم * حَقًّا فَيَسْمَعُ قَوْلَهُ الثَّقَلَانِ
-
وَكِذَا يُكَلِّمُ حِزْبَهُ فِي جَنَّةِ الْـ * ـحَيَوانِ بِالتَّسْلِيمِ وَالرِّضْوَانِ
-
وَاللَّهُ جَلَّ جَلاَلُهُ مُتَكَلِّمٌ * بِالنَّقْلِ وَالْمَعْقُولِ وَالْبُرْهَانِ
-
وَيُرَاجِعُ التَّكْلِيمَ جَلَّ جَلَالُهُ * وَقْتَ الْجِدَالِ لَهُ مِنَ الْإِنْسَانِ
-
وَيُكَلِّمُ الْكُفَّارَ فِي الْعَرَصَاتِ تَوْ * بِيخًا وَتَقْرِيعًا بِلَا غُفْرَانِ
-
وَيُكَلِّمُ الْكُفَّارَ أَيْضًا فِي الْجَحِيـ * ـمِ أَنِ اخْسَؤُوا فِيهَا بِكُلِّ هَوَانِ
-
وَاللَّهُ قَدْ نَادَى الْكَلِيمَ وَقَبْلَهُ * سَمِعَ النِّدَى فِي الْجَنَّةِ الْأَبَوَانِ
-
وَأَتَى النِّدَا فِي تِسْعِ آيَاتٍ لَهُ * وَصْفًا فَرَاجِعْهَا مِنَ الْقُرْآنِ
-
وَكَذَا يُكَلِّمُ جَبْرَائِيلَ بِأَمْرِهِ * حَتَّى يُنفِّذَهُ بِكُلِّ مَكَانِ
-
وَاذْكُرْ حَدِيثًا فِي صَحِيحِ مُحَمَّدٍ * ذَاكَ الْبُخَارِيِّ الْعَظِيمِ الشَّانِ
-
فِيهِ نِداءُ اللهِ يَوْمَ مَعَادِنَا * بِالصَّوتِ يَبْلُغُ قَاصِيًا وَالدَّانِي
-
هَبْ أَنَّ هَذَا اللَّفْظَ لَيْسَ بِثَابِتٍ * بَلْ ذِكْرُهُ مَعَ حَذْفِهِ سِيَّانِ
-
وَرَواهُ عِندَكُمُ الْبُخَارِيُّ الْمُجَسِّـ * ـمُ بَلْ رَوَاهُ مُجَسِّمٌ فَوْقَانِي
-
أَيصِحُّ فِي عَقْلٍ وَفِي نَقْلٍ نِدَا * ءٌ لَيْسَ مَسْمُوعًا لَنَا كَأَذَانِ
-
أَمْ أَجْمَعَ الْعُقَلَاءُ مِنْ * أَهْلِ اللِّسَانِ وَأَهْلِ كُلِّ لِسَانِ
-
أَنَّ النِّدَا الصَّوْتُ الرَّفِيعُ وَضِدُّهُ * فَهُوَ النِّجَاءُ كِلَاهُمَا صَوْتَانِ
-
وَاللَّهُ مَوْصُوفٌ بِذَاكَ حَقِيقَةً * هَذَا الْحَدِيثُ وَمُحْكَمُ الْقُرْآنِ
-
وَاذْكُرْ حَدِيثًا لِابْنِ مَسْعُودٍ صَرِيـ * ـحًا أَنَّهُ ذُو أَحْرُفٍ بِبَيَانِ
-
لِلْحَرفِ مِنْهُ فِي الْجَزَا عَشْرٌ مِنَ الْـ * ـحَسَنَاتِ مَا فِيهنَّ مِنْ نُقْصَانِ
-
وَانظُرْ إِلَى السُّوَرِ الَّتِي افْتُتِحَتْ بِأَحْـ * ـرُفِهَا تَرَى سِرًّا عَظِيمَ الشَّانِ
-
لَمْ يَأْتِ قَطُّ بِسُورَةٍ إِلَّا أَتَى * فِي إِثْرِهَا خَبَرٌ عَنْ الْقُرْآنِ
-
إذْ كَانَ إخْبَارًا بِهِ عَنْهَا وَفِي * هَذَا الشِّفَاءُ لِطَالِبِ الإيمَانِ
-
وَيَدُلُّ أَنَّ كَلَامَهُ هُوَ نَفْسُهَا * لَا غَيْرُهَا وَالْحَقُّ ذُو تِبْيَانِ
-
فَانْظُرْ إِلَى مَبْدَأِ الْكِتَابِ وَبَعْدَهَا الْـ * أَعْرَافِ ثُمَّ كَذَا إِلَى لُقْمَانَ
-
مَعَ تِلْوِهَا أَيْضًا وَمَعْ حمَ مَعْ * يَس وَافْهَم مُقْتَضَى الْقُرْآنِ
-
وَاللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ مُوصٍ آمِرٌ * نَاهٍ مُنَبٍّ مُرْسِلٌ لِبَيَانِ
-
وَمُخَاطِبٌ وَمُحَاسِبٌ وَمُنَبِّئٌ * وَمُحَدِّثٌ وَمُخَبِّرٌ بِالشَّانِ
-
وَمُكَلِّمٌ مُتَكَلِّمٌ بَلْ قَائِلٌ * وَمُحَذِّرٌ وَمُبَشِّرٌ بِأَمَانِ
-
هَادٍ يَقُولُ الْحَقَّ مُرْشِدُ خَلْقِهِ * بِكَلَامِهِ لِلْحَقِّ وَالْإِيمَانِ
-
فَإِذَا انْتَفَتْ صِفَةُ الْكَلَامِ فَكُلُّ هَـ * ـذَا مُنْتَفٍ مُتَحَقِّقُ الْبُطْلَانِ
-
وَإِذَا انْتَفَتْ صِفَةُ الْكَلَامِ كَذَلِكَ الْـ * إِرْسَالُ مَنْفِيٌّ بِلَا فُرْقَانَ
-
فَرِسَالَةُ الْمَبْعُوثِ تَبْلِيغٌ كَلَا * مَ الْمُرْسِلِ الدَّاعِي بِلَا نُقْصَانِ
-
وَحَقِيقَةُ الإِرْسَالِ نَفْسُ خِطَابِهِ * لِلْمُرْسَلِينَ وَإِنَّهُ نَوْعَانِ
-
نَوْعٌ بِغَيْرِ وَسَاطَةٍ كَكَلَامِهِ * مُوسَى وَجَبْرِيلَ الْقَرِيبَ الدَّانِي
-
مِنهُ إِلَيهِ مِنْ وَرَاءِ حِجَابِهِ * إِذْ لَا تَراهُ هَاهُنا العَينَانِ
-
وَالْآخَرُ التَّكْلِيمُ مِنْهُ بِالْوَسَا * طَةِ وَهْوَ أَيْضًا عِندَهُ ضَرْبَانِ
-
وَحْىٌ وَإِرْسَالٌ إِلَيهِ وَذَاكَ فِي الشُّـ * ـورَى أَتَى فِي أَحْسَنِ التِّبيَانِ
-
وَإِذَا انْتَفَتْ صِفَةُ الْكَلَامِ فَضِدُّهَا * خَرَسٌ وَذَلِكَ غَايَةُ النُّقْصَانِ
-
فَلَئِنْ زَعَمْتُم أَنَّ ذَلِكَ فِي الَّذِي * هُوَ قَابِلٌ مِنْ أُمَّةِ الْحَيَوَانِ
-
وَالْرَّبُّ لَيْسَ بِقَابِلٍ صِفَةَ الْكَلَا * مِ فَنَفْيُهَا مَا فِيهِ مِنْ نُقْصَانِ
-
فِيُقَالُ سَلْبُ كَلَامِهِ وَقَبُولِهِ * صِفَةَ الْكَلَامِ أَتَمُّ لِلنَّقْصَانِ
-
إِذْ أَخْرَسُ الإِنْسَانِ أَكْمَلُ حَالَةً * مِنْ ذَا الْجَمَادِ بِأَوْضَحِ الْبُرْهَانِ
-
فَجَحَدْتَ أَوْصَافَ الْكَمَالِ مَخَافَةَ التَّـ * ـجْسِيمِ وَالتَّشْبِيهِ بِالْإِنْسَانِ
-
وَوَقَعْتَ فِي تَشْبِيهِهِ بِالْجَامِدَاتِ * تِ النَّاقِصَاتِ وَذَا مِنَ الْخِذْلَانِ
-
اللَّهُ أَكْبَرُ هُتِّكَتْ أَسْتَارُكُمْ * حَتَّى غَدَوْتُمْ ضُحْكَةَ الصِّبْيَانِ
-
أَوَ لَيْسَ قَدْ قَامَ الدَّلِيلُ بِأَنَّ أَفْـ * ـعَالَ الْعِبَادِ خَلِيقَةُ الرَّحْمَـٰنِ
-
مِنْ أَلْفِ وَجْهٍ أَوْ قَرِيبِ الأَلْفِ يُحْـ * ـصِيها الَّذِي يُعْنَى بِهَذَا الشَّانِ
-
فَيَكُونُ كُلُّ كَلَامِ هَذَا الْخَلْقِ عَيْـ * ـنَ كَلَامِهِ سُبْحَانَ ذِي السُّلْطَانِ
-
إِذْ كَانَ مَنْسُوبًا إِلَيهِ كَلَامُهُ * خَلْقًا كَبَيتِ اللهِ ذِي الأرْكَانِ
-
هَذَا وَلَازِمُ قَوْلِكُمْ قَدْ قَالَهُ * ذُو الْاتِّحَادِ مُصَرِّحًا بِبَيَانِ
-
حَذَرَ التَّناقُضِ إِذْ تَنَاقَضْتُم وَلَـ * ـكِنْ طَرْدُهُ فِي غَايَةِ الْكُفْرَانِ
-
فَلَئِنْ زَعَمْتُمْ أَنَّ تَخْصِيصَ الْقُرَ * انِ كَـبَيْتِهِ وَكِلَاهُمَا خَلْقَانِ
-
فَيُقَالُ ذَا التَّخْصِيصُ لَا يَنْفِي الْعُمُو * مَ كَرَبِّ ذِي الْأَكْوَانِ
-
وَيُقَالُ رَبُّ الْعَرْشِ أَيْضًا، هَكَذَا * تَخْصِيصُهُ لِإِضَافَةِ الْقُرْآنِ
-
لَا يَمْنَعُ التَّعْميمَ فِي الْبَاقِي وَذَا * فِي غَايَةِ الْإِيضَاحِ وَالتَّبْيَانِ
-
وَلَقدْ أَتَى الفُرْقَانُ بَيْنَ الخَلْقِ وَالْـ * أَمْرِ الصَّرِيحُ وَذَاكَ فِي الفُرْقَانِ
-
وَكِلَاهُمَا عِندَ الْمُنَازِعِ وَاحِدٌ * وَالْكُلُّ خَلْقٌ مَا هُنَا شَيْئَانِ
-
وَالْعَطْفُ عِندَهُمُ كَعَطْفِ الْفَرْدِ مِنْ * نَوْعٍ عَلَيْهِ وَذَاكَ فِي الْقُرْآنِ
-
فَيُقَالُ هَذَا ذُو امْتِنَاعٍ ظَاهِرٍ * فِي آيَةِ التَّفْرِيقِ ذُو تَبْيَانِ
-
فَاللَّهُ بَعْدَ الْخَلْقِ أَخْبَرَ أَنَّهَا * قَدْ سُخِّرَتْ بِالْأَمْرِ لِلْجَرَيَانِ
-
وَأَبَانَ عَنْ تَسْخِيرِهَا سُبْحَانَهُ * بِالْأَمْرِ بَعْدَ الْخَلْقِ بِالتِّبْيَانِ
-
وَالأَمْرُ إِمَّا مَصْدَرٌ أَوْ كَانَ مَفْـ * ـعُولًا هُمَا فِي ذَاكَ مُسْتَوِيَانِ
-
مَأْمُورُهُ هُوَ قَابِلٌ لِلْأَمْرِ كَالْـ * ـمَصْنُوعِ قَابِلِ صَنْعَةِ الرَّحْمَـٰنِ
-
فَإِذَا انْتَفَى الأَمْرُ انْتَفَى الْمَأْمُورُ كَالـ * ـمَخْلُوقِ يُنْفَى لِانْتِفَاءِ الْحِدْثَانِ
-
وَانظُرْ إِلَى نَظْمِ السِّيَاقِ تَجِدْ بِهِ * سِرًّا عَجِيبًا وَاضِحَ الْبُرْهَانِ
-
ذَكَرَ الْخُصُوصَ وَفِعْلَهُ مُتَقَدِّمًا * وَالْوَصْفَ وَالتَّعْمِيمَ فِي ذَا الثَّانِي
-
فَأَتَى بِنوعَيْ خَلْقِهِ وَبِأَمْرِهِ * فَعْلًا وَوَصْفًا مُوجَزًا بِبَيَانِ
-
فَتَدَبَّرِ الْقُرْآنَ إِنْ رُمْتَ الْهُدَى * فَالْعِلْمُ تَحْتَ تَدَبُّرِ الْقُرْآنِ
-
وَاللَّهُ أَخْبَرَ فِي الْكِتَابِ أَنَّهُ * مِنْهُ وَمَجْرُورٌ بِمِنْ نَوْعَانِ
-
عَينٌ وَوَصْفٌ قَائِمٌ بِالغَيرِ فَالـ * أَعْيَانُ خَلْقُ الخَالِقِ الرَّحْمَـٰنِ
-
وَالْوَصْفُ بِالْمَجْرُورِ قَامَ لِأَنَّهُ * أَوْلَى بِهِ فِي عُرْفِ كُلِّ لِسَانِ
-
وَنَظِيرُ ذَا أَيْضًا سَوَاءً مَا يُضَا * فُ إِلَيْهِ مِنْ صِفَةٍ وَمِنْ أَعْيَانِ
-
فِإِضَافَةُ الأَوْصَافِ ثَابِتَةٌ لِمَنْ * قَامَتْ بِهِ كَإِرَادَةِ الرَّحْمَـٰنِ
-
وَإِضَافَةُ الأَعيَانِ ثَابِتَةٌ لَهُ * مِلْكًا وَخَلْقًا مَا هُمَا سِيَّانِ
-
فَانْظُرْ إِلَى بَيْتِ الْإِلَٰهِ وَعِلْمِهِ * لَمَّا أُضِيفَا كَيْفَ يَفْتَرِقَانِ
-
وَكَلَامُهُ كَحَيَاتِهِ وَكَعِلْمِهِ * فِي ذِي الْإِضَافَةِ إِذْ هُمَا وَصْفَانِ
-
لَكِنَّ نَاقَتَهُ وَبَيْتَ إِلَهِنَا * فَكَعْبِدِهِ أَيْضًا هُمَا ذَاتَانِ
-
فَانظُرْ إِلَى الجَهْمِيِّ لَمَّا فَاتَهُ الْـ * ـحَقُّ الْمُبِينُ وَوَاضِحُ الْفُرْقَانِ
-
كَانَ الجَمِيعُ لَدَيْهِ بَابٌ وَاحِدٌ * وَالصُّبْحُ لَاحَ لِمَنْ لَهُ عَيْنَانِ
-
وَأَتَى ابْنُ حَزْمٍ بَعْدَ ذَاكَ فَقَالَ مَا * لِلنَّاسِ قُرْآنٌ وَلَا اِثْنَانِ
-
بَلْ أَرْبَعٌ كُلٌّ يُسَمَّى بِالْقُرَا * نِ وَذَاكَ قَوْلٌ بَيِّنُ الْبُطْلَانِ
-
هَذَا الَّذِي يُتْلَى وَآخَرُ ثَابِتٌ * فِي الرَّسْمِ يُدْعَى الْمُصْحَفَ الْعُثْمَانِيَ
-
وَالْثَّالِثُ الْمَحْفُوظُ بَيْنَ صُدُورِنَا * هَذِهِ الثَّلَاثُ خَلِيقَةُ الرَّحْمَـٰنِ
-
وَالرَّابِعُ الْمَعْنَى الْقَدِيمُ كَعِلْمِهِ * كُلٌّ يُعَبَّرُ عَنْهُ بِالْقُرْآنِ
-
وَأَظُنُّهُ قَدْ رَامَ شَيْئًا لَمْ يَجِدْ * عَنْهُ عِبَارَةَ نَاطِقٍ بِبَيَانِ
-
أَنَّ الْمُعَيَّنَ ذُو مَرَاتِبَ أَرْبَعٍ * عُقِلَتْ فَلَا تَخْفَى عَلَى إِنْسَانِ
-
فِي العَينِ ثُمَّ الذِّهْنِ ثُمَّ اللَّفْظِ ثُمَّ * الرَّسْمِ حِينَ تَخُطُّهُ بِبَنَانِ
-
وَعَلَى الجَمِيعِ الْاسْمُ يَصْدُقُ لَكِنِ الـ * أَوْلَى بِهِ الْمَوْجُودُ فِي الْأَعْيَانِ
-
بِخِلَافِ قَوْلِ ابْنِ الخَطِيبِ فَإنَّهُ * قَدْ قَالَ إنَّ الوَضْعَ لِلْأَذْهَانِ
-
فَالشَّيْءُ شَيْءٌ وَاحِدٌ لَا أَرْبَعٌ * فَدَهَى ابْنَ حَزْمٍ قِلَّةُ الْفُرْقَانِ
-
وَاللَّهُ أَخْبَرَ أَنَّهُ سُبْحَانَهُ * مُتَكَلِّمٌ بِالْوَحْيِ وَالْفُرْقَانِ
-
وَكَذَاكَ أَخْبَرَنَا بِأَنَّ كَلَامَهُ * بِصُدُورِ أَهْلِ الْعِلْمِ وَالْإِيمَانِ
-
وَكَذَاكَ أَخْبَرَ أَنَّهُ الْمَكْتُوبُ فِي * صُحُفٍ مُطَهَّرَةٍ مِنَ الشَّيْطَانِ
-
وَكَذَٰلِكَ أَخْبَرَ أَنَّهُ الْمَتْلُوُّ وَالْـ * ـمَقْرُوءُ عِندَ تِلَاوَةِ الْإِنْسَانِ
-
وَالْكُلُّ شَيْءٌ وَاحِدٌ لَا أَنَّهُ * هُوَ أَرْبَعٌ وَثَلَاثَةٌ وَاثْنَانِ
-
وَتِلَاوَةُ الْقُرْآنِ أَفْعَالٌ لَنَا * وَكَذَا الْكِتَابَةُ فَهْيَ خَطُّ بَنَانِ
-
لَكِنَّمَا الْمَتْلُوُّ وَالْمَكْتُوبُ وَالْـ * ـمَحْفُوظُ قَوْلُ الْواحِدِ الْمَنَّانِ
-
وَالْعَبْدُ يَقْرَأُهُ بِصَوْتٍ طَيِّبٍ * وَبِضِدِّهِ فَهُمَا لَهُ صَوْتَانِ
-
وَكَذَاكَ يَكْتُبُهُ بِخَطٍّ جَيِّدٍ * وَبِضِدِّهِ فَهُمَا لَهُ خَطَّانِ
-
أَصْوَاتُنَا وَمِدَادُنَا وَأَدَاتُنَا * وَالرَّقُّ ثُمَّ كِتَابَةُ الْقُرْآنِ
-
وَلَقَدْ أَتَى بِصَوَابِهِ فِي نَظْمِهِ * مَنْ قَالَ قَوْلَ الْحَقِّ غَيْرَ جَبَانِ
-
إِنَّ الَّذِي هُوَ فِي الْمُصَاحِفِ مُثْبَتٌ * بِأَنَامِلِ الْأَشْيَاخِ وَالشُّبَّانِ
-
هُوَ قَوْلُ رَبِّي آيَتُهُ وَحُرُوفُهُ * وَمِدَادُنَا وَالرَّقُّ مَخْلُوقَانِ
-
فَشَفَى وَفَرَّقَ بَيْنَ مَتْلُوٍّ وَمَصْ* ـنُوعٍ وَذَاكَ حَقِيقَةُ الْعِرْفَانِ
-
الكُلُّ مَخْلُوقٌ وَليسَ كَلَامُهُ الْـ * ـمَتْلُوُّ مَخْلُوقًا هُمَا شَيئَانِ
-
فَعَلَيْكَ بِالتَّفْصِيلِ وَالتَّمْيِيزِ فَالْـ * إِطْلَاقُ وَالإِجْمَالُ دُونَ بَيَانِ
-
قَدْ أَفْسَدَا هَذَا الْوُجُودَ وَخَبَّطَا الْـ * أَذْهَانَ وَالْآرَاءَ كُلَّ زَمَانِ
-
وَتِلَاوَةُ الْقُرْآنِ فِي تَعْرِيفِهَا * بِاللَّامِ قَدْ يُعْنَى بِهَا شَيْئَانِ
-
يُعْنَى بِهَا الْمَتْلُوُّ فَهْوَ كَلَامُهُ * هُوَ غَيْرُ مَخْلُوقٍ كَذِي الْأَكْوَانِ
-
وَيُرَادُ أَفْعَالُ الْعِبَادِ كَصَوْتِهِمْ * وَأَدَائِهِمْ وَكِلَاهُمَا خَلْقَانِ
-
هَذَا الَّذِي نَصَّتْ عَلَيْهِ أئِمَّةُ الْـ * إسْلَامِ أَهْلُ الْعِلْمِ وَالْعِرْفَانِ
-
وَهُوَ الَّذِي قَصَدَ الْبُخَارِيُّ الرِّضَا * لَكِنْ تَقَاصَرَ قَاصِرُ الْأَذْهَانِ
-
عَنْ فَهْمِهِ كَتَقَاصُرِ الْأَفْهَامِ عَنْ * قَوْلِ الْإِمَامِ الْأَعْظَمِ الشَّيْبَانِي
-
فِي اللَّفْظِ لَمَّا أَنْ نَفَى الضِّدَّيْنِ عَنْـ * ـهُ وَاهْتَدَى لِلنَّفْيِ ذُو عِرْفَانِ
-
فَاللَّفْظُ يَصْلُحُ مَصْدَرًا هُوَ فِعْلُنَا * كَتَلَفُّظٍ بِتِلَاوَةِ الْقُرْآنِ
-
وَكَذَٰلِكَ يَصْلُحُ نَفْسَ مَلْفُوظٍ بِهِ * وَهُوَ الْقُرْآنُ فَذَانِ مُحْتَمَلَانِ
-
فَلِذَاكَ أَنْكَرَ أَحْمَدُ الْإِطْلَاقَ فِي * نَفْيٍ وَإِثْبَاتٍ بِلَا فُرْقَانِ
-
وَأَتَى ابْنُ سِينَا الْقِرْمِطِيُّ مُصَانِعًا * لِلْمُسْلِمِينَ بِإِفْكِ ذِي بُهْتَانِ
-
فَرَآهُ فَيْضًا فَاضَ مِنْ عَقْلٍ هُوَ الـ * ـفَعَّالُ عِلَّةُ هَذِهِ الأكْوَانِ
-
حَتَّى تَلَقَّاهُ زَكِيٌّ فَاضِلٌ * حَسَنُ التَّخَيُّلِ جَيِّدُ التَّبْيَانِ
-
فَأَتَى بِهِ لِلْعَالَمِينَ خَطَابَةً * وَمَوَاعِظًا عَرِيَتْ عَنْ الْبُرْهَانِ
-
مَا صَرَّحَتْ أَخْبَارُهُ بِالْحَقِّ بَلْ * رَمَزَتْ إِلَيْهِ إِشَارَةً لِمَعَانِ
-
وَخِطَابُ هَذَا الْخَلْقِ وَالْجُمْهُورِ بِالـ * ـحَقِّ الصَّرِيحِ فَغَيْرُ ذِي إِمْكَانِ
-
لَا يَقْبَلُونَ حَقَائِقَ المَعْقُولِ إِلَّا * فِي مِثَالِ الحِسِّ وَالأَعْيَانِ
-
وَمَشَارِبُ الْعُقَلَاءِ لَا يَرِدُونَهَا * إِلَّا إِذَا وُضِعَتْ لَهُمْ بِأَوَانِ
-
مِنْ جِنْسِ مَا أَلِفَتْ طِبَاعُهُمُ مِنَ الـ * ـمَحْسُوسِ فِي ذَا الْعَالَمِ الْجُثْمَانِي
-
فَأَتَوْا بِتَشْبِيهٍ وَتَمْثِيلٍ وَتَجْـ * ـسِيمٍ وَتَخْيِيلٍ إِلَى الأَذْهَانِ
-
وَلِذَاكَ يَحْرُمُ عِنْدَهُم تَأْوِيلُهُ * لَكِنَّهُ حِلٌّ لِذِي الْعِرْفَانِ
-
فَإِذَا تَأَوَّلْنَاهُ كَانَ جِنَايَةً * مِنَّا وَخَرَقَ سِيَاجَ ذَا الْبُسْتَانِ
-
لَكِنْ حَقِيقَةُ قَوْلِهِمْ أَنْ قَدْ أَتَوْا * بِالكِذْبِ فِيهِ مَصَالِحُ الْإِنْسَانِ
-
وَالْفَيْلَسُوفُ وَذَا الرَّسُولُ لَدَيْهِمُ * مُتَفَاوِتَانِ وَمَا هُمَا عِدْلَانِ
-
أَمَّا الرَّسُولُ فَفَيْلَسُوفُ عَوَامِهِمْ * وَالْفَيْلَسُوفُ نَبِيُّ ذِي الْبُرْهَانِ
-
وَالْحَقُّ عِندَهُمُ فَفِيمَا قَالَهُ * أَتْبَاعُ صَاحِبِ مَنْطِقِ الْيُونَانِ
-
وَمَضَى عَلَى هَذِي الْمَقَالَةِ أُمَّةٌ * خَلْفَ ابْنِ سِينَا فَاغْتَذَوْا بِاللِّبَانِ
-
مِنْهُم نَصِيرُ الكُفْرِ فِي أَصْحَابِهِ * النَّاصِرِينَ لِمِلَّةِ الشَّيْطَانِ
-
فَاسْأَلْ بِهِمْ ذَا خِبْرَةٍ تَلْقَاهُمُ * أَعْدَاءَ كُلِّ مُوَحِّدٍ رَبَّانِي
-
وَاسْأَلْ بِهِمْ ذَا خِبْرَةٍ تَلْقَاهُمُ * أَعْدَاءَ رُسُلِ اللَّهِ وَالْقُرْآنِ
-
صُوفِيُّهُم عَبدُ الوُجُودِ الْمَطْلَقِ الْـ * ـمَعْدُومِ عَنْدَ الْعَقْلِ فِي الْأَعْيَانِ
-
أَوْ مُلْحِدٌ بِالِاتِّحَادِ يَدِينُ لَا التَّـ * ـوحِيدِ، مُنْسَلِخٌ مِنَ الأَدْيَانِ
-
مَعْبُودُهُ مَوْطُوؤهُ فِيهِ يَرَى * وَصْفَ الجَمَالِ وَمَظْهَرَ الإحْسانِ
-
اللَّهُ أَكْبَرُ كَمْ عَلَى ذَا الْمَذْهَبِ الْـ * ـمَلْعُونِ بَيْنَ النَّاسِ مِنْ شَيْخَانِ
-
يَبْغُونَ مِنْهُمْ دَعْوَةً وَيُقَبِّلُو * نَ أَيَادِيًا مِنْهُمْ رَجَا الْغُفْرَانِ
-
وَلَوْ أَنَّهُمْ عَرَفُوا حَقِيقَةَ أَمْرِهِمْ * رَجَمُوهُمْ لَا شَكَّ بِالصَّوَّانِ
-
فَابْذُرْ لَهُم إِنْ كُنْتَ تَبْغِي كَشْفَهُمْ * وَافْرِشْ لَهُم كَفًّا مِنَ الأَتْبَانِ
-
وَاظْهَرْ بِمَظْهَرٍ قَابِلٍ مِنْهُمْ وَلَا * تَظْهَرْ بِمَظْهَرِ صَاحِبِ النُّكْرَانِ
-
وَانْظُرْ إِلَى أَنْهَارِ كُفْرٍ فُجِّرَتْ * وَتَهُمُّ لَوْلَا السَّيْفُ بِالْجَرَيَانِ
-
وَأَتَتْ طَوَائِفُ الْاتِّحَادِ بِمِلَّةٍ * طَمَّتْ عَلَى مَا قَالَ كُلُّ لِسَانِ
-
قَالُوا كَلَامُ الله كُلُّ كَلَامِ هَـ * ـذَا الْخَلْقِ مِنْ جِنٍّ وَمِنْ إِنْسَانِ
-
نَظْمًا وَنَثْرًا زُورُهُ وَصَحِيحُهُ * صِدْقًا وَكِذْبًا وَاضِحَ الْبُطْلَانِ
-
فَالْسَّبُّ وَالشَّتْمُ الْقَبِيحُ وَقَذْفُهُمْ * لِلْمُحْصَنَاتِ وَكُلُّ نَوْعِ أَغَانِ
-
وَالْنَّوْحُ وَالتَّعْزِيمُ وَالسِّحْرُ الْمُبِيـ * ـنُ وَسَائِرُ الْبُهْتَانِ وَالْهَذَيَانِ
-
هُوَ عَيْنُ قَوْلِ اللَّهِ جَلَّ جَلَالُهُ * وَكَلَامُهُ حَقًّا بِلَا نُكْرَانِ
-
هَذَا الذِّي أَدَّى إِلَيْهِ أَصْلُهُم * وَعَلَيْهِ قَامَ مُكَسَّحُ الْبُنْيَانِ
-
إذْ أَصْلُهُم أَنَّ الإِلَٰهَ حَقِيقَةً * عَيْنُ الْوُجُودِ وَعَيْنُ ذِي الْأَكْوَانِ
-
فَكَلَامُهَا وَصِفَاتُهَا هُوَ قَوْلُهُ * وَصِفَاتُهُ مَا هَاهُنَا غَيْرَانِ
-
وَلِذَاكَ قَالُوا إِنَّهُ الْمَوْصُوفُ بِالضِّـ * ـدَّيْنِ مِنْ قُبْحٍ وَمِنْ إِحْسَانِ
-
وَلِذَاكَ قَدْ وَصَفُوهُ أَيْضًا بِالكَمَالِ * لِوَضِدِّهِ مِنْ سَائِرِ النُّقْصَانِ
-
هَذِهِ مَقَالَاتُ الطَّوَائِفِ كُلِّهَا * حُمِلَتْ إِلَيْكَ رَخِيصَةَ الأَثْمَانِ
-
وَأَظُنُّ لَوْ فَتَّشْتَ كُتْبَ النَّاسِ مَا * أَلْفَيتَهَا أَبَدًا بِذَا التِّبْيَانِ
-
زُفَّتْ إِلَيكَ فَإنْ يَكُنْ لَكَ نَاظِرٌ * أَبْصَرتَ ذَاتَ الحُسْنِ وَالإحْسَانِ
-
فَاعْطِفْ عَلَى الْجَهْمِيَّةِ الْمُغْلِ الأُلَى * خَرَقُوا سِيَاجَ الْعَقْلِ وَالْقُرْآنِ
-
شَرِّدْ بِهِم مَنْ خَلْفَهُم وَاكْسِرْهُمُ * بَلْ نَادِ فِي نَادِيهمُ بِأَذَانِ
-
أَفْسَدْتُمُ الْمَعْقُولَ وَالْمَنْقُولَ وَالْـ * ـمَسْمُوعَ مِنْ لُغَةٍ بِكُلِّ لِسَانِ
-
أَيَصِحُّ وَصْفُ الشَّيءِ بِالْمُشْتَقِّ لِلْـ * ـمَسْلُوبِ مَعْنَاهُ لَدَى الأَذْهَانِ
-
أَيَصِحُّ صَبَّارٌ وَلَا صَبْرٌ لَهُ * وَيَصِحُّ شَكَّارٌ بِلَا شُكْرَانِ
-
وَيَصِحُّ عَلَّامٌ وَلَا عِلْمٌ لَهُ * وَيَصِحُّ غَفَّارٌ بِلَا غُفْرَانِ
-
وَيُقَالُ هَذَا سَامِعٌ أَوْ مُبصِرٌ * وَالسَّمْعُ وَالإبْصَارُ مَفْقُودَانِ
-
هَذَا مُحَالٌ فِي العُقُولِ وَفِي النُّقُو * لِ وَفِي اللُّغَاتِ وَغَيْرُ ذِي إِمْكَانِ
-
فَلَئِنْ زَعَمْتُمْ أَنَّهُ مُتَكَلِّمٌ * لَكِنْ بِقَوْلٍ قَامَ بِالْإِنْسَانِ
-
أَوْ غَيْرِهِ فَيُقَالُ هَذَا بَاطِلٌ * وَعَلَيْكُمْ فِي ذَاكَ مَحْذُورَانِ
-
نَفْيُ اشْتِقَاقِ اللَّفْظِ لِلْمَوْجُودِ مَعْـ * ـنَاهُ بِهِ وَثُبُوتُهُ لِلثَّانِي
-
أَعْنِي الذِي مَا قَامَ مَعْنَاهُ بِهِ * قَلْبُ الحَقَائِقِ أَقْبَحُ البُهْتَانِ
-
وَنَظِيرُ ذَا أَخَوَانِ هَذَا مُبْصِرٌ * وَأَخُوهُ مَعْدُودٌ مِنَ الْعُمْيَانِ
-
سَمَّيْتُمُ الأَعْمَى بَصِيرًا إِذْ أَخُو * هُ مُبْصِرٌ وَبِعَكْسِهِ فِي الثَّانِي
-
فَلَئِنْ زَعَمْتُم أَنَّ ذَلِكَ ثَابِتٌ * فِي فِعْلِهِ كَالْخَلْقِ لِلْأَكْوَانِ
-
وَالْفِعْلُ لَيْسَ بِقَائِمٍ بِإِلَهِنَا * إِذْ لَا يَكُونُ مَحَلَّ ذِي حِدْثَانِ
-
وَيَصِحُّ أَنْ يُشْتَقَّ مِنْهُ خَالِقٌ * فَكَذَلِكَ الْمُتَكَلِّمُ الْوَحْدَانِي
-
هُوَ فَاعِلٌ لِكَلَامِهِ وَكِتَابِهِ * لَيْسَ الكَلَامُ لَهُ بِوَصْفِ مَعَانِ
-
وَمُخَالِفُ الْمَعْقُولِ وَالْمَنْقُولِ وَالْـ * ـفِطْرَاتِ وَالْمَسْمُوعِ لِلْإِنْسَانِ
-
مَنْ قَالَ إِنَّ كَلَامَهُ سُبْحَانَهُ * وَصْفٌ قَدِيمٌ أَحْرُفًا وَمَعَانِي
-
وَالسِّينُ عَنْدَ الْبَاءِ لَيْسَتْ بَعْدَهَا * لَكِنْ هُمَا حَرْفَانِ مُقْتَرِنَانِ
-
أَوْ قَالَ إنَّ كَلَامَهُ سُبْحَانَهُ * مَعْنًى قَدِيمٌ قَامَ بِالرَّحْمَـٰنِ
-
مَا إِنْ لَهُ كُلٌّ وَلَا بَعْضٌ وَلا الْـ * ـعَرَبِيُّ حَقِيقَتُهُ وَلَا الْعِبْرَانِي
-
وَالأمْرُ عَيْنُ النَّهْيِ وَاسْتِفْهَامُهُ * هُوَ عَيْنُ إِخْبَارٍ بِلَا فُرْقَانِ
-
وَكَلَامُهُ كَحَيَاتِهِ مَا ذَاكَ مَقْـ * ـدُورًا لَهُ بَلْ لَازِمُ الرَّحْمَـٰنِ
-
هَذَا الَّذِي قَدْ خَالَفَ الْمَعْقُولَ وَالْـ * ـمَنْقُولَ وَالْفِطْرَاتِ لِلْإِنْسَانِ
-
أَمَّا الَّذِي قَدْ قَالَ إِنَّ كَلَامَهُ * ذُو أَحْرُفٍ قَدْ رُتِّبَتْ بِبَيَانِ
-
وَكَلَامُهُ بِمَشِيئَةٍ وَإِرَادَةٍ * كَالْفِعْلِ مِنْهُ كِلَاهُمَا سِيَّانِ
-
فَهُوَ الَّذِي قَدْ قَالَ قَوْلًا يَعْلَمُ الْـ * ـعُقَلَاءُ صِحَّتَهُ بِلَا نُكْرَانِ
-
فَلَأَيِّ شَيْءٍ كَانَ مَا قَدْ قُلْتُمُ * أَوْلَى وَأَقْرَبَ مِنْهُ لِلْبُرْهَانِ
-
وَلِأَيِّ شَيْءٍ دَائِمًا كَفَّرْتُمُ * أَصْحَابَ هَذَا الْقَوْلِ بِالْعُدْوَانِ
-
فَدَعُوا الدَّعَاوِيَ وَابْحَثُوا مَعَنَا بِتَحْـ * ـقِيقٍ وَإِنْصَافٍ بِلَا عُدْوَانِ
-
وَارْفُوا مَذَاهِبَكُمْ وَسُدُّوا خَارِقَهَا * إِنْ كَانَ ذَاكَ الرَّفْوُ فِي الْإِمْكَانِ
-
فَاحْكُمْ هَدَاكَ الله بَيْنَهُمُ فَقَدْ * أَدْلَوْا إِلَيْكَ بِحُجَّةٍ وَبَيَانِ
-
لَا تَنْصُرَنَّ سِوَى الحَدِيثِ وَأَهْلِهِ * هُمْ عَسْكَرُ الْقُرْآنِ وَالْإِيمَانِ
-
وَتَحَيَّزَنَّ إِلَيْهِمْ لَا غَيْرِهِمْ * لِتَكُونَ مَنْصُورًا لَدَى الرَّحْمَـٰنِ
-
فَتَقُولُ هَذَا الْقَدْرُ قَدْ أَعْيَا عَلَى * أَهْلِ الْكَلَامِ وَقَادَهُ أَصْلَانِ
-
إِحْدَاهُمَا هَلْ فِعْلُهُ مَفْعُولُهُ * أَوْ غَيْرُهُ فَهُمَا لَهُمَا قَوْلَانِ
-
وَالْقَائِلُونَ بِأَنَّهُ هُوَ عَيْنُهُ * فَرُّوا مِنَ الْأَوْصَافِ بِالْحِدْثَانِ
-
لَكِنْ حَقِيقَةُ قَوْلِهِمْ وَصَرِيحُهُ * تَعْطِيلُ خَالِقِ هَذِهِ الْأَكْوَانِ
-
عَنْ فِعْلِهِ إِذْ فِعْلُهُ مَفْعُولُهُ * لَكِنَّهُ مَا قَامَ بِالرَّحْمَـٰنِ
-
فَعَلَى الْحَقِيقَةِ مَا لَهُ فِعْلٌ إِذِ الْـ * ـمَفْعُولُ مُنْفَصِلٌ عَنِ الدِّيَّانِ
-
وَالْقَائِلُونَ بِأَنَّهُ غَيْرٌ لَهُ * مُتَنَازِعُونَ وَهُمْ فَطَائِفَتَانِ
-
إحْدَاهُمَا قَالَتْ قَدِيمٌ قَائِمٌ * بِالذَّاتِ وَهْوَ كَقُدْرَةِ الْمَنَّانِ
-
سَمَّوْهُ تَكْوِينًا قَدِيمًا قَالَهُ * أَتْبَاعُ شَيْخِ الْعَالَمِ النُّعْمَانِ
-
وَخُصُومُهُمْ لَمْ يُنْصِفُوا فِي رَدِّهِ * بَلْ كَابَرُوهُمْ مَا أَتَوْا بِبَيَانِ
-
وَالْآخَرُونَ رَأَوْهُ أَمْرًا حَادِثًا * بِالذَّاتِ قَامَ وَإِنَّهُمْ نَوْعَانِ
-
إحْدَاهُمَا جَعَلَتْهُ مُفْتَتَحًا بِهِ * حَذَرَ التَّسَلْسُلِ لَيْسَ ذَا إِمْكَانِ
-
هَذَا الَّذِي قَالَتْهُ كَرَّامِيَّةٌ * فَفَعَالُهُ وَكَلَامُهُ سِيَّانِ
-
وَالْآخَرُونَ أُولُو الْحَدِيثِ كَأَحْمَدٍ * ذَاكَ ابْنُ حَنْبَلٍ الرِّضَا الشَّيْبَانِي
-
قَدْ قَالَ إِنَّ اللَّهَ حَقًّا لَمْ يَزَلْ * مُتَكَلِّمًا إِنْ شَاءَ ذُو إِحْسَانِ
-
جَعَلَ الْكَلَامَ صِفَاتِ فِعْلٍ قَائِمٍ * بِالذَّاتِ لَمْ يُفْقَدْ مِنَ الرَّحْمَـٰنِ
-
وَكَذَاكَ نَصَّ عَلَى دَوَامِ الفِعْلِ بِالْـ * إِحْسَانِ أَيْضًا فِي مَكَانٍ ثَانِ
-
وَكَذَا ابْنُ عَبَّاسٍ فَارَاجِعْ قَوْلَهُ * لَمَّا أَجَابَ مَسَائِلَ الْقُرْآنِ
-
وَكَذَٰلِكَ جَعْفَرٌ الإِمَامُ الصَّادِقُ الْـ * ـمَقْبُولُ عِندَ الْخَلْقِ ذُو الْعِرْفَانِ
-
قَدْ قَالَ لَمْ يَزَلِ المُهَيْمِنُ مُحْسِنًا * بَرًّا جَوَادًا عِنْدَ كُلِّ أَوانِ
-
وَكَذَا الإِمَامُ الدَّارِمِيُّ فَإنَّهُ * قَدْ قَالَ مَا فِيهِ هُدَى الْحَيْرَانِ
-
قَالَ الحَيَاةُ مَعَ الفَعَالِ كِلَاهُمَا * مُتَلازِمَانِ فَلَيْسَ يَفْتَرِقَانِ
-
صَدَقَ الإِمَامُ فَكُلُّ حَيٍّ فَهْوَ فَعَّـ * ـالٌ وَذَا فِي غَايَةِ التِّبْيَانِ
-
إلَّا إِذَا مَا كَانَ ثَمَّ مَوَانِعٌ * مِنْ آفَةٍ أَوْ قَاسِرِ الْحَيَوَانِ
-
وَالْرَّبُّ لَيْسَ لِفِعْلِهِ مِنْ مَانِعٍ * مَا شَاءَ كَانَ بِقُدْرَةِ الدَّيَّانِ
-
وَمَشِيئَةُ الرَّحْمَـٰنِ لَازِمَةٌ لَهُ * وَكَذَٰلِكَ قُدْرَةُ رَبِّنَا الرَّحْمَـٰنِ
-
هَذَا وَقَدْ فَطَرَ الإِلَٰهُ عِبَادَهُ * أَنَّ الْمُهَيْمِنَ دَائِمُ الْإِحْسَانِ
-
أَوَ لَسْتَ تَسْمَعُ قَوْلَ كُلِّ مُوَحِّدٍ * يَا دَائِمَ المَعْرُوفِ وَالسُّلْطَانِ
-
وَقَدِيمَ الإحْسَانِ الْكَثِيرِ وَدَائِمَ الْـ * ـجُودِ الْعَظِيمِ وَصَاحِبَ الْغُفْرَانِ
-
مِنْ غَيْرِ إنْكَارٍ عَلَيْهِمْ فِطْرَةً * فُطِرُوا عَلَيْهَا لَا تَواصِي ثَانِ
-
أَوَ لَيْسَ فِعْلُ الرَّبِّ تَابِعَ وَصْفِهِ * وَكَمَالِهِ أَفَذَاكَ ذُو حِدْثَانِ
-
وَكَمَالُهُ سَبَبُ الْفِعَالِ وَخَلْقُهُ * أَفْعَالَهُمْ سَبَبُ الْكَمَالِ الثَّانِي
-
أَوَ مَا فِعَالُ الرَّبِّ عَيْنَ كَمَالِهِ * أَفَذَاكَ مُمْتَنِعٌ عَلى الْمَنَّانِ
-
أَزَلًا إِلَى أَنْ صَارَ فِيمَا لَمْ يَزَلْ * مُتَمَكِّنًا وَالْفِعْلُ ذُو إِمْكَانِ
-
تَاللهِ قَدْ ضَلَّتْ عُقُولُ القَوْمِ إِذْ * قَالُوا بِهَذَا القَوْلِ ذِي الْبُطْلَانِ
-
مَاذَا الَّذِي أَضْحَى لَهُ مُتَجَدِّدًا * حَتَّى تَمَكَّنَ فَانْطِقُوا بِبَيَانِ
-
وَالرَّبُّ لَيْسَ مُعَطَّلًا عَنْ فِعْلِهِ * بَلْ كُلَّ يَوْمٍ رَبُّنَا فِي شَانِ
-
وَالْأَمْرُ وَالتَّكْوِينُ وَصْفُ كَمَالِهِ * مَا فَقْدُ ذَا وَوُجُودُه سِيَّانِ
-
وَتَخَلُّفُ التَّأْثِيرِ بَعْدَ تَمَامِ مُو * جِبِهِ مُحَالٌ لَيْسَ فِي الإمْكَانِ
-
وَاللَّهُ رَبِّي لَمْ يَزَلْ ذَا قُدْرَةٍ * وَمَشِيئَةٍ وَيَلِيهِمَا وَصْفَانِ
-
العِلْمُ مَعْ وَصْفِ الحَيَاةِ وَهَذِهِ * أَوْصَافُ ذَاتِ الخَالِقِ الْمَنَّانِ
-
وَبِهَا تَمَامُ الفِعْلِ لَيْسَ بِدُونِهَا * فِعْلٌ يَتِمُّ بِوَاضِحِ البُرْهَانِ
-
فَلِأَيِّ شَيْءٍ قَدْ تَأَخَّرَ فِعْلُهُ * مَعَ مُوجِبٍ قَدْ تَمَّ بِالأَرْكَانِ
-
مَا كَانَ مُمْتَنِعًا عَلَيْهِ الفِعْلُ بَلْ * مَا زَالَ فِعْلُ اللَّهِ ذَا إِمْكَانِ
-
وَاللَّهُ عَابَ الْمُشْرِكِينَ بِأَنَّهُمْ * عَبَدُوا الْحِجَارَةَ فِي رِضَا الشَّيْطَانِ
-
وَنَعَى عَلَيْهِمْ كَوْنَهَا لَيْسَتْ بِخَا * لِقَةٍ وَليْسَتْ ذَاتَ نُطْقِ بَيَانِ
-
فَأَبَانَ أَنَّ الْفِعْلَ وَالتَّكْلِيمَ مِنْ * أَوْثَانِهِم لَا شَكَّ مَفْقُودَانِ
-
وَإِذَا هُمَا فُقِدَا فَمَا مَسْلُوبُهَا * بِإِلَٰهِ حَقٍّ وَهْوَ ذُو بُطْلَانِ
-
وَاللَّهُ فَهْوَ إِلَٰهُ حَقٍّ دَائِمًا * أَفَعَنْهُ ذَا الْوَصْفَانِ مَسْلُوبَانِ
-
أَزَلًا وَلَيْسَ لِفَقْدِهَا مِنْ غَايَةٍ * هَذَا الْمُحَالُ وَأَعْظَمُ الْبُطْلَانِ
-
إِنْ كَانَ رَبُّ الْعَرشِ حَقًّا لَمْ يَزَلْ * أَبَدًا إِلَهَ الْحَقِّ ذَا سُلْطَانِ
-
فَكَذَا كَأَيْضًا لَمْ يَزَلْ مُتَكَلِّمًا * بَلْ فَاعِلًا مَا شَاءَ ذَا إِحْسَانِ
-
وَاللَّهِ مَا فِي الْعَقْلِ مَا يَقْضِي لِذَا * بِالرَّدِّ وَالْإِبْطَالِ وَالنُّكْرَانِ
-
بَلْ لَيْسَ فِي الْمَعْقُولِ غَيْرُ ثُبُوتِهِ * لِلْخَالِقِ الْأَزَلِيِّ ذِي الْإِحْسَانِ
-
هَذَا وَمَا دُونَ الْمُهَيْمِنِ حَادِثٌ * لَيْسَ الْقَدِيمُ سِوَاهُ فِي الْأَكْوَانِ
-
وَاللَّهُ سَابِقُ كُلِّ شَيْءٍ غَيْرِهِ * مَا رَبُّنَا وَالْخَلْقُ مُقْتَرِنَانِ
-
وَاللَّهُ كَانَ وَلَيْسَ شَيْءٌ غَيْرُهُ * سُبْحَانَهُ جَلَّ الْعَظِيمُ الشَّانِ
-
لَسْنَا نَقُولُ كَمَا يَقُولُ الْمُلْحِدُ الزِّ * نْدِيقُ صَاحِبُ مَنْطِقِ الْيُونَانِ
-
بِدَوامِ هَذَا الْعَالَمِ الْمَشْهُودِ وَالْـ * أَرْوَاحِ فِي أَزَلٍ وَلَيْسَ بِفَانِ
-
هَذِهِ مَقَالَاتُ الْمَلَاحِدَةِ الأُولَى * كَفَرُوا بِخَالِقِ هَذِهِ الْأَكْوَانِ
-
وَأَتَى ابْنُ سِينَا بَعْدَ ذَاكَ مُصَانِعًا * لِلْمُسْلِمِينَ فَقَالَ بِالْإِمْكَانِ
-
لَكِنَّهُ الأَزَلِيُّ لَيْسَ بِمُحْدَثٍ * مَا كَانَ مَعْدُومًا وَلَا هُوَ فَانِ
-
وَأَتَى بِصُلْحٍ بَيْنَ طَائِفَتَيْنِ بَيْنَهُمَا الْحُرُوبُ وَمَا هُمَا سِلْمَانُ
-
أَنَّى يَكُونُ الْمُسْلِمُونَ وَشِيعَةُ الْـ * ـيُونَانِ صُلْحًا قَطُّ فِي الْإِيمَانِ
-
وَالسَّيْفُ بَيْنَ الأَنْبِيَاءِ وَبَيْنَهُمْ * وَالحَرْبُ بَيْنَهُمُ فَحَرْبُ عَوَانِ
-
وَلِذَا أَتَى الطُّوسِيُّ بِالْحَرْبِ الصَّرِيـ * ـحِ بِصَارِمٍ مِنْهُ وَسَلِّ لِسَانِ
-
وَأَتَى إِلَى الْإِسْلَامِ يَهْدِمُ أَصْلَهُ * مِنْ أُسِّهِ وَقَوَاعِدِ الْبُنْيَانِ
-
عَمَرَ الْمَدَارِسَ لِلْفَلاسِفَةِ الْأُلَى * كَفَرُوا بِدِينِ اللَّهِ وَالْقُرْآنِ
-
وَأَتَى إِلَى أَوْقَافِ أَهْلِ الدِّينِ يَنْـ * ـقُلُهَا إِلَيْهِم فِعْلَ ذِي أَضْغَانِ
-
وَأَرَادَ تَحْوِيلَ الإِشَارَاتِ الَّتِي * هِيَ لَابْنِ سِينَا مَوْضِعَ الفُرْقَانِ
-
وَأَرَادَ تَحْوِيلَ الشَّرِيعَةِ بِالنَّوَا * مِيسِ التِي كَانَتْ لَدَى الْيُونَانِ
-
لَكِنَّهُ عَلِمَ اللَّعِينُ أَنَّ هَـ * ـذَا لَيْسَ فِي الْمَقْدُورِ وَالْإِمْكَانِ
-
إلَّا إِذَا قَتَلَ الْخَلِيفَةَ وَالْقُضَا * ةَ وَسَائِرَ الْفُقَهَاءِ فِي الْبُلْدَانِ
-
فَسَعَى لِذَاكَ وَسَاعَدَ الْمَقْدُورُ بِالْـ * أَمْرِ الَّذِي هُوَ حِكْمَةُ الرَّحْمَـٰنِ
-
فَأَشَارَ أَنْ يَضَعَ التَّتَارُ سُيُوفَهُمْ * فِي عَسْكَرِ الْإِيمَانِ وَالْقُرْآنِ
-
لَكِنَّهُمْ يُبْقُونَ أَهْلَ صَنَائِعِ الدُّ * نْيَا لِأَجْلِ مَصَالِحِ الأَبْدَانِ
-
فَغَدَا عَلَى سَيْفِ التَّتَارِ الأَلْفُ فِي * مِثْلٍ لَهَا مَضْرُوبَةً بِوِزَانِ
-
وَكَذَا ثَمَانِ مِئِينِهَا فِي أَلْفِهَا * مَضْرُوبَةً بِالْعَدِّ وَالْحُسْبَانِ
-
حَتَّى بَكَى الْإِسْلَامَ أَعْدَاهُ الْيَهُو * دُ كَذَا الْمَجُوسُ وَعَابِدُو الصَّلِبَانِ
-
فَشَفَى اللَّعِينُ النَّفْسَ مِنْ حِزْبِ الرَّسُو * لِ وَعَسْكَرِ الإِيمَانِ وَالْقُرْآنِ
-
وَبِوُدِّهِ لَوْ كَانَ فِي أَحُدٍ وَقَدْ * شَهِدَ الوَقيعَةَ مَعْ أَبِي سُفْيَانَ
-
لَأَقَرَّ أَعْيُنَهُمْ وَأَوْفَى نَذْرَهُ * أَوْ أَنْ يُرَى مُتَمَزِّقَ اللُّحْمَانِ
-
وَشَوَاهِدُ الإحْدَاثِ ظَاهِرَةٌ عَلَى * ذَا الْعَالَمِ الْمَخْلُوقِ بِالْبُرْهَانِ
-
وَشَوَاهِدُ الإحْدَاثِ ظَاهِرَةٌ عَلَى * ذَا الْعَالَمِ الْمَخْلُوقِ بِالْبُرْهَانِ
-
وَأَدِلَّةُ التَّوحِيدِ تَشْهَدُ كُلُّهَا * بِحُدُوثِ كُلٍّ مَا سِوَى الرَّحْمَـٰنِ
-
لَوْ كَانَ غَيْرُ اللَّهِ جَلَّ جَلَالُهُ * مَعَهُ قَدِيمًا كَانَ رَبًّا ثَانِي
-
وَالرَّبُّ بِاسْتِقْلَالِهِ مُتَوَحِّدٌ * أَفَمُمْكِنٌ أَنْ يَسْتَقِلَّ اثْنَانِ
-
لَوْ كَانَ ذَاكَ تَنَافِيًا وَتَسَاقَطًا * فَإِذَا هُمَا عَدَمَانِ مُمْتَنِعَانِ
-
وَالْقَهْرُ وَالتَّوْحِيدُ يَشْهَدُ مِنْهُمَا * كُلٌّ لِصَاحِبِهِمَا عِدْلَانِ
-
وَلِذَلِكَ اقْتَرَنَا جَمِيعًا فِي صِفَا * تِ اللهِ فَانْظُرْ ذَاكَ فِي الْقُرْآنِ
-
فَالوَاحِدُ القَهَّارُ حَقًّا لَيْسَ فِي الْـ * إمْكَانِ أَنْ تَحْظَى بِهِ ذَاتَانِ
-
فَلَئِنْ زَعَمْتُمْ أَنَّ ذَاكَ تَسَلْسُلٌ * قُلْنَا صَدَقْتُمْ وَهْوَ ذُو إِمْكَانِ
-
كِتَسَلْسُلِ التَّأْثِيرِ فِي مَسْتَقْبَلٍ * هَلْ بَيْنَ ذَيْنِكَ قَطُّ مِنْ فُرْقَانِ
-
وَاللَّهِ مَا افْتَرَقَا لِذِي عَقْلٍ وَلا * نَقْلٍ وَلَا نَظَرٍ وَلَا بُرْهَانِ
-
فِي سَلْبِ إِمْكَانٍ وَلَا فِي ضِدِّهِ * هَذِهِ الْعُقُولُ وَنَحْنُ ذُو أَذْهَانٍ
-
فَلْيَأْتِ بِالْفُرْقَانِ مَنْ هُوَ فَارِقٌ * فَرْقًا يَبِينُ لِصَالِحِ الْأَذْهَانِ
-
وَلِذَاكَ سَوَّى الجَهْمُ بَيْنَهُمَا كَذَا الْـ * ـعَلَّافُ فِي الْإنْكَارِ وَالْبُطْلَانِ
-
وَلَأَجْلِ ذَٰلِكَ حَكَمَا بِحُكْمٍ بَاطِلٍ * قَطْعًا عَلَى الْجَنَّاتِ وَالنِّيرَانِ
-
فَالْجَهْمُ أَفْنَى الذَّاتَ وَالعَلَّافُ لِلْـ * ـحَرَكَاتِ أَفْنَى قَالَهُ الثَّوْرَانِ
-
وَأَبُو عَليٍّ وَابْنُهُ وَالأشْعَرِيُّ م * وَبَعْدَهُ ابْنُ الطَّيِّبِ الرَّبَّانِي
-
وَجَمِيعُ أَرْبَابِ الْكَلَامِ الْبَاطِلِ الْـ * ـمَذْمُومِ عِندَ أَئِمَّةِ الْإِيمَانِ
-
فَرَقُوا وَقَالُوا ذَاكَ فِيمَا لَمْ يَزَلْ * حَقٌّ وَفِي أَزَلٍ بَلَا إِمْكَانِ
-
قَالُوا: لِأَجْلِ تَنَاقُضِ الْأَزَلِيِّ وَالْـ * إِحْدَاثِ مَا هَذَانِ يَجْتَمِعَانِ
-
لَكِنْ دَوامُ الفِعْلِ فِي مُسْتَقْبَلٍ * مَا فِيهِ مَحْذُورٌ مِنَ النُّكْرانِ
-
فَانْظُرْ إِلَى التَّلْبِيسِ فِي ذَا الْفَرْقِ تَرْ * وِيجًا عَلَى الْعُورَانِ وَالْعُمْيَانِ
-
مَا قَالَ ذُو عَقْلٍ أَنَّ الفَرْدَ ذُو * أَزَلٍ لِذِي ذِهْنٍ وَلَا أَعْيَانِ
-
بَلْ كُلُّ فَرْدٍ فَهْوَ مَسْبُوقٌ بِفَرْ * دٍ قَبْلَهُ أَبَدًا بِلَا حُسْبَانِ
-
وَنَظِيرُ هَذَا كُلُّ فَرْدٍ فَهْوَ مَلْـ * ـحُوقٌ بِفَرْدٍ بَعْدَهُ حُكْمَانِ
-
لِلنَّوْعِ وَالْأَحَادِ مَسْبُوقٌ وَمَلْـ * ـحُوقٌ وَكُلٌّ فَهْوَ مِنْهَا فَانِ
-
وَالنَّوْعُ لَا يَفْنَى أَخِيرًا فَهْوَ لَا * يَفْنَى كَذَلِكَ أَوَّلًا بِبَيَانِ
-
وَتَعَاقُبُ الْآنَاتِ أَمْرٌ ثَابِتٌ * فِي الذِّهْنِ وَهْوَ كَذَاكَ فِي الْأَعْيَانِ
-
فَإِذَا أَبَيْتُمْ ذَا وَقُلْتُمْ أَوَّلُ الْـ * آنَاتِ مُفْتَتَحٌ بِلا نُكْرَانِ
-
مَا كَانَ ذَاكَ الْآنُ مَسْبُوقًا يُرَى * إِلَّا بِسَلْبِ وَجُودِهِ الْحَقَّانِي
-
فَيُقَالُ مَا تَعْنُونَ بِالْآنَاتِ هَلْ * تَعْنُونَ مُدَّةَ هَذِهِ الْأَزْمَانِ
-
مِنْ حِينِ إِحْدَاثِ السَّمَاوَاتِ الْعُلَى * وَالْأَرْضِ وَالْأَفْلَاكِ وَالْقَمَرَانِ
-
وَنَظُنُّكُمْ تَعْنُونَ ذَاكَ وَلَمْ يَكُنْ * مِنْ قَبْلِهَا شَيْءٌ مِنَ الْأَكْوَانِ
-
هَلْ جَاءَكُمْ فِي ذَاكَ مِنْ أَثَرٍ وَمِنْ * نَصٍّ وَمِنْ نَظَرٍ وَمِنْ بُرْهَانِ
-
هَذَا الْكِتَابُ وَهَذِهِ الْآثَارُ وَالْـ * ـمَعْقُولُ فِي الْفَطْرَاتِ وَالْأَذْهَانِ
-
إِنَّا نَحَاكِمُكُمْ إِلَى مَا شِئْتُمُ * مِنْهَا فَحُكْمُ الْحَقِّ ذُو تِبْيَانِ
-
أَوَ لَيسَ خَلْقُ الْكَوْنِ فِي الْأَيَّامِ كَا * نَ وَذَاكَ مَأْخُوذٌ مِنَ الْقُرْآنِ
-
أَوَ لَيْسَ ذَلكُمُ الزَّمَانُ بِمُدَّةٍ * لِحُدُوثِ شَيْءٍ وَهْوَ عَيْنُ زَمَانِ
-
فَحَقِيقَةُ الأَزْمَانِ نِسْبَةُ حَادِثٍ * لِسِوَاهُ تِلْكَ حَقيقَةُ الأَزْمَانِ
-
وَاذْكُرْ حَدِيثَ السَّبْقِ لِلتَّقْدِيرِ وَالتَّـ * ـوْقِيتِ قَبْلَ جَمِيعِ ذِي الْأَعْيَانِ
-
خَمْسِينَ أَلْفًا مِنْ سِنِينَ عَدَّهَا الْـ * ـمُخْتَارُ سَابِقَةً لِذِي الْأَكْوَانِ
-
هَذَا وَعَرْشُ الرَّبِّ فَوْقَ الْمَاءِ مِنْ * قَبْلِ السِّنِينَ بِمُدَّةٍ وَزَمَانِ
-
وَالنَّاسُ مُخْتَلِفُونَ فِي الْقَلَمِ الَّذِي * كُتِبَ الْقَضَاءُ بِهِ مِنَ الدَّيَّانِ
-
هَلْ كَانَ قَبْلَ الْعَرْشِ أَوْ هُوَ بَعْدَهُ * قَوْلَانِ عِندَ أَبِي الْعَلَا الْهَمَذَانِي
-
وَالْحَقُّ أَنَّ الْعَرْشَ قَبْلُ لَأَنَّهُ * قَبْلَ الْكِتَابَةِ كَانَ ذَا أَرْكَانِ
-
وَكِتَابَةُ الْقَلَمِ الشَّرِيفِ تَعَقَّبَتْ * إِيجَادَهُ مِنْ غَيْرِ فَصْلِ زَمَانِ
-
لَمَّا بَراهُ اللّهُ قَالَ اكْتُبْ كَذَا * فَغَدَا بِأَمْرِ اللّهِ ذَا جَرْيَانِ
-
فَجَرَى بِمَا هُوَ كَائِنٌ أَبَدًا إِلَى * يَوْمِ الْمِعَادِ بِقُدْرَةِ الرَّحْمَـٰنِ
-
أَفَكَانَ رَبُّ الْعَرْشِ جَلَّ جَلاَلُهُ * مِنْ قَبْلُ ذَا عَجْزٍ وَذَا نُقْصَانِ
-
أَمْ لَمْ يَزَلْ ذَا قُدْرَةٍ وَالْفِعْلُ مَقْـ * ـدُورٌ لَهُ أَبَدًا وَذُو إِمْكَانِ
-
فَلَئِنْ سَأَلْتَ وَقُلْتَ مَا هَذَا الَّذِي * أَدَّاهُمُ لِخِلَافِ ذَا التَّبْيَانِ
-
وَلَأَيِّ شَيْءٍ لَمْ يَقُولُوا إِنَّهُ * سُبْحَانَهُ هُوَ دَائِمُ الْإِحْسَانِ
-
فَاعْلَمْ أَنَّ الْقَوْمَ لَمَّا أَسَّسُوا * أَصْلَ الْكَلَامِ عَمُوا عَنِ الْقُرْآنِ
-
وَعَنِ الْحَدِيثِ وَمُقْتَضَى الْمَعْقُولِ بَلْ * عَنْ فِطْرَةِ الرَّحْمَـٰنِ وَالْبُرْهَانِ
-
وَبَنَوْا قَوَاعِدَهُمْ عَلَيْهِ فَقَادَهُمْ * قَسْرًا إِلَى التَّعْطِيلِ وَالْبُطْلَانِ
-
نَفْيُ الْقِيَامِ لِكُلِّ أَمْرٍ حَادِثٍ * بِالرَّبِّ خَوْفَ تَسَلْسُلِ الْأَعْيَانِ
-
فَيْسُدُّ ذَاكَ عَلَيْهِمُ فِي زَعْمِهِمْ * إِثْبَاتَ صَانِعِ هَذِهِ الْأَكْوَانِ
-
إِذْ أَثْبَتُوهُ بِكَوْنِ ذِي الْأَجْسَامِ حَا * دِثَةً فَلا تَنْفَكُّ عَنْ حِدْثَانِ
-
فَإِذَا تَسَلْسَلَتِ الْحَوادِثُ لَمْ يَكُنْ * لِحُدُوثِهَا إِذْ ذَاكَ مِنْ بُرْهَانِ
-
فَلْأَجْلِ ذَا قَالُوا التَّسَلُّسُلُ بَاطِلٌ * وَالْجِسْمُ لَا يَخْلُو عَنْ الْحِدْثَانِ
-
فَيَصِحُّ حِينَئِذٍ حُدُوثُ الْجَسَمِ مِنْ * هَذَا الدَّلِيلِ بِوَاضِحِ الْبُرْهَانِ
-
هَذِهِ نِهَايَاتٌ لِأَقْدَامِ الْوَرَى * فِي ذَا الْمَقَامِ الضَّيِّقِ الْأَعْطَانِ
-
فَمَنِ الَّذِي يَأْتِي بِفَتْحٍ بَيِّنٍ * يُنْجِي الْوَرَى مِنْ غَمْرَةِ الْحَيْرَانِ
-
فَاللَّهُ يَجْزِيهِ الَّذِي هُوَ أَهْلُهُ * مِنْ جَنَّةِ الْمَأْوَى مَعَ الرِّضْوَانِ
-
فَاسْمَعْ إِذًا وَافْهَمْ فَذَاكَ مُعَطِّلٌ * وَمُشَبِّهٌ وَهَداكَ ذُو الْغُفْرَانِ
-
هَذَا الدَّلِيلُ هُوَ الَّذِي أَرَادَهُمُ * بَلْ هَدَّ كُلَّ قَوَاعِدِ الْقُرْآنِ
-
وَهُوَ الدَّلِيلُ الْبَاطِلُ الْمَرْدُودُ عِنْـ * ـدَ أئمَّةِ التَّحْقِيقِ وَالْعِرْفَانِ
-
مَا زَالَ أَمْرُ النَّاسِ مُعْتَدِلًا إِلَى * أَنْ دَارَ فِي الْأَوْرَاقِ وَالْأَذْهَانِ
-
وَتَمَكَّنَتْ أَجْزَاؤُهُ بِقُلُوبِهِمْ * فَأَتَتْ لَوَازِمُهُ إِلَى الْإِيمَانِ
-
رَفَعَتْ قَوَاعِدَهُ وَنَحَّتْ أُسَّهُ * فَهَوَى الْبِنَاءُ وَخَرَّ لِلْأَرْكَانِ
-
وَجَنَوْا عَلَى الْإِسْلَامِ كُلَّ جِنَايَةٍ * إِذْ سَلَّطُوا الْأَعْدَاءَ بِالْعُدْوَانِ
-
حَمَلُوا بِأَسْلِحَةِ الْمِحَالِ فَخَانَهُمْ * ذَاكَ السِّلاحُ فَمَا اشْتَفَوْا بِطِعَانِ
-
وَأَتَى الْعَدُوُّ إِلَى سِلَاحِهِمْ فَقَا * تَلَهُمْ بِهِ فِي غَيْبَةِ الْفُرْسَانِ
-
يَا مِحْنَةَ الْإِسْلَامِ وَالْقُرْآنِ مِنْ * جَهْلِ الصَّدِيقِ وَبَغْيِ ذِي طُغْيَانِ
-
وَاللَّهِ لَوْلَا اللَّهُ نَاصِرُ دِينِهِ * وَكِتَابِهِ بِالْحَقِّ وَالْبُرْهَانِ
-
لَتَخَطَّفَتْ أَعْدَاؤُهُ أَرْوَاحَنَا * وَلَقُطِّعَتْ مِنَّا عُرَى الْإِيمَانِ
-
أَيَكُونُ حَقًّا ذَا الدَّلِيلُ وَمَا اهْتَدَى * خَيْرُ الْقُرُونِ لَهُ مُحَالٌ ذَانِ
-
وُفِّقْتُمُ لِلحَقِّ إِذْ حُرِمُوهُ فِي * أَصْلِ الْيَقِينِ وَمَقْعَدِ الْعِرْفَانِ
-
وَهَدَيْتُمُونَا لِلَّذِي لَمْ يَهْتَدُوا * أَبَدًا بِهِ وَاشِدَّةَ الْحِرْمَانِ
-
وَدَخَلْتُمُ لِلْحَقِّ مِنْ بَابٍ وَمَا * دَخَلُوهُ وَاعَجَبَا لِذَا الْخِذْلَانِ
-
وَسَلَكْتُمُ طُرُقَ الْهُدَى وَالْعِلْمِ دُو * نَ الْقَوْمِ وَاعْجَبَا لِذَا الْبُهْتَانِ
-
وَعَرَفْتُمُ الرَّحْمَـٰنِ بِالْأَجْسَامِ وَالْـ * أَعْرَاضِ وَالْحَرَكَاتِ وَالْأَلْوَانِ
-
وَهُمُ فَمَا عَرَفُوهُ مِنْهَا بَلْ مِنَ الْـ * آيَاتِ وَهِيَ فَغَيْرُ ذِي بُرْهَانٍ
-
اللَّهُ أَكْبَرُ أَنْتُمُ أَوْ هُمْ عَلَى * حَقٍّ وَفِي غَيٍّ وَفِي خُسْرَانِ
-
دَعْ ذَا أَلَيْسَ اللهُ قَدْ أَبْدَى لَنَا * حَقَّ الأَدِلَّةِ وَهِيَ فِي الْقُرْآنِ
-
مُتَنَوِّعَاتٌ صُرِّفَتْ وَتَظَاهَرَتْ * مِنْ كُلِّ وَجْهٍ فَهِيَ ذُو أَفْنَانِ
-
مَعْلُومَةٌ لِلْعَقْلِ أَوْ مَشْهُودَةٌ * لِلْحِسِّ أَوْ فِي فِطْرَةِ الرَّحْمَـٰنِ
-
أَسَمِعْتُمُ لِدَلِيلِكُمْ فِي بَعْضِهَا * خَبَرًا أَوَ احْسَسْتُمْ لَهُ بِبَيَانِ
-
أَيَكُونُ أَصْلُ الدِّينِ مَا تَمَّ الْهُدَى * إِلَّا بِهِ وَبِهِ قُوَى الْإِيمَانِ
-
وَسِوَاهُ لَيْسَ بِمُوجِبٍ مَنْ لَمْ يُحِطْ * عِلْمًا بِهِ لَمْ يَنْجُ مِنْ كُفْرَانِ
-
وَاللَّهُ ثُمَّ رَسُولُهُ قَدْ بَيَّنَا * طُرُقَ الْهُدَى فِي غَايَةِ التِّبْيَانِ
-
فَلَأَيِّ شَيْءٍ أَعْرَضَا عَنْهُ وَلَمْ * نَسْمَعْهُ فِي أَثَرٍ وَلَا قُرْآنِ
-
لَكِنْ أَتَانَا بَعْدَ خَيْرِ قُرُونِنَا * وَظُهُورِ أَحْدَاثٍ مِنَ الشَّيْطَانِ
-
وَعَلَى لِسَانِ الجَهْمِ جَاءَ وَحِزْبِهِ * مِنْ كُلِّ صَاحِبِ بَدْعَةٍ حَيْرَانِ
-
وَلِذَٰلِكَ اشْتَدَّ النَّكِيرُ عَلَيْهِمْ * مِنْ سَائِرِ الْعُلَمَاءِ فِي الْبُلْدَانِ
-
صَاحُوا بِهِمْ مِنْ كُلِّ قُطْرٍ بَلْ رَمَوْا * فِي إِثْرِهِمْ بِثَوَاقِبِ الشُّهْبَانِ
-
عَرَفُوا الَّذِي يُفْضِي إِلَيْهِ قَوْلُهُمْ * وَدَلِيلُهُمْ بِحَقيقَةِ العِرْفَانِ
-
وَأَخُو الْجَهَالَةِ فِي خُفَارَةِ جَهْلِهِ * وَالْجَهْلُ قَدْ يُنْجِي مِنَ الْكُفْرَانِ
-
وَاللَّهُ كَانَ وَلَيْسَ شَيْءٌ غَيْرُهُ * وَبَرَى الْبَرِيَّةَ وَهْيَ ذُو حِدْثَانِ
-
فَسَلِ المعطِّلَ هَلْ بَراهَا خَارِجًا * عَنْ ذَاتِهِ أَمْ فِيهِ حَلَّتْ ذَانِ
-
لَا بُدَّ مِنْ إِحْدَاهُمَا أَوْ أَنَّهَا * هِيَ عَيْنُهُ مَا ثَمَّ مَوْجُودَانِ
-
مَا ثَمَّ مَخْلُوقٌ وَخَالِقُهُ وَمَا * شَيءٌ مُغَايِرٌ هَذِهِ الْأَكْوَانِ
-
لَا بُدَّ مِنْ إحْدَى ثَلاثٍ مَا لَهَا * مِنْ رَابِعٍ خَلُّوا عَنْ الرَّوغَانِ
-
وَلِذَاكَ قَالَ مُحَقِّقُ الْقَوْمِ الَّذِي * رَفَعَ الْقَوَاعِدَ مُدَّعِي الْعِرْفَانِ
-
هُوَ عَيْنُ هَذَا الْكَوْنِ لَيْسَ بِغَيْرِهِ * أَنَّى وَلَيْسَ مُبَايِنَ الْأَكْوَانِ
-
كَلَّا وَلَيْسَ مُحَايِثًا أَيْضًا لَهَا * فَهُوَ الْوُجُودُ بِعَيْنِهِ وَعِيَانِ
-
إِنْ لَمْ يَكُنْ فَوْقَ الْخَلَائِقِ رَبُّهَا * فَالْقَوْلُ هَذَا الْقَوْلُ فِي الْمِيزَانِ
-
إِذْ لَيْسَ يُعْقَلُ بَعْدُ إِلَّا أَنَّهُ * قَدْ حَلَّ فِيهَا وَهْيَ كَالأَبْدَانِ
-
وَالرُّوحُ ذَاتُ الْحَقِّ جَلَّ جَلَالُهُ * حَلَّتْ بِهَا كَمَقَالَةِ النَّصْرَانِيِّ
-
فَاحْكُمْ عَلَى مَنْ قَالَ لَيْسَ بِخَارِجٍ * عَنْهَا وَلَا فِيهَا بِحُكْمِ بَيَانِ
-
بِخِلَافِهِ الْوَحْيَيْنِ وَالإِجْمَاعِ وَالْـ * ـعَقْلِ الصَّرِيحِ وَفِطْرَةِ الرَّحْمَـٰنِ
-
فَعَلَيْهِ أَوْقَعَ حَدَّ مَعْدُومٍ بَلَى * حَدَّ الْمُحَالِ بِغَيْرِ مَا فُرْقَانِ
-
يَا لَلْعُقُولِ إِذَا نَفَيْتُمْ مُخْبِرًا * وَنَقِيضَهُ هَلْ ذَاكَ فِي إِمْكَانِ
-
إِذَا كَانَ نَفْيُ دُخُولِهِ وَخُرُوجِهِ * لَا يَصْدُقَانِ مَعًا لَدَى الْإِمْكَانِ
-
إلَّا عَلَى عَدَمٍ صَرِيحٍ نَفْيُهُ * مُتَحَقِّقٌ بِبَدِيهَةِ الْإِنْسَانِ
-
أَيُصِحُّ فِي الْمَعْقُولِ يَا أَهْلَ النُّهَى * ذَاتَانِ لَا بِالْغَيْرِ قَائِمَتَانِ
-
لَيْسَتْ تُبَايِنُ مِنْهُمَا ذَاتٌ لِأَخْـ * ـرَى أَوْ تُحَايِثُهَا فَتَجْتَمِعَانِ
-
إِنْ كَانَ فِي الدُّنْيَا مُحَالٌ فَهْوَ ذَا * فَارْجِعْ إِلَى الْمَعْقُولِ وَالْبُرْهَانِ
-
فَلَئِنْ زَعَمْتُمْ أَنَّ ذَٰلِكَ فِي الَّذِي * هُوَ قَابِلٌ مِنْ جِسْمٍ أَوْ جُسْمَانِ
-
وَالرَّبُّ لَيْسَ كَذَا فَنَفْيُ دُخُولِهِ * وَخُرُوجِهِ مَا فِيهِ مِنْ بُطْلَانِ
-
فِي قَالَ: هَذَا أَوَّلًا مِنْ قَوْلِكُمْ * دَعْوَى مُجَرَّدَةٌ بِلَا بُرْهَانِ
-
ذَاكَ اِصْطِلَاحٌ مِنْ فَرِيقٍ فَارَقُوا الْـ * ـــوَحْيَ الْمُبِينِ لِحِكْمَةِ الْيُونَانِ
-
وَالشَّيْءُ يَصْدُقُ نَفْيُهُ عَنْ قَابِلٍ * وَسِوَاهُ فِي مَعْهُودِ كُلِّ لِسَانِ
-
أَنَسِيتَ نَفْيَ الظُّلْمِ عَنْهُ وَقَوْلَكَ: الـ * ــظُلْمُ الْمُحَالُ وَلَيْسَ ذَا إِمْكَانِ
-
وَنسِيتَ نَفْيَ النَّوْمِ وَالسِّنَةِ الَّتِي * لَيْسَتْ لِرَبِّ الْعَرْشِ فِي الْإِمْكَانِ
-
وَنَسِيتَ نَفْيَ الطَّعْمِ عَنْهُ وَلَيْسَ ذَا * مَقبُولَهُ وَالنَّفْيُ فِي الْقُرْآنِ
-
وَنَسِيتَ نَفْيَ وِلَادَةٍ أَوْ زَوْجَةٍ * وَهُمَا عَلَى الرَّحْمَـٰنِ مَمْتَنِعَانِ
-
وَاللَّهُ قَدْ وَصَفَ الْجَمَادَ بِأَنَّهُ * مَيْتٌ أَصَمُّ وَمَا لَهُ عَيْنَانِ
-
وَكِذَا نَفَى عَنْهُ الشُّعُورَ وَنُطْقَهُ * وَالْخَلْقَ نَفْيًا وَاضِحَ التِّبْيَانِ
-
هَذَا وَلَيْسَ لَهَا قُبُولٌ لِلَّذِي * يُنْفَى وَلَا مِنْ جُمْلَةِ الْحَيَوَانِ
-
وَيُقَالُ أَيْضًا ثَانِيًا لَوْ صَحَّ هَـ * ـذَا الشَّرْطُ كَانَ لِمَا هُمَا ضِدَّانِ
-
لَا فِي النَّقِيضَيْنِ اللَّذَيْنِ كِلَاهُمَا * لَا يَثْبُتَانِ وَلَيْسَ يَرْتَفِعَانِ
-
وَيُقَالُ أَيْضًا نَفْيُكُمْ لِقَبُولِهِ * لَهُمَا يُزِيلُ حَقيقَةَ الإِمْكَانِ
-
بَلْ ذَا كَنَفْيِ قِيَامِهِ بِالنَّفْسِ أَوْ * بِالْغَيْرِ فِي الْفِطْرَاتِ وَالْأَذْهَانِ
-
فَإِذَا الْمُعَطِّلُ قَالَ إِنَّ قِيَامَهُ * بِالنَّفْسِ أَوْ بِالْغَيْرِ ذُو بُطْلَانِ
-
إِذْ لَيْسَ يَقْبَلُ وَاحِدًا مِنْ ذَيْنِكَ الْـ * أَمْرَيْنِ إِلَّا وَهْوَ ذُو إِمْكَانِ
-
جِسْمٌ يَقُومُ بِنَفْسِهِ أَيْضًا كَذَا * عَرَضٌ يَقُومُ بِغَيْرِهِ أَخَوَانِ
-
فِي حُكْمِ إِمْكَانٍ وَلَيْسَ بِوَاجِبٍ * مَا كَانَ فِيهِ حَقيقَةُ الإِمْكَانِ
-
فَكِلَاكُمَا يَنْفِي الْإِلَٰهَ حَقِيقَةً * وَكِلَاكُمَا فِي نَفْيِهِ سِيَّانِ
-
مَاذَا يَرُدُّ عَلَيْهِ مَنْ هُوَ مِثْلُهُ * فِي النَّفْيِ صِرْفًا إِذْ هُمَا عِدْلَانِ
-
وَالْفَرْقُ لَيْسَ بِمُمْكِنٍ لَكَ بَعْدَمَا * ضَاهَيْتَ هَذَا النَّفْيَ فِي الْبُطْلَانِ
-
فَوِزَانُ هَذَا النَّفْي مَا قَدْ قُلْتَهُ * حَرْفًا بِحَرْفٍ أَنتُمَا صِنْوَانِ
-
وَالْخَصْمُ يَزْعُمُ أَنَّ مَا هُوَ قَابِلٌ * لِكِلَيْهِمَا فَكَقَابِلٍ لِمَكَانِ
-
فَافْرُقْ لَنَا فَرْقًا يُبِينُ مَوَاقِعَ الْـ * إِثْبَاتِ وَالتَّعْطِيلِ بِالْبُرْهَانِ
-
أَوْ لَا فَأَعْطِ الْقَوْسَ بَارِيَهَا وَخَلِّ م * الْفَشْرَ عَنْكَ وَكَثْرَةَ الْهَذَيَانِ
-
وَسَلِ المعطِّلَ عَنْ مَسَائِلَ خَمْسَةٍ * تُرْدِي قَوَاعِدَهُ مِنَ الأرْكَانِ
-
قُلْ لِلْمُعَطِّلِ هَلْ تَقُولُ إِلَهُنَا الْـ * ـمَعْبُودُ حَقًّا خَارِجَ الْأَذْهَانِ
-
فَإِذَا نَفَى هَذَا فَذَاكَ مُعَطِّلٌ * لِلرَّبِّ حَقًّا بَالِغُ الْكُفْرَانِ
-
وَإِذَا أَقَرَّ بِهِ فَسَلْهُ ثَانِيًا * أَتَرَاهُ غَيْرَ جَمِيعِ ذِي الْأَكْوَانِ
-
فَإِذَا نَفَى هَذَا وَقَالَ بِأَنَّهُ * هُوَ عَيْنُهَا مَا هَهُنَا غَيْرَانِ
-
فَقَدِ ارْتَدَى بِالِاتِّحَادِ مِصْرِّحًا * بِالْكُفْرِ جَاحِدَ رَبِّهِ الرَّحْمَـٰنِ
-
حَاشَا النَّصَارَى أَنْ يَكُونُوا مِثْلَهُ * وَهُمُ الحَمِيرُ وَعَابِدُو الصُّلْبَانِ
-
هُمْ خَصَّصُوهُ بِالْمَسِيحِ وَأُمِّهِ * وَأُولَاءِ مَا صَانُوهُ عَنْ حَيَوَانِ
-
فَإِذَا أَقَرَّ أَنَّهُ غَيْرُ الْوَرَى * عَبْدٌ وَمَعْبُودٌ هُمَا شَيْئَانِ
-
فَاسْأَلْهُ هَلْ هَذَا الْوَرَى فِي ذَاتِهِ * أَمْ ذَاتُهُ فِيهِ هُنَا أَمْرَانِ
-
فَإِذَا أَقَرَّ بِواحِدٍ مِنْ ذَيْنِكَ الْـ * أَمْرَيْنِ قَبَّلَ خَدَّهُ النَّصْرَانِي
-
وَيَقُولُ أَهْلًا بِالَّذِي هُوَ مِثْلُنَا * خُشْدَاشُنَا وَحَبِيبُنَا الْحَقَّانِي
-
وَإِذَا نَفَى الأَمْرَيْنِ فَاسْأَلْهُ إِذًا * هَلْ ذَاتُهُ اسْتَغْنَتْ عَنْ الأَكْوَانِ
-
فَلِذَاكَ قَامَ بِنَفْسِهِ أَمْ قَامَ بِالْـ * أَعْيَانِ كَالأَعْرَاضِ وَالْأَلْوَانِ
-
فَإِذَا أَقَرَّ وَقَالَ بَلْ هُوَ قَائِمٌ * بِالنَّفْسِ فَاسْأَلْهُ وَقُلْ ذَاتَانِ
-
بِالنَّفْسِ قَائِمَتَانِ أَخْبِرْنِي هُمَا * مِثْلَانِ أَوْ ضِدَّانِ أَوْ غَيْرَانِ
-
وَعَلَى التَّقَادِيرِ الثَّلاثِ فَإنَّهُ * لَوْلَا التَّبَايُنُ لَمْ يَكُنْ شَيْئَانِ
-
ضِدَّانِ أَوْ مِثْلَانِ أَوْ غَيْرَانِ كَا * نَا بَلْ هُمَا لَا شَكَّ مُتَّحِدَانِ
-
فَلِذَاكَ قُلْنَا إِنَّكُمْ بَابٌ لِمَنْ * بِالِاتِّحَادِ يَقُولُ بَلْ بَابَانِ
-
نَقَّطْتُمُ لَهُمُ وَهُمْ خَطُّوا عَلَى * نُقَطٍ لَكُمْ كَمُعَلِّمِ الصِّبْيَانِ
-
وَلَقَدْ أَتَانَا عَشْرُ أَنْوَاعٍ مِنَ الْـ * ـمَنْقُولِ فِي فَوْقِيَّةِ الرَّحْمَـٰنِ
-
مَعَ مِثْلِهَا أَيْضًا تَزِيدُ بِواحِدٍ * هَا نَحْنُ نَسْرُدُهَا بِلَا كِتْمَانِ
-
مِنْهَا اسْتَوَاءُ الرَّبِّ فَوْقَ الْعَرْشِ فِي * سَبْعٍ أَتَتْ فِي مُحْكَمِ الْقُرْآنِ
-
وَلِذَلِكَ اطَّرَدَتْ بِلَا لَامٍ وَلَوْ * كَانَتْ بِمَعْنَى الْلَّامِ فِي الْأَذْهَانِ
-
لَأَتَتْ بِهَا فِي مَوْضِعٍ كَيْ يُحْمَلَ الْـ * ـبَاقِي عَلَيْهَا بِالْبَيَانِ الثَّانِي
-
وَنَظِيرُ ذَا إِضْمَارُهُمْ فِي مَوْضِعٍ * حَمْلًا عَلَى الْمَذْكُورِ فِي التِّبْيَانِ
-
لَا يُضْمِرُونَ مَعَ اطِّرَادٍ دُونَ ذِكْـ * ـرِ الْمَضْمَرِ الْمَحْذُوفِ دُونَ بَيَانِ
-
بَلْ فِي مَحَلِّ الْحَذْفِ يَكْثُرُ ذِكْرُهُ * فَإِذَا هُمُ أَلِفُوهُ إِلِفَ لِسَانِ
-
حَذَفُوهُ تَخْفِيفًا وَإِيجَازًا فَلَا * يَخْفَى الْمُرَادُ بِهِ عَلَى الْإِنْسَانِ
-
هَذَا وَمِنْ عِشْرِينَ وَجْهًا يَبْطُلُ التَّـ * ـفْسِيرُ بِاسْتَوْلَى لِذِي الْعِرْفَانِ
-
قَدْ أُفْرِدَتْ بِمُصَنَّفٍ لِإِمَامِ هَـ * ـذَا الشَّأْنِ بَحْرِ الْعَالَمِ الْحُرَّانِي
-
هَذَا وَثَانِيهَا صَرِيحُ عُلُوِّهِ * وَلَهُ بِحُكْمِ صَرِيحِهِ لَفْظَانِ
-
لَفْظُ العَليِّ وَلَفْظَةُ الأعْلَى مُعَرَّ * فَةً أَتَتْ فِيهِ لِقَصْدِ بَيَانِ
-
أَنَّ العُلُوَّ لَهُ بِمُطْلَقِهِ عَلَى التَّـ * ـعْمِيمِ وَالإطْلَاقِ بِالْبُرْهَانِ
-
وَلَهُ الْعُلُوُّ مِنَ الْوُجُوهِ جَمِيعِهَا * ذَاتًا وَقَهْرًا مَعَ عُلُوِّ الشَّانِ
-
لَكِنْ نُفَاةُ عَلُوِّهِ سَلَبُوهُ إِكْـ * ـمَالَ الْعُلُوِّ فَصَارَ ذَا نُقْصَانِ
-
حَاشَاهُ مِنْ إِفْكِ النُّفَاةِ وَسَلْبِهِمْ * فَلَهُ الْكَمَالُ الْمُطْلَقُ الرَّبَّانِي
-
وَعُلُوُّهُ فَوْقَ الْخَلِيقَةِ كُلِّهَا * فُطِرَتْ عَلَيْهِ الْخَلْقُ وَالثَّقَلَانِ
-
لَا يَسْتَطِيعُ مُعَطِّلٌ تَبْدِيلَهَا * أَبَدًا وَذَلِكَ سُنَّةُ الرَّحْمَـٰنِ
-
كُلٌّ إِذا مَا نَابَهُ أَمْرٌ يُرَى * مُتَوَجِّهًا بِضَرُورَةِ الْإِنْسَانِ
-
نَحْوَ الْعُلُوِّ فَلَيْسَ يَطْلُبُ خَلْفَهُ * وَأَمَامَهُ أَوْ جَانِبَ الْإِنْسَانِ
-
وَنِهَايَةُ الشُّبُهَاتِ تَشْكِيكٌ وَتَخْـ * ـمِيشٌ وَتَغْبِيرٌ عَلَى الْإِيمَانِ
-
لَا تَسْتَطِيعُ تُعَارِضُ الْمَعْلُومَ وَالْـ * ـمَعْقُولَ عِندَ بَدَائِهِ الْأَذْهَانِ
-
فَمِنَ الْمُحَالِ الْقَدْحُ فِي الْمَعْلُومِ بِالشُّـ * ـبُهَاتِ هَذَا بَيِّنٌ الْبُطْلَانِ
-
وَإِذَا الْبَدَائِهُ قَابَلَتْهَا هَذِهِ الشُّـ * ـبُهَاتُ لَمْ تَحْتَجْ إِلَى بُطْلَانِ
-
شَتَّانَ بَيْنَ مَقَالَةٍ أَوْصَى بِهَا * بَعْضٌ لِبَعْضٍ أَوَّلًا لِلثَّانِي
-
وَمَقَالَةٍ فَطَرَ الْإِلَٰهُ عِبَادَهُ * حَقًّا عَلَيْهَا مَا هُمَا عِدْلَانِ
-
هَذَا وَثَالِثُهَا صَريحُ الْفَوْقِ مَصْـ * ـحُوبًا بِمِنْ وَبِدُونِهَا نَوْعَانِ
-
إحْدَاهُمَا هُوَ قَابِلُ التَّأْوِيلِ وَالْـ * أَصْلُ الْحَقِيقَةُ وَحْدَهَا بِبَيَانِ
-
فَإِذَا ادَّعَى تَأْوِيلَ ذَلِكَ مُدَّعٍ * لَمْ تُقْبَلِ الدَّعْوَى بِلَا بُرْهَانِ
-
لَكِنَّمَا الْمَجْرُورُ لَيْسَ بِقَابِلِ التَّـ * ـأْوِيلِ فِي لُغَةٍ وَعُرْفِ لِسَانِ
-
وَأَصِخْ لِفَائِدَةٍ جَلِيلٍ قَدْرُهَا * تَهْدِيكَ لِلْتَّحْقِيقِ وَالْعِرْفَانِ
-
إِنَّ الْكَلَامَ إِذَا أَتَى بِسِيَاقَةٍ * تُبْدِي الْمُرَادَ لِمَنْ لَهُ أَذُنَانِ
-
أَضْحَى كَنَصٍّ قَاطِعٍ لَا يَقْبَلُ التَّـ * ـأْوِيلَ يَعْرِفُ ذَا أُولُو الأَذْهَانِ
-
فَسِيَاقَةُ الألْفَاظِ مِثْلُ شَوَاهِدِ الْـ * أَحْوَالِ إِنَّهُمَا لَنَا صِنْوَانِ
-
إِحْدَاهُمَا لِلْعَيْنِ مَشْهُودًا بِهَا * لَكِنَّ ذَاكَ لِمَسْمَعِ الْإِنْسَانِ
-
فَإِذَا أَتَى التَّأْوِيلُ بَعْدَ سِيَاقَةٍ * تُبْدِي الْمُرَادَ أَتَى عَلَى اسْتِهْجَانِ
-
وَإِذَا أَتَى الْكِتْمَانُ بَعْدَ شَوَاهِدِ الْـ * أَحْوَالِ كَانَ كَأَقْبَحِ الْكِتْمَانِ
-
فَتَأَمَّلِ الأَلْفَاظَ وَانْظُرْ مَا الَّذِي * سِيقَتْ لَهُ إِنْ كُنْتَ ذَا عِرْفَانِ
-
وَالْفَوْقُ وَصْفٌ ثَابِتٌ بِالذَّاتِ مِنْ * كُلِّ الْوُجُوهِ لِفَاطِرِ الْأَكْوَانِ
-
لَكِنْ نُفَاةُ الْفَوْقِ مَا وَفَّوا بِهِ * جَحَدُوا كَمَالَ الْفَوْقِ لِلدَّيَّانِ
-
بَلْ فَسَّرُوهُ بِأَنَّ قَدْرَ الله أَعْـ * ـلَى لَا بِفَوْقِ الذَّاتِ لِلرَّحْمٰنِ
-
قَالُوا وَهَذَا مِثْلُ قَوْلِ النَّاسِ فِي * ذَهَبٍ يُرَى مِنْ خَالِصِ الْعِقْيَانِ
-
هُوَ فَوْقَ جِنْسِ الْفِضَّةِ الْبَيْضَاءِ لَا * بِالذَّاتِ بَلْ فِي مُقْتَضَى الْأَثْمَانِ
-
وَالفَوْقُ أَنْوَاعٌ ثَلاثٌ كُلُّهَا * لِلَّهِ ثَابِتَةٌ بِلَا نُكْرَانِ
-
هَذَا الَّذِي قَالُوا وَفَوْقُ الْقَهْرِ وَالْـ * ـفَوْقِيَّةُ الْعُلْيَا عَلَى الْأَكْوَانِ
-
هَذَا وَرَابِعُهَا عُرُوجُ الرُّوحِ وَالْـ * أَمْلَاكِ صَاعِدَةً إِلَى الرَّحْمَـٰنِ
-
وَلَقدْ أَتَى فِي سُورَتَيْنِ كِلَاهُمَا اشْـ * ـتَمَلَا عَلَى التَّقْدِيرِ بِالْأَزْمَانِ
-
فِي سُورَةٍ فِيهَا الْمَعَارِجُ قُدِّرَتْ * خَمْسِينَ أَلْفًا كَامِلَ الْحُسْبَانِ
-
وَبِسَجْدَةِ التَّنْزِيلِ أَلْفًا قُدِّرَتْ * فَلِأَجْلِ ذَا قَالُوا هُمَا يَوْمَانِ
-
يَوْمُ الْمِعَادِ بِذِي الْمَعَارِجِ ذِكْرُهُ * وَالْيَوْمُ فِي تَنْزِيلَ فِي ذَا الْآنِ
-
وَكِلَاهُمَا عِنْدِي فَيَوْمٌ وَاحِدٌ * وَعُرُوجُهُمْ فِيهِ إِلَى الدَّيَّانِ
-
فَالْأَلِفُ فِيهِ مَسَافَةٌ لِنُزُولِهِمْ * وَصُعُودِهِمْ نَحْوَ الرَّقِيعِ الدَّانِي
-
هَذِهِ السَّمَاءِ فَإِنَّهَا قَدْ قُدِّرَتْ * خَمْسِينَ فِي عَشْرٍ وَذَا ضِعْفَانِ
-
لَكِنَّمَا الْخَمْسُونَ أَلْفَ مَسَافَةُ الْـ * ـسَبْعِ الطِّبَاقِ وَبُعْدُ ذِي الْأَكْوَانِ
-
مِنْ عَرْشِ رَبِّ الْعَالَمِينَ إِلَى الثَّرَى * عِندَ الْحَضِيضِ الْأَسْفَلِ التَّحْتَانِي
-
وَاخْتَارَ هَذَا الْقَوْلَ فِي تَفْسِيرِهِ الْـ * ـبَغَوِيُّ ذَاكَ الْعَالِمُ الرَّبَّانِي
-
وَمُجَاهِدٌ قَدْ قَالَ هَذَا الْقَوْلَ لَـ * ـكِنَّ ابْنَ إِسْحَاقَ الْجَلِيلَ الشَّانِ
-
قَالَ الْمُسَافَةُ بَيْنَنَا وَالْعَرْشِ ذَا الْـ * ـمِقْدَارُ فِي سَيْرٍ مِنَ الْإِنْسَانِ
-
وَالْقَوْلُ الْأَوَّلُ قَوْلُ عِكْرِمَةَ وَقَوْ * لُ قَتَادَةَ وَهُمَا لَنَا عَلَمَانِ
-
وَاخْتَارَهُ الحَسَنُ الرِّضَا وَرَوَاهُ عَنْ * بَحْرِ العُلُومِ مُفَسِّرِ القُرْآنِ
-
وَيُرَجِّحُ الْقَوْلَ الَّذِي قَدْ قَالَهُ * سَادَاتُنَا فِي فَرْقِهِمْ أَمْرَانِ
-
إِحْدَاهُمَا مَا فِي الصَّحِيحِ لِمَانِعٍ * لِزَكَاتِهِ مِنْ هَذِهِ الأَعْيَانِ
-
يُكْوَى بِهَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ ظَهْرُهُ * وَجَبِينُهُ وَكَذَلِكَ الْجَنْبَانِ
-
خَمْسُونَ أَلْفًا قَدْرُ ذَاكَ الْيَوْمِ فِي * هَذَا الْحَدِيثِ وَذَاكَ ذُو تِبْيَانٍ
-
فَالظَّاهِرُ الْيَوْمَانِ فِي الْوَجْهَيْنِ يَوْ * مٌ وَاحِدٌ مَا إِنْ هُمَا يَوْمَانِ
-
قَالُوا وَإِيرَادُ السِّيَاقِ يُبَيِّنُ الْـ * ـمَقْصُودَ مِنْهُ بِأَوْضَحِ التِّبْيَانِ
-
فَانْظُرْ إِلَى الْإِضْمَارِ ضِمْنَ يَرَوْنَهُ * وَنَرَاهُ مَا تَفْسِيرُهُ بِبَيَانِ
-
فَالْيَوْمُ بِالتَّفْسِيرِ أَوْلَى مِنْ عَذَا * بٍ وَاقِعٍ لِلْقُرْبِ وَالْجِيرَانِ
-
وَيَكُونُ ذِكْرُ عُرُوجِهِمْ فِي هَذِهِ الدُّ * نْيَا وَيَوْمَ قِيَامَةِ الْأَبْدَانِ
-
فِنزُولُهُمْ أَيْضًا هُنَالِكَ ثَابِتٌ * كُنُزُولِهِمْ أَيْضًا هُنَا لِلشَّانِ
-
وَعُرُوجُهُمْ بَعْدَ الْقَضَا كَعُرُوجِهِمْ * أَيْضًا هُنَا فَلَهُمْ إِذًا شَأْنَانِ
-
وَيَزُولُ هَذَا السَّقْفُ يَوْمَ مَعَادِنَا * فَعُرُوجُهُمْ لِلْعَرْشِ وَالرَّحْمَـٰنِ
-
هَذَا وَمَا نَضِجَتْ لَدَيَّ وَعِلْمُهَا الْـ * ـمَـوْكُولُ بَعْدُ لِمُنْزِلِ الْقُرْآنِ
-
وَأَعُوذُ بِالرَّحْمَـٰنِ مِنْ جَزْمٍ بِلَا * عِلْمٍ وَهَذَا غَايَةُ الْإِمْكَانِ
-
وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِالْمُرَادِ بِقَوْلِهِ * وَرَسُولُهُ الْمَبْعُوثُ بِالْفُرْقَانِ
-
هَذَا وَخَامِسُهَا صُعُودُ كَلَامِنَا * بِالطَّيِّبَاتِ إِلَيْهِ وَالإحْسَانِ
-
وَكَذَا صُعُودُ الْبَاقِيَاتِ الصَّالِحَا * تِ إِلَيْهِ مِنْ أَعْمَالِ ذِي الْإِيمَانِ
-
وَكَذَا صُعُودُ تَصَدُّقٍ مِنْ طَيِّبٍ * أَيْضًا إِلَيْهِ عِنْدَ كُلِّ أَوَانِ
-
وَكَذَا عُرُوجُ مَلَائِكَةٍ قَدْ وُكِّلُوا * مِنَّا بِأَعْمَالٍ وَهُمْ بَدَلَانِ
-
فَإِلَيْهِ تَعْرُجُ بُكْرَةً وَعَشِيَّةً * وَالصُّبْحُ يَجْمَعُهُمْ عَلَى الْقُرْآنِ
-
كَي يَشْهَدُوهُ وَيَعْرُجُونَ إِلَيْهِ بِالْـ * أَعْمَالِ سُبْحَانَ الْعَظِيمِ الشَّانِ
-
وَكَذَاكَ سَعْيُ اللَّيْلِ يَرْفَعُهُ إِلَى الرَّ * حْمَـٰنِ مِنْ قَبْلِ النَّهَارِ الثَّانِي
-
وَكَذَاكَ سَعْيُ الْيَوْمِ يَرْفَعُهُ لَهُ * مِنْ قَبْلِ لَيْلٍ حَافِظُ الْإِنْسَانِ
-
وَكَذَاكَ مِعْرَاجُ الرَّسُولِ إلَيْهِ حَقًّا * ثَابِتٌ مَا فِيهِ مِنْ نُكْرَانِ
-
بَلْ جَاوَزَ السَّبْعَ الطِّبَاقَ وَقَدْ دَنَا * مِنْهُ إِلَى أَنْ قُدِّرَتْ قَوْسَانِ
-
بَلْ عَادَ مِنْ مُوسَى إِلَيْهِ صَاعِدًا * خَمْسًا عِدَادَ الفَرْضِ فِي الْحُسْبَانِ
-
وَكَذَاكَ رَفْعُ الرُّوحِ عِيسَى الْمُرْتَضَى * حَقًّا إِلَيْهِ جَاءَ فِي الْقُرْآنِ
-
كَذَاكَ تَصْعَدُ رُوحُ كُلِّ مُصَدِّقٍ * لَمَّا تَفُوزُ بِفُرْقَةِ الأَبْدَانِ
-
حَقًّا إِلَيْهِ كَيْ تَفُوزَ بِقُرْبِهِ * وَتَعُودَ يَوْمَ الْعَرْضِ لِلْجُثْمَانِ
-
وَكَذَا دُعَا الْمُضْطَرِّ أَيْضًا صَاعِدٌ * أَبَدًا إِلَيْهِ عِنْدَ كُلِّ أَوَانِ
-
وَكَذَا دُعَا الْمَظْلُومِ أَيْضًا صَاعِدٌ * حَقًّا إِلَيْهِ قَاطِعَ الْأَكْوَانِ
-
هَذَا وَسَادِسُهَا وَسَابِعُهَا النُّزُو * لُ كَذَلِكَ التَّنْزِيلُ لِلْقُرْآنِ
-
وَاللَّهُ أَخْبَرَنَا أَنَّ كِتَابَهُ * تَنْزِيلُهُ بِالْحَقِّ وَالْبُرْهَانِ
-
أَيَكُونُ تَنْزِيلًا وَلَيْسَ كَلَامَ مَنْ * فَوْقَ الْعِبَادِ أَذَاكَ ذُو إِمْكَانِ
-
أَيَكُونُ تَنْزِيلًا مِنَ الرَّحْمَـٰنِ وَالرَّ * حْمَـٰنُ لَيْسَ مُبَايِنَ الْأَكْوَانِ
-
وَكذَا نُزُولُ الرَّبِّ جَلَّ جَلَالُهُ * فِي النِّصْفِ مِنْ لَيْلٍ وَذَاكَ الثَّانِي
-
فَيَقُولُ لَسْتُ بِسَائِلٍ غَيْرِي بِأَحْـ * ـوَالِ الْعِبَادِ أَنَا الْعَظِيمُ الشَّانِ
-
مَنْ ذَاكَ يَسْأَلُنِي فَيُعْطَى سُؤْلَهُ * مَنْ ذَا يَتُوبُ إِلَيَّ مِنْ عِصْيَانِ
-
مَنْ ذَاكَ يَسْأَلُنِي فَأَغْفِرَ ذَنْبَهُ * فَأَنَا الْوَدُودُ الْوَاسِعُ الْغُفْرَانِ
-
مَنْ ذَا يُرِيدُ شِفَاءَهُ مِنْ سُقْمِهِ * فَأَنَا الْقَرِيبُ مُجِيبُ مَنْ نَادَانِي
-
ذَا شَأْنُهُ سُبْحَانَهُ وَبِحَمْدِهِ * حَتَّى يَكُونَ الْفَجْرُ فَجْرًا ثَانِي
-
يَا قَوْمُ لَيْسَ نُزُولُهُ وَعُلُوُّهُ * حَقًّا لَدَيْكُمْ بَلْ هُمَا عَدَمَانِ
-
وَكَذَاكَ لَيْسَ يَقُولُ شَيْئًا عَنْدَكُمْ * لَا ذَا وَلَا قَوْلٌ سِوَاهُ ثَانِ
-
كُلٌّ مَجَازٌ لَا حَقِيقَةَ تَحْتَهُ * أَوِّلْ وَزِدْ وَانقُصْ بِلَا بُرْهَانِ
-
هَذَا وَثَامِنُهَا بِسُورَةِ غَافِرٍ * هُوَ رِفْعَةُ الدَّرَجَاتِ لِلرَّحْمَـٰنِ
-
دَرَجاتُهُ مَرْفُوعَةٌ كَمَعَارِجٍ * أَيْضًا لَهُ وَكِلَاهُمَا رَفْعَانِ
-
وَفَعِيلُ فِيهَا لَيسَ مَعْنَى فَاعِلٍ * وَسِيَاقُهَا يَأْبَاهُ ذُو التِّبْيَانِ
-
لَكِنَّهَا مَرْفُوعَةٌ دَرَجَاتُهُ * لِكَمَالِ رِفْعَتِهِ عَلَى الْأَكْوَانِ
-
هَذَا هُوَ الْقَوْلُ الصَّحِيحُ فَلَا تَحِدْ * عَنْهُ وَخُذْ مَعْنَاهُ فِي الْقُرْآنِ
-
فَنَظِيرُهَا الْمُبْدِي لَنَا تَفْسِيرَهَا * فِي ذِي الْمَعَارِجِ لَيْسَ يَفْتَرِقَانِ
-
وَالرُّوحُ وَالأمْلَاكُ تَصْعَدُ فِي مَعَا * رِجِهِ إِلَيْهِ جَلَّ ذُو السُّلْطَانِ
-
ذَا رِفْعَةُ الدَّرَجَاتِ حَقًّا مَا هُمَا * إِلَّا سَوَاءٌ أَوْ هُمَا شَبْهَانِ
-
فَخُذِ الكِتَابَ بِبَعْضِهِ بَعْضًا كَذَا * تَفْسِيرُ أَهْلِ الْعِلْمِ لِلْقُرْآنِ
-
هَذَا وَتَاسِعُهَا النُّصُوصُ بِأَنَّهُ * فَوْقَ السَّمَاءِ وَذَا بِلَا حُسْبَانِ
-
فَاسْتَحْضِرِ الْوَحْيَيْنِ وَانْظُرْ ذَاكَ تَلْـ * ـقَاهُ مُبِينًا وَاضِحَ التِّبْيَانِ
-
وَلَسَوْفَ نَذْكُرُ بَعْضَ ذَٰلِكَ عَنْ قَرِيـ * ـبٍ كَيْ تَقُومَ شَوَاهِدُ الإِيمَانِ
-
وَإِذَا أَتَتْ فِي لَا تَكُنْ مُسْتَوْحِشًا * مِنْهَا وَلَا تَكُ عِندَهَا بِجَبَانِ
-
لَيسَتْ تَدُلُّ عَلَى انْحِصَارِ إِلَهِنَا * عَقْلًا وَلَا عُرْفًا وَلَا بِلِسَانِ
-
إِذْ أَجْمَعَ السَّلَفُ الْكِرَامُ بِأَنَّ مَعْـ * ـنَاهَا كَمَعْنَى فَوْقَ بِالْبُرْهَانِ
-
أَوْ أَنَّ لَفْظَ سَمَائِهِ يُعْنَى بِهِ * نَفْسُ الْعُلُوِّ الْمُطْلَقِ الْحَقَّانِي
-
وَالرَّبُّ فِيهِ وَلَيْسَ يَحْصُرُهُ مِنَ الْـ * ـمَخْلُوقِ شَيْءٌ عَزَّ ذُو السُّلْطَانِ
-
كُلُّ الجِهَاتِ بِأَسْرِهَا عَدَمِيَّةٌ * فِي حَقِّهِ هُوَ فَوْقَهَا بِبَيَانِ
-
قَدْ بَانَ عَنْهَا كُلِّهَا فَهُوَ الْمُحِيـ * ـطُ وَلَا يُحَاطُ بِخَالِقِ الْأَكْوَانِ
-
مَا ذَاكَ يَنْقِمُ بَعْدُ ذُو التَّعْطِيلِ مِنْ * وَصْفِ الْعُلُوِّ لِرَبِّنَا الرَّحْمَـٰنِ
-
أَيَرُدُّ ذُو عَقْلٍ سَلِيمٍ قَطُّ ذَا * بَعْدَ التَّصَوُّرِ يَا أُولِي الأَذْهَانِ
-
وَاللَّهِ مَا رَدَّ امْرُؤٌ هَذَا بِغَيْـ * ـرِ الجَهْلِ أَوْ بِحَمِيَّةِ الشَّيْطَانِ
-
هَذَا وَعَاشِرُهَا اخْتِصاصُ الْبَعْضِ مِنْ * أَمْلَاكِهِ بِالْعِنْدِ لِلرَّحْمَـٰنِ
-
وَكَذَا اخْتِصَاصُ كِتَابِ رَحْمَتِهِ بِعِنْـ * ـدِ اللَّهِ فَوْقَ الْعَرْشِ ذُو تِبْيَانِ
-
لَوْ لَمْ يَكُنْ سُبْحَانَهُ فَوْقَ الوَرَى * كَانُوا جَمِيعًا عِنْدَ ذِي السُّلْطَانِ
-
وَيكُونُ عِندَ اللهِ إِبْلِيسٌ وَجِبْـ * ـرِيلٌ هُمَا فِي الْعِنْدِ مُسْتَوِيَانِ
-
وَتَمَامُ ذَاكَ الْقَوْلِ أَنَّ مَحَبَّةَ الرَّ * حْمَـٰنِ عَيْنُ إِرَادَةِ الْأَكْوَانِ
-
وَكِلَاهُمَا مَحْبُوبُهُ وَمُرَادُهُ * وَكِلَاهُمَا هُوَ عِندَهُ سِيَّانِ
-
إِنْ قُلْتُمُ عِنْدِيَّةُ التَّكْوِينِ فَالذَّ * اتَانِ عِنْدَ اللَّهِ مَخْلُوقَانِ
-
أَوْ قُلْتُمُ عِنْدِيَّةُ التَّقْرِيبِ تَقْـ * ـرِيبُ الحَبِيبِ وَمَا هُمَا عِدْلَانِ
-
فَالحُبُّ عِنْدَكُمُ الْمَشِيئَةُ نَفْسُهَا * وَكِلَاهُمَا فِي حُكْمِهَا مِثْلَانِ
-
لَكِنَّ مُنَازِعَكُمْ يَقُولُ بِأَنَّهَا * عِنْدِيَّةٌ حَقًّا بِلَا رَوَغَانِ
-
جَمعَتْ لَهُ حُبَّ الإلهِ وَقُرْبَهُ * مِنْ ذَاتِهِ وَكَرَامَةَ الإِحْسَانِ
-
وَالحُبُّ وَصْفٌ وَهْوَ غَيْرُ مَشِيئَةٍ * وَالعِنْدُ قُرْبٌ ظَاهِرُ التِّبْيَانِ
-
هَذَا وَحَادِي عَشْرَةٌ إِشَارَةٌ * نَحْوَ الْعُلُوِّ بِإِصْبَعٍ وَبَنَانِ
-
لِلَّهِ جَلَّ جَلَالُهُ لَا غَيْرِهِ * إِذْ ذَاكَ إِشْرَاكٌ مِنَ الْإِنْسَانِ
-
وَلَقَدْ أَشَارَ رَسُولُهُ فِي مَجْمَعِ الْـ * حَجِّ الْعَظِيمِ بِمَوْقِفِ الْغُفْرَانِ
-
نَحْوَ السَّمَاءِ بِإِصْبَعٍ قَدْ كُرِّمَتْ * مُسْتَشْهِدًا لِلْوَاحِدِ الرَّحْمَـٰنِ
-
يَا رَبِّ فَاشْهَدْ أَنَّنِي بَلَّغْتُهُمْ * وَيُشِيرُ نَحْوَهُمُ لِقَصْدِ بَيَانِ
-
فَغَدًا الْبَنَانُ مُرَفَّعًا وَمُصَوَّبًا * صَلَّى عَلَيْكَ اللَّهُ ذُو الْغُفْرَانِ
-
أَدَّيْتَ ثُمَّ نَصَحْتَ إِذْ بَلَّغْتَنَا * حَقَّ الْبَلَاغِ الْوَاجِبِ الشُّكْرَانِ
-
هَذَا وَثَانِيَ عَشْرَهَا وَصْفُ الظُّهُو * رِ لَهُ كَمَا قَدْ جَاءَ فِي الْقُرْآنِ
-
وَالظَّاهِرُ الْعَالِي الَّذِي مَا فَوْقَهُ * شَيْءٌ كَمَا قَدْ قَالَ ذُو الْبُرْهَانِ
-
حَقًّا رَسُولُ اللهِ ذَا تَفْسِيرُهُ * وَلَقَدْ رَوَاهُ مُسْلِمٌ بِضَمَانِ
-
فَاقْبَلْهُ لَا تَقْبَلْ سِوَاهُ مِنَ التَّفَا * سِيرِ الَّتِي قِيلَتْ بِلَا بُرْهَانِ
-
وَالشَّيْءُ حِينَ يَتِمُّ مِنْهُ عُلُوُّهُ * فَظُهُورُهُ فِي غَايَةِ التَّبْيَانِ
-
أَوَ مَا تَرى هَذِي السَّمَا وَعُلُوَّهَا * وَظُهُورَهَا وَكَذَلِكَ القَمَرَانِ
-
وَالعَكْسُ أَيْضًا ثَابِتٌ فَسُفُولُهُ * وَخَفَاؤُهُ إِذْ ذَاكَ مُصطَحِبَانِ
-
فَانْظُرْ إلَى عُلْوِ المُحِيطِ وَأَخْذِهِ * صِفَةَ الظُّهُورِ وَذَاكَ ذُو تَبْيَانِ
-
وَانْظُرْ خَفَاءَ الْمَركَزِ الْأَدْنَى وَوَصْـ * ـفِ السُّفْلِ مِنْهُ وَكَوْنَهُ تَحْتَانِي
-
وَظُهُورُهُ سُبْحَانَهُ بِالذَّاتِ مِثْـ * ـلُ عُلُوِّهِ فَهُمَا لَهُ صِفَتَانِ
-
لَا تَجْحَدَنَّهُمَا جُحُودَ الجَهْمِ أَوْ * صَافَ الكَمَالِ تَكُونُ ذَا بُهْتَانِ
-
وَظُهُورُهُ هُوَ مُقْتَضٍ لِعُلُوِّهِ * وَعُلُوُّهُ لِظُهُورِهِ بِبَيَانِ
-
وَلِذَاكَ قَدْ دَخَلَتْ هُنَاكَ الْفَاءُ لِلْتَّـ * ـسْبِيبِ مُؤْذِنَةً بِهَذَا الشَّانِ
-
فَتَأمَّلُوا تَفْسِيرَ أَعْلَمِ خَلْقِهِ * بِصِفَاتِهِ مَنْ جَاءَ بِالْقُرْآنِ
-
إِذْ قَالَ أَنْتَ كَذَا فَلَيْسَ لِضِدِّهِ * أَبَدًا إِلَيْكَ تَطَرُّقُ الإتْيَانِ
-
هَذَا وَثَالِثَ عَشْرَهَا إِخْبَارُهُ * أَنَّا نَرَاهُ بِجَنَّةِ الْحَيَوَانِ
-
فَسَلِ المعَطِّلَ هَلْ يُرَى مِن تَحْتِنَا * أَمْ عَنْ شَمَائِلِنَا وَعَنْ أَيْمَانِ
-
أَمْ خَلْفَنَا وَأَمَامَنَا سُبْحَانَهُ * أَمْ هَلْ يُرَى مِنْ فَوْقِنَا بِبَيَانِ
-
يَا قَوْمُ مَا فِي الأَمْرِ شَيْءٌ غَيْرُ ذَا * أَوْ أَنَّ رُؤْيَتَهُ بِلَا إِمْكَانِ
-
إِذْ رُؤْيَةٌ لَا فِي مُقَابَلَةٍ مِنَ الرَّ * ائِي مُحَالٌ لَيْسَ فِي الْإِمْكَانِ
-
وَمَنِ ادَّعَى شَيْئًا سِوَى ذَا كَانَ دَعْـ * ـوَاهُ مُكَابَرةً عَلَى الأذْهَانِ
-
وَلِذَاكَ قَالَ مُحَقِّقٌ مِنْكُمْ لِأَهْـ * ـلِ الْاعْتِزَالِ مَقَالَةً بِأَمَانِ
-
مَا بَيْنَنَا خُلْفٌ وَبَيْنَكُمُ لَدَى التَّـ * ـحْقِيقِ فِي مَعْنًى فَيَا إِخْوَانِي
-
شُدُّوا بِأَجْمَعِينَا لِنَحْمِلَ حَمْلَةً * تَذَرُ الْمُجَسِّمَ فِي أَذَلِّ هَوَانِ
-
إِذْ قَالَ إِنَّ إِلَهَهُ حَقًّا يُرَى * يَوْمَ الْمَعَادِ كَمَا يُرَى الْقَمَرَانِ
-
وَتَصِيرُ أَبْصَارُ الْعِبَادِ نَوَاظِرًا * حَقًّا إِلَيْهِ رُؤْيَةً بِعِيَانِ
-
لَا رَيْبَ أَنَّهُمُ إِذَا قَالُوا بِذَا * لَزِمَ الْعُلُوُّ لِفَاطِرِ الْأَكْوَانِ
-
وَيكُونُ فَوْقَ الْعَرْشِ جَلَّ جَلَالُهُ * فَلِذَاكَ نَحْنُ وَحِزْبُهُمْ خَصْمَانِ
-
لَكِنَّنَا سِلْمٌ وَأَنتُمْ إِذْ تَسَا * عَدْنَا عَلَى نَفْيِ الْعُلُوِّ لِرَبِّنَا الرَّحْمَـٰنِ
-
فَعُلُوُّهُ عَيْنُ المُحَالِ وَلَيْسَ فَوْ * قَ الْعَرْشِ مِنْ رَبٍّ وَلَا دَيَّانِ
-
لَا تَنْصِبُوا مَعَنا الْخِلَافَ فَمَا لَهُ * طَعْمٌ فَنَحْنُ وَأَنْتُمْ سِلْمَانِ
-
هَذَا الَّذِي وَاللَّهِ مُودَعُ كُتْبِهِمْ * فَانْظُرْ تَرَى يَا مَنْ لَهُ عَيْنَانِ
-
هَذَا وَرَابِعَ عَشْرَهَا إِقْرَارُ سَا * ئِلِهِ بِلَفْظِ الأَيْنَ لِلرَّحْمَـٰنِ
-
وَلَقَدْ رَوَاهُ أَبُو رَزِينٍ بَعْدَمَا * سَأَلَ الرَّسُولَ بِلَفْظِهِ بَوِزَانِ
-
وَرَوَاهُ تَبْلِيغًا لَهُ وَمُقَرِّرًا * لَمَّا أَقَرَّ بِهِ بِلَا نُكْرَانِ
-
هَذَا وَمَا كَانَ الجَوَابُ جَوابَ مَنْ * لَكِنْ جَوَابَ اللَّفْظِ بِالمِيزَانِ
-
كَلَّا وَلَيْسَ لِمَنْ دُخُولٌ قَطُّ فِي * هَذَا السِّيَاقِ لِمَن لَهُ أُذُنَانِ
-
دَعْ ذَا فَقَدْ قَالَ الرَّسُولُ بِنَفْسِهِ * أَيْنَ الإِلَهُ لِعَالِمٍ بِلِسَانِ
-
وَاللَّهِ مَا قَصَدَ الْمُخَاطِبُ غَيْرَ مَعْـ * ـنَاهَا الَّذِي وُضِعَتْ لَهُ الْحَقَّانِي
-
وَاللَّهِ مَا فَهِمَ الْمُخَاطَبُ غَيْرَهُ * وَاللَّفْظُ مَوْضُوعٌ لِقَصْدِ بَيَانِ
-
يَا قَوْمُ لَفْظُ "الأيْنِ" مُمْتَنِعٌ عَلَى الرَّ * حْمَـٰنِ عِنْدَكُمُ وَذُو بُطْلَانِ
-
وَيَكَادُ قَائِلُكُمْ يُكفِّرُنَا بِهِ * بَلْ قَدْ وَهَذَا غَايَةُ الْعُدْوَانِ
-
لَفْظٌ صَرِيحٌ جَاءَ عَنْ خَيْرِ الوَرَى * قَوْلًا وَإِقْرَارًا هُمَا نَوْعَانِ
-
وَاللَّهِ مَا كَانَ الرَّسُولُ بِعَاجِزٍ * عَنْ لَفْظِ مَنْ مَعَ أَنَّهَا حَرْفَانِ
-
وَالْأَيْنُ أَحْرُفُهَا ثَلَاثٌ وَهِيَ ذُو * لَبْسٍ وَمَنْ فِي غَايَةِ التِّبْيَانِ
-
وَاللَّهِ مَا الْمَلَكَانِ أَفْصَحَ مِنْهُ إِذْ * فِي الْقَبْرِ مَنْ رَبُّ الْوَرَى يَسَلَانِ
-
وَيقُولُ أَيْنَ اللهُ يَعْنِي مَنْ فَلَا * وَاللَّهِ مَا اللَّفظَانِ مُتَّحِدَانِ
-
كَلَّا وَلَا مَعْنَاهُمَا أَيْضًا لِذِي * لُغَةٍ وَلَا شَرْعٍ وَلَا إِنْسَانِ
-
هَذَا وَخَامِسَ عَشْرَهَا الإِجْمَاعُ مِنْ * رُسُلِ الإِلهِ الْواحِدِ الْمَنَّانِ
-
فَالْمُرْسَلُونَ جَمِيعُهُمْ مَعَ كُتُبِهِمْ * قَدْ صَرَّحُوا بِالْفَوْقِ لِلرَّحْمَـٰنِ
-
وَحَكَى لَنَا إِجْمَاعَهُمْ شَيْخُ الْوَرَى * وَالدِّينِ عَبْدُ الْقَادِرِ الْكَيْلَانِي
-
وَأَبُو الْوَلِيدِ الْمَالِكِي أَيْضًا حَكَى * إِجْمَاعَهُمْ أَعْنِي ابْنَ رُشْدِ الثَّانِي
-
وَكَذَا أَبُو الْعَبَّاسِ أَيْضًا قَدْ حَكَى * إِجْمَاعَهُمْ عَلَمُ الْهُدَى الْحَرَّانِي
-
وَلَهُ اطِّلَاعٌ لَمْ يَكُنْ مِنْ قَبْلِهِ * لِسِوَاهُ مِنْ مُتَكَلِّمٍ وَلِسَانِ
-
هَذَا وَنَقْطَعُ نَحْنُ أَيْضًا أَنَّهُ * إِجْمَاعُهُمْ قَطْعًا عَلَى الْبُرْهَانِ
-
وَكَذَاكَ نَقْطَعُ أَنَّهُمْ جَاؤُوا بِإِثْـ * ـبَاتِ الصِّفَاتِ لِخَالِقِ الْأَكْوَانِ
-
وَكَذَاكَ نَقْطَعُ أَنَّهُمْ جَاؤُوا بِإِثْـ * ـبَاتِ الْكَلَامِ لِرَبِّنَا الرَّحْمَـٰنِ
-
وَكَذَاكَ نَقْطَعُ أَنَّهُمْ جَاؤُوا بِإِثْـ * ـبَاتِ الْمِعَادِ لِهَذِهِ الْأَبْدَانِ
-
وَكَذَاكَ نَقْطَعُ أَنَّهُمْ جَاءُوا بِتَوْ * حِيدِ الْإِلَهِ وَمَا لَهُ مِنْ ثَانِ
-
وَكَذَاكَ نَقْطَعُ أَنَّهُمْ جَاؤُوا بِإِثْـ * ـبَاتِ الْقَضَاءِ وَمَا لَهُمْ قَوْلَانِ
-
فَالرُّسُلُ مُتَّفِقُونَ قَطْعًا فِي أُصُو * لِ الدِّينِ دُونَ شَرَائِعِ الإيمَانِ
-
كُلٌّ لَهُ شَرْعٌ وَمِنْهَاجٌ وَذَا * فِي الأَمْرِ لَا التَّوْحِيدِ فَافْهَمْ ذَانِ
-
فَالْدِّينُ فِي التَّوْحِيدِ دِينٌ وَاحِدٌ * لَمْ يَخْتَلِفْ مِنْهُمْ عَلَيْهِ اثْنَانِ
-
دِينُ الإلَهِ اخْتَارَهُ لِعِبَادِهِ * وَلِنَفْسِهِ هُوَ قَيِّمُ الأَدْيَانِ
-
فَمِنَ الْمُحَالِ أَنْ يَكُونَ لِرُسْلِهِ * فِي وَصْفِهِ خَبَرَانِ مُخْتَلِفَانِ
-
وَكَذَاكَ نَقْطَعُ أَنَّهُمْ جَاؤُوا بِعَدْ * لِ اللَّهِ بَيْنَ طَوَائِفِ الْإِنْسَانِ
-
وَكَذَاكَ نَقْطَعُ أَنَّهُمْ أَيْضًا دَعَوْا * لِلْخَمْسِ وَهِيَ قَوَاعِدُ الْإِيمَانِ
-
إِيمَانُنَا بِاللَّهِ ثُمَّ بِرُسْلِهِ * وَبِكُتْبِهِ وَقِيَامَةِ الْأَبْدَانِ
-
وَبِجُنْدِهِ وَهُمُ الْمَلَائِكَةُ الْأُلَى * هُمْ رُسْلُهُ لِمَصَالِحِ الْأَكْوَانِ
-
هَذِي أُصُولُ الدِّينِ حَقًّا لَا الأُصُو * لُ الخَمْسُ لِلْقَاضِي هُوَ الهَمَذَانِي
-
تِلْكَ الأُصُولُ لِلِاعْتِزَالِ وَكَمْ لَهَا * فَرْعٌ فَمِنْهُ الْخَلْقُ لِلْقُرْآنِ
-
وَجُحُودُ أَوْصَافِ الْإِلَهِ وَنَفْيُهُمْ * لِعُلُوِّهِ وَالْفَوْقِ لِلرَّحْمَـٰنِ
-
وَكَذَاكَ نَفْيُهُمُ لِرُؤْيَتِنَا لَهُ * يَوْمَ اللِّقَاءِ كَمَا يُرَى الْقَمَرَانِ
-
وَنَفَوْا قَضَاءَ الرَّبِّ وَالْقَدَرَ الَّذِي * سَبَقَ الْكِتَابُ بِهِ هُمَا حَتْمَانِ
-
مِنْ أَجْلِ هَاتِيكَ الْأَصُولِ وَخَلَّدُوا * أَهْلَ الْكَبَائِرِ فِي لَظَى النِّيرَانِ
-
وَلَأَجْلِهَا نَفَوُا الشَّفَاعَةَ فِيهِمُ * وَرَمَوْا رُوَاةَ حَدِيثِهَا بِطِعَانِ
-
وَلَأَجْلِهَا قَالُوا بِأَنَّ اللَّهَ لَمْ * يَقْدِرْ عَلَى إِصْلَاحِ ذِي الْعِصْيَانِ
-
وَلَأَجْلِهَا قَالُوا بِأَنَّ اللَّهَ لَمْ * يَقْدِرْ عَلَى إِيمَانِ ذِي الْكُفْرَانِ
-
وَلِأَجْلِهَا حَكَمُوا عَلَى الرَّحْمَـٰنِ بِالشَّـ * ـرْعِ الْمُحَالِ شَرِيعَةِ الْبُهْتَانِ
-
وَلِأَجْلِهَا هُمْ يُوجِبُونَ رِعَايَةً * لِلْأَصْلَحِ الْمَوْجُودِ فِي الْإِمْكَانِ
-
حَقًّا عَلَى رَبِّ الْوَرَى بِعُقُولِهِم * سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ ذَا السُّبْحَانِ
-
هَذَا وَسَادِسَ عَشْرَهَا إِجْمَاعُ أَهْـ * ـلِ العِلْمِ أَعْنِي حُجَّةَ الأَزْمَانِ
-
مِنْ كُلِّ صَاحِبِ سُنَةٍ شَهدَتْ لَهُ * أَهْلُ الحَدِيثِ وَعَسْكَرُ القُرْآنِ
-
لَا عِبْرَةَ بِمُخَالِفٍ لَهُمُ وَلَوْ * كَانُوا عَدِيدَ الشَّاءِ وَالْبُعْرَانِ
-
أَنَّ الَّذِي فَوْقَ السَّمَاوَاتِ الْعُلَى * وَالْعَرْشِ وَهْوَ مُبَايِنٌ الْأَكْوَانِ
-
هُوَ رَبُّنَا سُبْحَانَهُ وَبِحَمْدِهِ * حَقًّا عَلَى الْعَرْشِ اسْتِوَا الرَّحْمَـٰنِ
-
فَاسْمَعْ إِذًا أَقْوَالَهُمْ وَاشْهَدْ عَلَيْـ * ـهِمْ بَعْدَهَا بِالْكُفْرِ وَالْإِيمَانِ
-
وَاقْرَأْ تَفَاسِيرَ الأئمَّةِ ذَاكِرِي الْـ * إِسْنَادِ فَهْيَ هِدَايَةُ الْحَيْرَانِ
-
وَانْظُرْ إِلَى قَوْلِ ابْنِ عَبَّاسٍ بِتَفْـ * ـسِيرِ اسْتَوَى إِنْ كُنتَ ذَا عِرْفَان
-
وَانْظُرْ إِلَى أَصْحَابِهِ مِنْ بَعْدِهِ * كَمُجَاهِدٍ وَمُقَاتِلٍ حَبْرَانِ
-
وَانْظُرْ إِلَى الْكَلْبِيِّ أَيْضًا وَالَّذِي * قَدْ قَالَهُ مِنْ غَيْرِ مَا نُكْرَانِ
-
وَكَذَا رُفَيعُ التَّابِعِيُّ أَجَلُّهُم * ذَاكَ الرِّيَاحِيُّ العَظِيمُ الشَّانِ
-
كَمْ صَاحِبٍ أَلْقَى إِلَيْهِ عِلْمَهُ * فَلِذَاكَ مَا اخْتَلَفَتْ عَلَيْهِ اثْنَانِ
-
فَلْيَهْنِ مَنْ قَدْ سَبَّهُ إِذْ لَمْ يُوَا * فِقْ قَوْلَهُ تَحْرِيفَ ذِي الْبُهْتَانِ
-
فَلَهُمْ عِبَارَاتٌ عَلَيْهَا أَرْبَعٌ * قَدْ حُصِلَتْ لِلْفَارِسِ الطَّعَّانِ
-
وَهيَ اسْتَقَرَّ وَقَدْ عَلَا وَكَذَلِكَ ارْ * تَفَعَ الَّذِي مَا فِيهِ مِنْ نُكْرَانِ
-
وَكَذَاكَ قَدْ صَعِدَ الَّذِي هُوَ رَابِعٌ * وَأَبُو عُبَيْدَةَ صَاحِبُ الشَّيْبَانِي
-
يَخْتَارُ هَذَا الْقَوْلَ فِي تَفْسِيرِهِ * أَدْرَى مِنَ الْجَهْمِيِّ بِالْقُرْآنِ
-
وَالأَشْعَرِيُّ يَقُولُ تَفْسِيرُ اسْتَوَى * بِحَقِيقَةِ اسْتَوْلَى مِنَ الْبُهْتَانِ
-
هُوَ قَوْلُ أَهْلِ الْاعْتِزَالِ وَقَوْلُ أَتْـ * ـبَاعٍ لِجَهْمٍ وَهْوَ ذُو بُطْلَانِ
-
فِي كُتْبِهِ قَدْ قَالَ ذَا مِنْ مُوجَزٍ * وَإِبَانَةٍ وَمَقَالَةٍ بِبَيَانِ
-
وَكَذَلِكَ الْبَغَوِيُّ أَيْضًا قَدْ حَكَاهُ * عَنْهُمُ بِمَعَالِمِ الْقُرْآنِ
-
وَانْظُرْ كَلَامَ إِمَامِنَا هُوَ مَالِكٌ * قَدْ صَحَّ عَنْهُ قَوْلُ ذِي إِتْقَانِ
-
فِي الْاسْتِوَاءِ بِأَنَّهُ الْمَعْلُومُ لَـ * ـكَنْ كَيْفُهُ خَافٍ عَلَى الْأَذْهَانِ
-
وَرَوَى ابْنُ نَافِعٍ الصَّدُوقُ سَمَاعَهُ * مِنْهُ عَلَى التَّحْقِيقِ وَالإتْقَانِ
-
اللَّهُ حَقًّا فِي السَّمَاءِ وَعِلْمُهُ * سُبْحَانَهُ حَقًّا بِكُلِّ مَكَانِ
-
فَانْظُرْ إِلَى التَّفْرِيقِ بَيْنَ الذَّاتِ وَالْـ * ـمَعْلُومِ مِنْ ذَا الْعَالِمِ الرَّبَّانِي
-
فَالذَّاتُ خُصَّتْ بِالسَّمَاءِ وَإِنَّمَا الْـ * ـمَعْلُومُ عَمَّ جَمِيعَ ذِي الْأَكْوَانِ
-
ذَا ثَابِتٌ عَنْ مَالِكٍ مَنْ رَدَّهُ * فَلَسَوْفَ يَلْقَى مَالِكًا بِهَوَانِ
-
وَكَذَاكَ قَالَ التِّرْمِذِيُّ بِجَامِعٍ * عَنْ بَعْضِ أَهْلِ الْعِلْمِ وَالْإِيمَانِ
-
اللَّهُ فَوْقَ الْعَرْشِ لَكِنَّ عِلْمَهُ * مَعَ خَلْقِهِ تَفْسِيرَ ذِي إِيمَانِ
-
وَكَذَٰلِكَ أَوْزَاعِيُّهُمْ أَيْضًا حَكَى * عَنْ سَائِرِ العُلَمَاءِ فِي الْبُلْدَانِ
-
مِنْ قَرنِهِ وَالتَّابِعُونَ جَمِيعُهُمْ * مُتَوافِرُونَ وَهُمْ أَوْلُو العِرْفَانِ
-
إِيمَانَهُم بِعُلُوِّهِ سُبْحَانَهُ * فَوْقَ الْعِبَادِ وَفَوْقَ ذِي الْأَكْوَانِ
-
وَكَذَلِكَ قَالَ الشَّافِعِيُّ حَكَاهُ عَنْـ * ـهُ الْبَيْهَقِيُّ وَشَيْخُهُ الرَّبَّانِي
-
حَقًّا قَضَى اللَّهُ الْخِلَافَةَ رَبَّنَا * فَوْقَ السَّمَاءِ لِأَصْدَقِ الْعُبْدَانِ
-
حِبُّ الرَّسُولِ وَقَائِمٌ مِنْ بَعْدِهِ * بِالْحَقِّ لَا فَشِلٌ وَلَا مُتَوَان
-
فَانظُرْ إِلَى الْمَقْضِيِّ فِي ذِي الْأَرْضِ لِـ * ـكُنْ فِي السَّمَاءِ قَضَاءُ ذِي السُّلطَانِ
-
وَقَضَاؤُهُ وَصْفٌ لَهُ لَمْ يَنْفَصِلْ * عَنْهُ وَهَذَا وَاضِحُ الْبُرْهَانِ
-
وَكَذَلِكَ النُّعْمَانُ قَالَ وَبَعْدَهُ * يَعْقُوبُ وَالْأَلْفَاظُ لِلنُّعْمَانِ
-
مَنْ لَمْ يُقِرَّ بِعَرْشِهِ سُبْحَانَهُ * فَوْقَ السَّمَاءِ وَفَوْقَ كُلِّ مَكَانِ
-
وَيُقِرُّ أَنَّ اللَّهَ فَوْقَ الْعَرْشِ لَا * يَخْفَى عَلَيْهِ هَوَاجِسُ الْأَذْهَانِ
-
فَهُوَ الَّذِي لَا شَكَّ فِي تَكْفِيرِهِ * لِلَّهِ دَرُّكَ مِنْ إِمَامِ زَمَانِ
-
هَذَا الَّذِي فِي الفِقْهِ الأَكْبَرِ عِندَهُمْ * وَلَهُ شُرُوحٌ عِدَّةٌ لِبَيَانِ
-
وَانظُرْ مَقَالَةَ أَحْمَدٍ وَنُصُوصَهُ * فِي ذَاكَ تَلْقَاهَا بِلَا حُسْبَانِ
-
فَجَمِيعُهَا قَدْ صَرَّحَتْ بِعُلُوهِ * وَبِالِاسْتِوَاءِ وَالْفَوْقِ لِلرَّحْمَـٰنِ
-
وَلَهُ نُصُوصٌ وَارِدَاتٌ لَمْ تَقَعْ * لِسِوَاهُ مِنْ فُرْسَانِ هَذَا الشَّانِ
-
إذْ كَانَ مُمْتَحَنًا بِأَعْدَاءِ الحَدِيـ * ـثِ وَشِيعَةِ التَّعْطِيلِ وَالكُفْرَانِ
-
وَإِذَا أَرَدْتَ نُصُوصَهُ فَانْظُرْ إِلَى * مَا قَدْ حَكَى الْخَلاَّلُ ذُو الْإِتْقَانِ
-
وَكَذَاكَ إِسْحَاقُ الْإِمَامُ فَإِنَّهُ * قَدْ قَالَ مَا فِيهِ هُدَى الْحَيْرَانِ
-
وَابْنُ الْمُبَارَكِ قَالَ قَوْلًا شَافِيًا * إِنْكَارُهُ عَلَمٌ عَلَى الْبُهْتَانِ
-
قَالُوا لَهُ مَا ذَاكَ نَعْرِفُ رَبَّنَا * حَقًّا بِهِ لِنَكُونَ ذَا إيمَانِ
-
فَأَجَابَ نَعْرِفُهُ بِوَصْفِ عُلُوِّهِ * فَوْقَ السَّمَاءِ مُبَايِنَ الْأَكْوَانِ
-
وَبِأَنَّهُ سُبْحَانَهُ حَقًّا عَلَى الْـ * ـعَرْشِ الرَّفِيعِ فَجَلَّ ذُو السُّلْطَانِ
-
وَهُوَ الَّذِي قَدْ شَجَّعَ ابْنَ خُزَيْمَةَ * إِذْ سَلَّ سَيْفَ الْحَقِّ وَالْعِرْفَانِ
-
وَقَضَى بِقَتْلِ الْمُنْكِرِينَ عُلُوَّهُ * بَعْدَ اسْتِتَابَتِهِم مِّنَ الْكُفْرَانِ
-
وَبِأَنَّهُمْ يُلْقَوْنَ بَعْدَ الْقَتْلِ فَوْ * قَ مَزَابِلِ الْمَيْتَاتِ وَالْأَنْتَانِ
-
فَشَفَى الْإِمَامُ الْعَالِمُ الْحَبْرُ الَّذِي * يُدْعَى إِمَامَ أَئِمَّةِ الْأَزْمَانِ
-
وَلَقَدْ حَكَاهُ الحَاكِمُ الْعَدْلُ الرِّضَا * فِي كُتْبِهِ عَنْهُ بِلَا نُكْرَانِ
-
وَحَكَى ابْنُ عَبْدِ البَرِّ فِي تَمْهِيدِهِ * وَكِتَابِ الِاسْتِذْكَارِ غَيْرَ جَبَانِ
-
إِجْمَاعَ أَهْلِ العِلْمِ أَنَّ اللَّهَ فَوْ * قَ العَرشِ لَم يُنْكِرْهُ ذُو إِيمَانِ
-
وَأَتَى هُنَاكَ بِمَا شَفَى أَهْلَ الهُدَى * لَكِنَّهُ مَرَضٌ عَلَى العُمْيَانِ
-
وَكَذَا عَليُّ الأَشْعَرِيُّ فَإنَّهُ * فِي كُتُبِهِ قَدْ جَاءَ بِالتِّبْيَانِ
-
مِنْ مُوجَزٍ وَإبَانَةٍ وَمَقَالَةٍ * وَرَسَائِلٍ لِلثَّغْرِ ذَاتِ بَيَانِ
-
وَأَتَى بِتَقْرِيرِ اسْتِوَاءِ الرَّبِّ فَوْ * قَ الْعَرْشِ بِالْإِيضَاحِ وَالْبُرْهَانِ
-
وَأَتَى بِتَقْرِيرِ الْعُلُوِّ بِأَحْسَنِ التَّـ * ـقْرِيرِ فَانْظُرْ كُتُبَهُ بِعِيَانِ
-
وَاللَّهِ مَا قَالَ الْمُجَسِّمُ مِثْلَ مَا * قَدْ قَالَهُ ذَا الْعَالِمُ الرَّبَّانِي
-
فَارْمُوهُ وَيَحْكُمُوا بِمَا تَرْمُوا بِهِ * هَذَا الْمُجَسِّمَ يَا أُولِي الْعُدْوَانِ
-
أَوْ لَا فَقُولُوا إِنَّ ثَمَّ حَزَازَةً * وَتَنَفُّسَ الصُّعَدَاءِ مِنْ حَرَّانِ
-
فَسَلُوا الْإِلَٰهَ شِفَاءَ ذَا الدَّاءِ الْعُضَا * لِ لِمُجَانِبِ الْإِسْلَامِ وَالْإِيمَانِ
-
وَانظُرْ إِلَى حَرْبٍ وَإِجْمَاعٍ حَكَى * لِلَّهِ دَرُّكَ مِنْ فَتىً كِرْمَانِي
-
وَانظُرْ إِلَى قَوْلِ ابْنِ وَهْبٍ أَوْحَدِ الْـ * ـعُلَمَاءِ مِثْلَ الشَّمْسِ فِي الْمِيزَانِ
-
وَانظُرْ إِلَى مَا قَالَ عَبدُ الله فِي * تِلْكَ الرِّسَالَةِ مُفْصِحًا بِبَيَانِ
-
مِنْ أَنَّهُ سُبْحَانَهُ وَبِحَمْدِهِ * بِالذَّاتِ فَوْقَ الْعَرْشِ وَالْأَكْوَانِ
-
وَانظُرْ إِلَى مَا قَالَهُ الْكَرَجِيُّ فِي * شَرْحٍ لِتَصْنِيفِ امْرِئٍ رَبَّانِي
-
وَانظُرْ إِلَى الأَصْلِ الَّذِي هُوَ شَرْحُهُ * فَهُمَا الهُدَى لِمُلَدَّدٍ حَيرَانِ
-
وَانْظُرْ إِلَى تَفْسِيرِ عَبْدٍ مَا الَّذِي * فِيهِ مِنَ الْآثَارِ فِي ذَا الشَّانِ
-
وَانْظُرْ إِلَى تَفْسِيرِ ذَاكَ الفَاضِلِ الثَّـ * ــبْتِ الرِّضَا الْمُتَضَلِّعِ الرَّبَّانِي
-
ذَاكَ الْإِمَامُ ابْنُ الْإِمَامِ وَشَيْخُهُ * وَأَبُوهُ سُنِّيَّانِ رَازِيَّانِ
-
وَانظُرْ إِلَى النَّسَائِي فِي تَفْسِيرِهِ * هُوَ عِندَنَا سِفْرٌ جَلِيلٌ مَعَانِ
-
وَاقْرَأْ كِتَابَ الْعَرْشِ تَصْنِيفَ الرِّضَا * نَجْلِ الصَّدُوقِ إِمَامِنَا عُثْمَانَ
-
وَأَخُوهُ صَاحِبُ مُسْنَدٍ وَمُصَنَّفٍ * أَتَرَاهُمَا نَجْمَيْنِ بَلْ شَمْسَانِ
-
وَاقْرَأْ كِتَابَ الْاسْتِقَامَةِ لِلرِّضَا * ذَاكَ ابْنُ أَصْرَمَ حَافِظٌ رَبَّانِي
-
وَاقْرَأْ كِتَابَ الحَافِظِ الثِّقَةِ الرِّضَا * فِي السُّنَّةِ العُلْيَا فَتَى الشَّيْبَانِي
-
ذَاكَ ابْنُ أَحْمَدَ أَوْحَدُ الْحُفَّاظِ قَدْ * شَهِدَتْ لَهُ الْحُفَّاظُ بِالْإِتْقَانِ
-
وَاقْرَأْ كِتَابَ الأَثْرَمِ الْعَدْلِ الرِّضَا * فِي السُّنَةِ الأُولَى إِمَامِ زَمَانِ
-
وَكَذَا الإِمَامُ بْنُ الإِمَامِ الْمُرْتَضَى * حَقًّا أَبِي دَاوُدَ ذِي الْعِرْفَانِ
-
تَصْنِيفُهُ نَثْرًا وَنَظْمًا وَاضِحٌ * فِي السُّنَّةِ الْمُثْلَى هُمَا نَجْمَانِ
-
وَاقْرَأْ كِتَابَ السُّنَّةِ الأُولَى الَّذِي * أَبْدَاهُ مُضْطَلِعٌ مِنَ الإِيمَانِ
-
ذَاكَ النَّبِيلُ ابْنُ النَّبِيلِ كِتَابُهُ * أَيْضًا نَبِيلٌ وَاضِحُ الْبُرْهَانِ
-
وَانْظُرْ إِلَى قَوْلِ ابْنِ أَسْبَاطَ الرِّضَا * وَانْظُرْ إِلَى قَوْلِ الرِّضَا سُفْيَانِ
-
وَانظُرْ إِلَى قَوْلِ ابْنِ زَيْدٍ ذَاكَ حَمَّادٌ وَحَمَّادِ الْإِمَامِ الثَّانِي
-
وَانْظُرْ إلَى مَا قَالَهُ عَلَمُ الهُدَى * عُثْمَانُ ذَاكَ الدَّارِميّ الرَّبَّانِي
-
فِي نَقْضِهِ وَالرَّدِّ يَا لَهُمَا كِتَا * بًا سُنَّةً وَهُمَا لَنَا عَلَمَانِ
-
هَدَمَتْ قَوَاعِدَ فِرْقَةٍ جَهْمِيَّةٍ * فَخَوَتْ سُقُوفُهُمُ عَلَى الْحِيطَانِ
-
وَانظُرْ إِلَى مَا فِي صَحيحِ مُحَمَّدٍ * ذَاكَ البُخَارِيُّ العَظِيمُ الشَّانِ
-
مِنْ رَدَّهِ مَا قَالَهُ الجَهْمِيُّ بِالنَّـ * ـقْلِ الصَّحِيحِ الْوَاضِحِ الْبُرْهَانِ
-
وَانظُرْ إِلَى تِلْكَ التَّرَاجِمِ مَا الَّذِي * فِي ضِمْنِهَا إِنْ كُنْتَ ذَا عِرْفَانِ
-
وَانظُرْ إِلَى مَا قَالَهُ الطَّبَرِيُّ فِي الشَّـ * ـرْحِ الَّذِي هُوَ عِندَكُم سِفْرَانِ
-
أَعْنِي الفَقِيهَ الشَّافِعِيَّ اللَّالَكَا * ئِيَّ المُسَدَّدَ نَاصِرَ الإيمَانِ
-
وَانظُرْ إِلَى مَا قَالَهُ عَلَمُ الهُدَى التَّـ * ــيْمِيُّ فِي إيضَاحِهِ وَبَيَانِ
-
ذَاكَ الَّذِي هُوَ صَاحِبُ التَّرْغِيبِ وَالتَّـ * ـرْهِيبِ مَمْدُوحٌ بِكُلِّ لِسَانِ
-
وَانظُرْ إِلَى مَا قَالَهُ فِي السُّنَّةِ الْـ * ـكُبْرَى سُلَيْمَانٌ هُوَ الطَّبَرَانِي
-
وَانظُرْ إِلَى مَا قَالَهُ شَيْخُ الْهُدَى * يُدْعَى بِطَلْمَنْكِيِّهِم ذُو شَانِ
-
وَانظُرْ إِلَى قَوْلِ الطَّحَاوِيِّ الرِّضَا * وَأَجِرْهُ مِنْ تَحْرِيفِ ذِي بُهْتَانِ
-
وَكَذَٰلِكَ الْقَاضِي أَبُو بَكْرٍ هُوَ ابْـ * ـنُ الْبَاقِلَانِي قَائِدُ الْفُرْسَانِ
-
قَدْ قَالَ فِي تَمْهِيدِهِ وَرَسَائِلٍ * وَالشَّرْحِ مَا فِيهِ جَلِيُّ بَيَانِ
-
فِي بَعْضِهَا حَقًّا عَلَى الْعَرشِ اسْتَوَى * لَكِنَّهُ اسْتَوْلَى عَلَى الْأَكْوَانِ
-
وَأَتَى بِتَقْرِيرِ الْعُلُوِّ وَأَبْطَلَ الـ * ـلَّامَ الَّتِي زِيدَتْ عَلَى الْقُرْآنِ
-
مِنْ أَوْجُهٍ شَتَّى وَذَا فِي كُتْبِهِ * بَادٍ لِمَنْ كَانَتْ لَهُ عَيْنَانِ
-
وَانظُرْ إِلَى قَوْلِ ابْنِ كُلَّابٍ وَمَا * يَقْضِي بِهِ لِمُعَطِّلِ الرَّحْمَـٰنِ
-
أَخْرِجْ مِنَ النَّقْلِ الصَّحِيحِ وَعَقْلِهِ * مَنْ قَالَ قَوْلَ الزُّورِ وَالْبُهْتَانِ
-
لَيْسَ الإِلَهُ بدَاخِلٍ فِي خَلْقهِ * أَوْ خَارِجٍ عَنْ جُمْلَةِ الأَكْوَانِ
-
وَانظُرْ إِلَى مَا قَالَهُ الطَّبَرِيُّ فِي التَّـ * ـفْسِيرِ وَالتَّهْذِيبِ قَوْلَ مُعَانِ
-
وَانْظُرْ إِلَى مَا قَالَهُ فِي سُورَةِ الْـ * أَعْرَافِ مَعْ طَهَ وَمَعْ سُبْحَانِ
-
وَانظُرْ إِلَى مَا قَالَهُ الْبَغَوِيُّ فِي * تَفْسِيرِهِ وَالشَّرْحِ بِالْإِحْسَانِ
-
فِي سُورَةِ الْأَعْرَافِ عِنْدَ الْاسْتِوَاءِ * فِيهَا وَفِي الْأُولَى مِنَ الْقُرْآنِ
-
وَانظُرْ إِلَى مَا قَالَهُ ذُو سُنَّةٍ * وَقِرَاءةٍ ذَاكَ الْإِمَامُ الدَّانِي
-
وَكَذَاكَ سُنَّةُ جَعْفَرٍ يُكْنَى أَبَا الشَّـ * ـيْخِ الرِّضَا الْمُسْتَلِّ مِنْ حَيَّانِ
-
وَانظُرْ إِلَى مَا قَالَهُ ابْنُ سُرَيْجٍ الْـ * ـبَحْرُ الْخِضَمُّ الشَّافِعِيُّ الثَّانِي
-
وَانظُرْ إِلَى مَا قَالَهُ عَلَمُ الهُدَى * أَعْنِي أَبَا الخَيْرِ الرِّضَا العِمْرَانِي
-
وَكِتَابُهُ فِي الْفِقْهِ وَهْوَ بَيَانُهُ * يُبدِي مَكَانَتَهُ مِنَ الإيمَانِ
-
وَانظُرْ إِلَى السُّنَنِ الَّتِي قَدْ صَنَّفَ الْـ * عُلَمَاءُ بِالْآثَارِ وَالْقُرْآنِ
-
زَادَتْ عَلَى الْمِائَتَيْنِ مِنْهَا مُفْرَدًا * أَوْفَى مِنَ الْخَمْسِينَ فِي الْحُسْبَانِ
-
مِنْهَا لِأَحْمَدَ عِدَّةٌ مَوْجُودَةٌ * فِينَا رَسَائِلُهُ إِلَى الْإِخْوَانِ
-
وَاللَّاءِ فِي ضِمْنِ التَّصَانِيفِ الَّتِي * شُهِرَتْ فَلَمْ تَحْتَجْ إِلَى حُسْبَانِ
-
فَكثِيرَةٌ جِدًّا فَمَنْ يَكُ رَاغِبًا * فِيهَا يَجِدْ فِيهَا هُدَى الْحَيْرَانِ
-
أَصْحَابُهَا هُمْ حَافِظُو الْإِسْلَامِ لَا * أَصْحَابُ جَهْمٍ حَافِظُو الْكُفْرَانِ
-
وَهُمُ النُّجُومُ لِكُلِّ عَبْدٍ سَائِرٍ * يَبْغِي الإِلَهَ وَجَنَّةَ الْحَيَوَانِ
-
وَسِوَاهُمُ وَاللَّهِ قُطَّاعُ الطَّرِيـ * ـقِ أَئِمَّةٌ تَدْعُو إِلَى النِّيرَانِ
-
مَا فِي الَّذِينَ حَكَيْتُ عَنْهُم آنِفًا * مِنْ حَنْبَلِيٍّ وَاحِدٍ بِضَمَانِ
-
بَلْ كُلُّهُمْ وَاللَّهَ شِيعَةُ أَحْمَدٍ * فَأَصُولُهُ وَأَصُولُهُمْ سِيَّانِ
-
وَبِذَاكَ فِي كُتُبٍ لَهُم قَدْ صَرَّحُوا * وَأَخُو الْعَمَايةِ مَا لَهُ عَيْنَانِ
-
أَتَظُنُّهُم لَفْظِيَّةً جَهْلِيَّةً * مِثْلَ الحَمِيرِ تُقَادُ بِالأَرْسَانِ
-
حَاشَاهُمُ مِن ذَاكَ بَلْ وَاللَّهِ هُمْ * أَهْلُ الْعُقُولِ وَصِحَّةِ الْأَذْهَانِ
-
فَانظُرْ إِلَى تَقْرِيرِهِم لِعُلُوِّهِ * بِالنَّقْلِ وَالمَعْقُولِ وَالْبُرْهَانِ
-
عَقْلَانِ عَقلٌ بالنُّصُوصِ مُؤَيَّدٌ * ومُؤَيَّدٌ بِالمَنْطِقِ اليُونَانِي
-
وَاللَّهِ مَا اسْتَوَيَا وَلَنْ يَتَلَاقَيَا * حَتَّى تَشِيبَ مَفَارِقُ الْغِرْبَانِ
-
أَفَتَقْذِفُونَ أَوْلَـٰئِكَ بَلْ أَضْعَافَهُمْ * مِنْ سَادَةِ الْعُلَمَاءِ كُلَّ زَمَانِ
-
بِالْجَهْلِ وَالتَّشْبِيهِ وَالتَّجْسِيمِ وَالتَّـ * ـبْدِيعِ وَالتَّضْلِيلِ وَالْبُهْتَانِ
-
يَا قَوْمَنَا اللَّهَ فِي إِسْلَامِكُمْ * لَا تُفْسِدُوهُ لِنَخْوَةِ الشَّيْطَانِ
-
يَا قَوْمَنَا اعْتَبِرُوا بِمَصْرَعِ مَنْ خَلَا * مِنْ قَبلِكُم فِي هَذِهِ الأَزْمَانِ
-
لَمْ يُغْنِ عَنْهُم كِذْبُهُم وَمِحَالُهُم * وَقِتَالُهُم بِالزُّورِ وَالْبُهْتَانِ
-
كَلَّا وَلَا التَّلْبِيسُ وَالتَّدْلِيسُ عِنـ * ـدَ النَّاسِ وَالحُكَّامِ وَالسُّلْطَانِ
-
وَبَدَا لَهُم عِنْدَ انكِشَافِ غِطَائِهِم * مَا لَم يَكُنْ لِلقَوْمِ فِي حُسْبَانِ
-
وَبَدَا لَهُم عِنْدَ انكِشَافِ حَقَائِقِ الْـ * إيمَانِ أَنَّهُمُ عَلَى الْبُطْلانِ
-
مَا عِنْدَهُمْ وَاللَّهِ غَيْرُ شِكَايَةٍ * فَأْتُوا بِعِلْمٍ وَانْطِقُوا بِبَيَانِ
-
مَا يَشْتَكِي إِلَّا الَّذِي هُوَ عَاجِزٌ * فَاشْكُوا لِنَعْذِرَكُم إِلَى الْقُرْآنِ
-
ثُمَّ اسْمَعُوا مَاذَا الَّذِي يَقْضِي لَكُم * وَعَليكُمُ الْحَقُّ فِي الْفُرْقَانِ
-
لَبَّسْتُمُ مَعْنَى النُّصُوصِ وَقَوْلَنَا * فَغَدًا لَكُمْ لِلْحَقِّ تَلْبِيسَانِ
-
مَنْ حَرَّفَ النَّصَّ الصَّرِيحَ فَكَيْفَ لَا * يَأْتِي بِتَحْرِيفٍ عَلَى إِنْسَانِ
-
يَا قَوْمُ وَاللَّهِ الْعَظِيمِ أَسَأْتُمُ * بِأَئِمَّةِ الْإِسْلَامِ ظَنَّ الشَّانِي
-
مَا ذَنْبُهُم وَنَبِيُّهُمْ قَدْ قَالَ مَا * قَالُوا كَذَاكَ مُنَزِّلُ الْقُرْآنِ
-
مَا الذَّنْبُ إِلَّا لِلنُّصُوصِ لَدَيْكُمْ * إِذْ جَسَّمَتْ بَلْ شَبَّهَتْ صِنْفَانِ
-
مَا ذَنْبُ مَنْ قَدْ قَالَ مَا نَطَقَتْ بِهِ * مِنْ غَيْرِ تَحْرِيفٍ وَلَا عُدْوانِ
-
هَذَا كَمَا قَالَ الْخَبِيثُ لِصَحْبِهِ * كَلْبُ الرَّوَافِضِ أَخْبَثُ الْحَيَوَانِ
-
لَمَّا أَفَاضُوا فِي حَدِيثِ الرَّفْضِ عِنـ * ـدَ الْقَبْرِ لَا يَخْشَوْنَ مِنْ إِنْسَانِ
-
يَا قَوْمِ أَصْلُ بَلَائِكُمْ وَمُصَابِكُمْ * مِنْ صَاحِبِ الْقَبْرِ الَّذِي تَرَيَانِ
-
كَمْ قَدَّمَ ابْنُ أَبِي قُحَافَةَ بَلْ غَدَا * يُثْنِي عَلَيْهِ ثَنَاءَ ذِي شُكْرَانِ
-
وَيقُولُ فِي مَرَضِ الْوَفَاةِ يُؤَمُّكُمْ * عَنِّي أَبُو بَكْرٍ بِلَا رَوَغَانِ
-
وَيَظَلُّ يَمْنَعُ مِنْ إِمَامَةِ غَيْرِهِ * حَتَّى يُرَى فِي صُورَةِ الْغَضْبَانِ
-
وَيَقُولُ لَوْ كُنْتُ الْخَلِيلَ لِواحِدٍ * فِي النَّاسِ كَانَ هُوَ الْخَلِيلَ الدَّانِي
-
لَكِنَّهُ الْأَخُ وَالرَّفِيقُ وَصَاحِبِي * وَلَهُ عَلَيْنَا مِنَّةُ الْإِحْسَانِ
-
وَيَقُولُ لِلصِّدِّيقِ يَوْمَ الْغَارِ لَا * تَحْزَنْ فَنَحْنُ ثَلَاثَةٌ لَا اثْنَانِ
-
اللَّهُ ثَالِثُنَا وَتِلْكَ فَضِيلَةٌ * مَا حَازَهَا إِلَّا فَتَى عُثْمَانِ
-
يَا قَوْمِ مَا ذَنْبُ النَّوَاصِبِ بَعْدَ ذَا * لَمْ يَدْهَكُمْ إِلَّا كَبِيرُ الشَّانِ
-
فَتَفَرَّقَتْ تِلْكَ الرَّوَافِضُ كُلُّهُمْ * قَدْ أَطْبَقَتْ أَسْنَانَهُ الشَّفَتَانِ
-
وَكَذَٰلِكَ الجَهْمِيُّ ذَاكَ رَضِيعُهُم * فَهُمَا رَضِيعَا كُفْرِهِمْ بِلِبَانِ
-
ثَوْبَانِ قَدْ نُسِجَا عَلَى الْمِنْوَالِ يَا * عُرْيَانُ لَا تَلْبَسْ فَمَا ثَوْبَانِ
-
وَاللَّهِ شَرٌّ مِّنْهُمَا فَهُمَا عَلَى * أَهْلِ الضَّلَالَةِ وَالشَّقَا عَلَمَانِ
-
هَذَا وَسَابِعَ عَشْرَهَا إِخْبَارُهُ * سُبْحَانَهُ فِي مُحْكَمِ الْقُرْآنِ
-
عَنِ عَبْدِهِ مُوسَى الْكَلِيمِ وَحَرْبِهِ * فِرْعَوْنَ ذِي التَّكْذِيبِ وَالطُّغْيَانِ
-
تَكْذِيبَهُ مُوسَى الْكَلِيمَ بِقَوْلِهِ * اللَّهُ رَبِّي فِي السَّمَاءِ نَبَّانِي
-
وَمِنَ الْمَصَائِبِ قَوْلُهُمْ إِنَّ اعْتِقَا * دَ الْفَوْقِ مِنْ فِرْعَوْنَ ذِي الْكُفْرَانِ
-
فَإِذَا اعْتَقَدْتُمْ ذَا فَأَشْيَاعٌ لَهُ * أَنتُمْ وَذَا مِنْ أَعْظَمِ الْبُهْتَانِ
-
فَاسْمَعْ إِذًا مَنْ ذَا الَّذِي أَوْلَى بِفِرْ * عَوْنَ الْمُعَطِّلِ جَاحِدِ الرَّحْمَٰنِ
-
وَانظُرْ إِلَى مَا جَاءَ فِي الْقَصَصِ الَّتِي * تَحْكِي مَقَالَ إِمَامِهِمْ بِبَيَانِ
-
وَاللَّهِ قَدْ جَعَلُوا الضَّلَالَةَ قُدْوَةً * بِأَئِمَّةٍ تَدْعُو إِلَى النِّيرَانِ
-
فِإمَامُ كُلِّ مَعَطِّلٍ فِي نَفْيِهِ * فِرْعَوْنُ مَعْ نُمْرُودَ مَعْ هَامَانِ
-
طَلَبَ الصُّعُودَ إِلَى السَّمَاءِ مُكذِّبًا * مُوسَى وَرَامَ الصَّرحَ بِالْبُنْيَانِ
-
بَلْ قَالَ: مُوسَى كَاذِبٌ فِي زَعْمِهِ * فَوْقَ السَّمَاءِ الرَّبُّ ذُو السُّلْطَانِ
-
فَابْنُوا لِيَ الصَّرْحَ الرَّفِيعَ لَعَلَّنِي * أَرْقَى إِلَيْهِ بِحِيلَةِ الْإِنْسَانِ
-
وَأَظُنُّ مُوسَى كَاذِبًا فِي قَوْلِهِ * اللَّهُ فَوْقَ الْعَرْشِ ذُو سُلْطَانِ
-
وَكَذَاكَ كَذَّبَهُ بِأَنَّ إِلَٰهَهُ * نَادَاهُ بِالتَّكْلِيمِ دُونَ عِيَانِ
-
هُوَ أَنْكَرَ التَّكْلِيمَ وَالْفَوْقِيَّةَ الـ * عُلْيَا كَقَوْلِ الْجَهْمِ ذِي صَفْوَانَ
-
فَمَنِ الَّذِي أَوْلَى بِفِرْعَوْنَ إِذًا * مِنَّا وَمِنْكُمْ بَعْدَ ذَا التِّبْيَانِ
-
يَا قَوْمَنَا وَاللَّهَ إِنَّ لِقَوْلِنَا * مِئَةً تَدُلُّ عَلَيْهِ بَلْ مَائَتَانِ
-
عَقْلًا وَنَقْلًا مَعَ صَرِيحِ الْفِطْرَةِ الْـ * أُولَى وَذَوْقِ حَلَاوَةِ الْقُرْآنِ
-
كُلٌّ يَدُلُّ بِأَنَّهُ سُبْحَانَهُ * فَوْقَ السَّمَاءِ مُبَايِنُ الْأَكْوَانِ
-
أَتَرَوْنَ أَنَّا تَارِكُونَ ذَا كُلِّهِ * لِجَعَاجِعِ التَّعْطِيلِ وَالهَذَيَانِ
-
يَا قَوْمُ مَا أَنْتُمْ عَلَى شَيْءٍ إِلَى * أَنْ تَرْجِعُوا لِلْوَحْيِ بِالْإِذْعَانِ
-
وَتُحَكِّمُوهُ فِي الجَليلِ وَدِقِّهِ * تَحكِيمَ تَسْلِيمٍ مَعَ الرَّضْوَانِ
-
قَدْ أَقْسَمَ اللَّهُ الْعَظِيمُ بِنَفْسِهِ * قَسَمًا يُبِينُ حَقِيقَةَ الْإِيمَانِ
-
أَنْ لَيسَ يُؤْمِنُ مَنْ يَكُونُ مُحَكِّمًا * غَيْرَ الرَّسُولِ الوَاضِحِ البُرْهَانِ
-
بَلْ لَيسَ يُؤْمِنُ غَيْرُ مَنْ قَدْ حَكَّمَ الْـ * ـوَحْيَيْنِ حَسْبُ فَذَاكَ ذُو إِيمَانٍ
-
هَذَا وَمَا ذَاكَ المُحَكِّمُ مُؤْمِنًا * إِنْ كَانَ ذَا حَرَجٍ وَضِيقِ بِطَانِ
-
هَذَا وَليْسَ بِمُؤْمِنٍ حَتَّى يُسَلِّـ * ـمَ لِلَّذِي يَقْضِي بِهِ الْوَحْيَانِ
-
يَا قَوْمُ بِاللَّهِ الْعَظِيمِ نَشَدْتُكُمْ * وَبِحُرْمَةِ الْإِيمَانِ وَالْقُرْآنِ
-
هَلْ حَدَّثَتْكُم قَطُّ أَنفُسُكُم بِذَا * فَسَلُوا نُفُوسَكُمُ عَنِ الإيمَانِ
-
لَكِنَّ رَبَّ العَالَمِينَ وَجُنْدَهُ * وَرَسُولَهُ الْمَبْعُوثَ بِالْقُرْآنِ
-
هُمْ يَشْهَدُونَ بِأَنَّكُمْ أَعْدَاءُ مَنْ * ذَا شَأْنُهُ أَبَدًا بِكُلِّ زَمَانِ
-
وَلَأَيِّ شَيْءٍ كَانَ أَحْمَدَ خَصْمُكُمْ * أَعْنِي ابْنَ جَنْبَلٍ الرِّضَا الشَّيْبَانِي
-
وَلَأَيِّ شَيْءٍ كَانَ بَعْدُ خُصُومُكُمْ * أَهْلَ الحَدِيثِ وَعَسْكَرَ القُرْآنِ
-
وَلَأَيِّ شَيْءٍ كَانَ أَيْضًا خَصْمُكُمْ * شَيْخَ الْوُجُودِ الْعَالِمَ الْحَرَّانِيّ
-
أَعنِي أَبَا الْعَبَّاسِ نَاصِرَ سُنَّةِ الْـ * ـمُخْتَارِ قَامِعَ سُنَّةِ الشَّيْطَانِ
-
وَاللَّهِ لَمْ يَكُ ذَنْبُهُ شَيْئًا سِوَى * تَجْرِيدِهِ لِحَقِيقَةِ الْإِيمَانِ
-
إذْ جَرَّدَ التَّوحِيدَ عَنْ شِرْكٍ كَذَا * تَجْرِيدُهُ لِلْوَحْيِ عَنْ بُهْتَانِ
-
فَتَجَرَّدَ الْمَقْصُودُ مَعَ قَصْدٍ لَهُ * فَلِذَاكَ لَمْ يَنْضَفْ إِلَى إِنْسَانِ
-
مَا مِنْهُمُ أَحَدٌ دَعَا لِمَقَالَةٍ * غَيْرِ الْحَدِيثِ وَمُقْتَضَى الْفُرْقَانِ
-
فَالقَوْمُ لَمْ يَدْعُوا إِلَى غَيْرِ الْهُدَى * وَدَعَوْتُمُ أَنْتُمْ لِرَأْيِ فُلَانَ
-
شَتَّانَ بَيْنَ الدَّعْوَتَيْنِ فَحَسْبُكُمْ * يَا قَوْمُ مَا بَكُمْ مِنَ الْخِذْلَانِ
-
قَالُوا لَنَا لَمَّا دَعَوْنَاهُم إِلَى * هَذَا مَقَالَةَ ذِي هَوًى مَلْآنِ
-
ذَهَبَتْ مَقَادِيرُ الشُّيُوخِ وَحُرْمَةُ الْـ * ـعُلَمَاءِ بَلْ عَبَرَتْهُمُ الْعَيْنَانِ
-
وَتَرَكْتُمُ أَقْوَالَهُمْ هَدَرًا وَمَا * أَصْغَتْ إِلَيْهَا مِنْكُمُ أَذُنَانِ
-
لَكِنْ حَفِظْنَا نَحْنُ حُرْمَتَهُمْ وَلَمْ * نَعْدُ الَّذِي قَالُوهُ قَدْرَ بَنَانِ
-
يَا قَوْمُ وَاللَّهِ الْعَظِيمِ كَذَبْتُمُ * وَأَتَيْتُمُ بِالزُّورِ وَالْبُهْتَانِ
-
وَنَسَبْتُمُ العُلَمَاءَ لِلْأَمْرِ الَّذِي * هُمْ مِنْهُ أَهْلُ بَرَاءَةٍ وَأَمَانِ
-
وَاللَّهِ مَا أَوْصَوْكُمُ أَنْ تَتْرُكُوا * قَوْلَ الرَّسُولِ لِقَوْلِهِمْ بِلِسَانِ
-
كَلَّا وَلَا فِي كُتُبِهِمْ هَذَا بَلَى * بِالْعَكْسِ أَوْصَاكُم بِلا كِتْمَانِ
-
إذْ قَدْ أَحَاطَ العِلْمُ مِنْهُم أَنَّهُمْ * لَيْسُوا بِمَعْصُومِينَ بِالْبُرْهَانِ
-
كَلَّا وَمَا مِنْهُم أَحَاطَ بِكُلِّ مَا * قَدْ قَالَهُ الْمَبْعُوثُ بِالْقُرْآنِ
-
فَلِذَاكَ أَوْصَاكُم بِأَنْ لَا تَجْعَلُوا * أَقْوَالَهُمْ كَالنَّصِّ فِي الْمِيزَانِ
-
لَكِنْ زِنُوهَا بِالنُّصُوصِ فَإِنْ تُوَا * فِقْهَا فَتِلْكَ صَحِيحَةُ الأَوْزَانِ
-
لَكِنَّكُم قَدَّمْتُمُ أَقْوَالَهُم * أَبَدًا عَلَى النَّصِّ العَظِيمِ الشَّانِ
-
وَاللَّهِ لَا لِوَصِيَّةِ الْعُلَمَاءِ نَفَّـ * ـذْتُم وَلَا لِوَصِيَّةِ الرَّحْمَٰنِ
-
وَركِبتُمُ الجَهْلَينِ ثُمّ تَركتُمُ النَّـ * ـصَّينِ مَعْ ظُلْمٍ وَمَعْ عُدْوَانِ
-
قُلنَا لَكُم فَتَعَلَّمُوا قُلْتُمْ أَمَا * نَحْنُ الأَئِمَّةُ فَاضِلُو الأَزْمَانِ
-
مِنْ أَينَ وَالعُلَمَاءُ أَنتُم فَاسْتَحُوا * أَينَ النُّجُومُ مِنَ الثَّرى التَّحْتَانِي
-
لَمْ يُشْبِهِ العُلَمَاءَ إِلَّا أَنْتُمُ * أَشْبَهْتُمُ العُلَمَاءَ فِي الأَذْقَانِ
-
وَاللَّهِ لَا عِلْمٌ وَلَا دِينٌ وَلَا * عَقْلٌ وَلَا بِمُرُوءَةِ الْإِنْسَانِ
-
عَامَلْتُمُ العُلَمَاءَ حِينَ دَعَوْكُمُ * لِلْحَقِّ بَلْ بالبَغْيِ والعُدْوَانِ
-
إِنْ أَنتُمْ إِلَّا الذُّبَابُ إِذَا رَأَى * طُعْمًا فَيَا لِمَسَاقِطِ الذِّبَّانِ
-
وَإِذَا رَأَى فَزَعًا تَطَايَرَ قَلْبُهُ * مِثْلَ الْبُغَاثِ يُسَاقُ بِالْعِقْبَانِ
-
وَإِذَا دَعَوْنَاكُمْ إِلَى الْبُرْهَانِ كَا * نَ جَوَابُكُمْ جَهْلًا بِلا بُرْهَانِ
-
نَحْنُ الْمُقَلِّدَةُ الأُولَى الَّتِي أَلْفَوْا كَذَا * آبَاؤُهُمْ فِي سَالِفِ الْأَزْمَانِ
-
قُلنَا فَكَيْفَ تُكَفِّرُونَ وَمَا لَكُمْ * عِلْمٌ بِتَكْفِيرٍ وَلَا إِيمَانِ
-
إِذْ أَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ أَنَّ مُقَلِّدًا * لِلنَّاسِ كَالأَعْمَى هُمَا أَخَوَانِ
-
وَالْعِلْمُ مَعْرِفَةُ الْهُدَى بِدَلِيلِهِ * مَا ذَاكَ وَالتَّقْلِيدُ مُسْتَوِيَانِ
-
حِرْنَا بِكُم وَاللَّهِ لَا أَنْتُم مَعَ الْـ * ـعُلَمَاءِ تَنْقَادُونَ لِلْبُرْهَانِ
-
كَلَّا وَلَا مُتَعَلِّمُونَ فَمَنْ تُرَى * تُدْعَوْنَ نَحْسِبُكُمْ مِنَ الثِّيرَانِ
-
لَكِنَّهَا وَاللَّهِ أَنْفَعُ مِنْكُمْ * لِلْأَرْضِ فِي حَرْثٍ وَفِي دَوَرانِ
-
نَالَتْ بِهِمْ خَيْرًا وَنَالَتْ مِنْكُمُ الْـ * ـمَعْهُودَ مِنْ بَغْيٍ وَمِنْ عُدْوَانِ
-
فَمَنِ الَّذِي خَيْرٌ وَأَنْفَعُ لِلْوَرَى * أَنْتُمْ أَمِ الثِّيرَانُ بِالْبُرْهَانِ
-
هَذَا وَثَامِنَ عَشْرَهَا تَنْزِيهُهُ * سُبْحَانَهُ عَنْ مُوجِبِ النُّقْصَانِ
-
وَعَنِ العُيُوبِ وَمُوجِبِ التَّمْثِيلِ وَالتَّـ * ـشْبِيهِ جَلَّ اللهُ ذُو السُّلْطَانِ
-
وَلِذَاكَ نَزَّهَ نَفْسَهُ سُبْحَانَهُ * عَنْ أَنْ يَكُونَ لَهُ شَرِيكٌ ثَانِ
-
أَوْ أَنْ يَكُونَ لَهُ ظَهِيرٌ فِي الْوَرَى * سُبْحَانَهُ عَنْ إِفْكِ ذِي بُهْتَانِ
-
أَوْ أَنْ يُوَالِيَ خَلْقَهُ سُبْحَانَهُ * مِنْ حَاجَةٍ أَوْ ذِلَّةٍ وَهَوَانِ
-
أَوْ أَنْ يَكُونَ لَدَيْهِ أَصْلًا شَافِعٌ * إِلَّا بِإِذْنِ الْوَاحِدِ الْمَنَّانِ
-
وَكَذَٰلِكَ نَزَّهَ نَفْسَهُ عَنْ وَالِدٍ * وَكَذَٰلِكَ عَنْ وَلَدٍ هُمَا نَسَبَانِ
-
وَكَذَاكَ نَزَّهَ نَفْسَهُ عَنْ زَوْجَةٍ * وَكَذَاكَ عَنْ كُفُوٍ يَكُونُ مُدَانِي
-
وَلَقَدْ أَتَى التَّنْزِيهُ عَمَّا لَمْ يُقَلْ * كَيْ لَا يَدُورَ بِخَاطِرِ الْإِنْسَانِ
-
فَانظُرْ إِلَى التَّنْزِيهِ عَنْ طُعْمٍ وَلَمْ * يَنْسُبْ إِلَيْهِ قَطُّ مِنْ إِنْسَانِ
-
وَكَذَلِكَ التَّنْزِيهُ عَنْ مَوْتٍ وَعَنْ * نَوْمٍ وَعَنْ سِنَةٍ وَعَنْ غَشَيَانِ
-
وَكَذَٰلِكَ التَّنْزِيهُ عَنْ نِسْيَانِهِ * وَالرَّبُّ لَمْ يُنْسَبْ إِلَى نِسْيَانِ
-
وَكذَلِكَ التَّنْزِيهُ عَنْ ظُلْمٍ وَفِي الْـ * أَفْعَالِ عَنْ عَبَثٍ وَعَنْ بُطْلَانِ
-
وَكذلِكَ التَّنْزِيهُ عَنْ تَعَبٍ وَعَنْ * عَجْزٍ يُنَافِي قُدْرَةَ الرَّحْمَٰنِ
-
وَلَقَدْ حَكَى الرَّحْمَٰنُ قَوْلًا قَالَهُ * فِنْحَاصُ ذُو الْبُهْتَانِ وَالْكُفْرَانِ
-
إِنَّ الإِلَٰهَ هُوَ الْفَقِيرُ وَنَحْنُ أَصْـ * ـحَابُ الْغِنَى ذُو الْوُجْدِ وَالْإِمْكَانِ
-
وَلِذَاكَ أَضْحَى رَبُّنَا مُسْتَقْرِضًا * أَمْوَالَنَا سُبْحَانَ ذِي الْإحْسَانِ
-
وَحَكَى مَقَالَةَ قَائِلٍ مِنْ قَوْمِهِ * أَنَّ الْعُزَيْرَ ابْنٌ مِنَ الرَّحْمَٰنِ
-
هَذَا وَمَا الْقَوْلَانِ قَطُّ مَقَالَةً * مَنْصُورَةً فِي مَوْضِعٍ وَزَمَانِ
-
لَكِنْ مَقَالَةُ كَوْنِهِ فَوْقَ الْوَرَى * وَالْعَرْشِ وَهْوَ مُبَايِنُ الْأَكْوَانِ
-
قَدْ طَبَّقَتْ شَرقَ الْبِلَادِ وَغَرْبَهَا * وَغَدَتْ مُقَرَّرَةً لَدَى الْأَذْهَانِ
-
قَدْ طَبَّقَتْ شَرقَ الْبِلَادِ وَغَرْبَهَا * وَغَدَتْ مُقَرَّرَةً لَدَى الْأَذْهَانِ
-
عَنْ ذِي الْمَقَالَةِ مَعَ تَفَاقُمِ أَمْرِهَا * وَظُهُورِهَا فِي سَائِرِ الْأَدْيَانِ
-
بَلْ دَائِمًا يُبْدِي لَنَا إِثْبَاتَهَا * وَيُعِيدُهُ بِأَدِلَّةِ التِّبْيَانِ
-
لَا سِيَّمَا تِلْكَ الْمَقَالَةُ عِندَكُمْ * مَقْرُونَةٌ بِعِبَادَةِ الْأَوْثَانِ
-
أَوْ أَنَّهَا كَمَقَالَةٍ لِمُثَلِّثٍ * عَبدِ الصَّلِيبِ الْمُشْرِكِ النَّصْرَانِي
-
إِذْ كَانَ جِسْمًا كُلُّ مَوْصُوفٍ بِهَا * لَيْسَ الْإِلَٰهَ مُنَزِّلَ الْفُرْقَانِ
-
فَالْعَابِدُونَ لِمَنْ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى * بِالذَّاتِ لَيْسُوا عَابِدِي الدَّيَّانِ
-
لَكِنَّهُم عُبَّادُ أَوْثَانٍ لَدَى * هَذَا الْمُعَطِّلِ جَاحِدِ الرَّحْمَٰنِ
-
وَلِذَاكَ قَدْ جَعَلَ الْمُعَطِّلُ كُفْرَهُمْ * هُوَ مُقْتَضَى الْمَعْقُولِ وَالْبُرْهَانِ
-
هَذَا رَأَيْنَاهُ بِكُتُبِكُمُ وَلَمْ * نَكْذِبْ عَلَيْكُمْ فِعْلَ ذِي الْبُهْتَانِ
-
وَلَأَيِّ شَيْءٍ لَمْ يُحَذِّرْ خَلْقَهُ * عَنْهَا وَهَذَا شَأْنُهَا بِبَيَانِ
-
هَذَا وَلَيْسَ فَسَادُهَا بِمُبَيَّنٍ * حَتَّى يُحَالَ لَنَا عَلَى الأَذْهَانِ
-
وَلِذَاكَ قَدْ شَهِدَتْ أَفَاضِلُكُمْ لَهَا * بِظُهُورِهَا فِي الْوَهْمِ لِلْإِنْسَانِ
-
وَخَفَاءِ مَا قَالُوهُ مِنْ نَفْيٍ عَلَى الْـ * أَذْهَانِ بَلْ يَحْتَاجُ لِلْبُرْهَانِ
-
هَذَا وَتَاسِعَ عَشْرَةِ إِلْزَامُ ذِي التَّـ * ـعْطِيلِ أَفْسَدَ لَازِمٍ بِبَيَانِ
-
وَفَسَادُ لَازِمِ قَوْلِهِ هُوَ مُقْتَضٍ * لِفَسادِ ذَاكَ القَوْلِ بِالْبُرْهَانِ
-
فَسَلِ المُعَطِّلَ عَنْ ثَلاثِ مَسَائِلٍ * تَقْضِي عَلَى التَّعْطِيلِ بِالْبُطْلانِ
-
مَاذَا تَقُولُ أَكَانَ يَعْرِفُ رَبَّهُ * هَذَا الرَّسُولُ حَقِيقَةُ العِرْفَانِ
-
أَمْ لَا وَهَلْ كَانَتْ نَصِيحَتُهُ لَنَا * كُلَّ النَّصِيحَةِ لَيْسَ بِالْخَوَّانِ
-
أَمْ لَا وَهَلْ حَازَ الْبَلَاغَةَ كُلَّهَا * فَاللَّفْظُ وَالْمَعْنَى لَهُ طَوْعَانِ
-
فَإِذَا انْتَهَتْ هَذِهِ الثَّلَاثَةُ فِيهِ كَا * مِلَةً مَبَرَّأَةً مِنَ النُّقْصَانِ
-
فَلَأَيِّ شَيْءٍ عَاشَ فِينَا كَاتِمًا * لِلنَّفْيِ وَالتَّعْطِيلِ فِي الأَزْمَانِ
-
بَلْ مُفْصِحًا بِالضِّدِّ مِنْهُ حَقِيقَةَ الْـ * إِفْصَاحِ مُوضَحَةً بِكُلِّ بَيَانِ
-
وَلَأَيِّ شَيْءٍ لَم يُصَرِّحْ بِالَّذِي * صَرَّحْتُم فِي رَبِّنَا الرَّحْمَٰنِ
-
أَلِعَجْزِهِ عَنْ ذَاكَ أَمْ تَقْصِيرِهِ * فِي النُّصْحِ أَمْ لِخَفَاءِ هَذَا الشَّانِ
-
حَاشَاهُ بَلْ ذَا وَصْفُكُم يَا أُمَّةَ التَّـ * ـعْطِيلِ لَا الْمَبْعُوثِ بِالْقُرْآنِ
-
وَلَأَيِّ شَيْءٍ كَانَ يَذْكُرُ ضِدَّ ذَا * فِي كُلِّ مُجْتَمَعٍ وَكُلِّ زَمَانِ
-
أَتَراهُ أَصْبَحَ عَاجِزًا عَنْ قَوْلِهِ اسْـ * ـتَوْلَى وَيَنْزِلُ أَمْرُهُ وَفُلَانِ
-
وَيَقُولُ أَيْنَ اللَّهُ يَعْنِي مَنْ بِلَفْـ * ـظِ الأَيْنِ هَلْ هَذَا مِنَ التِّبْيَانِ
-
وَاللَّهِ مَا قَالَ الأئِمَّةُ كُلَّ مَا * قَدْ قَالَهُ مِنْ غَيْرِ مَا كِتْمَانِ
-
لَكِنْ لِأَنَّ عُقُولَ أَهْلِ زَمَانِهِم * ضَاقَتْ بِحَمْلِ دَقَائِقِ الإِيْمَانِ
-
وَغَدَتْ بَصَائِرُهُمْ كَخُفَّاشٍ أَتَى * ضَوْءُ النَّهَارِ فَكَفَّ عَنْ طَيَرَانِ
-
حَتَّى إِذَا مَا اللَّيْلُ جَاءَ ظَلَامُهُ * أَبْصَرْتَهُ يَسْعَى بِكُلِّ مَكَانِ
-
وَكَذَا عُقُولُكُمُ لَوِ اسْتَشْعَرتُمُ * يَا قَوْمُ كَالْحَشَرَاتِ وَالْفِئْرَانِ
-
أَنِسَتْ بِإِيحَاشِ الظَّلَامِ وَمَا لَهَا * بِمَطَالِعِ الْأَنْوَارِ قَطُّ يَدَانِ
-
لَوْ كَانَ حَقًّا مَا يَقُولُ مَعَطِّلٌ * لِعُلُوِّهِ وَصِفَاتِهِ الرَّحْمَٰنِ
-
لَزِمَتْكُمُ شُنَعٌ ثَلاثٌ فَارْتَؤُوا * أَوْ خَلَّةٌ مِنْهُنَّ أَوْ ثِنْتَانِ
-
تَقْدِيمُهُمْ فِي الْعِلْمِ أَوْ فِي نُصْحِهِم * أَوْ فِي الْبَيَانِ أَذَاكَ ذُو إِمْكَانِ
-
إِنْ كَانَ مَا قَدْ قُلْتُمُ حَقًّا فَقَدْ * ضَلَّ الْوَرَى بِالْوَحْيِ وَالْقُرْآنِ
-
إِذْ فِيْهِمَا ضِدُّ الَّذِي قُلْتُمْ وَمَا * ضِدَّانِ فِي الْمَعْقُولِ يَجْتَمِعَانِ
-
بَلْ كَانَ أَوْلَى أَنْ يُعَطَّلَ مِنْهُمَا * وَيُحَالَ فِي عِلْمٍ وَفِي عُرْفَانِ
-
إمَّا عَلَى جَهْمٍ وَجَعْدٍ أَوْ عَلَى النِّـ * ـظَامِ أَوْ ذِي المَذْهَبِ الْيُونَانِي
-
وَكَذَاكَ أَتْبَاعٌ لَهُمْ فَقْعُ الْفَلَا * صُمٌّ وَبَكْمٌ تَابَعُوا الْعُمْيَانَ
-
وَكَذَٰلِكَ أَفْرَاخُ القَرامِطَةِ الألَى * قَدْ جَاهَرُوا بِعَداوَةِ الرَّحْمَٰنِ
-
كَالحَاكِمِيَّةِ وَالأُولَى وَالَّذِينَ * كَأَبِي سَعِيدٍ ثُمَّ آلِ سِنَانِ
-
وَكَذَا ابْنُ سِينَا وَالنَّصِيرُ نَصِيرُ أَهْـ * ـلِ الشِّرْكِ وَالتَّكْذِيبِ وَالْكُفْرَانِ
-
وَكَذَاكَ أَفْرَاخُ الْمَجُوسِ وَشِبْهِهِمْ * وَالصَّابِئِينَ وَكُلُّ ذِي بُهْتَانِ
-
إخْوانُ إِبلِيسَ اللَّعِينِ وَجُنْدُهُ * لَا مَرْحَبًا بِعَسَاكِرِ الشَّيْطَانِ
-
أَفَمَنْ حَوَالَتُهُ عَلَى التَّنْزِيلِ وَالْوَحْـ * ـيِ الْمُبِينِ وَمُحْكَمِ الْقُرْآن
-
كَمُحَيَّرٍ أَضْحَتْ حَوَالَتُهُ عَلَى * أَمْثَالِهِ أَمْ كَيْفَ يَسْتَوِيَانِ
-
أَمْ كَيْفَ يَشْعُرُ تَائِهٌ بِمُصَابِهِ * وَالْقَلْبُ قَدْ جُعِلَتْ لَهُ قُفْلَانِ
-
قُفْلٌ مِنَ الجَهْلِ المَرْكَّبِ فَوْقَهُ * قُفْلُ التَّعَصُّبِ كَيْفَ يَنْفَتِحَانِ
-
وَمَفَاتِحُ الْأَقْفَالِ فِي يَدِ مَنْ لَهُ التَّـ * ـصْرِيفُ سُبْحَانَ الْعَظِيمِ الشَّانِ
-
فَاسْأَلْهُ فَتْحَ الْقُفْلِ مُجْتَهِدًا عَلَى الْـ * أَسْنَانِ إِنَّ الْفَتْحَ بِالْأَسْنَانِ
-
هَذَا وَخَاتَمُ هَذِهِ الْعِشْرِينَ وَجْـ * ـهًا وَهْوَ أَقْرَبُهَا إِلَى الْأَذْهَانِ
-
سَرْدُ النُّصُوصِ فَإِنَّهَا قَدْ نَوَّعَتْ * طُرُقَ الأَدِلَّةِ فِي أَتَمِّ بَيَانِ
-
وَالنَّظْمُ يَمْنَعُنِي مِنَ اسْتِيفَائِهَا * وَسِيَاقَةِ الأَلْفَاظِ بِالْمِيزَانِ
-
فَأُشِيرُ بَعْضَ إِشَارَةٍ لِمَوَاضِعَ * مِنْهَا وَأَيْنَ الْبَحْرُ مِنْ خُلْجَانِ
-
فَاذْكُرْ نُصُوصَ الْاسْتِوَاءِ فَإِنَّهَا * فِي سَبْعِ آيَاتٍ مِنَ الْقُرْآنِ
-
وَاذْكُرْ نُصُوصَ الْفَوْقِ أَيْضًا فِي ثَلَا * ثٍ قَدْ غَدَتْ مَعْلُومَةَ التِّبْيَانِ
-
وَاذْكُرْ نُصُوصَ عُلُوِّهِ فِي خَمْسَةٍ *. مَعْلُومَةٍ بَرِئَتْ مِنَ النُقْصَانِ
-
وَاذْكُرْ نُصُوصًا فِي الْكِتَابِ تَضَمَّنَتْ * تَنْزِيلَهُ مِنْ رَبِّنَا الرَّحْمَٰنِ
-
فَتَضَمَّنَتْ أَصْلَيْنِ قَامَ عَلَيْهِمَا الْـ * إِسْلَامُ وَالإِيمَانُ كَالْبُنْيَانِ
-
كَوْنَ الْكِتَابِ كَلَامَهُ سُبْحَانَهُ * وَعُلُوَّهُ مِنْ فَوْقِ كُلِّ مَكَانِ
-
وَعِدَادُهَا سَبْعُونَ حِينَ تُعَدُّ أَوْ * زَادَتْ عَلَى السَّبْعِينَ فِي الحُسْبَانِ
-
وَاذْكُرْ نُصُوصًا ضُمِّنَتْ رَفْعًا وَمِعْـ * ـرَاجًا وَإِصْعَادًا إِلَى الدَّيَّانِ
-
هِيَ خَمْسَةٌ مَعْلُومَةٌ بِالْعَدِّ وَالْـ * ـحُسْبَانِ فَاطْلُبْهَا مِنَ الْقُرْآنِ
-
وَلَقَدْ أَتَى فِي سُورَةِ الْمُلْكِ الَّتِي * تُنْجِي لِقَارِئِهَا مِنَ النِّيرَانِ
-
نَصَّانِ أَنَّ اللَّهَ فَوْقَ سَمَائِهِ * عِنْدَ المُحَرِّفِ مَا هُمَا نَصَّانِ
-
وَلَقَدْ أَتَى التَّخْصِيصُ بِالْعِنْدِ الَّذِي * قُلْنَا بِسَبْعٍ بَلْ أَتَى بِثَمَانِ
-
مِنْهَا صَريحٌ مَوْضِعَانِ بِسُورَةِ الْـ * أَعْرَافِ ثُمَّ الْأَنْبِيَاءِ الثَّانِي
-
فَتَدَبَّرِ النَّصَّيْنِ وَانظُرْ مَا الَّذِي * لِسِوَاهُ لَيْسَتْ تَقْتَضِي النَّصَّانِ
-
وَبِسُورَةِ التَّحْرِيمِ أَيْضًا ثَالِثٌ * بَادِي الظُّهُورِ لِمَنْ لَهُ أُذُنَانِ
-
وَلَدَيْهِ فِي مُزَّمِّلٍ قَدْ بَيَّنَتْ * نَفْسَ الْمَرَادِ وَقَيَّدَتْ بِبَيَانِ
-
لَا تَنْقُضُ الْبَاقِي فَمَا لَمُعَطِّلٍ * مِنْ رَاحَةٍ فِيهَا وَلَا تِبْيَانِ
-
وَبِسُورَةِ الشُّورَى وَفِي مُزَّمِّلٍ * سِرٌّ عَظِيمٌ شَأْنُهُ ذُو شَانِ
-
فِي ذِكْرِ تَفْطِيرِ السَّمَاءِ فَمَنْ يُرِدْ * عِلْمًا بِهِ فَهُوَ القَرِيبُ الدَّانِي
-
لَمْ يَسْمَحِ الْمُتَأَخِّرُونَ بِنَقْلِهِ * جُبْنًا وَضَعْفًا عَنْهُ فِي الْإِيْمَانِ
-
بَلْ قَالَهُ الْمُتَقَدِّمُونَ فَوَارِسُ الْـ * إِسْلَامِ هُمْ أُمَرَاءُ هَذَا الشَّانِ
-
وَمُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ فِي * تَفْسِيرِهِ حُكِيَتْ بِهِ القَوْلَانِ
-
هَذَا وَحَادِيَهَا وَعِشْرُونَ الَّذِي * قَدْ جَاءَ فِي الْأَخْبَارِ وَالْقُرْآنِ
-
إِتْيَانُ رَبِّ الْعَرْشِ جَلَّ جَلَالُهُ * وَمَجِيئُهُ لِلْفَصْلِ بِالْمِيزَانِ
-
فَانظُرْ إِلَى التَّقْسِيمِ وَالتَّنْوِيعِ فِي الْـ * ـقُرْآنِ تُلْفِيْهِ صَرِيحَ بَيَانِ
-
أَنَّ الْمَجِيءَ لِذَاتِهِ لَا أَمْرِهِ * كَلَّا وَلَا مَلَكٍ عَظِيمِ الشَّانِ
-
إذْ ذَانِكَ الأمْرَانِ قَدْ ذُكِرَا وَبَيْـ * ـنَهُمَا مَجيءُ الرَّبِّ ذِي الغُفْرَانِ
-
وَاللَّهِ مَا احْتَمَلَ الْمَجِيءُ سِوَى مَجِي * ءِ الذَّاتِ بَعْدَ تَبَيُّنِ الْبُرْهَانِ
-
مِنْ أَيْنَ يَأْتِي يَا أُولِي الْمَعْقُولِ إِنْ * كُنْتُمْ ذَوِي عَقْلٍ مَعَ الْعِرْفَانِ
-
مِنْ فَوْقِنَا أَوْ تَحْتِنَا أَوْ خَلْفِنَا * أَوْ عَنْ شَمَائِلِنَا وَعَنْ أَيْمَانِ
-
وَاللَّهِ لَا يَأْتِيِهِمُ مِنْ تَحْتِهِمْ * أَبَدًا تَعَالَى اللَّهُ ذُو السُّلْطَانِ
-
كَلَّا وَلَا مِنْ خَلْفِهِمْ وَأَمَامِهِمْ * وَعَنِ الشَّمَائِلِ أَوْ عَنِ الأَيْمَانِ
-
وَاللَّهِ لَا يَأْتِيهُمُ إِلَّا مِنَ الْـ * ـعُلْوِ الَّذِي هُوَ فَوْقَ كُلِّ مَكَانِ
-
وَاذْكُرْ حَدِيثًا فِي الصَّحِيحِ تَضَمَّنَتْ * كَلِمَاتُهُ تَكْذِيبَ ذِي الْبُهْتَانِ
-
لَمَّا قَضَى اللَّهُ الخَلِيقَةَ رَبُّنَا * كَتَبَتْ يَدَاهُ كِتَابَ ذِي الإِحْسَانِ
-
وَكِتَابُهُ هُوَ عِنْدَهُ وَضْعٌ عَلَى الْـ * ـعَرْشِ الْمَجِيدِ الثَّابِتِ الْأَرْكَانِ
-
إِنِّي أَنَا الرَّحْمَٰنُ تَسْبِقُ رَحْمَتِي * غَضَبِي وَذَاكَ لِرَأْفَتِي وَحَنَانِي
-
وَلَقَدْ أَشَارَ نَبِيُّنَا فِي خُطْبَةٍ * نَحْوَ السَّمَاءِ بِإِصْبَعٍ وَبَنَانِ
-
مُشتَشْهَدًا رَبَّ السَّمَواتِ العُلَى * لِيَرى وَيَسْمَعَ قَوْلَهُ الثَّقَلانِ
-
أَتَراهُ أَمْسَى لِلْسَّمَا مُسْتَشْهِدًا * أَمْ لِلَّذِي هُوَ فَوْقَ ذِي الْأَكْوَانِ
-
وَلَقَدْ أَتَى فِي رُقْيَةِ الْمَرْضَى عَنْ الْـ * ـهَادِي الْمُبِينِ أَتَمَّ مَا تِبْيَانِ
-
نَصٌّ بِأَنَّ اللَّهَ فَوْقَ سَمَائِهِ * فَاسْمَعْهُ إِنْ سَمَحَتْ لَكَ الأَذُنَانِ
-
وَلَقَدْ أَتَى خَبَرٌ رَواهُ عَمُّهُ الْـ * ـعَبَّاسُ صِنْوُ أَبِيهِ ذُو الإِحْسَانِ
-
أَنَّ السَّمَاوَاتِ الْعُلَى مِنْ فَوْقِهَا الْـ * ـكُرْسِيُّ عَلَيْهِ الْعَرْشُ لِلرَّحْمَٰنِ
-
وَاللَّهُ فَوْقَ الْعَرْشِ يُبْصِرُ خَلْقَهُ * فَانظُرْهُ إِنْ سَمَحَتْ لَكَ الْعَيْنَانِ
-
وَاذْكُرْ حَدِيثَ حُصَيْنٍ بْنِ الْمُنْذِرِ الثِّـ * ـقَةِ الرِّضَا أَعْنِي أَبَا عِمْرَانَ
-
إِذْ قَالَ رَبِّي فِي السَّمَاءِ لِرَغْبَتِي * وَلِرَهْبَتِي أَدْعُوهُ كُلَّ أَوَانِ
-
فَأَقَرَّهُ الْهَادِي الْبَشِيرُ وَلَمْ يَقُلْ * أَنْتَ الْمُجَسِّمُ قَائِلٌ بِمَكَانِ
-
حَيَّزْتَ بَلْ جَهَّيْتَ بَلْ شَبَّهْتَ بَلْ * جَسَّمْتَ لَسْتَ بِعَارِفِ الرَّحْمَـٰنِ
-
هَذِهِ مَقَالَتُهُمْ لِمَنْ قَدْ قَالَ مَا * قَدْ قَالَهُ حَقًّا أَبُو عَمْرَانَ
-
فَاللَّهُ يَأْخُذُ حَقَّهُ مِنْهُمْ وَمِنْ * أَتْبَاعِهِمْ فَالْحَقُّ لِلْدَّيَّانِ
-
وَاذْكُرْ شَهَادَتَهُ لِمَنْ قَدْ قَالَ رَبّـ * ـي فِي السَّمَاءِ بِحَقِيقَةِ الإيمَانِ
-
وَشَهَادَةَ الْعَدْلِ الْمُعَطِّلِ لِلَّذِي * قَدْ قَالَ ذَا بِحَقِيقَةِ الْكُفْرَانِ
-
وَاحْكُمْ بِأَيِّهِمَا تَشَاءُ وَإِنِّنِي * لَأَرَاكَ تَقْبَلُ شَاهِدَ الْبُطْلَانِ
-
إِنْ كُنتَ مِنْ أَتْبَاعِ جَهْمٍ صَاحِبِ التَّـ * ـعْطِيلِ وَالْبُهْتَانِ وَالْعُدْوَانِ
-
وَاذْكُرْ حَدِيثًا لِابْنِ إِسْحَاقَ الرِّضَا * ذَاكَ الصَّدُوقِ الْحَافِظِ الرَّبَّانِي
-
فِي قِصَّةِ اسْتِسْقَائِهِمْ يَسْتَشْفِعُو * نَ إِلَى الرَّسُولِ بِرَبِّهِ الْمَنَّانِ
-
فَاسْتَعْظَمَ المُختَارُ ذَاكَ وَقَالَ شَأْ * نُ اللهِ رَبِّ الْعَرْشِ أَعْظَمُ شَانِ
-
اللَّهُ فَوْقَ الْعَرْشِ فَوْقَ سَمَائِهِ * سُبْحَانَ ذِي الْمَلَكُوتِ وَالسُّلْطَانِ
-
وَلِعَرْشِهِ مِنْهُ أَطِيطٌ مِثْلَ مَا * قَدْ أَطَّ رَحْلُ الرَّاكِبِ الْعَجْلَانِ
-
لِلَّهِ مَا لَقِيَ ابْنُ إِسْحَاقٍ مِنَ الْـ * ـجَهْمِيِّ إِذْ يَرْمِيهِ بِالْعُدْوَانِ
-
وَيَظَلُّ يَمْدَحُهُ إِذَا كَانَ الَّذِي * يَرْوِي يُوَافِقُ مَذْهَبَ الطَّعَّانِ
-
كَمْ قَدْ رَأَيْنَا مِنْهُمُ أَمْثَالَ ذَا * فَالحُكْمُ لِلَّهِ الْعَظِيمِ الشَّانِ
-
هَذَا هُوَ التَّطْفِيفُ لَا التَّطْفِيفُ فِي * ذَرْعٍ وَلَا كَيْلٍ وَلَا مِيزَانِ
-
وَاذْكُرْ حَدِيثَ نُزُولِهِ نِصْفَ الدُّجَى * فِي ثُلُثِ لَيْلٍ آخِرٍ أَوْ ثَانِ
-
فِنْزُولُ رَبٍّ لَيْسَ فَوْقَ سَمَائِهِ * فِي الْعَقْلِ مُمتَنِعٌ وَفِي الْقُرْآنِ
-
وَاذْكُرْ حَدِيثَ الصَّادِقِ ابْنِ رَوَاحَةٍ * فِي شَأْنِ جَارِيَةٍ لَدَى الْغَشَيَانِ
-
فِيهِ الشَّهادَةُ أَنَّ عَرْشَ اللَّهِ فَوْ * قَ الْمَاءِ خَارِجَ هَذِهِ الْأَكْوَانِ
-
وَاللَّهُ فَوْقَ الْعَرْشِ جَلَّ جَلَالُهُ * سُبْحَانَهُ عَنْ نَفْي ذِي الْبُهْتَانِ
-
ذَكَرَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ فِي اسْتِيعَابِهِ * هَذَا وَصَحَّحَهُ بِلَا نُكْرَانِ
-
وَحَدِيثُ مِعْرَاجِ الرَّسُولِ فَثَابِتٌ * وَهُوَ الصَّرِيحُ بِغَايَةِ التِّبْيَانِ
-
وَإِلَى إِلَٰهِ الْعَرْشِ كَانَ عُرُوجُهُ * لَمْ يَخْتَلِفْ مِنْ صَحْبِهِ رَجُلَانِ
-
وَاذْكُرْ بِقِصَّةِ خَنْدَقٍ حُكْمًا جَرَى * لِقُرَيْظَةَ مِنْ سَعْدٍ الرَّبَّانِي
-
شَهِدَ الرَّسُولُ بِأَنَّ حُكْمَ إِلَهِنَا * مِنْ فَوْقِ سَبْعٍ وَفْقُهُ بِوِزَانِ
-
وَاذْكُرْ حَدِيثًا لِلْبَرَاءِ رَوَاهُ أَصْـ * ـحَابُ الْمَسَانِدِ مِنْهُمُ الشَّيْبَانِي
-
وَأَبُو عَوانَةَ ثُمَّ حَاكِمُنَا الرِّضَا * وَأَبُو نُعَيْمِ الْحَافِظُ الرَّبَّانِي
-
قَدْ صَحَّحُوهُ وَفِيهِ نَصٌّ ظَاهِرٌ * مَا لَمْ يُحَرِّفْهُ أُولُو الْعُدْوَانِ
-
فِي شَأْنِ رُوحِ الْعَبْدِ عِنْدَ وَدَاعِهَا * وَفِرَاقِهَا لِمَسَاكِنِ الْأَبْدَانِ
-
فَتَظَلُّ تَصْعَدُ فِي سَمَاءِ فَوْقَهَا * أُخْرَى إِلَى خَلَّاقِهَا الرَّحْمَٰنِ
-
حَتَّى تَصِيرَ إِلَى سَمَاءِ رَبِّهَا * فِيهَا وَهَذَا نَصُّهُ بِأَمَانِ
-
وَاذْكُرْ حَدِيثًا فِي الصَّحِيحِ وَفِيهِ تَحْـ * ـذِيرٌ لِذَاتِ الْبَعْلِ مِنْ هِجْرَانِ
-
مِنْ سُخْطِ رَبٍّ فِي السَّمَاءِ عَلَى الَّتِي * هَجَرَتْ بِلَا ذَنْبٍ وَلَا عُدْوَانِ
-
وَاذْكُرْ حَدِيثًا قَدْ رَوَاهُ جَابِرٌ * فِيهِ الشِّفَاءُ لِطَالِبِ الْإِيمَانِ
-
فِي شَأْنِ أَهْلِ الْجَنَّةِ الْعُلْيَا وَمَا * يَلْقَوْنَ مِنْ فَضْلٍ وَمِنْ إِحْسَانِ
-
بَيْنَهُمْ فِي عَيْشِهِمْ وَنَعِيمِهِمْ * وَإِذَا بِنورٍ سَاطِعِ الْغَشَيَانِ
-
لَكِنَّهُمْ رَفَعُوا إِلَيْهِ رُؤُوسَهُمْ * فَإِذَا هُوَ الرَّحْمَنُ ذُو الْغُفْرَانِ
-
فَيُسَلِّمُ الجَبَّارُ جَلَّ جَلالُهُ * حَقًّا عَلَيْهِمْ وَهُوَ ذُو الإحْسَانِ
-
وَاذْكُرْ حَدِيثًا قَدْ رَوَاهُ الشَّافِعِيُّ م * طَرِيقُهُ فِيهِ أَبُو الْيَقْظَانِ
-
فِي فَضْلِ يَوْمِ الجُمْعَةِ الْيَوْمَ الَّذِي * بِالفَضْلِ قَدْ شَهِدَتْ لَهُ النَّصَّانِ
-
يَوْمَ اسْتِوَاءِ الرَّبِّ جَلَّ جَلَالُهُ * حَقًّا عَلَى الْعَرْشِ الْعَظِيمِ الشَّانِ
-
وَاذْكُرْ مَقَالتَهُ أَلَسْتُ أَمِينًا مَنْ * فَوْقَ السَّمَاءِ الْواحِدِ الْمَنَّانِ
-
وَاذْكُرْ حَدِيثَ أَبِي رَزِينٍ ثُمَّ سُقْـ * ـهُ بِطُولِهِ كَمْ فِيهِ مِنْ عِرْفَانِ
-
وَاللَّهِ مَا لِمُعَطِّلٍ بِسَمَاعِهِ * أَبَدًا قُوًى إِلَّا عَلَى النُّكْرَانِ
-
فَأُصُولُ دِينِ نَبِيِّنَا فِيهِ أَتَتْ * فِي غَايَةِ الإِيضَاحِ وَالتِّبْيَانِ
-
وَبِطُولِهِ قَدْ سَاقَهُ ابْنُ إِمَامِنَا * فِي سُنَّةٍ وَالْحَافِظُ الطَّبَرَانِي
-
وَكَذَا أَبُو بَكْرٍ بِتَارِيخٍ لَهُ * وَأَبُوهُ ذَاكَ زُهَيْرٌ الرَّبَّانِي
-
وَاذْكُرْ كَلَامَ مُجَاهِدٍ فِي قَوْلِهِ * "أَقِمِ الصَّلَاةَ وَتِلْكَ فِي سُبْحَانِ
-
فِي ذِكْرِ تَفْسِيرِ الْمَقَامِ لِأَحْمَدٍ * مَا قِيلَ ذَا بِالرَّأْيِ وَالْحُسْبَانِ
-
إِنْ كَانَ تَجْسِيمًا فَإِنَّ مُجَاهِدًا * هُوَ شَيْخُهُمْ بَلْ شَيْخُهُ الْفَوْقَانِي
-
وَلَقدْ أَتَى ذِكْرُ الجُلُوسِ بِهِ وَفِي * أَثَرٍ رَوَاهُ جَعْفَرُ الرَّبَّانِي
-
أَعْنِي ابْنَ عَمِّ نَبِيِّنَا وَبِغَيْرِهِ * أَيْضًا أَتَى وَالْحَقُّ ذُو تِبْيَانِ
-
وَالدَّارَقُطْنِيُّ الْإِمَامُ يُثَبِّتُ الْـ * آثَارَ فِي ذَاكَ الْبَابِ غَيْرَ جَبَانِ
-
وَلَهُ قَصِيدٌ ضُمِّنَتْ هَذَا وَفِيـ * ـهَا لَسْتُ لِلْمَرْوِيِّ ذَا نُكْرَانِ
-
وَجَرَتْ لِذَلِكَ فِتْنَةٌ فِي وَقْتِهِ * مِنْ فِرْقَةِ التَّعْطِيلِ وَالْعُدْوَانِ
-
وَاللَّهُ نَاصِرُ دِينِهِ وَكِتَابِهِ * وَرَسُولِهِ فِي سَائِرِ الأَزْمَانِ
-
لَكِنْ بِمِحْنَةِ حِزْبِهِ مِنْ حَرْبِهِ * ذَا حُكْمُه مُذْ كَانَتِ الفِئَتَانِ
-
وَقَدِ اقْتَصَرْتُ عَلَى يَسِيرٍ مِنْ كَثِيـ * ـرٍ فَائِتٍ لِلْعَدِّ وَالْحُسْبَانِ
-
مَا كُلُّ هَذَا قَابِلَ التَّأْوِيلِ بِالتَّـ * ـحْرِيفِ فَاسْتَحْيُوا مِنَ الرَّحْمَٰنِ
-
هَذَا وَأَصْلُ بَلِيَّةِ الْإِسْلَامِ مِنْ * تَأْوِيلِ ذِي التَّحْرِيفِ وَالْبُطْلَانِ
-
وَهُوَ الَّذِي قَدْ فَرَّقَ السَّبْعِينَ بَلْ * زَادَتْ ثَلاثًا قَوْلَ ذِي البُرْهَانِ
-
وَهُوَ الَّذِي قَتَلَ الْخَلِيفَةَ جَامِعَ الْـ * ـقُرْآنِ ذَا النُّورَيْنِ وَالْإِحْسَانِ
-
وَهُوَ الَّذِي قَتَلَ الْخَلِيفَةَ بَعْدَهُ * أَعْنِي عَلِيًّا قَاتِلَ الْأَقْرَانِ
-
وَهُوَ الَّذِي قَتَلَ الْحُسَيْنَ وَأَهْلَهُ * فَغَدَوْا عَلَيْهِ مُمَزَّقِي اللُّحْمَانِ
-
وَهُوَ الَّذِي فِي يَوْمِ حَرَّتِهِمْ أَبَا * حَ حِمَى الْمَدِينَةِ مَعْقِلَ الْإِيمَانِ
-
حَتَّى جَرَتْ تِلكَ الدِمَاءُ كَأَنَّهَا * فِي يَوْمِ عِيدٍ سُنَّةُ القُرْبَانِ
-
وَغَدَا لَهُ الحَجَّاجُ يَسْفِكُهَا وَيَقْـ * ـتُلُ صَاحِبَ الإِيمَانِ وَالْقُرْآنِ
-
وَجَرَى بِمَكَّةَ مَا جَرَى مِنْ أَجْلِهِ * مِنْ عَسْكَرِ الْحَجَّاجِ ذِي الْعُدْوَانِ
-
وَهُوَ الَّذِي أَنْشَأَ الْخَوَارِجَ مِثْلَ مَا * أَنْشَأَ الرَّوَافِضَ أَخْبَثَ الْحَيَوَانِ
-
وَلَأَجْلِهِ شَتَمُوا خِيَارَ الْخَلْقِ بَعْـ * ـدَ الرُّسُلِ بِالْعُدْوَانِ وَالْبُهْتَانِ
-
وَلَأَجْلِهِ سَلَّ الْبُغَاةُ سُيُوفَهُمْ * ظَنًّا بِأَنَّهُمْ ذَوُو إِحْسَانِ
-
وَلِأَجْلِهِ قَدْ قَالَ أَهْلُ الْاعْتِزَالِ * لِمَقَالَةٍ هَدَّتْ قُوَى الْإِيمَانِ
-
وَلَأَجْلِهِ قَالُوا بِأَنَّ كَلَامَهُ * سُبْحَانَهُ خَلْقٌ مِنَ الْأَكْوَانِ
-
وَلَأَجْلِهِ قَدْ كَذَّبَتْ بِقَضَائِهِ * شِبْهَ الْمَجُوسِ الْعَابِدِينَ النِّيرَانِ
-
وَلَأَجْلِهِ قَدْ خَلَّدُوا أَهْلَ الْكَبَا * ئِرِ فِي الْجَحِيمِ كَعَابِدِي الْأَوْثَانِ
-
وَلَأَجْلِهِ قَدْ أَنْكَرُوا لِشَفَاعَةِ الْـ * ـمُخْتَارِ فِيهِمْ غَايَةَ النُّكْرَانِ
-
وَلَأَجْلِهِ ضُرِبَ الْإِمَامُ بِسَوْطِهِمْ * صِدِّيقُ أَهْلِ السُّنَّةِ الشَّيْبَانِي
-
وَلَأَجْلِهِ قَدْ قَالَ جَهْمٌ لَيْسَ رَبُّ * مِ العَرْشِ خَارِجَ هَذِهِ الْأَكْوَانِ
-
كَلَّا وَلَا فَوْقَ السَّمَاوَاتِ الْعُلَى * وَالْعَرْشِ مِنْ رَبٍّ وَلَا رَحْمَٰنِ
-
مَا فَوْقَهَا رَبٌّ يُطَاعُ جَبَاهُنَا * تَهْوِي لَهُ بِسُجُودِ ذِي خُضْعَانِ
-
وَلَأَجْلِهِ جُحِدَتْ صِفَاتُ كَمَالِهِ * وَالْعَرْشُ أَخْلَوْهُ مِنَ الرَّحْمَٰنِ
-
وَلَأَجْلِهِ أَفْنَى الْجَحِيمَ وَجَنَّةَ الْـ * ـمَأْوَى مَقَالَةَ كَاذِبٍ فَتَّانِ
-
وَلَأَجْلِهِ قَالَ الْإِلَهُ مُعَطَّلٌ * أَزَلًا بِغَيْرِ نِهَايَةٍ وَزَمَانِ
-
وَلَأَجْلِهِ قَدْ قَالَ لَيْسَ لِفِعْلِهِ * مِنْ غَايَةٍ هِيَ حِكْمَةُ الدَّيَّانِ
-
وَلَأَجْلِهِ قَدْ كَذَّبُوا بِنُزُولِهِ * نَحْوَ السَّمَاءِ بِنِصْفِ لَيْلٍ ثَانِ
-
وَلَأَجْلِهِ زَعَمُوا الْكِتَابَ عِبَارَةً * وَحِكَايَةً عَنْ ذَلِكَ الْقُرْآنِ
-
مَا عِنْدَنَا شَيْءٌ سِوَى الْمَخْلُوقِ وَالْـ * ـقُرْآنُ لَمْ يُسْمَعْ مِنَ الرَّحْمَٰنِ
-
مَاذَا كَلَامُ اللهِ قَطُّ حَقِيقَةً * لَكِنْ مَجَازٌ وَيْحَ ذِي الْبُهْتَانِ
-
وَلَأَجْلِهِ قُتِلَ ابْنُ نَصْرٍ أَحْمَدٌ * ذَاكَ الْخُزَاعِيُّ الْعَظِيمُ الشَّانِ
-
إذْ قَالَ ذَا الْقُرْآنُ نَفْسُ كَلَامِهِ * مَا ذَاكَ مَخْلُوقًا مِنَ الْأَكْوَانِ
-
وَهُوَ الَّذِي جَرَّ ابْنَ سِينَا وَالأُولَى * قَالُوا مَقَالَتَهُ عَلَى الْكُفْرَانِ
-
فَتَأَوَّلُوا خَلْقَ السَّمَاوَاتِ الْعُلا * وَحُدُوثَهَا بِحَقِيقَةِ الْإِمْكَانِ
-
وَتَأَوَّلُوا عِلْمَ الإِلَٰهِ وَقَوْلَهُ * وَصِفَاتِهِ بِالسَّلْبِ وَالْبُطْلَانِ
-
وَتَأَوَّلُوا الْبَعْثَ الَّذِي جَاءَتْ بِهِ * رُسُلُ الْإِلَةِ لِهَذِهِ الْأَبْدَانِ
-
بِفِرَاقِهَا لِعَنَاصِرٍ قَدْ رُكِّبَتْ * حَتَّى تَعُودَ بَسِيطَةَ الْأَرْكَانِ
-
وَهُوَ الَّذِي جَرَّا الْقَرَامِطَةَ الْأُلَى * يَتَأَوَّلُونَ شَرَائِعَ الْإِيمَانِ
-
فَتَأوَّلُوا العَمَليَّ مِثْلَ تَأوُّلِ الْـ * ـعِلْمِيِّ عِندَكُم بِلا فُرْقَانِ
-
وَهُوَ الَّذِي جَرَّ النَّصِيرَ وَحِزْبَهُ * حَتَّى أَتَوْا بِعَسَاكِرِ الْكُفْرَانِ
-
فَجَرَى عَلَى الْإِسْلَامِ أَعْظَمُ مِحْنَةٍ * وَخُمَارُهَا فِينَا إِلَى ذَا الْآنِ
-
وَجَمِيعُ مَا فِي الْكَوْنِ مِنْ بِدَعٍ وَأَحْـ * ـدَاثٍ تُخَالِفُ مُوجَبَ الْقُرْآنِ
-
فَأَسَاسُهَا التَّأْوِيلُ ذُو الْبُطْلَانِ لَا * تَأْوِيلُ أَهْلِ الْعِلْمِ وَالْإِيمَانِ
-
إِذْ ذَاكَ تَفْسِيرُ الْمُرَادِ وَكَشْفُهُ * وَبَيَانُ مَعْنَاهُ إِلَى الْأَذْهَانِ
-
قَدْ كَانَ أَعْلَمُ خَلْقِهِ بِكَلَامِهِ * صَلَّى عَلَيْهِ اللَّهُ كُلَّ أَوَانِ
-
يَتَأَوَّلُ الْقُرْآنَ عِندَ رُكُوعِهِ * وَسُجُودِهِ تَأْوِيلَ ذِي بُرْهَانِ
-
هَذَا الَّذِي قَالَتْهُ أُمُّ الْمُؤْمِنِيـ * ـنَ حِكَايَةً عَنْهُ لَهَا بِلِسَانِ
-
فَانْظُرْ إلَى التَّأْوِيلِ مَا تَعْنِي بِهِ * خَيْرُ النِّسَاءِ وَأَفْقَهُ النِّسْوَانِ
-
أَتَظُنُّهَا تَعْنِي بِهِ صَرْفًا عَنِ الْـ * ـمَعْنَى الْقَوِيِّ لِغَيْرِ ذِي الرُّجْحَانِ
-
وَانظُرْ إِلَى التَّأْوِيلِ حِينَ يَقُولُ عَلِّـ * ـمْهُ لِعَبْدِ اللَّهِ فِي الْقُرْآنِ
-
مَاذَا أَرَادَ بِهِ سِوَى تَفْسِيرِهِ * وَظُهُورِ مَعْنَاهُ لَهُ بِبَيَانِ
-
قَوْلُ ابْنِ عَبَّاسٍ هُوَ التَّأْوِيلُ لَا * تَأْوِيلُ جَهْمِيٍّ أَخِي بُهْتَانِ
-
وَحَقِيقَةُ التَّأوِيلِ مَعْنَاهُ الرُّجُو * عُ إِلَى الحَقِيقَةِ لَا إِلَى الْبُطْلَانِ
-
وَكَذَاكَ تَأْوِيلُ الْمَنَامِ حَقِيقَةُ الْـ * ـمَرْئِيِّ لَا التَّحْرِيفُ بِالْبُهْتَانِ
-
وَكَذَاكَ تَأْوِيلُ الَّذِي قَدْ أَخْبَرَتْ * رُسُلُ الْإِلَٰهِ بِهِ مِنَ الْإِيمَانِ
-
نَفْسُ الحَقِيقَةِ إِذْ تُشَاهِدُهَا لَدَى * يَوْمِ المَعَادِ بِرُؤْيَةٍ وَعِيَانِ
-
لَا خُلْفَ بَيْنَ أئِمَّةِ التَّفْسِيرِ فِي * هَذَا وَذَٰلِكَ وَاضِحُ التِّبْيَانِ
-
هَذَا كَلَامُ اللهِ ثُمَّ رَسُولِهِ * وَأَئِمَّةِ التَّفْسِيرِ لِلْقُرْآنِ
-
تَأْوِيلُهُ هُوَ عِندَهُمْ تَفْسِيرُهُ * بِالظَّاهِرِ الْمَفْهُومِ لِلْأَذْهَانِ
-
مَا قَالَ مِنْهُم قَطُّ شَخْصٌ وَاحِدٌ * تَأْوِيلُهُ صَرْفٌ عَنِ الرُّجْحَانِ
-
كَلَّا وَلَا نَفْيُ الحَقِيقَةِ لَا وَلَا * عَزْلُ النُّصُوصِ عَنِ اليَقِينِ فَذَانِ
-
تَأْوِيلُ أَهْلِ الْبَاطِلِ الْمَرْدُودِ عِنْـ * ـدَ أَئِمَّةِ الْإِيمَانِ وَالْعُرْفَانِ
-
وَهُوَ الَّذِي لَا شَكَّ فِي بُطْلَانِهِ * وَاللَّهُ يَقْضِي فِيهِ بِالْبُطْلَانِ
-
فَجَعَلْتُمُ لِلَّفْظِ مَعْنًى غَيْرَ مَعْـ * ـنَاهُ لَدَيْهِمْ بِاصْطِلَاحٍ ثَانِ
-
وَحَمَلْتُمُ لَفْظَ الْكِتَابِ عَلَيْهِ حَتَّـ * ـى جَاءَكُمْ مِنْ ذَاكَ مَحْذُورَانِ
-
كَذِبٌ عَلَى الأَلْفَاظِ مَعْ كَذِبٍ عَلَى * مَنْ قَالَهَا كَذِبَانِ مَقْبُوحَانِ
-
وَتَلَاهُمَا أَمْرَانِ أَقْبَحُ مِنهُمَا * جَحْدُ الهُدَى وَشَهَادَةُ البُهْتَانِ
-
إِذْ يَشْهَدُونَ الزُّورَ أَنَّ مُرَادَهُ * غَيْرُ الحَقِيقَةِ وَهْيَ ذُو بُطْلَانِ
-
وَعَلَيْكُمُ فِي ذَلِكَ وَظَائِفُ أَرْبَعٌ * وَاللَّهِ لَيْسَ لَكُمْ بِهِنَّ يَدَانِ
-
مِنْهَا دَلِيلٌ صَارِفٌ لِلَّفْظِ عَنْ * مَوْضُوعِهِ الأصْلِيِّ بِالْبُرْهَانِ
-
إِذْ مُدَّعِي نَفْسِ الْحَقِيقَةِ مُدَّعٍ * لِلْأَصْلِ لَمْ يَحْتَجْ إِلَى بُرْهَانِ
-
فَإِذَا اسْتَقَامَ لَكُمْ دَلِيلُ الصَّرْفِ يَا * هَيْهَاتَ طُولِبْتُم بِأَمْرٍ ثَانِ
-
وَهُوَ احْتِمَالُ اللَّفْظِ لِلْمَعْنَى الَّذِي * قُلْتُمْ هُوَ الْمَقْصُودُ بِالتِّبْيَانِ
-
فَإِذَا أَتَيْتُم ذَاكَ طُولِبْتُم بِأَمْـ * ـرٍ ثَالِثٍ مِنْ بَعْدِ هَذَا الثَّانِي
-
إذْ قُلتُمُ إنَ المُرَادَ كَذَا فَمَا * ذَا دَلَّكُمْ أَتَخَرُّصُ الكُهَّانِ
-
هَبْ أَنَّهُ لَمْ يَقْصِدِ الْمَوْضُوعَ لَـ * ـكِنْ قَدْ يَكُونُ الْقَصْدُ مَعْنًى ثَانِ
-
غَيْرَ الَّذِي عَيَّنْتُمُوهُ وَقَدْ يَكُو * نُ اللَّفْظُ مَقْصُودًا بِدُونِ مَعَانِ
-
لِتَعَبُّدٍ وَتِلَاوَةٍ وَيَكُونُ ذَا * كَالْقَصْدِ أَنْفَعَ وَهْوَ ذُو إِمْكَانِ
-
مِنْ قَصْدِ تَحْرِيفٍ لَهَا يُسْمَى بِتَأْ * وِيلٍ مَعَ الْإِتْعَابِ لِلْأَذْهَانِ
-
وَاللَّهِ مَا الْقَصْدَانِ فِي حَدٍّ سَوَا * فِي حِكْمَةِ الْمُتَكَلِّمِ الْمَنَّانِ
-
بَلْ حِكْمَةُ الرَّحْمَـنِ تُبْطِلُ قَصْدَهُ التَّـ * ـحْرِيفَ حَاشَا حِكْمَةَ الرَّحْمَٰنِ
-
وَكَذَاكَ تُبْطِلُ قَصْدَهُ إِنْزَالَهَا * مِنْ غَيْرِ مَعْنًى وَاضِحِ التِّبْيَانِ
-
وَهُمَا طَرِيقَا فِرْقَتَيْنِ كِلَاهُمَا * عَنْ مَقْصِدِ القُرْآنِ مُنْحَرِفَانِ