Nooniyah Ibn Al-Qayyim

نونية ابن القيم

  1. حُكْمُ الْمَحَبَّةِ ثَابِتُ الْأَرْكَانِ * مَا لِلصُّدُودِ بِفَسْخِ ذَاكَ يَدَانِ

  2. أَنَّى وَقَاضِي الْحُسْنِ نَفَّذَ حُكْمَهَا * فَلِذَا أَقَرَّ بِذَلِكَ الْخَصْمَانِ

  3. وَأَتَتْ شُهُودُ الْوَصْلِ تَشْهَدُ أَنَّهُ * حَقًّا جَرَى فِي مَجْلِسِ الإِحْسَانِ

  4. فَتَأَكَّدَ الْحُكْمُ الْعَزِيزُ فَلَمْ يَجِدْ * فَسْخُ الْوُشَاةِ إِلَيْهِ مِنْ سُلْطَانِ

  5. وَلِأَجْلِ ذَا حُكْمُ الْعَذُولِ تَدَاعَتِ الْـ * أَرْكَانُ مِنْهُ فَخَرَّ لِلأَرْكَانِ

  6. وَأَتَى الْوُشَاةُ فَصَادَفُوا الْحُكْمَ الَّذِي * حَكَمُوا بِهِ مُتَيَقَّنَ الْبُطْلَانِ

  7. مَا صَادَفَ الْحُكْمُ الْمَحَلَّ وَلَا هُوَ اسْـ * ـتَوْفَى الشُّرُوطَ فَصَارَ ذَا بُطْلَانِ

  8. فَلِذَاكَ قَاضِى الْحُسْنِ أَثْبَتَ مَحْضَرًا * بِفَسَادِ حُكْمِ الْهَجْرِ وَالسُّلْوَانِ

  9. وَحَكَى لَكَ الْحُكْمَ الْمُحَالَ وَنَقْضَهُ * فَاسْمَعْ إِذًا يَا مَنْ لَهُ أُذُنَانِ

  10. حَكَمَ الْوُشَاةُ بِغَيْرِ مَا بُرْهَانِ * أَنَّ الْمَحَبَّةَ وَالصُّدُودَ لِدَانِ

  11. وَاللَّهِ مَا هَذَا بِحُكْمٍ مُقْسِطٍ * أَيْنَ الْغَرَامُ وَصَدُّ ذِي هِجْرَانِ

  12. شَتَّان بَيْنَ الْحَالَتَيْنِ فَإنْ تُرِدْ * جَمْعًا فَمَا الضِّدَّانِ يَجْتَمِعَانِ

  13. يَا وَالِهًا هَانَتْ عَلَيهِ نَفْسُهُ * إذْ بَاعَهَا غَبْنًا بِكُلِّ هَوَانِ

  14. أتَبِيعُ مَنْ تَهْواهُ نَفْسُك طَائِعًا * بِالصَّدِّ وَالتَّعْذِيبِ وَالهِجْرَانِ

  15. أجَهِلْتَ أَوْصَافَ الْمَبِيعِ وَقَدْرَهُ * أمْ كُنْتَ ذَا جَهْلٍ بِذِي الأَثْمَانِ

  16. وَاهًا لِقَلْبٍ لَا يُفارِقُ طَيْرُه الْـ * أَغْصَانَ قَائِمَةً عَلَى الْكُثْبَانِ

  17. وَيظَلُّ يَشْجَعُ فَوْقَهَا وَلِغَيْرِهِ * مِنْهَا الثِّمَارُ وَكُلُّ قِطْفٍ دَانِ

  18. وَيَبِيتُ يَبْكِي وَالمُوَاصِلُ ضَاحِكٌ * وَيَظَلُّ يَشْكُو وَهْوَ ذُو شُكْرَانِ

  19. هَذَا وَلَوْ أَنَّ الْجَمَالَ مُعَلَّقٌ * بِالنَّجْمِ هَمَّ إليْهِ بِالطَّيَرَانِ

  20. لِلَّهِ زَائِرَةٌ بِلَيْلٍ لَمْ تَخَفْ * عَسَسَ الْأَمِيرِ وَمَرْصَدَ السَّجَّانِ

  21. قَطَعَتْ بِلَادَ الشَّامِ ثُمَّ تَيمَّمَتْ * مِنْ أَرْضِ طَيْبَةَ مَطلِعَ الْإِيمَانِ

  22. وَأَتَتْ عَلَى وَادِي الْعَقِيقِ فَجَاوَزَتْ * مِيقَاتَهُ حِلًّا بِلَا نُكْرَانِ

  23. وَأَتَتْ عَلَى وَادِي الْأَرَاكِ وَلَمْ يَكُنْ * قَصْدًا لَهَا فَأْلًا بِأَنْ سَتَرَانِي

  24. وَأَتَتْ عَلَى عَرَفَاتِ ثُمَّ مُحَسِّرٍ * وَمِنًى فَكَمْ نَحَرَتْهُ مِنْ قُرْبَانِ

  25. وَأَتَتْ عَلَى الْجَمَرَاتِ ثُمَّ تَيَمَّمَتْ * ذَاتَ السُّتُورِ وَرَبَّةَ الْأَرْكَانِ

  26. هَذَا وَمَا طَافَتْ وَلَا اسْتَلَمَتْ وَلَا * رَمَتِ الْجِمَارَ وَلَا سَعَتْ لِقِرَانِ

  27. وَعَلَتْ عَلَى أَعْلَى الصَّفَا فَتَيمَّمَتْ * دَارًا هُنَالِكَ لِلْمُحِبِّ الْعَانِي

  28. أَتُرَى الدَّلِيلَ أَعَارَهَا أَثْوَابَهُ * وَالرِّيحَ أَعْطَتْهَا مِنَ الْخَفَقَانِ

  29. وَاللَّهِ لَوْ أَنَّ الدَّلِيلَ مَكَانَهَا * مَا كَانَ ذَلِكَ مِنْهُ فِي إِمْكَانِ

  30. هَذَا وَلَوْ سَارَتْ مَسِيرَ الرِّيحِ مَا * وَصَلَتْ بِهِ لَيْلًا إِلَى نَعْمَانِ

  31. سَارَتْ وَكَانَ دَلِيلَهَا فِي سَيْرِهَا * سَعْدُ السُّعُودِ وَلَيْسَ بِالدَّبَرَانِ

  32. وَرَدَتْ جِفَارَ الدَّمْعِ وَهْيَ غَزِيرَةٌ * فَلِذَاكَ مَا احْتَاجَتْ وُرُودَ الضَّانِ

  33. وَعَلَتْ عَلَى مَتْنِ الْهَوَى وَتَزَوَّدَتْ * ذِكْرَ الحَبِيبِ وَوَصْلَهُ الْمُتَدَانِي

  34. عَدَتْ بِزَوْرَتِهَا فَأَوْفَتْ بِالَّذِي * وَعَدَتْ وَكَانَ بِمُلْتَقَى الْأَجْفَانِ

  35. لَمْ تَفْجَأِ الْمُشْتَاقَ إِلَّا وَهْيَ دَا * خِلَةُ السُّتُورِ بِغَيْرِ مَا اسْتِئْذَانِ

  36. قَالَتْ وَقَدْ كَشَفَتْ نِقَابَ الْحُسْنِ مَا * بِالصَّبْرِ لِي عَنْ أنْ أَرَاكَ يَدانِ

  37. وَتَحَدَّثَتْ عِنْدِي حَدِيثًا خِلْتُهُ * صِدْقًا وَقَدْ كَذَبَتْ بِهِ الْعَيْنَانِ

  38. فَعَجِبْتُ مِنْهُ وَقُلْتُ مَنْ فَرَحِي بِهِ * طَمَعًا وَلَكِنَّ الْمَنَامَ دَهَانِي

  39. إِنْ كُنْتِ كَاذِبَةَ الَّذِي حَدَّثْتِنِي * فَعَلَيْكِ إِثْمُ الْكَاذِبِ الْفَتَّانِ

  40. جَهْمِ بْنِ صَفْوَانٍ وَشِيعَتِهِ الأُلَى * جَحَدُوا صِفَاتِ الْخَالِقِ الْمَنَّانِ

  41. بَلْ عَطَّلُوا مِنْهُ السَّمَاوَاتِ الْعُلَى * وَالْعَرْشَ أَخْلَوْهُ مِنَ الرَّحْمٰنِ

  42. وَنَفَوْا كَلَامَ الرَّبِّ جلَّ جَلَالُهُ * وَقَضَوْا لَهُ بِالْخَلْقِ وَالْحِدْثَانِ

  43. قَالُوا وَلَيْسَ لِرَبِّنَا سَمْعٌ وَلَا * بَصَرٌ وَلَا وَجْهٌ فَكَيْفَ يَدَانِ

  44. وَكَذَاكَ لَيْسَ لِرَبِّنَا مِنْ قُدْرَةٍ * وَإِرَادَةٍ أَوْ رَحْمَةٍ وَحَنَانِ

  45. كَلَّا وَلَا وَصْفٌ يَقُومُ بِهِ سِوَى * ذَاتٍ مُجَرَّدَةٍ بِغَيْرِ مَعَانِ

  46. وَحَيَاتُهُ هِيَ نَفْسُهُ وَكَلَامُهُ * هُوَ غَيْرُهُ فَاعْجَبْ لِذَا الْبُهْتَانِ

  47. وَكَذَاكَ قَالُوا مَا لَهُ مِنْ خَلْقِهِ * أَحَدٌ يَكُونُ خَلِيلَهُ النَّفْسَانِي

  48. وَخَلِيلُهُ الْمُحْتَاجُ عِنْدَهُمُ وَفِي * ذَا الْوَصْفِ يَدْخُلُ عَابِدُ الْأَوْثَانِ

  49. فَالْكُلُّ مُفْتَقِرٌ إِلَيْهِ لِذَاتِهِ * فِي أَسْرِ قَبْضَتِهِ ذَلِيلٌ عَانِ

  50. وَلِأَجْلِ ذَا ضَحَّى بِجَعْدٍ خَالِدُ الْـ * ـقَسْرِيُّ يَوْمَ ذَبَائِحِ الْقُرْبَانِ

  51. إِذْ قَالَ: إِبْرَاهِيمُ لَيْسَ خَلِيلَهُ * كَلَّا وَلَا مُوسَى الْكَلِيمَ الدَّانِي

  52. شَكَرَ الضَّحِيَّةَ كُلُّ صَاحِبِ سُنَّةٍ * لِلَّهِ دَرُّكَ مِنْ أَخِي قُرْبَانِ

  53. وَالْعَبْدُ عِنْدَهُمُ فَلَيْسَ بِفَاعِلٍ * بَلْ فِعْلُهُ كَتَحَرُّكِ الرَّجْفَانِ

  54. وَهُبُوبِ رِيحٍ أَوْ تَحَرُّكِ نَائِمٍ * وَتَحَرُّكِ الْأَشْجَارِ لِلْمَيَلَانِ

  55. وَاللَّهُ يُصْلِيهِ عَلَى مَا لَيْسَ مِنْ * أفْعَالِهِ حَرَّ الْحَمِيمِ الآنِي

  56. لَكِنْ يُعَاقِبُهُ عَلَى أَفْعَالِهِ * فِيهِ تَعَالَى اللَّهُ ذُو الْإِحْسَانِ

  57. وَالظُّلْمُ عِنْدَهُمُ الْمُحَالُ لِذَاتِهِ * أنَّى يُنَزَّهُ عَنْهُ ذُو السُّلْطَانِ

  58. وَيَكُونُ مَدْحًا ذَلِكَ التَّنْزِيهُ مَا * هَذَا بِمَعْقُولٍ لَدَى الْأَذْهَانِ

  59. وَكَذَاكَ قَالُوا مَا لَهُ مِنْ حِكْمَةٍ * هِيَ غَايَةٌ لِلْأَمْرِ وَالْإِتْقَانِ

  60. مَا ثَمَّ غَيْرُ مَشِيئَةٍ قَدْ رَجَّحَتْ * مِثْلًا عَلَى مِثْلٍ بِلَا رُجْحَانِ

  61. هَذَا وَمَا تِلْكَ الْمَشِيئَةُ وَصْفَهُ * بَلْ ذَاتُهُ أَوْ فِعْلُهُ قَولَانِ

  62. وَكَلَامُهُ مُذْ كَانَ غَيْرًا كَانَ مَخْـ * ـلُوقًا لَهُ مِنْ جُمْلَةِ الْأَكْوَانِ

  63. قَالُوا وَإقْرَارُ الْعِبَادِ بِأَنَّهُ * خَلَّاقُهُمْ هُوَ مُنْتَهَى الْإِيْمَانِ

  64. وَالنَّاسُ فِي الْإِيمَانِ شَيْءٌ وَاحِدٌ * كَالْمُشْطِ عِنْدَ تَمَاثُلِ الْأَسْنَانِ

  65. فَاسْأَلْ أَبَا جَهْلٍ وَشِيعَتَهُ وَمَنْ * وَالَاهُمُ مِنْ عَابِدِي الْأَوْثَانِ

  66. وَسَلِ الْيَهُودَ وَكُلَّ أَقْلَفَ مُشْرِكٍ * عَبَدَ المَسِيحَ مُقَبِّلَ الصُّلْبَانِ

  67. وَاسْأَلْ ثَمُودَ وَعَادَ بَلْ سَلْ قَبْلَهُمْ * أعْدَاءَ نُوحٍ أُمَّةَ الطُّوفَانِ

  68. وَاسْأَلْ أَبَا الجِنِّ اللَّعِينَ أَتَعْرِفُ الْـ * ـخَلَّاقَ أَمْ أَصْبَحْتَ ذَا نُكْرَانِ

  69. وَاسْأَلْ شِرَارَ الْخَلْقِ أَعْنِي أُمَّةً * لُوطِيَّةً هُمْ نَاكِحُو الذُّكْرَانِ

  70. وَاسْأَلْ كَذَاكَ إِمَامَ كُلِّ مُعَطِّلٍ * فِرعَونَ مَعْ قَارُونَ مَعْ هَامَانِ

  71. هَلْ كَانَ فِيهِمْ مُنْكِرٌ لِلْخالِقِ الرَّ * بِّ الْعَظِيمِ مُكَوِّنِ الْأَكْوَانِ

  72. فَلْيُبْشِرُوا مَا فِيهِمُ مِنْ كَافِرٍ * هُمْ عِنْدَ جَهْمٍ كَامِلُو الْإِيمَانِ

  73. وَقَضَى بِأَنَّ اللَّهَ كَانَ مُعَطَّلًا * وَالْفِعْلُ مُمْتَنِعٌ بِلَا إِمْكَانِ

  74. ثُمَّ اسْتَحَالَ وصَارَ مَقْدُورًا لَهُ * مِنْ غَيْرِ أَمْرٍ قَامَ بِالدَّيَّانِ

  75. بَلْ حَالُهُ سُبْحَانَهُ فِي ذَاتِهِ * قَبْلَ الْحُدُوثِ وَبَعْدَهُ سِيَّانِ

  76. وَقَضَى بِأَنَّ النَّارَ لَمْ تُخْلَقْ وَلَا * جَنَّاتُ عَدْنٍ بَلْ هُمَا عَدَمَانِ

  77. فَإِذَا هُمَا خُلِقَا لِيَوْمِ مَعَادِنَا * فَهُمَا عَلَى الْأَوْقَاتِ فَانِيَتَانِ

  78. وَتَلَطَّفَ الْعَلَّافُ مِنْ أَتْبَاعِهِ * فَأَتَى بِضُحْكَةِ جَاهِلٍ مَجَّانِ

  79. قَالَ الْفَنَاءُ يَكُونُ فِي الْحَرَكاتِ لَا * فِي الذَّاتِ وَاعَجَبَا لِذَا الْهَذَيَانِ

  80. أَيَصِيرُ أَهْلُ الْخُلْدِ فِي جَنَّاتِهِمْ * وجَحِيمِهِمْ كَحِجَارَةِ الْبُنْيَانِ

  81. مَا حَالُ مَنْ قَدْ كَانَ يَغْشَى أَهْلَهُ * عِنْدَ انْقِضَاءِ تَحَرُّكِ الْحَيَوَانِ

  82. وَكَذَاكَ مَا حَالُ الَّذِي رَفَعَتْ يَدَا * هُ أُكْلَةً مِنْ صَحْفَةٍ وَخِوَانِ

  83. فَتَنَاهَتِ الْحَرَكَاتُ قَبْلَ وُصُولِهَا * لِلْفَمِّ عِنْدَ تَفَتُّحِ الْأَسْنَانِ

  84. وَكَذَاكَ مَا حَالُ الَّذِي امْتَدَّتْ يَدٌ * مِنْهُ إِلَى قِنْوٍ مِنَ الْقِنْوَانِ

  85. فَتَنَاهَتِ الْحَرَكَاتُ قَبْلَ الْأَخْذِ هَلْ * يَبْقَى كَذَلِكَ سَائِرَ الْأَزْمَانِ

  86. تَبًّا لِهَاتِيكَ الْعُقُولِ فَإِنَّهَا * وَاللَّهِ قَدْ مُسِخَتْ عَلَى الْأَبْدَانِ

  87. تَبًّا لِمَنْ أَضْحَى يُقَدِّمُهَا عَلَى الْـ * آثارِ وَالْأَخْبَارِ وَالْقُرْآنِ

  88. وَقَضَى بِأَنَّ اللَّهَ يَجْعَلُ خَلْقَهُ * عَدَمًا وَيقْلِبُهُ وُجُودًا ثَانِي

  89. الْعَرْشُ وَالْكُرْسِيُّ وَالْأَرْوَاحُ وَالْـ * أَمْلَاكُ وَالْأَفْلَاكُ وَالْقَمَرَانِ

  90. وَالْأَرْضُ وَالْبَحْرُ الْمُحِيطُ وَسَائِرُ الْـ * أَكْوَانِ مِنْ عَرَضٍ وَمِنْ جُثْمَانِ

  91. كُلٌّ سَيُفْنِيهِ الْفَنَاءَ الْمَحْضَ لَا * يَبْقَى لَهُ أَثَرٌ كَظِلٍّ فَانِ

  92. وَيُعِيدُ ذَا الْمَعْدُومَ أَيْضًا ثَانِيًا * مَحْضَ الْوُجُودِ إِعَادَةً بِزَمَانِ

  93. هَذَا الْمَعَادُ وَذَلِكَ الْمَبْدَا لَدَى * جَهْمٍ وقَدْ نَسَبُوهُ لِلْقُرْآنِ

  94. هَذَا الِّذِي قَادَ ابْنَ سِينَا وَالْأُلَى * قَالُوا مَقَالَتَهُ إِلى الْكُفْرَانِ

  95. لَمْ تَقْبَلِ الْأَذْهَانُ ذَا وَتَوَهَّمُوا * أنَّ الرَّسُولَ عَنَاهُ بِالْإِيمَانِ

  96. هَذَا كِتَابُ اللَّهِ أنَّى قَالَ ذَا * أوْ عَبْدُهُ الْمَبْعُوثُ بِالبُرْهَانِ

  97. أَوْ صَحْبُهُ مِنْ بَعْدِهِ أَوْ تَابِعٌ * لَهُمُ عَلَى الْإِيمَانِ وَالْإِحْسَانِ

  98. بَلْ صَرَّحَ الْوَحْيُ الْمُبِيْنُ بِأَنَّهُ * حَقًّا مُغِيِّرُ هَذِهِ الْأَكْوَانِ

  99. فَيُبَدِّلُ اللَّهُ السَّمَاوَاتِ الْعُلَى * وَالْأَرْضَ أَيْضًا ذَانِ تَبْدِيلَانِ

  100. وَهُمَا كَتَبْدِيلِ الْجُلُودِ لِسَاكِنِي النِّـ * ـيرَانِ عِنْدَ النُّضْجِ مِنْ نِيرَانِ

  101. وَكَذَاكَ يَقْبِضُ أَرْضَهُ وَسَمَاءَهُ * بِيَدَيْهِ مَا الْعَدَمَانِ مَقْبُوضَانِ

  102. وَتُحَدِّثُ الْأَرْضُ الَّتِي كُنَّا بِهَا * أَخْبَارَهَا فِي الْحَشْرِ لِلرَّحْمٰنِ

  103. وَتَظَلُّ تَشْهَدُ وَهْيَ عَدْلٌ بِالَّذِي * مِنْ فَوْقِهَا قَدْ أَحْدَثَ الثَّقَلَانِ

  104. أَفَيَشْهَدُ الْعَدَمُ الَّذِي هُوَ كَاسْمِهِ * لَا شَيْءَ هَذَا لَيْسَ فِي الْإِمْكَانِ

  105. لَكِنْ تُسَوَّى ثُمَّ تُبْسَطُ ثُمَّ تَشْـ * ـهَدُ ثُمَّ تُبْدَلُ وَهْيَ ذَاتُ كِيانِ

  106. وَتُمَدُّ أَيْضًا مِثْلَ مَدِّ أَدِيمِنَا * مِنْ غَيْرِ أَوْدِيَةٍ وَلَا كُثْبَانِ

  107. وَتَقِيءُ يَوْمَ العَرْضِ ذَا أَكْبَادَهَا * كَالْأُسْطُوَانِ نَفَائِسَ الْأَثْمَانِ

  108. كُلٌّ يَرَاهُ بِعَيْنِهِ وَعِيَانِهِ * مَا لِامْرِئٍ بِالْأَخْذِ مِنْهُ يَدَانِ

  109. وَكَذَا الْجِبَالُ تُفَتُّ فَتًّا مُحْكَمًا * فَتَعُودُ مِثْلَ الرَّمْلِ ذِي الْكُثْبَانِ

  110. وَتَكُونُ كَالْعِهْنِ الَّذِي أَلْوَانُهُ * وَصِبَاغُهُ مِنْ سَائِرِ الْأَلْوَانِ

  111. وَتُبَسُّ بَسًّا مِثْلَ ذَاكَ فَتَنْثَنِي * مِثْلَ الْهَبَاءِ لِنَاظِرِ الْإِنْسَانِ

  112. وَكَذَا الْبِحَارُ فَإِنَّهَا مَسْجُورَةٌ * قَدْ فُجِّرَتْ تَفْجِيرَ ذِي سُلْطَانِ

  113. وَكَذَلِكَ الْقَمَرَانِ يَأْذَنُ رَبُّنَا * لَهُمَا فَيَجْتَمِعَانِ يَلْتَقِيَانِ

  114. هَذِي مُكَوَّرَةٌ وَهَذَا خَاسِفٌ * وَكِلَاهُمَا فِي النَّارِ مَطْرُوحَانِ

  115. وَكَوَاكِبُ الْأَفْلَاكِ تُنْثَرُ كُلُّهَا * كَلَآلِئٍ نُثِرَتْ عَلَى مَيْدَانِ

  116. وَكَذَا السَّمَاءُ تُشَقُّ شَقًّا ظَاهِرًا * وَتَمُورُ أَيْضًا أَيَّمَا مَوَرَانِ

  117. وَتَصِيرُ بَعْدَ الْاِنْشِقَاقِ كَمِثْلِ هَـ * ـذَا الْمُهْلِ أَوْ تَكُ وَرْدَةً كَدِهَانِ

  118. وَالْعَرْشُ وَالْكُرْسِيُّ لَا يُفْنِيهُمَا * أَيْضًا وَإنَّهُمَا لَمَخْلُوقَانِ

  119. وَالْحُورُ لَا تَفْنَى كَذَلِكَ جَنَّةُ الْـ * ـمَأْوَى وَمَا فِيهَا مِنَ الْوِلْدَانِ

  120. وَلِأَجْلِ هَذَا قَالَ جَهْمٌ إِنَّهَا * عَدَمٌ وَلَمْ تُخْلَقْ إِلَى ذَا الْآنِ

  121. وَالْأَنْبِيَاءُ فَإِنَّهُمْ تَحْتَ الثَّرَى * أَجْسَامُهُمْ حُفِظَتْ مِنَ الدِّيدَانِ

  122. مَا لِلْبَلَى بِلُحُومِهِمْ وَجُسُومِهِمْ * أَبَدًا وَهُمْ تَحْتَ التُّرَابِ يَدَانِ

  123. وَكَذَاكَ عَجْبُ الظَّهْرِ لَا يَبْلَى بَلَى * مِنْهُ تُركَّبُ خِلْقَةُ الْإِنْسَانِ

  124. وَكَذَلِكَ الْأَرْوَاحُ لَا تَبْلَى كَمَا * تَبْلَى الْجُسُومُ وَلَا بِلَى اللُّحْمَانِ

  125. وَلِأَجْلِ ذَلِكَ لَمْ يُقِرَّ الْجَهْمُ بِالْـ * ـأَرْوَاحِ خَارِجَةً عَنِ الْأَبْدَانِ

  126. لَكِنَّهَا مِنْ بَعْضِ أَعْرَاضٍ بِهَا * قَامَتْ وَذَا فِي غَايَةِ الْبُطْلَانِ

  127. فَالشَّأْنُ لِلْأَرْوَاحِ بَعْدَ فِرَاقِهَا * أَبْدَانَنَا وَاللَّهِ أَعْظَمُ شَانِ

  128. إِمَّا عَذَابٌ أَوْ نَعِيمٌ دَائِمٌ * قَدْ نُعِّمَتْ بِالرَّوْحِ وَالرَّيْحَانِ

  129. وَتَصِيرُ طَيْرًا سَارِحًا مَعَ شَكْلِهَا * تَجْنِي الثِّمَارَ بِجَنَّةِ الْحَيَوَانِ

  130. وَتَظَلُّ وَارِدَةً لِأَنْهَارٍ بِهَا * حَتَّى تَعُودَ لِذَلِكَ الْجُثْمَانِ

  131. لَكِنَّ أَرْوَاحَ الَّذِينَ اسْتُشْهِدُوا * فِي جَوْفِ طَيْرٍ أخْضَرٍ رَيَّانِ

  132. فَلَهُمْ بِذَاكَ مَزِيَّةٌ فِي عَيْشِهِمْ * وَنَعِيمُهُمْ لِلرُّوحِ وَالْأَبْدَانِ

  133. بَذَلُوا الْجُسُومَ لِرَبِّهِمْ فَأَعَاضَهُمْ * أَجْسَامَ تِلْكَ الطَّيْرِ بِالْإِحْسَانِ

  134. وَلَهَا قَنَادِيلٌ إِلَيْهَا تَنْتَهِي * مَأْوًى لَهَا كَمَسَاكِنِ الْإِنْسَانِ

  135. فَالرُّوحُ بَعْدَ الْمَوْتِ أَكْمَلُ حَالَةً * مِنْهَا بِهَذِي الدَّارِ فِي جُثْمَانِ

  136. وَعَذَابُ أَشْقَاهَا أَشَدُّ مِنَ الَّذِي * قَدْ عَايَنَتْ أَبْصَارُنَا بِعِيَانِ

  137. وَالْقَائِلُونَ بِأَنَّهَا عَرَضٌ أَبَوْا * ذَا كُلَّهُ تَبًّا لِذِي نُكْرَانِ

  138. وَإِذَا أَرَادَ اللَّهُ إِخْرَاجَ الْوَرَى * بَعْدَ الْمَمَاتِ إِلَى الْمَعَادِ الثَّانِي

  139. أَلْقَى عَلَى الْأَرْضِ الَّتِي هُمْ تَحْتَهَا * وَاللَّهُ مُقْتَدِرٌ وَذُو سُلْطَانِ

  140. مَطَرًا غَلِيظًا أَبْيَضًا مُتَتَابِعًا * عَشْرًا وَعَشْرًا بَعْدَهَا عَشْرَانِ

  141. فَتَظَلُّ تَنْبُتُ مِنْهُ أَجْسَامُ الْوَرَى * وَلُحُومُهُمْ كَمَنَابِتِ الرَّيْحَانِ

  142. حَتَّى إِذَا مَا الْأُمُّ حَانَ وِلَادُهَا * وَتَمَخَّضَتْ فَنِفَاسُهَا مُتَدَانِ

  143. أَوْحَى لَهَا رَبُّ السَّمَا فَتَشَقَّقَتْ * فَبَدَا الْجَنِينُ كَأَكْمَلِ الشُّبَّانِ

  144. وَتَخَلَّتِ الْأُمُّ الْوَلُودُ وَأَخْرَجَتْ * أَثْقَالَهَا أُنْثَى وَمِنْ ذُكْرَانِ

  145. وَاللَّهُ يُنْشِئُ خَلْقَهُ فِي نَشْأَةٍ * أُخْرَى كَمَا قَدْ قَالَ فِي الْفُرْقَانِ

  146. هَذَا الَّذِي جَاءَ الْكِتَابُ وَسُنَّةُ الْـ * ـهَادِي بِهِ فَاحْرِصْ عَلَى الْإِيمَانِ

  147. مَا قَالَ إِنَّ اللَّهَ يُعْدِمُ خَلْقَهُ * طُرًّا كَقَوْلِ الْجَاهِلِ الْحَيْرَانِ

  148. وَقَضَى بِأَنَّ اللَّهَ لَيْسَ بِفَاعِلٍ * فِعْلًا يَقُومُ بِهِ بِلَا بُرْهَانِ

  149. بَلْ فِعْلُهُ الْمَفْعُولُ خَارِجَ ذَاتِهِ * كَالْوَصْفِ غَيْرِ الذَّاتِ فِي الْحُسْبَانِ

  150. وَالْجَبْرُ مَذْهَبُهُ الَّذِي قَرَّتْ بِهِ * عَيْنُ الْعُصَاةِ وَشِيعَةِ الشَّيْطَانِ

  151. كَانُوا عَلَى وَجَلٍ مِنَ الْعِصْيَانِ إِذْ * هُوَ فِعْلُهُم وَالذَّنْبُ لِلْإِنْسَانِ

  152. وَاللَّوْمُ لَا يَعْدُوهُ إِذْ هُوَ فَاعِلٌ * بِإِرَادَةٍ وَبِقُدْرَةِ الْحَيَوَانِ

  153. فَأَرَاحَهُمْ جَهْمٌ وَشِيعَتُهُ مِنَ اللَّـ * ـوْمِ الْعَنِيفِ وَمَا قَضَوْا بِأَمَانِ

  154. لَكِنَّهُمْ حَمَلُوا ذُنُوبَهُمُ عَلَى * رَبِّ الْعِبَادِ بِعِزَّةٍ وَأَمَانِ

  155. وَتَبَرَّؤُوا مِنْهَا وَقَالُوا إِنَّهَا * أَفْعَالُهُ مَا حِيلَةُ الْإِنْسَانِ

  156. مَا كَلَّفَ الْجَبَّارُ نَفْسًا وُسْعَهَا * أَنَّى وَقَدْ جُبِلَتْ عَلَى الْعِصْيَانِ

  157. وَكَذَا عَلَى الطَّاعَاتِ أَيْضًا قَدْ غَدَتْ * مَجْبُورَةً فَلَهَا إِذًا جَبْرَانِ

  158. وَالْعَبْدُ فِي التَّحْقِيقِ شِبْهُ نَعَامَةٍ * قَدْ كُلِّفَتْ بِالْحَمْلِ وَالطَّيَرَانِ

  159. إِذْ كَانَ صُورَتُهَا تَدُلُّ عَلَيْهِمَا * هَذَا وَلَيْسَ لَهَا بِذَاكَ يَدَانِ

  160. فَلِذَاكَ قَالَ بِأَنَّ طَاعَاتِ الْوَرَى * وَكَذَاكَ مَا فَعَلُوهُ مِنْ عِصْيَانِ

  161. هِيَ عَيْنُ فِعْلِ الرَّبِّ لَا أَفْعَالُهُمْ * فَيَصِحُّ عَنْهُمْ عِنْدَ ذَا نَفْيَانِ

  162. نَفْيٌ لِقُدْرتِهِمْ عَلَيْهَا أَوَّلًا * وَصُدُورِهَا مِنْهُمْ بِنَفْيٍ ثَانِ

  163. فَيُقَالُ مَا صَامُوا وَلَا صَلَّوْا وَلَا * زَكَّوْا وَلَا ذَبَحُوا مِنَ القُرْبَانِ

  164. وَكَذَاكَ مَا شرِبُوا وَمَا قَتَلُوا وَلَا * سَرَقُوا وَلَا فِيهِمْ غَوِيٌّ زَانِ

  165. وَكَذَاكَ لَمْ يَأْتُوا اخْتِيَارًا مِنْهُمُ * بِالْكُفْرِ وَالْإِسْلَامِ وَالْإِيْمَانِ

  166. إِلَّا عَلَى وَجْهِ الْمَجَازِ لِأَنَّهَا * قَامَتْ بِهِمْ كَالطَّعْمِ وَالْأَلْوَانِ

  167. جُبِرُوا عَلَى مَا شَاءَهُ خَلَّاقُهُمْ * مَا ثَمَّ ذُو عَوْنٍ وَغَيْرُ مُعَانِ

  168. الْكُلُّ مَجْبُورٌ وَغَيْرُ مُيَسَّرٍ * كَالْمَيْتِ أُدْرِجَ دَاخِلَ الْأَكْفَانِ

  169. وَكَذَاكَ أَفْعَالُ الْمُهَيْمِنِ لَمْ تَقُمْ * أَيْضًا بِهِ خَوْفًا مِنَ الْحَدَثَانِ

  170. فَإِذَا جَمَعْتَ مَقَالَتَيْهِ أَنْتَجَا * كَذِبًا وَزُورًا وَاضِحَ الْبُهْتَانِ

  171. إِذْ لَيْسَتِ الْأَفْعَالُ فِعْلَ إِلَهِنَا * وَالرَّبُّ لَيْسَ بِفَاعِلِ العِصْيَانِ

  172. فَإِذَا انْتَفَتْ صِفَةُ الْإِلَهِ وَفِعْلُهُ * وَكَلَامُهُ وَفَعَائِلُ الْإِنْسَانِ

  173. فَهُنَاكَ لَا خَلْقٌ وَلَا أَمْرٌ وَلَا * وَحْيٌ وَلَا تَكْلِيفُ عَبْدٍ فَانِ

  174. وَقَضَى عَلَى أَسْمَائِهِ بِحُدُوثِهَا * وبِخَلْقِهَا مِنْ جُمْلَةِ الْأَكْوَانِ

  175. فَانْظُرْ إِلَى تَعْطِيلِهِ الْأَوْصَافَ وَالْـ * أفْعَالَ وَالْأَسْمَاءَ لِلرَّحْمٰنِ

  176. مَاذَا الَّذِي فِي ضِمْنِ ذَا التَّعْطِيلِ مِنْ * نَفْيٍ وَمِنْ جَحْدٍ وَمِنْ كُفْرَانِ

  177. لَكِنَّهُ أَبْدَى الْمَقَالَةَ هَكَذَا * فِي قَالَبِ التَّنْزِيهِ لِلرَّحْمٰنِ

  178. وَأَتَى إِلَى الْكُفْرِ الْعَظِيمِ فَصَاغَهُ * عِجْلًا لِيَفْتِنَ أُمَّةَ الثِّيرَانِ

  179. وَكَسَاهُ أنْوَاعَ الْجَوَاهِرِ وَالحُلِيَّ * مِنْ لُؤْلُؤٍ صَافٍ وَمِنْ عِقْيَانِ

  180. فَرَآهُ ثِيرَانُ الْوَرَى فَأَصَابَهُمْ * كَمُصَابِ إِخْوَتِهِمْ قَدِيمَ زَمَانِ

  181. عِجْلَانِ قَدْ فَتَنَا العِبَادَ بِصَوْتِهِ * إِحْدَاهُمَا وَبِحَرفِهِ ذَا الثَّانِي

  182. وَالنَّاسُ أَكْثَرُهُمْ فَأَهْلُ ظَوَاهِرٍ * تَبْدُو لَهُمْ لَيْسُوا بِأَهْلِ مَعَانِ

  183. فَهُمُ الْقُشُورُ وَبِالْقُشُورِ قِوَامُهُم * وَاللُّبُّ حَظُّ خُلَاصَةِ الْإِنْسَانِ

  184. وَلِذَا تَقَسَّمَتِ الطَّوَائِفُ قَوْلَهُ * وَتَوَارَثُوهُ إِرْثَ ذِي السُّهْمَانِ

  185. لَمْ يَنْجُ مِنْ أَقْوَالِهِ طُرًّا سِوَى * أَهْلِ الْحَدِيثِ وَشِيْعَةِ الْقُرْآنِ

  186. فَتَبَرَّؤُوا مِنْهَا بَرَاءَةَ حَيْدَرٍ * وَبَرَاءَةَ الْمَوْلُودِ مِنْ عِمْرَانِ

  187. مِنْ كُلِّ شِيعِيٍّ خَبِيثٍ وَصْفُهُ * وَصْفُ الْيَهُودِ مُحَلِّلِي الْحِيتَانِ

  188. يَأَيُّهَا الرَّجُلُ الْمُرِيدُ نَجَاتَهُ * اِسْمَعْ مَقَالَةَ نَاصِحٍ مِعْوَانِ

  189. كُنْ فِي أُمُورِكَ كُلِّهَا مُتَمَسِّكًا * بِالْوَحْيِ لَا بِزَخَارِفِ الْهَذَيَانِ

  190. وَانْصُرْ كِتَابَ اللَّهِ وَالسُّنَنَ الَّتِي * جَاءَتْ عَنِ الْمَبْعُوثِ بِالْفُرْقَانِ

  191. وَاضْرِبْ بِسَيْفِ الْوَحْيِ كُلَّ مُعَطِّلٍ * ضَرْبَ الْمُجَاهِدِ فَوْقَ كُلِّ بَنَانِ

  192. وَاحْمِلْ بِعَزْمِ الصِّدْقِ حَمْلَةَ مُخْلِصٍ * مُتَجِرِّدٍ لِلَّهِ غَيْرِ جَبَانِ

  193. وَاثْبُتْ بِصَبْرِكَ تَحْتَ أَلْوِيَةِ الْهُدَى * فَإِذَا أُصِبْتَ فَفِي رِضَا الرَّحْمٰنِ

  194. وَاجْعَلْ كِتَابَ اللَّهِ وَالسُّنَنَ الَّتِي * ثَبَتَتْ سِلَاحَكَ ثُمَّ صِحْ بِجَنَانِ

  195. مَنْ ذَا يُبارِزُ فَلْيُقَدِّمْ نَفْسَهُ * أَوْ مَنْ يُسَابِقْ يَبْدُ فِي الْمَيْدَانِ

  196. وَاصْدَعْ بِمَا قَالَ الرَّسُولُ وَلَا تَخَفْ * مِنْ قِلَّةِ الْأَنْصَارِ وَالْأَعْوَانِ

  197. فَاللَّهُ نَاصِرُ دِينِهِ وَكِتَابِهِ * وَاللَّهُ كَافٍ عَبْدَهُ بِأَمَانِ

  198. لَا تَخْشَ مِنْ كَيْدِ الْعَدُوِّ وَمَكْرِهِمْ * فَقِتَالُهُمْ بِالْكِذْبِ وَالْبُهْتَانِ

  199. فَجُنُودُ أَتْبَاعِ الرَّسُولِ مَلَائِكٌ * وَجُنُودُهُمْ فَعَسَاكِرُ الشَّيْطَانِ

  200. شَتَّانَ بَيْنَ الْعَسْكَرَيْنِ فَمَنْ يَكُنْ * مُتَحَيِّزًا فَلْيَنْظُرِ الْفِئَتَانِ

  201. وَاثْبُتْ وَقَاتِلْ تَحْتَ رَايَاتِ الْهُدَى * وَاصْبِرْ فَنَصْرُ اللَّهِ رَبِّكَ دَانِ

  202. وَاذْكُرْ مَقَاتِلَهُمْ لِفُرْسَانِ الْهُدَى * لِلَّهِ دَرُّ مَقَاتِلِ الْفُرْسَانِ

  203. وَادْرَأْ بِلَفْظِ النَّصِّ فِي نَحْرِ الْعِدَا * وَارْجُمْهُمُ بِثَوَاقِبِ الشُّهْبَانِ

  204. لَا تَخْشَ كَثْرَتَهُمْ فَهُمْ هَمَجُ الْوَرَى * وَذُبَابُهُ أَتَخَافُ مِنْ ذِبَّانِ

  205. وَاشْغَلْهُمُ عِنْدَ الْجِدَالِ بِبَعْضِهِمْ * بَعْضًا فَذَاكَ الْحَزْمُ لِلْفُرْسَانِ

  206. وَإِذَا هُمُ حَمَلُوا عَلَيْكَ فَلَا تَكُنْ * فَزِعًا لِحَمْلَتِهِمْ وَلَا بِجَبَانِ

  207. وَاثْبُتْ وَلَا تَحْمِلْ بِلَا جُنْدٍ فَمَا * هَذَا بِمَحْمُودٍ لَدَى الشُّجْعَانِ

  208. فَإِذَا رَأَيْتَ عِصَابَةَ الْإِسْلَامِ قَدْ * وَافَتْ عَسَاكِرُهَا مَعَ السُّلْطَانِ

  209. فَهُنَاكَ فَاخْتَرِقِ الصُّفُوفَ وَلَا تَكُنْ * بِالْعَاجِزِ الْوَانِي وَلَا الْفَزْعَانِ

  210. وَتَعَرَّ مِنْ ثَوْبَيْنِ مَنْ يَلْبَسْهُمَا * يَلْقَ الرَّدَى بِمَذَمَّةٍ وَهَوَانِ

  211. ثَوْبٌ مِنَ الْجَهْلِ الْمُرَكَّبِ فَوْقَهُ * ثَوْبُ التَّعَصُّبِ بِئْسَتِ الثَّوبَانِ

  212. وَتَحَلَّ بِالْإِنْصَافِ أَفْخَرِ حُلَّةٍ * زِينَتْ بِهَا الْأَعْطَافُ وَالْكَتِفَانِ

  213. وَاجْعَلْ شِعَارَكَ خَشْيَةَ الرَّحْمٰنِ مَعْ * نُصْحِ الرَّسُولِ فَحَبَّذَا الْأَمْرَانِ

  214. وَتَمَسَّكَنَّ بِحَبْلِهِ وَبِوَحْيِهِ * وَتَوَكَّلَنَّ حَقِيقَةَ التُّكْلَانِ

  215. فَالْحَقُّ وَصْفُ الرَّبِّ وَهْوَ صِرَاطُهُ الْـ * ـهَادِي إِلَيْهِ لِصَاحِبِ الْإِيمَانِ

  216. وَهُوَ الصِّرَاطُ عَلَيْهِ رَبُّ الْعَرْشِ أَيْ * ضًا ذَا وَذَا قَدْ جَاءَ فِي الْقُرْآنِ

  217. وَالْحَقُّ مَنْصُورٌ وَمُمْتَحَنٌ فَلَا * تَعْجَبْ فَهَذِي سُنَّةُ الرَّحْمٰنِ

  218. وَبِذَاكَ يَظْهَرُ حِزْبُهُ مِنْ حَرْبِهِ * وَلِأَجْلِ ذَاكَ النَّاسُ طَائِفَتَانِ

  219. وَلِأَجْلِ ذَاكَ الْحَرْبُ بَيْنَ الرُّسْلِ وَالْـ * ـكُفَّارِ مُذْ قَامَ الوَرَى سَجْلَانِ

  220. لَكِنَّمَا الْعُقْبَى لِأَهْلِ الْحَقِّ إِنْ * فَاتَتْ هُنَا كَانَتْ لَدَى الدَّيَّانِ

  221. وَاجْعَلْ لِقَلْبِكَ هِجْرَتَيْنِ وَلَا تَنَمْ * فَهُمَا عَلَى كُلِّ امْرِئٍ فَرْضَانِ

  222. فَالْهِجْرةُ الْأُولَى إِلَى الرَّحْمٰنِ بِالْـ * إِخْلَاصِ فِي سِرٍّ وَفِي إِعْلَانِ

  223. فَالْقَصْدُ وَجْهُ اللَّهِ بِالْأَقْوَالِ وَالْـ * أَعْمَالِ وَالطَّاعَاتِ وَالشُّكْرَانِ

  224. فَبِذَاكَ يَنْجُو الْعَبْدُ مِنْ إشْرَاكِهِ * وَيَصِيرُ حَقًّا عَابِدَ الرَّحْمٰنِ

  225. وَالْهِجْرَةُ الْأُخْرَى إِلَى الْمَبْعُوثِ بِالْـ * ـحَقِّ الْمُبِينِ وَوَاضِحِ الْبُرْهَانِ

  226. فَيَدُورُ مَعْ قَوْلِ الرَّسُولِ وَفِعْلِهِ * نَفْيًا وَإِثْبَاتًا بِلَا رَوَغَانِ

  227. وَيُحَكِّمُ الْوَحْيَ الْمُبِينَ عَلَى الَّذِي * قَالَ الشُّيُوخُ فَعِنْدَهُ حَكَمَانِ

  228. لَا يَحْكُمَانِ بِبَاطِلٍ أَبَدًا وَكُلُّ م * الْعَدْلِ قَدْ جَاءَتْ بِهِ الْحَكَمَانِ

  229. وَهُمَا كِتَابُ اللَّهِ أَعْدَلُ حَاكِمٍ * فِيهِ الشِّفَا وَهِدَايَةُ الْحَيْرَانِ

  230. وَالْحَاكِمُ الثَّانِي كَلَامُ رَسُولِهِ * مَا ثَمَّ غَيْرُهُمَا لِذِي إِيمَانِ

  231. فَإِذَا دَعَوْكَ لِغَيْرِ حُكمِهِمَا فَلَا * سَمْعًا لِدَاعِي الْكُفْرِ وَالْعِصْيَانِ

  232. قُلْ لَا كَرَامَةَ لَا وَلَا نُعْمَى وَلَا * طَوْعًا لِمَنْ يَدْعُو إِلَى طُغْيَانِ

  233. وَإِذَا دُعِيتَ إِلَى الرَّسُولِ فَقُلْ لَهُمْ * سَمْعًا وَطَوْعًا لَسْتُ ذَا عِصْيَانِ

  234. وَإِذَا تَكَاثَرتِ الْخُصُومُ وَصَيَّحُوا * فَاثْبُتْ فَصَيْحَتُهُمْ كَمِثْلِ دُخَانِ

  235. يَرْقَى إِلَى الْأَوْجِ الرَّفِيعِ وَبعْدَهُ * يَهوِي إِلَى قَعْرِ الْحَضِيضِ الدَّانِي

  236. هَذَا وَإِنَّ قِتَالَ حِزْبِ اللَّهِ بِالْـ * أَعْمَالِ لَا بِكَتَائِبِ الشُّجْعَانِ

  237. وَاللَّهِ مَا فتَحُوا الْبِلَادَ بِكَثْرَةٍ * أَنَّى وَأَعْدَاهُمْ بِلَا حُسْبَانِ

  238. وَكَذَاكَ مَا فَتَحُوا الْقُلُوبَ بِهَذِهِ الْـ * آرَاءِ بَلْ بِالْعِلْمِ وَالْإِيمَانِ

  239. وَشَجَاعَةُ الْفُرْسَانِ نَفسُ الزُّهْدِ فِي * نَفْسٍ وَذَا مَحْذُورُ كُلِّ جَبَانِ

  240. وَشَجَاعَةُ الْحُكَّامِ وَالْعُلَمَاءِ زُهْـ * ـدٌ فِي الثَّنَا مِنْ كُلِّ ذِي بُطْلَانِ

  241. فَإِذَا هُمَا اجْتَمَعَا لِقَلْبٍ صَادِقٍ * شَدَّتْ رَكَائِبُهُ إِلَى الرَّحْمٰنِ

  242. وَاقْصِدْ إِلَى الْأَقْرَانِ لَا أَطْرَافِهَا * فَالْعِزُّ تَحْتَ مَقَاتِلِ الْأَقْرَانِ

  243. وَاسْمَعْ نَصِيحَةَ مَنْ لَهُ خُبْرٌ بِمَا * عِنْدَ الْوَرَى مِنْ كَثْرَةِ الْجَوَلَانِ

  244. مَا عِنْدَهُمْ وَاللَّهِ خَيْرٌ غَيْرَ مَا * أَخَذُوهُ عَمَّنْ جَاءَ بِالْقُرْآنِ

  245. وَالْكُلُّ بَعْدُ فَبِدْعةٌ أَوْ فِرْيَةٌ * أَوْ بَحْثُ تَشْكِيكٍ وَرَأْيُ فُلَانِ

  246. فَاصْدَعْ بِأَمْرِ اللَّهِ لَا تَخْشَ الْوَرَى * فِي اللَّهِ وَاخْشَاهُ تَفُزْ بِأَمَانِ

  247. وَاهْجُرْ وَلَوْ كُلَّ الْوَرَى فِي ذَاتِهِ * لَا فِي هَوَاكَ وَنَخْوَةِ الشَّيْطَانِ

  248. وَاصْبِرْ بِغَيْرِ تَسَخُّطٍ وَشِكَايَةٍ * وَاصْفَحْ بِغَيْرِ عِتَابِ مَنْ هُوَ جَانِ

  249. وَاهْجُرْهُمُ الْهَجْرَ الْجَمِيلَ بِلَا أَذًى * إِنْ لَمْ يَكُنْ بُدٌّ مِنَ الْهِجْرَانِ

  250. وَانْظُرْ إِلَى الْأَقْدَارِ جَارِيَةً بِمَا * قَدْ شَاءَ مِنْ غَيٍّ وَمِنْ إِيمَانِ

  251. وَاجْعَلْ لِقَلْبِكَ مُقْلَتَيْنِ كِلَاهُمَا * بِالْحَقِّ فِي ذَا الْخَلْقِ بَاصِرَتَانِ

  252. فَانْظُرْ بِعَيْنِ الْحُكْمِ وَارْحَمْهُمْ بِهَا * إِذْ لَا تُرَدُّ مَشِيئَةُ الدَّيَّانِ

  253. وَانْظُرْ بِعَيْنِ الْأَمْرِ وَاحْمِلْهُمْ عَلَى * أَحْكَامِهِ فَهُمَا إِذًا نَظَرَانِ

  254. وَاجْعَلْ لِوَجْهِكَ مُقْلَتَيْنِ كِلَاهُمَا * مِنْ خَشْيَةِ الرَّحْمٰنِ بَاكِيَتَانِ

  255. لَوْ شَاءَ رَبُّكَ كُنْتَ أَيْضًا مِثْلَهُمْ * فَالْقَلْبُ بَيْنَ أَصَابِعِ الرَّحْمٰنِ

  256. وَاحْذَرْ كَمَائِنَ نَفْسِكَ اللَّاتِي مَتَى * خَرَجَتْ عَلَيْكَ كُسِرْتَ كَسْرَ مُهانِ

  257. وَإِذَا انْتَصَرْتَ لَهَا تَكُونُ كَمَنْ بَغَى * طَفْيَ الدُّخَانِ بِمُوقَدِ النِّيرَانِ

  258. وَاللَّهُ أَخْبَرَ وَهْوَ أَصْدقُ قَائِلٍ * أَنْ لَيْسَ يَنْصُرُ عَبْدَهُ بِأَمَانِي

  259. مَنْ يَعْمَلِ السُوأَى سَيُجْزَى مِثْلَهَا * أَوْ يَعْمَلِ الْحُسْنَى يَفُزْ بِجِنَانِ

  260. هَذِي وَصِيَّةُ نَاصِحٍ وَلِنَفْسِهِ * وَصَّى وَبَعْدُ لِسَائِرِ الْإِخْوَانِ

  261. فَاجْلِسْ إِذًا فِي مَجْلِسِ الْحَكَمَيْنِ لِلرَّ * حْمٰنِ لَا لِلنَّفْسِ وَالشَّيْطَانِ

  262. إِحْدَاهُمَا النَّقْلُ الصَّحِيحُ وَبَعْدَه الْـ * ـعَقْلُ الصَّرِيحُ وَفِطْرَةُ الرَّحْمٰنِ

  263. وَاحْكُمْ إِذًا فِي رُفْقَةٍ قَدْ سَافَرُوا * يَبْغُونَ فَاطِرَ هَذِهِ الْأَكْوَانِ

  264. فَتَرَافَقُوا فِي سَيْرِهِمْ وَتَفَارَقُوا * عِنْدَ افْتِرَاقِ الطُّرْقِ بِالْحَيْرَانِ

  265. فَأَتَى فَرِيقٌ ثُمَّ قَالَ وَجَدتُّهُ * هَذَا الْوُجُودَ بِعَيْنِهِ وَعِيَانِ

  266. مَا ثَمَّ مَوْجُودٌ سِوَاهُ وَإِنَّمَا * غَلِطَ اللِّسَانُ فَقَالَ مَوْجُودَانِ

  267. فَهُوَ السَّمَاءُ بِعَيْنِهَا وَنُجُومُهَا * وَكَذَلِكَ الْأَفْلَاكُ وَالْقَمَرَانِ

  268. وَهُوَ الْغَمَامُ بِعَيْنِهِ وَالثَّلْجُ وَالْـ * أَمْطَارُ مَعْ بَرَدٍ ومَعْ حُسْبَانِ

  269. وَهُوَ الْهَوَاءُ بِعَيْنِهِ وَالْمَاءُ وَالتُّـ * ـرْبُ الثَّقِيلُ وَنَفْسُ ذِي النِّيرَانِ

  270. هَذِي بَسَائِطُهُ وَمِنْهُ تَرَكَّبَتْ * هَذِي الْمَظَاهِرُ مَا هُنَا شَيْئَانِ

  271. وَهُوَ الْفَقِيرُ لَهَا لِأَجْلِ ظُهُورِهِ * فِيهَا كَفَقْرِ الرُّوحِ لِلْأَبْدَانِ

  272. وَهِيَ الَّتِي افْتَقَرَتْ إِلَيْهِ لِأَنَّهُ * هُوَ ذَاتُهَا وَوُجُودُهَا الْحَقَّانِي

  273. وَتَظَلُّ تَلْبَسُهُ وَتَخْلَعُهُ وَذَا الْـ * إِيجَادُ وَالْإِعْدَامُ كُلَّ أَوَانِ

  274. وَيَظَلُّ يَلْبَسُهَا وَيَخْلَعُهَا وَذَا * حُكْمُ الْمَظَاهِرِ كَيْ يُرَى بِعِيَانِ

  275. وَتَكَثُّرُ الْمَوْجُودِ كَالْأَعْضَاءِ فِي الْـ * ـمَحْسُوسِ مِنْ بَشَرٍ وَمِنْ حَيَوَانِ

  276. أَوْ كَالْقُوَى فِي النَّفْسِ ذَلِكَ وَاحِدٌ * مُتَكَثِّرٌ قَامَتْ بِهِ الْأَمْرَانِ

  277. فَيَكُونُ كُلًّا هَذِهِ أَجَزَاؤُهُ * هَذِي مَقَالَةُ مُدَّعِي الْعِرْفَانِ

  278. أَوْ أَنَّهَا كَتَكَثُّرِ الْأَنْوَاعِ فِي * جِنْسٍ كَمَا قَالَ الْفَرِيقُ الثَّانِي

  279. فَيَكُونُ كُلِّيًّا وَجُزْئِيَّاتُهُ * هَذَا الْوُجُودُ فَهَذِهِ قَوْلَانِ

  280. أُولَاهُمَا نَصُّ الْفُصُوصِ وَبَعْدَهُ * قَوْلُ ابْنِ سَبْعِينٍ وَمَا الْقَوْلَانِ

  281. عِنْدَ الْعَفِيفِ التِّلْمِسَانِيِّ الَّذِي * هُوَ غَايَةٌ فِي الْكُفْرِ وَالْبُهْتَانِ

  282. إِلَّا مِنَ الْأَغْلَاطِ فِي حِسٍّ وَفِي * وَهْمٍ وَتِلْكَ طَبِيعَةُ الْإِنْسَانِ

  283. وَالْكُلُّ شَيْءٌ وَاحِدٌ فِي نَفْسِهِ * مَا لِلتَّعَدُّدِ فِيهِ مِنْ سُلْطَانِ

  284. فَالضَّيْفُ وَالْمَأْكُولُ شَيْءٌ وَاحِدٌ * وَالْوَهْمُ يَحْسَبُ هَهُنَا شَيْئَانِ

  285. وَكَذَلِكِ الْمَوْطُوءُ عَيْنُ الْوَاطِ وَالْـ * ـوَهْمُ الْبَعِيدُ يَقُولُ ذَانِ اثْنَانِ

  286. وَلَرُبَّمَا قَالَا مَقَالَتَهُ كَمَا * قَدْ قَالَ قَوْلَهُمَا بِلَا فُرْقَانِ

  287. وَأَبَى سِوَاهُمْ ذَا وَقَالَ مَظَاهِرٌ * تَجْلُوهُ ذَاتُ تَوَحُّدٍ وَمَثَانِ

  288. فَالظَّاهِرُ الْمَجْلُوُّ شَيْءٌ وَاحِدٌ * لَكِنْ مَظَاهِرُهُ بِلَا حُسْبَانِ

  289. هَذِي عِبَارَاتٌ لَهُمْ مَضْمُونُهَا * مَا ثَمَّ غَيْرٌ قَطُّ فِي الْأَعْيَانِ

  290. فَالْقَوْمُ مَا صَانُوهُ عَنْ إِنْسٍ وَلَا * جِنٍّ وَلَا شَجَرٍ وَلَا حَيَوَانِ

  291. كَلَّا وَلَا عُلْوٍ وَلَا سُفْلٍ وَلَا * وَادٍ وَلَا جَبَلٍ وَلَا كُثْبَانِ

  292. كَلَّا وَلَا طَعْمٍ وَلَا رِيحٍ وَلَا * صَوْتٍ وَلَا لَوْنٍ مِنَ الْأَلْوَانِ

  293. لَكِنَّهُ الْمَطْعُومُ وَالْمَلْمُوسُ وَالْـ * ـمَشْمُومُ وَالْمَسْمُوعُ بِالْآذَانِ

  294. وَكَذَاكَ قَالُوا إِنَّهُ الْمَنْكُوحُ وَالْـ * ـمَذْبُوحُ بَلْ عَيْنُ الْغَوِيِّ الزَّانِي

  295. وَالْكُفْرُ عِنْدَهُمُ هُدًى وَلَوَ انَّهُ * دِينُ الْمَجُوسِ وَعَابِدِي الْأَوْثَانِ

  296. قَالُوا وَمَا عَبَدُوا سِوَاهُ وَإِنَّمَا * ضَلُّوا بِمَا خُصُّوا مِنَ الْأَعْيَانِ

  297. وَلَوَ انَّهُمْ عَمُّوا وَقَالُوا كُلُّهَا * مَعْبُودَةٌ مَا كَانَ مِنْ كُفْرَانِ

  298. فَالْكُفْرُ سَتْرُ حَقِيقَةِ الْمَعْبُودِ بِالتَّـ * ـخْصِيصِ عِنْدَ مُحَقِّقٍ رَبَّانِي

  299. قَالُوا وَلَم يَكُ كَافِرًا فِي قَوْلِهِ * أَنَا رَبُّكُمْ فِرْعَوْنُ ذُو الطُّغْيَانِ

  300. بَلْ كَانَ حَقًّا قَوْلُهُ إِذْ كَانَ عَيْـ * ـنُ الْحَقِّ مُضْطَلِعًا بِهَذَا الشَّانِ

  301. وَلِذَا غَدًا تَغْرِيقُهُ فِي الْبَحْرِ تَطْـ * ـهِيرًا مِنَ الْأَوْهَامِ وَالْحُسْبَانِ

  302. قَالُوا وَلَمْ يَكُ مُنْكِرًا مُوسَى لِمَا * عَبَدُوهُ مِن عِجْلٍ لَدَى الْخَوَرَانِ

  303. إِلَّا عَلَى مَنْ كَانَ لَيْسَ بِعَابِدٍ * مَعَهُمْ وَأَصْبَحَ ضَيِّقَ الْأَعْطَانِ

  304. وَلِذَاكَ جَرَّ بِلِحْيَةِ الْأَخِ حَيْثُ لَمْ * يَكُ وَاسِعًا فِي قَوْمِهِ لِبِطَانِ

  305. بَلْ فَرَّقَ الْإِنْكَارُ مِنْهُ بَيْنَهُمْ * لَمَّا سَرَى فِي وَهْمِهِ غَيْرَانِ

  306. ولقدْ رأى إبليسَ عارِفُهُمْ فأَهْـ * ـوَى بالسجودِ هُوِىَّ ذِي خُضْعانِ

  307. قَالُوا لَهُ مَاذَا صَنَعْتَ فَقَالَ هَلْ * غَيْرُ الْإِلَهِ وَأَنْتُمَا عَمِيَانِ

  308. مَا ثَمَّ غَيْرٌ فَاسْجُدُوا إِنْ شِئْتُمُ * لِلشَّمْسِ وَالْأَصْنَامِ وَالشَّيْطَانِ

  309. فَالْكُلُّ عَيْنُ اللَّهِ عِنْدَ مُحَقِّقٍ * وَالْكُلُّ مَعْبُودٌ لِذِي الْعِرْفَانِ

  310. هَذَا هُوَ الْمَعْبُودُ عِنْدَهُمُ فَقُلْ * سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ ذَا السُّبْحَانِ

  311. يَا أُمَّةً مَعْبُودُهَا مَوْطُوؤُهَا * أَيْنَ الْإِلَهُ وَثُغْرَةُ الطَّعَّانِ

  312. يَا أُمَّةً قَدْ صَارَ مِنْ كُفْرَانِهَا * جُزْءًا يَسِيرًا جُمْلَةُ الْكُفْرَانِ

  313. وَأَتَى فَرِيقٌ ثُمَّ قَالَ وَجَدتُّهُ * بِالذَّاتِ مَوْجُودًا بِكُلِّ مَكَانِ

  314. هُوَ كَالْهَوَاءِ بِعَيْنِهِ لَا عَيْنُهُ * مَلَأَ الْخُلُوَّ وَلَا يُرَى بِعِيَانِ

  315. وَالْقَوْمُ مَا صَانُوهُ عَنْ بِئْرٍ وَلَا * قَبْرٍ وَلَا حُشٍّ وَلَا أَعْطَانِ

  316. بَلْ مِنْهُمُ مَنْ قَدْ رَأَى تَشْبِيهَهُ * بِالرُّوحِ دَاخِلَ هَذِهِ الْأَبْدَانِ

  317. مَا فِيهُمُ مَنْ قَالَ لَيْسَ بِدَاخِلٍ * أَوْ خَارِجٍ عَنْ جُمْلَةِ الْأَكْوَانِ

  318. لَكِنَّهُمْ حَامُوا عَلَى هَذَا وَلَمْ * يَتَجَاسَرُوا مِنْ عَسْكَرِ الْإِيمَانِ

  319. وَعَلَيْهِمُ رَدَّ الْأَئِمَّةُ أَحْمَدٌ * وَصِحَابُهُ مِنْ كُلِّ ذِي عِرْفَانِ

  320. فَهُمُ الْخُصُومُ لِكُلِّ صَاحِبِ سُنَّةٍ * وَهُمُ الْخُصُومُ لِمُنْزِلِ الْقُرْآنِ

  321. وَلَهُمْ مَقُالُاتٌ ذَكَرْتُ أُصُولَهَا * لَمَّا ذَكَرْتُ الْجَهْمَ فِي الْأَوْزَانِ

  322. وَأَتَى فَرِيقٌ ثُمَّ قَارَبَ وَصْفُهُ * هَذَا وَلَكِنْ جَدَّ فِي النُّكْرَانِ

  323. فَأَسَرَّ قَوْلَ مُعَطِّلٍ وَمُكَذِّبٍ * فِي قَالَبِ التَّنْزِيهِ لِلرَّحْمٰنِ

  324. إِذْ قَالَ لَيْسَ بِدَاخِلٍ فِينَا وَلَا * هُوَ خَارِجٌ عَنْ جُمْلَةِ الْأَكْوَانِ

  325. بَلْ قَالَ لَيْسَ بِبَائِنٍ عَنْهَا وَلَا * فِيهَا وَلَا هُوَ عَيْنُهَا بِبَيَانِ

  326. كَلَّا وَلَا فَوْقَ السَّمَوَاتِ الْعُلَى * وَالْعَرْشِ مِنْ رَبٍّ وَلَا رَحْمٰنِ

  327. وَالْعَرْشُ لَيْسَ عَلَيْهِ مَعْبُودٌ سِوَى الْـ * ـعَدَمِ الَّذِي لَا شَيْءَ فِي الأَعْيَانِ

  328. بَلْ حَظُّهُ مِنْ رَبِّهِ حَظُّ الثَّرَى * مِنْهُ وَحَظُّ قَوَاعِدِ الْبُنْيَانِ

  329. لَوْ كَانَ فَوْقَ الْعَرْشِ كَانَ كَهَذِهِ الْـ * أَجْسَامِ سُبْحَانَ الْعَظِيمِ الشَّانِ

  330. وَلَقَدْ وَجَدتُّ لِفَاضِلٍ مِنْهُمْ مَقَا * مًا قَامَهُ فِي النَّاسِ مُنْذُ زَمَانِ

  331. قَالَ اسْمَعُوا يَا قَوْمِ إِنَّ نَبِيَّكُمْ * قَدْ قَالَ قَوْلًا وَاضِحَ الْبُرْهَانِ

  332. لَا تَحْكُمُوا بِالفَضْلِ لِي أَصْلًا عَلَى * ذِي النُّونِ يُونُسَ ذَلِكَ الْغَضْبَانِ

  333. هَذَا يَرُدُّ عَلَى الْمُجَسِّمِ قَوْلَهُ * اللَّهُ فَوْقَ الْعَرْشِ وَالْأَكْوَانِ

  334. وَيَدُلُّ أَنَّ إِلَهَنَا سُبْحَانَهُ * وَبِحَمْدِهِ يُلْفَى بِكُلِّ مَكَانِ

  335. قَالُوا لَهُ بَيِّنْ لَنَا هَذَا فَلَمْ * يَفعَلْ فَأَعْطَوْهُ مِنَ الْأَثْمَانِ

  336. أَلْفًا مِنَ الذَّهَبِ الْعَتِيقِ فَقَالَ فِي * تِبْيَانِهِ فَاسْمَعْ لِذَا التِّبْيَانِ

  337. قَدْ كَانَ يُونُسُ فِي قَرَارِ الْبَحْرِ تَحْـ * ـتَ الْمَاءِ فِي قَبْرٍ مِنَ الْحِيتَانِ

  338. وَمُحَمَّدٌ صَعِدَ السَّمَاءَ وَجَاوَزَ السَّـ * ـبْعَ الطِّبَاقَ وَجَازَ كُلَّ عَنَانِ

  339. وَكِلَاهُمَا فِي قُرْبهِ مِنْ رَبِّهِ * سُبْحَانَهُ إِذْ ذَاكَ مُسْتَويَانِ

  340. فَالْعُلْوُ وَالسُّفْلُ اللَّذَانِ كِلَاهُمَا * فِي بُعْدِهِ مِنْ ضِدِّهِ طَرَفَانِ

  341. إِنْ يُنْسَبَا لِلَّهِ نُزِّهَ عَنْهُمَا * بِالْاِخْتِصَاصِ بَلَى هُمَا سِيَّانِ

  342. فِي قُربِ مَنْ أَضْحَى مُقِيمًا فِيهِمَا * مِنْ رَبِّهِ فَكِلَاهُمَا مِثْلَانِ

  343. فَلِأَجْلِ هَذَا خُصَّ يُونُسُ دُونَهُمْ * بِالذِّكْرِ تَحْقِيقًا لِهَذَا الشَّانِ

  344. فَأَتَى النِّثَارُ عَلَيْهِ مِنْ أَصْحَابِهِ * مِنْ كُلِّ نَاحِيَةٍ بِلَا حُسْبَانِ

  345. فَاحْمَدْ إِلَهَكَ أيُّهَا السُّنِّيُّ إِذْ * عَافَاكَ مِنْ تَحْرِيفِ ذِي بُهْتَانِ

  346. وَاللَّهِ مَا يَرْضَى بِهَذَا خَائِفٌ * مِنْ رَبِّهِ أَمْسَى عَلَى الْإِيمَانِ

  347. هَذَا هُوَ الْإِلْحَادُ حَقًّا بَلْ هُوَ الـ * ـتَّحْرِيفُ مَحْضًا أَبْرَدُ الْهَذَيَانِ

  348. وَاللَّهِ مَا بُلِيَ الْمُجَسِّمُ قَطُّ ذِي الْـ * ـبَلْوَى وَلَا أَمْسَى بِذِي الْخِذْلَانِ

  349. أَمْثَالُ ذَا التَّأْوِيلِ أَفْسَدَ هَذِهِ الْـ * أَدْيَانَ حِينَ سَرَى إِلَى الْأَدْيَانِ

  350. وَاللَّهِ لَوْلَا اللَّهُ حَافِظُ دِينِهِ * لَتَهَدَّمَتْ مِنْهُ قُوَى الْأَرْكَانِ

  351. وَأَتَى فَرِيقٌ ثُمَّ قَارَبَ وَصْفُهُ * هَذَا وَزَادَ عَلَيْهِ فِي الْمِيزَانِ

  352. قَالَ اسْمَعُوا يَا قَوْمُ لَا تُلهِيكُمُ * هَذِي الْأَمَانِي هُنَّ شَرُّ أَمَانِي

  353. أَتَعِبْتُ رَاحِلَتِي وَكَلَّ مَطِيَّتِي * وبَذَلْتُ مَجْهُودِي وَقَدْ أَعْيَانِي

  354. فَتَّشْتُ فَوْقُ وَتَحْتُ ثُمَّ أَمَامَنَا * وَوَرَاءُ ثُمَّ يَسَارُ مَعْ أَيْمَانِ

  355. مَا دَلَّنِي أَحَدٌ عَلَيْهِ هُنَاكُمُ * كَلَّا وَلَا بَشَرٌ إِلَيْهِ هَدَانِي

  356. إِلَّا طَوَائِفُ بِالحَدِيثِ تَمسَّكَتْ * تُعْزَى مَذَاهِبُهَا إِلَى الْقُرْآنِ

  357. قَالُوا الَّذِي تَبْغِيهِ فَوْقَ عِبَادِهِ * فَوْقَ السَّمَاءِ وَفَوْقَ كُلِّ مَكَانِ

  358. وَهُوَ الَّذِي حَقًا عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى * لَكِنَّهُ اسْتَوْلَى عَلَى الْأَكْوَانِ

  359. وَإِلَيْهِ يَصْعَدُ كُلُّ قَوْلٍ طَيِّبٍ * وَإِلَيْهِ يُرْفَعُ سَعْيُ ذِي الشُّكْرَانِ

  360. وَالرُّوحُ وَالْأَمْلَاكُ مِنْهُ تَنَزَّلَتْ * وَإِلَيْهِ تَعْرُجُ عِنْدَ كُلِّ أَوَانِ

  361. وَإِلَيْهِ أَيْدِي السَّائِلِينَ تَوَجَّهَتْ * نَحْوَ الْعُلُوِّ بِفِطْرَةِ الرَّحْمٰنِ

  362. وَإِلَيْهِ قَدْ عَرَجَ الرَّسُولُ فَقُدِّرَتْ * مِنْ قُرْبِهِ مِنْ رَبِّهِ قَوْسَانِ

  363. وَإِلَيْهِ قَدْ رُفِعَ الْمَسِيحُ حَقِيقَةً * وَلَسَوْفَ يَنْزِلُ كَيْ يُرَى بِعِيَانِ

  364. وَإِلَيْهِ يَصْعَدُ رُوحُ كُلِّ مُصَدِّقٍ * عِنْدَ الْمَمَاتِ فَيَنْثَنِي بِأَمَانِ

  365. وَإِلَيْهِ آمَالُ الْعِبَادِ تَوَجَّهَتْ * نَحْوَ الْعُلُوِّ بِلَا تَوَاصٍ ثَانِ

  366. بَلْ فِطْرَةُ اللَّهِ الَّتِي لَمْ يُفْطَرُوا * إِلَّا عَلَيْهَا الْخَلْقُ وَالثَّقَلَانِ

  367. وَنَظِيرُ هَذَا أَنَّهُمْ فُطِرُوا عَلَى * إِقرَارِهِم لَا شَكَّ بِالدَّيَّانِ

  368. لَكِنْ أُولُو التَّعْطِيلِ مِنْهُمْ أَصْبَحُوا * مَرْضَى بِدَاءِ الْجَهْلِ وَالْخِذْلَانِ

  369. فَسَأَلْتُ عَنْهُمْ رُفْقَتِي وَأَحِبَّتِي * أَصْحَابَ جَهْمٍ حِزْبَ جِنْكِسْخَانِ

  370. مَنْ هَؤُلَاءِ وَمَنْ يُقَالُ لَهُمُ فَقَدْ * جَاؤُوا بِأَمْرٍ مَالِئِ الْآذَانِ

  371. وَلَهُمْ عَلَيْنَا صَوْلَةٌ مَا صَالَهَا * ذُو بَاطِلٍ بَلْ صَاحِبُ الْبُرْهَانِ

  372. أَوَ مَا سَمِعْتُمْ قَوْلَهُمْ وَكَلَامَهُمْ * مِثْلَ الصَّوَاعِقِ لَيْسَ ذَا لِجَبَانِ

  373. جَاؤُوكُمُ مِنْ فَوْقِكُمْ وَأَتَيْتُمُ * مِنْ تَحْتِهِمْ مَا أَنْتُمُ سِيَّانِ

  374. جَاؤُوكُمُ بِالوَحْيِ لَكِنْ جِئْتُمُ * بِنُحَاتَةِ الْأَفْكَارِ وَالْأَذْهَانِ

  375. قَالُوا مُشَبَّهَةٌ مُجَسِّمَةٌ فَلَا * تَسْمَعْ مَقَالَ مُجَسِّمٍ حَيَوَانِ

  376. وَالْعَنْهُمُ لَعْنًا كَثِيرًا وَاغْزُهُمْ * بِعَسَاكِرِ التَّعْطِيلِ غَيْرَ جَبَانٍ

  377. وَاحْكُمْ بِسَفْكِ دِمَائِهِمْ وَبِحَبْسِهِمْ * أَوْ لَا فَشَرِّدْهُمْ عَنِ الأَوْطَانِ

  378. حَذِّرْ صِحَابَكَ مِنْهُمُ فَهُمُ أضَلُّ م * مِنَ اليَهُودِ وعَابِدي الصُّلْبَانِ

  379. وَاحْذَرْ تُجَادِلَهُمْ بِقَالَ اللَّهُ أَوْ * قَالَ الرَّسُولُ فَتَنْثَنِي بِهَوَانِ

  380. أَنَّى وَهُمْ أَوْلَى بِهِ قَدْ أَنْفَدُوا * فِيهِ قُوَى الأَذْهَانِ وَالأَبْدَانِ

  381. فَإِذَا بُلِيتَ بِهِمْ فَغَالِطْهُمْ عَلَى التَّـ * ـأْوِيلِ لِلْأَخْبَارِ وَالْقُرْآنِ

  382. وَكَذَاكَ غَالِطْهُمْ عَلَى التَّكذيِبِ لِلْـ * آحَادِ ذَانِ لِصَحْبِنَا أَصْلَانِ

  383. أَوْصَى بِهَا أَشْيَاخُنَا أَشْيَاخَهُمْ * فَاحْفَظْهُمَا بِيَدَيْكَ وَالْأَسْنَانِ

  384. وَإِذَا اجْتَمَعْتَ وَهُمْ بِمَشْهَدِ مَجْلِسٍ * فَابْدُرْ بِإِيرَادٍ وَشَغْلِ زَمَانِ

  385. لَا يَمْلِكُوهُ عَلَيْكَ بِالْآثَارِ وَالْـ * أَخْبَارِ وَالتَّفسِيرِ لِلْفُرْقَانِ

  386. فَتَصِيرَ إِنْ وَافَقْتَ مِثْلَهُمُ وَإِنْ * عَارَضْتَ زِنْدِيقًا أَخَا كُفْرَانِ

  387. وَإِذَا سَكَتَّ يُقَالُ هَذَا جَاهِلٌ * فَابْدُرْ وَلَوْ بِالْفَشْرِ وَالْهَذَيَانِ

  388. هَذَا الَّذِي وَاللَّهِ أَوْصَانَا بِهِ * أَشْيَاخُنَا فِي سَالِفِ الأَزْمَانِ

  389. فَرَجَعْتُ مِنْ سَفَرِي وَقُلْتُ لِصَاحِبِي * وَمَطِيَّتِي قَدْ آذَنَتْ بِحِرَانِ

  390. عَطِّلْ رِكَابَكَ وَاسْتَرِحْ مِنْ سَيْرِهَا * مَا ثَمَّ شَيْءٌ غَيْرُ ذِي الأَكْوَانِ

  391. لَوْ كَانَ لِلْأَكْوَانِ رَبٌّ خَالِقٌ * كَانَ الْمُجَسِّمُ صَاحِبَ الْبُرْهَانِ

  392. أَوْ كَانَ رَبٌّ بَائِنٌ عَنْ هَذَا الْوَرَى * كَانَ الْمُجَسِّمُ صَاحِبَ الْإِيمَانِ

  393. وَلَكِنَ عِندَ النَّاسِ أَوْلَى الْخَلْقِ بِالْـ * إِسْلَامِ وَالْإِيمَانِ وَالْإِحْسَانِ

  394. وَلَكِنْ كَانَ هَذَا الْحِزْبُ فَوْقَ رُؤُوسِهِمْ * لَمْ يَخْتَلِفْ مِنْهُمْ عَلَيْهِ اثْنَانِ

  395. فَدَعِ التَّكَالِيفَ الَّتِي حُمِّلْتَهَا * وَاخْلَعْ عِذَارَكَ وَارْمِ بِالْأَرْسَانِ

  396. مَا ثَمَّ فَوْقَ الْعَرْشِ مِن رَبٍّ وَلَمْ * يَتَكَلَّمِ الرَّحْمَـٰنُ بِالْقُرْآنِ

  397. لَوْ كَانَ فَوْقَ الْعَرْشِ رَبٌّ نَاظِرٌ * لَزِمَ التَّحَيُّزُ وَافْتِقَارُ مَكَانِ

  398. أَوْ كَانَ ذَا الْقُرْآنُ عَيْنَ كَلَامِهِ * حَرْفًا وَصَوْتًا كَانَ ذَا جُثْمَانِ

  399. فَإِذَا انْتَفَى هَذَا وَهَذَا مَا الَّذِي * يَبْقَى عَلَى ذَا النَّفْي مِنْ إِيمَانِ

  400. فَدَعِ الحَلَالَ مَعَ الحَرَامِ لِأَهْلِهِ * فَهُمَا السِّيَاجُ لَهُمْ عَلَى الْبُسْتَانِ

  401. فَاخْرِقْهُ ثُمَّ ادْخُلْ تَرَى فِي ضِمْنِهِ * قَدْ هُيِّئَتْ لَكَ سَائِرُ الأَلْوَانِ

  402. وَتَرَى بِهِ مَا لَا يَرَاهُ مُحَجَّبٌ * مِنْ كُلِّ مَا تَهْوَى بِهِ زَوْجَانِ

  403. وَاقْطَعْ عَلَائِقَكَ الَّتِي قَدْ قَيَّدَتْ * هَذَا الْوَرَى مُذْ سَالِفِ الْأَزْمَانِ

  404. لِتَصِيرَ حُرًّا لَسْتَ تَحْتَ أَوَامِرٍ * كَلَّا وَلَا نَهْيٍ وَلَا فُرْقَانِ

  405. لَكِنْ جَعَلْتَ حِجَابَ نَفْسِكَ إِذْ تَرَى * فَوْقَ السَّمَاءِ لِلنَّاسِ مِنْ دَيَّانِ

  406. لَوْ قُلْتَ مَا فَوْقَ السَّمَاءِ مُدَبِّرٌ * وَالْعَرْشَ تُخْلِيهِ مِنَ الرَّحْمَـٰنِ

  407. وَاللَّهُ لَيْسَ مُكَلِّمًا لِعِبَادِهِ * كَلَّا وَلَا مُتَكَلِّمًا بِقُرَانِ

  408. مَا قَالَ قَطُّ وَلَا يَقُولُ وَلَا لَهُ * قَوْلٌ بَدَا مِنْهُ إِلَى إِنْسَانِ

  409. لَحَلَلْتَ طِلِّسْمًا وَفُزْتَ بِكَنْزِهِ * وَعَلِمْتَ أَنَّ النَّاسَ فِي هَذَيَانِ

  410. لَكِنْ زَعَمْتَ بأنَّ رَبَّكَ بائِنٌ * مِنْ خَلْقِهِ إذْ قُلْتَ مَوْجُودَانِ

  411. وَزَعَمْتَ أَنَّ اللَّهَ فَوْقَ الْعَرْشِ وَالْـ * ـكُرْسِيَّ حَقًّا فَوْقَهُ الْقَدَمَانِ

  412. وَزَعَمْتَ أَنَّ اللَّهَ يَسْمَعُ خَلْقَهُ * وَيَرَاهُمْ مِنْ فَوْقِ سَبْعِ ثَمَانٍ

  413. وَزَعَمْتَ أَنَّ كَلَامَهُ مِنْهُ بَدَا * وَإِلَيْهِ يَرْجِعُ آخِرَ الْأَزْمَانِ

  414. وَوَصَفْتَهُ بِالسَّمْعِ وَالْبَصَرِ الَّذِي * لَا يَنْبَغِي إِلَّا لِذِي الْجُثْمَانِ

  415. وَوَصَفْتَهُ بِإِرَادَةٍ وَبِقُدْرَةٍ * وَكَرَاهَةٍ وَمَحَبَّةٍ وَحَنَانِ

  416. وَزَعَمْتَ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ كُلَّ مَا * فِي الْكَوْنِ مِنْ سِرٍّ وَمِنْ إِعْلَانِ

  417. وَالْعِلْمُ وَصْفٌ زَائِدٌ عَنْ ذَاتِهِ * عَرَضٌ يَقُومُ بِغَيْرِ ذِي جُثْمَانِ

  418. وَزَعَمْتَ أَنَّ اللَّهَ كَلَّمَ عَبْدَهُ * مُوسَى فَأَسْمَعَهُ نِدَا الرَّحْمَـٰنِ

  419. أَفْتَسْمَعُ الأُذُنَانِ غَيْرَ الْحَرْفِ وَالـ * ـصَّوْتِ الَّذِي خُصَّتْ بِهِ الأُذُنَانِ

  420. وَكَذَا النِّدَاءُ فَإِنَّهُ صَوْتٌ بِإِجْـ * ـمَاعِ النُّحَاةِ وَأَهْلِ كُلِّ لِسَانِ

  421. لَكِنَّهُ صَوْتٌ رَفِيعٌ وَهْوَ ضِدٌّ م * لِلنِّجَاءِ كِلَاهُمَا صَوْتَانِ

  422. فَزَعَمْتَ أَنَّ اللَّهَ نَادَاهُ وَنَا *جَاهُ وَفِي ذَا الزَّعْمِ مَحْذُورَانِ

  423. قُرْبُ الْمَكَانِ وَبُعْدُهُ وَالصَّوْتُ بَلْ * نَوْعَاهُ مَحْذُورَانِ مُمْتَنِعَانِ

  424. وَزَعَمْتَ أَنَّ مُحَمَّدًا أَسْرَى بِهِ * لَيْلًا إِلَيْهِ فَهْوَ مِنْهُ دَانِ

  425. وَزَعَمْتَ أَنَّ مُحَمَّدًا يَوْمَ اللِّقَا * يُدْنِيهِ رَبُّ الْعَرْشِ بِالرِّضْوَانِ

  426. حَتَّى يُرَى الْمُخْتَارُ حَقًّا قَاعِدًا * مَعَه عَلَى الْعَرْشِ الرَّفِيعِ الشَّانِ

  427. وَزَعَمْتَ أَنَّ لِعَرْشِهِ أَطًّا بِهِ * كَالرَّحْلِ أَطَّ بِرَاكِبٍ عَجْلَانِ

  428. وَزَعَمْتَ أَنَّ اللَّهَ أَبْدَى بَعْضَهُ * لِلطُّورِ حَتَّى عَادَ كَالْكُثْبَانِ

  429. لَمَّا تَجَلَّى يَوْمَ تَكْلِيمِ الرِّضَا * مُوسَى الْكَلِيمُ مُكَلَّمِ الرَّحْمَـٰنِ

  430. وَزَعَمْتَ لِلْمَعْبُودِ وَجْهًا بَاقِيًا * وَلَهُ يَمِينٌ بَلْ زَعَمْتَ يَدَانِ

  431. وَزَعَمْتَ أَنَّ يَدَيْهِ لِلسَّبْعِ الْعُلَى * وَالْأَرْضِ يَوْمَ الْحَشْرِ قَابِضَتَانِ

  432. وَزَعَمْتَ أَنَّ يَمِينَهُ مَلَأً مِنَ الْـ * ـخَيْرَاتِ مَا غَاضَتْ عَلَى الْأَزْمَانِ

  433. وَزَعَمْتَ أَنَّ الْعَدْلَ فِي الْأُخْرَى بِهَا * رَفْعٌ وَخَفْضٌ وَهْوَ بِالْمِيزَانِ

  434. وَزَعَمْتَ أَنَّ الْخَلْقَ طُرًّا عِنْدَمَا * يَهْتَزُّ فَوْقَ أَصَابِعِ الرَّحْمَـٰنِ

  435. وَزَعَمْتَ أَيْضًا أَنَّ قَلْبَ الْعَبْدِ مَا * بَيْنَ اثْنَتَيْنِ مِنَ الْأَصَابِعِ عَانِ

  436. وَزَعَمْتَ أَنَّ اللَّهَ يَضْحَكُ عِنْدَمَا * يَتَقَابَلُ الصَّفَّانِ يَقْتَتِلَانِ

  437. مِنْ عَبْدِهِ يَأْتِي فَيُبْدِي نَحْرَهُ * لِعَدُوِّهِ طَلَبًا لِنَيْلِ جِنَانِ

  438. وَكَذَاكَ يَضْحَكُ عِنْدَمَا يَثِبُ الفَتَى * مِنْ فَرْشِهِ لِتِلَاوَةِ القُرْآنِ

  439. وَكَذَاكَ يَضْحَكُ مِنْ قُنُوطِ عِبَادِهِ * إِذْ أَجْدَبُوا وَالغَيْثُ مِنْهُمْ دَانِ

  440. وَزَعَمْتَ أَنَّ اللَّهَ يَرْضَى عَنْ أُولِي الْـ * ـحُسْنَى وَيَغْضَبُ عَنْ أُولِي الْعِصْيَانِ

  441. وَزَعَمْتَ أَنَّ اللَّهَ يَسْمَعُ صَوْتَهُ * يَوْمَ الْمِعَادِ بَعِيدُهُمْ وَالدَّانِي

  442. لَمَّا يُنَادِيهُمْ أَنَا الدَّيَّانُ لَا * ظُلْمٌ لَدَيَّ فَيَسْمَعُ الثَّقَلَانِ

  443. وَزَعَمْتَ أَنَّ اللَّهَ يُشْرِقُ نُورَهُ * فِي الْأَرْضِ يَوْمَ الْفَصْلِ وَالْمِيزَانِ

  444. وَزَعَمْتَ أَنَّ اللَّهَ يَكْشِفُ سَاقَهُ * فَيَخِرُّ ذَاكَ الْجَمْعُ لِلْأَذْقَانِ

  445. وَزَعَمْتَ أَنَّ اللَّهَ يَبَسُطُ كَفَّهُ * لِمُسِيئِنَا لِيَتُوبَ مِنْ عِصْيَانِ

  446. وَزَعَمْتَ أَنَّ يَمِينَه تَطْوِي السَّمَا * طَيَّ السِّجِلِّ عَلَى كِتَابِ بَيَانِ

  447. وَزَعَمْتَ أَنَّ اللَّهَ يَنْزِلُ فِي الدُّجَى * فِي ثُلْثِ لَيْلٍ آخِرٍ أَوْ ثَانِ

  448. فَيَقُولُ هَلْ مِنْ سَائِلٍ فَأُجِيبَهُ * فَأَنَا الْقَرِيبُ مُجِيبُ مَنْ نَادَانِي

  449. وَزَعَمْتَ أَنَّ لَهُ نُزُولًا ثَانِيًا * يَوْمَ الْقِيَامَةِ لِلْقَضَاءِ الثَّانِي

  450. وَزَعَمْتَ أَنَّ اللَّهَ يَبْدُو جَهْرَةً * لِعِبَادِهِ حَتَّى يُرَى بِعِيَانِ

  451. بَلْ يَسْمَعُونَ كَلَامَهُ وَيَرَوْنَهُ * فَالْمُقْلَتَانِ إِلَيْهِ نَاظِرَتَانِ

  452. وَزَعَمْتَ أَنَّ لِرَبِّنَا قَدَمًا وَأَنَّ مَـا * اللَّهَ وَاضِعُهَا عَلَى النِّيرَانِ

  453. فَهُنَاكَ يَدْنُو بَعْضُهَا مِنْ بَعْضِهَا * وَتَقُولُ قَطْ قَطْ حَاجَتِي وَكَفَانِي

  454. وَزَعَمْتَ أَنَّ النَّاسَ يَوْمَ مَزِيدِهِمْ * كُلٌّ يُحَاضِرُ رَبَّهُ وَيُدَانِي

  455. بِالْحَاءِ مَعَ ضَادٍ وَجَا مَعَ صَادِهَا * وَجْهَانِ فِي ذَا اللَّفْظِ مَحْفُوظَانِ

  456. فِي التِّرْمِذِيِّ وَمُسْنَدٍ وَسِوَاهُمَا * مِنْ كُتْبِ تَجْسِيمٍ بِلَا كِتْمَانِ

  457. وَصَفْتَهُ بِصِفَاتِ حَيٍّ فَاعِلٍ * بِالِاخْتِيَارِ وَذَانِكَ الأَصْلَانِ

  458. أَصْلَا التَّفَرُّقِ بَيْنَ هَذَا الْخَلْقِ فِي الْـ * ـبَارِي فَكُنْ فِي النَّفْيِ غَيْرَ جَبَانِ

  459. أَوْ لَا فَلَا تَلْعَبْ بِدِينِكَ نَاقِضًا * نَفْيًا بِإِثْبَاتٍ بِلَا فُرْقَانِ

  460. فَالنَّاسُ بَيْنَ مُعَطِّلٍ أَوْ مُثْبِتٍ * أَوْ ثَالِثٍ مُتَنَاقِضٍ صَفْعَانِ

  461. واللَّهِ لَسْتَ بِرَابِعٍ لَهُمُ بَلَى * إِمَّا حِمَارًا أَوْ مِنَ الثِّيرَانِ

  462. فَاسْمَحْ بِإِنْكَارِ الْجَمِيعِ وَلَا تَكُنْ * مُتَنَاقِضًا رَجُلًا لَهُ وَجْهَانِ

  463. أَوْ لَا فَفَرِّقْ بَيْنَ مَا أَثْبَتَّهُ * وَنَفَيْتَهُ بِالنَّصِّ وَالْبُرْهَانِ

  464. فَالْبَابُ بَابٌ وَاحِدٌ فِي النَّفىِ وَالْـ * إِثْبَاتِ فِي عَقْلٍ وَفِي مِيزَانِ

  465. فَمَتَى أَقَرَّ بِبَعْضِ ذَلِكَ مُثْبِتٌ * لَزِمَ الْجَمِيعُ أَوِ ائْتِ بِالْفُرْقَانِ

  466. وَمَتَى نَفَى شَيْئًا وَأَثْبَتَ مِثْلَهُ * فَمُجَسَّمٌ مُتَنَاقِضٌ دِيصَانِي

  467. فَذَرُوا الْمِرَاءَ وَصَرِّحُوا بِمَذَاهِبِ الْـ * ـقُدَمَاءِ وَانْسَلِخُوا مِنَ الْإِيمَانِ

  468. أَوْ قَاتِلُوا مَعَ أُمَّةِ التَّشْبِيهِ وَالتَّـ * ـجْسِيمِ تَحْتَ لِوَاءِ ذِي الْقُرْآنِ

  469. أَوْ لَا فَلَا تَتَلَاعَبُوا بِعُقُولِكُمْ * وَكِتَابِكُمْ وَبِسَائِرِ الْأَدْيَانِ

  470. فَجَمِيعُهَا قَدْ صَرَّحَتْ بِصِفَاتِهِ * وَكَلَامِهِ وَعُلُوِّهِ بِبَيَانِ

  471. وَالنَّاسُ بَيْنَ مُصَدِّقٍ أَوْ جَاحِدٍ * أَوْ بَيْنَ ذَلِكَ أَوْ شَبِيهُ أَتَانِ

  472. فَاصْنَعْ مِنَ التَّنزِيهِ تُرْسًا مُحْكَمًا * وَانْفِ الجَمِيعَ بِصَنْعَةٍ وَبَيَانِ

  473. وَكَذَاكَ لَقِّبْ مَذْهَبَ الْإثْبَاتِ بِالتَّـ * ـجْسِيمِ ثُمَّ احْمِلْ عَلَى الْأَقْرَانِ

  474. فَمَتَى سَمَحْتَ لَهُمْ بِوَصْفٍ وَاحِدٍ * حَمَلُوا عَلَيْكَ بِحَمْلَةِ الْفُرْسَانِ

  475. فَصُرِعْتَ صِرْعَةَ مَنْ غَدَا مُتَلَبِّطًا * وَسَطَ الْعَرِينِ مُمَزَّقَ اللُّحْمَانِ

  476. فَلِذَاكَ أَنْكَرْنَا الْجَمِيعَ مَخَافَةَ التَّـ * ـجْسِيمِ إِنْ صِرْنَا إِلَى الْقُرْآنِ

  477. وَلِذَا خَلَعْنَا رِبْقَةَ الأَدْيَانِ مِنْ * أَعْنَاقِنَا فِي سَالِفِ الأَزْمَانِ

  478. وَلَنَا مُلُوكٌ قَاوَمُوا الرُّسْلَ الأُلَى * جَاؤُوا بِإِثْبَاتِ الصَّفَاتِ كَمَانِي

  479. فِي آلِ فِرْعَوْنَ وَقَارُونٍ وَنُـ * ـمْرُودٍ وَهَامَانٍ وَجِنْكِسْخَانِ

  480. وَلَنَا الأَئِمَّةُ كَالْفَلَاسِفَةِ الأُلَى * لَمْ يَعْبَؤُوا أَصْلًا بِذِي الْأَدْيَانِ

  481. مِنْهُمْ أَرِسْطُو ثُمَّ شِيعَتُهُ إِلَى * هَذَا الأَوَانِ وَعِنْدَ كُلِّ أَوَانِ

  482. مَا فِيهِمُ مَنْ قَالَ إِنَّ اللَّهَ فَوْ * قَ الْعَرْشِ خَارِجَ هَذِهِ الْأَكْوَانِ

  483. كَلاَّ وَلَا قَالُوا بِأَنَّ إِلَهَنَا * مُتَكَلِّمٌ بِالْوَحْيِ وَالْقُرْآنِ

  484. وَلِأَجْلِ هَذَا رَدَّ فِرْعَوْنُ عَلَى * مُوسَى وَلَمْ يَقْدِرْ عَلَى الْإِيمَانِ

  485. إِذْ قَالَ مُوسَى رَبُّنَا مُتَكَلِّمٌ * فَوْقَ السَّمَاءِ وَإِنَّهُ نَادَانِي

  486. وَكَذَا ابْنُ سِينَا لَمْ يَكُنْ مِنْكُمْ وَلَا * أَتْبَاعُهُ بَلْ صَانَعُوا بِدِهَانِ

  487. وَكَذَلِكَ الطُّوسِيُّ لَمَّا أَنْ غَدَا * ذَا قُدْرَةٍ لَمْ يَخْشَ مِنْ سُلْطَانِ

  488. قَتَلَ الْخَلِيفَةَ وَالْقُضَاةَ وَحَامِلِي الْـ * ـقُرْآنِ وَالْفُقَهَاءَ فِي الْبُلْدَانِ

  489. إذْ هُمْ مُشَبِّهَةٌ مُجَسَّمَةٌ وَمَا * دَانُوا بِدِينِ أَكَابِرِ الْيُونَانِ

  490. وَلَنَا الْمَلاحِدَةُ الْفُحُولُ أَئِمَّةُ التَّـ * ـعْطِيلِ وَالسِّكِّينِ آلُ سِنَانِ

  491. وَلَنَا تَصَانِيفٌ بِهَا غَالَبْتُمُ * مِثْلَ الشِّفَا وَرَسَائِلِ الإخْوَانِ

  492. وَكَذَا الإِشَارَاتُ الَّتِي هِيَ عِندَكُمْ * قَدْ ضُمِّنَتْ لِقَوَاطِعِ الْبُرْهَانِ

  493. قَدْ صَرَّحَتْ بِالضِّدِّ مِمَّا جَاءَ فِي التَّـ * ـوْرَاةِ وَالإِنْجِيلِ وَالْفُرْقَانِ

  494. هِيَ عِندَكُمْ مِثْلُ النُّصُوصِ وَفَوْقَهَا * فِي حُجَّةٍ قَطْعِيَّةٍ وَبَيَانٍ

  495. وَإِذَا تَحَاكَمْنَا فَإِنَّ إِلَيْهِمُ * يَقَعُ التَّحَاكُمُ لَا إِلَى الْقُرْآنِ

  496. إِذْ قَدْ تَسَاعَدْنَا بِأَنَّ نُصُوصَهُ * لَفْظِيَّةٌ عُزِلَتْ عَنِ الْإِيْقَانِ

  497. فَلِذَاكَ حَكَّمْنَا عَلَيْهِ وَأَنْتُمُ * قَوْلَ الْمُعَلِّمِ أَوَّلًا وَالثَّانِي

  498. يَا وَيْحَ جَهْمٍ وَابْنِ دِرْهَمَ وَالأُلَى * قَالُوا بِقَوْلِهِمَا مِنَ الْخَوَرَانِ

  499. بَقِيَتْ مِنَ التَّشْبِيهِ فِيهِ بَقيَّةٌ * نَقَضَتْ قَوَاعِدَهُ مِنَ الأَرْكَانِ

  500. يَنْفِي الصِّفَاتِ مَخَافَةَ التَّجْسِيمِ لَا * يَلْوِي عَلَى خَبَرٍ وَلَا قُرْآنِ

  501. وَيَقُولُ إِنَّ اللَّهَ يَسْمَعُ أَوْ يَرَى * وَكَذَاكَ يَعْلَمُ سِرَّ كُلِّ جَنَانِ

  502. وَيَقُولُ إِنَّ اللَّهَ قَدْ شَاءَ الَّذِي * هُوَ كَائِنٌ مِنْ هَذِهِ الْأَكْوَانِ

  503. وَيقُولُ إنَّ الفِعْلَ مَقْدُورٌ لَهُ * وَالكَوْنَ يَنْسُبُهُ إِلَى الحِدْثَانِ

  504. وَبِنَفْيِهِ التَّجْسِيمَ يَصْرُخُ فِي الْوَرَى * وَاللَّهِ مَا هَذَانِ يَتَّفِقَانِ

  505. لَكِنَّنَا قُلْنَا مُحَالٌ كُلُّ ذَا * حَذَرًا مِنَ التَّجْسِيمِ وَالإِمْكَانِ

  506. وَأَتَى فَرِيقٌ ثُمَّ قَالَ أَلَا اسْمَعُوا * قَدْ جِئْتُكُمْ مِنْ مَطْلَعِ الْإِيمَانِ

  507. مِنْ أَرْضِ طَيِّبَةَ مِنْ مُهَاجَرِ أَحْمَدٍ * بِالْحَقِّ وَالْبُرْهَانِ وَالتِّبْيَانِ

  508. سَافَرْتُ فِي طَلَبِ الإِلَٰهِ فَدَلَّنِي الْـ * ـهَادِي عَلَيْهِ وَمُحْكَمُ الْقُرْآنِ

  509. مَعَ فِطْرَةِ الرَّحْمَـٰنِ جَلَّ جَلَالُهُ * وَصَرِيحِ عَقْلٍ فَاعْتَلَى بُنْيَانِي

  510. فَتَوافَقَ الْعَقْلُ الصَّرِيحُ وَفِطْرَةُ الرَّ * حْمَـٰنِ وَالْمَنْقُولُ فِي إِيمَانِي

  511. شَهِدُوا بِأَنَّ اللَّهَ جَلَّ جَلَالُهُ * مُتَفَرِّدٌ بِالْمُلْكِ وَالسُّلْطَانِ

  512. وَهُوَ الإِلَةُ الْحَقُّ لَا مَعْبُودَ إِلَّا * م وَجْهُهُ الأَعْلَى الْعَظِيمُ الشَّانِ

  513. بَلْ كُلُّ مَعْبُودٍ سِوَاهُ فَبَاطِلٌ * مِنْ عَرْشِهِ حَتَّى الْحَضِيضِ الدَّانِي

  514. وَعِبَادَةُ الرَّحْمَـٰنِ غَايَةُ حُبِّهِ * مَعَ ذُلِّ عَابِدِهِمَا قُطْبَانِ

  515. وَعَلَيْهِمَا فَلَكُ العِبَادَةِ دَائِرٌ * مَا دَارَ حَتَّى قَامَتِ القُطْبَانِ

  516. وَمَدَارُهُ بِالأَمْرِ أَمْرِ رَسُولِهِ * لَا بِالْهَوَى وَالنَّفْسِ وَالشَّيْطَانِ

  517. فَقِيامُ دِينِ اللَّهِ بِالإِخْلَاصِ وَالْـ * إِحْسَانِ إِنَّهُمَا لَهُ أَصْلَانِ

  518. لَمْ يَنْجُ مِنْ غَضَبِ الإِلَٰهِ وَنَارِهِ * إِلَّا الَّذِي قَامَتْ بِهِ الأَصْلَانِ

  519. وَالنَّاسُ بَعْدُ فَمُشْرِكٌ بِإِلَٰهِهِ * أَوْ ذُو ابْتِدَاعٍ أَوْ لَهُ الْوَصْفَانِ

  520. وَاللَّهُ لَا يَرْضَى بِكَثْرَةِ فِعْلِنَا * لَكِنْ بِأَحْسَنِهِ مَعَ الْإِيمَانِ

  521. فَالْعَارِفُونَ مُرَادُهُمْ إِحْسَانُهُ * وَالْجَاهِلُونَ عَمُوا عَنْ الْإِحْسَانِ

  522. وَكَذَاكَ قَدْ شَهِدُوا أَنَّ اللَّهَ ذُو * سَمْعٍ وَذُو بَصَرٍ هُمَا صِفَتَانِ

  523. وَهوَ العَلِيُّ يَرَى وَيَسْمَعُ خَلْقَهُ * مِنْ فَوْقِ عَرْشٍ فَوْقَ سِتِّ ثَمَانِ

  524. فَيَرى دَبِيبَ النَّمْلِ فِي غَسَقِ الدُّجَى * وَيَرَى كَذَاكَ تَقَلُّبَ الأَجْفَانِ

  525. وَضَجِيجُ أَصْوَاتِ الْعِبَادِ بِسَمْعِهِ * وَلدَيْهِ لَا يَتَشَابَهُ الصَّوْتَانِ

  526. وَهُوَ الْعَلِيمُ بِمَا يُوَسْوِسُ عَبْدُهُ * فِي نَفْسِهِ مِنْ غَيْرِ نُطْقِ لِسَانِ

  527. بَلْ يَسْتَوِي فِي عِلْمِهِ الدَّانِي مَعَ الْـ * ـقَاصِي وَذُو الْإِسْرَارِ وَالْإِعْلَانِ

  528. وَهُوَ الْعَلِيمُ بِمَا يَكُونُ غَدًا وَمَا * قَدْ كَانَ وَالْمَعْلُومِ فِي ذَا الْآنِ

  529. وَبِكُلِّ شَيْءٍ لَمْ يَكُنْ لَوْ كَانَ كَيْـ * ـفَ يَكُونُ مَوْجُودًا لِذِي الْأَعْيَانِ

  530. وَهُوَ الْقَدِيرُ فَكُلُّ شَيْءٍ فَهْوَ مَقْـ * ـدُورٌ لَهُ طَوْعًا بِلَا عِصْيَانِ

  531. وَعُمُومُ قُدْرَتِهِ يَدُلُّ بِأَنَّهُ * هُوَ خَالِقُ الأَفْعَالِ لِلْحَيَوَانِ

  532. هِيَ خَلْقُهُ حَقًّا وَأَفْعَالٌ لَهُمْ * حَقًّا وَلَا يَتَنَاقَضُ الأَمْرَانِ

  533. لَكِنَّ أَهْلَ الْجَبْرِ وَالتَّكْذِيبِ بِالْـ * أَقْدَارِ مَا انْفَتَحَتْ لَهُمْ عَيْنَانِ

  534. نَظَرُوا بِعَيْنَيْ أَعْوَرٍ إِذْ فَاتَهُمْ * نَظَرُ البَصِيرِ وَغَارَتِ العَيْنَانِ

  535. فَحَقِيقَةُ القَدَرِ الَّذِي حَارَ الوَرَى * فِي شَأْنِهِ هُوَ قُدْرَةُ الرَّحْمَـٰنِ

  536. وَاسْتَحْسَنَ ابْنُ عَقِيلٍ ذَا مِنْ أَحْمَدٍ * لَمَّا حَكَاهُ عَنِ الرِّضَا الرَّبَّانِي

  537. قَالَ الْإِمَامُ شَفَا الْقُلُوبَ بِلَفْظَةٍ * ذَاتِ اخْتِصَارٍ وَهِيَ ذَاتُ بَيَانِ

  538. وَلَهُ الحَيَاةُ كَمَالُهَا فَلِأَجْلِ ذَا * مَا لِلْمَمَاتِ عَلَيْهِ مِنْ سُلْطَانِ

  539. وَكَذَلِكَ الْقَيُّومُ مِنْ أَوْصَافِهِ * مَا لِلْمَنَامِ لَدَيْهِ مِنْ غَشَيَانِ

  540. وَكَذَلِكَ أَوْصَافُ الْكَمَالِ جَمِيعُهَا * ثَبَتَتْ لَهُ وَمَدَارُهَا الْوَصْفَانِ

  541. فَمُصَحِّحُ الأَوْصَافِ وَالأَفْعَالِ وَالْـ * أَسْمَاءِ حَقًّا ذَانِكَ الأَصْلَانِ

  542. وَلَأَجْلِ ذَا جَاءَ الْحَدِيثُ بِأَنَّهُ * فِي آيَةِ الْكُرْسِيِّ وَذِي عِمْرَانَ

  543. اِسْمُ الإِلهِ الأَعْظَمُ اشْتَمَلَا عَلَى اسْـ * ـمِ الحَيِّ وَالْقَيُّومِ مُقْتَرِنَانِ

  544. فَالْكُلُّ مَرْجِعُهَا إِلَى الْإِسْمَيْنِ يَدْ * رِي ذَاكَ ذُو بَصَرٍ بِهَذَا الشَّانِ

  545. وَلَهُ الإِرَادَةُ وَالكَرَاهَةُ وَالرِّضَا * وَلَهُ الْمَحَبَّةُ وَهْوَ ذُو الْإِحْسَانِ

  546. وَلَهُ الْكَمَالُ الْمُطْلَقُ الْعَارِي عَنِ التَّـ * ـشْبِيهِ وَالتَّمْثِيلِ بِالْإِنْسَانِ

  547. وَكَمَالُ مَنْ أَعْطَى الْكَمَالَ لِنَفْسِهِ * أَوْلَى وَأَقْدَمُ وَهْوَ أَعْظَمُ شَانِ

  548. أَيَكُونُ قَدْ أَعْطَى الْكَمَالَ وَمَا لَهُ * ذَاكَ الْكَمَالُ أَذَاكَ ذُو إِمْكَانِ

  549. أَيَكُونُ إِنْسَانٌ سَمِيعًا مُبْصِرًا * مُتَكَلِّمًا بِمَشِيئَةٍ وَبَيَانِ

  550. وَلَهُ الحَيَاةُ وَقُدْرَةٌ وَإِرَادَةٌ * وَالعِلْمُ بِالكُلِّيِّ وَالأَعْيَانِ

  551. وَاللَّهُ قَدْ أَعْطَاهُ ذَاكَ وَلَيْسَ هَـ * ـذَا وَصْفَهُ فَاعْجَبْ مِنَ الْبُهْتَانِ

  552. بِخِلَافِ نَوْمِ الْعَبْدِ ثُمَّ جِمَاعِهِ * وَالْأَكْلِ مِنْهُ وَحَاجَةِ الْأَبْدَانِ

  553. إِذْ تِلكَ مَلْزُومَاتُ كَوْنِ الْعَبْدِ مُحْـ * ـتَاجًا وَتِلْكَ لَوَازِمُ النُّقْصَانِ

  554. وَكَّذَا لَوازِمُ كَوْنِهِ جَسَدًا نَعَمْ * وََلَوَازِمُ الإحْدَاثِ وَالإمْكَانِ

  555. يَتَقَدَّسُ الرَّحْمَـنُ جَلَّ جَلَالُهُ * عَنْهَا وَعَنْ أَعْضَاءِ ذِي جُثْمَانِ

  556. وَاللَّهُ رَبِّي لَمْ يَزَلْ مُتَكَلِّمًا * وَكَلَامُهُ الْمَسْمُوعُ بِالْآذَانِ

  557. صِدْقًا وَعَدْلًا أُحْكِمَتْ كَلِمَاتُهُ * طَلَبًا وَإِخْبَارًا بِلا نُقْصَانِ

  558. وَرَسُولُهُ قَدْ عَاذَ بِالْكَلِمَاتِ مِنْ * لَدْغٍ وَمِنْ عَيْنٍ وَمِنْ شَيْطَانٍ

  559. أَيَعُوذُ بِالْمَخْلُوقِ حَاشَاهُ مِنَ الْـ * إِشْرَاكِ وَهُوَ مُعَلِّمُ الْإِيمَانِ

  560. بَلْ عَاذَ بِالْكَلِمَاتِ وَهِيَ صِفَاتُهُ * سُبْحَانَهُ لَيْسَتْ مِنَ الْأَكْوَانِ

  561. وَكَذَلِكَ القُرْآنُ عَيْنُ كَلَامِهِ الْمَسْمُوعِ مِنْهُ حَقِيقَةً بِبَيَانِ

  562. هُوَ قَوْلُ رَبِّي كُلُّهُ لَا بَعْضُهُ * لَفْظًا وَمَعْنًى مَا هُمَا خَلْقَانِ

  563. تَنْزِيلُ رَبِّ الْعَالَمِينَ وَقَوْلُهُ * الْلَّفْظُ وَالْمَعْنَى بِلَا رَوَغَانِ

  564. لَكِنَّ أَصْوَاتَ الْعِبَادِ وَفِعْلَهُمْ * كَمِدَادِهِمْ وَالرَّقِّ مَخْلُوقَانِ

  565. فَالصَّوْتُ لِلْقَارِى وَلَكِنَّ الْكَلَا * مَ كَلَامُ رَبِّ الْعَرْشِ ذِي الْإِحْسَانِ

  566. هَذَا إِذَا مَا كَانَ ثَمَّ وَسَاطَةٌ * كَقِرَاءَةِ الْمَخْلُوقِ لِلْقُرْآنِ

  567. فَإِذَا انْتَفَتْ تِلْكَ الْوَسَاطَةُ مِثْلَمَا * قَدْ كَلَّمَ الْمَوْلُودَ مِنْ عِمْرَانِ

  568. فَهُنَالِكَ الْمَخْلُوقُ نَفْسُ السَّمْعِ لَا * شَيْءٌ مِنَ الْمَسْمُوعِ فَافْهَمْ ذَانِ

  569. هَذِهِ مَقَالَةُ أَحْمَدَ وَمُحَمَّدٍ * وَخُصُومُهُمْ مِنْ بَعْدِ طَائِفَتَيْنِ

  570. إحْدَاهُمَا زَعَمَتْ بِأَنَّ كَلَامَهُ * خَلْقٌ لَهُ أَلْفَاظُهُ وَمَعَانِي

  571. وَالْآخَرُونَ أَبَوْا وَقَالُوا شَطْرُهُ * خَلْقٌ وَشَطْرٌ قَامَ بِالرَّحْمَـٰنِ

  572. زَعَمُوا الْقُرْآنَ عِبَارَةً وَحِكَايَةً * فَلَنَا كَمَا زَعَمُوهُ قُرْآنَانِ

  573. هَذَا الَّذِي نَتْلُوهُ مَخْلُوقٌ كَمَا * قَالَ الْوَلِيدُ وَبَعْدَهُ الْفِئَتَانِ

  574. وَالْآخَرُ الْمَعْنَى الْقَدِيمُ فَقَائِمٌ * بِالنَّفْسِ لَمْ يُسْمَعْ مِنَ الدَّيَّانِ

  575. وَالأمْرُ عَيْنُ النَّهْيِ وَاسْتِفْهَامُهُ * هُوَ عَيْنُ إِخْبَارٍ وَذَا وَحْدَانِي

  576. وَهُوَ الزَّبُورُ وَعَيْنُ تَوْرَاةٍ وَإِنْـ * ـجِيلٍ وَعَيْنُ الذِّكْرِ وَالْفُرْقَانِ

  577. الكُلُّ مَعْنًى وَاحِدٌ فِي نَفْسِهِ * لَا يَقْبَلُ التَّبْعِيضَ فِي الأَذْهَانِ

  578. مَا إِنْ لَهُ كُلٌّ وَلَا بَعْضٌ وَلَا لَفْظٌ * وَلَا حَرْفٌ وَلَا عَرَبِيٌّ وَلَا عِبْرَانِي

  579. وَدَلِيلُهُمْ فِي ذَاكَ بَيتٌ قَالَهُ * فِيمَا يُقَالُ الأَخْطَلُ النَّصْرَانِي

  580. يَا قَوْمُ قَدْ غَلِطَ النَّصَارَى قَبْلُ فِي * مَعْنَى الْكَلَامِ وَمَا اهْتَدَوْا لِبَيَانِ

  581. وَلَأَجْلِ ذَلِكَ ظَنُّوا الْمَسِيحَ إِلَٰهَهُمْ * إِذْ قِيلَ كِلْمَةُ خَالِقٍ رَحْمَٰنِ

  582. وَلَأَجْلِ ذَا جَعَلُوهُ نَاسُوتًا وَلَا * هُوتًا قَدِيمًا بَعْدُ مُتَّحِدَانِ

  583. وَنَظِيرُ هَذَا مَنْ يَقُولُ كَلَامُهُ * مَعْنًى قَدِيمٌ غَيْرُ ذِي حِدْثَانِ

  584. وَالشَّطْرُ مَخْلُوقٌ وَتِلْكَ حُرُوفُهُ * نَاسُوتُهُ لَكِنْ هُمَا غَيْرَانِ

  585. فَانظُرْ إِلَى ذَا الاتِّفَاقِ فَإِنَّهُ * عَجَبٌ وَطَالِعْ سُنَّةَ الرَّحْمَـٰنِ

  586. وَتَكَايَسَتْ أُخْرَى وَقَالَتْ إِنَّ ذَا * قَوْلٌ مُحَالٌ وَهْوَ خَمْسُ مَعَانِ

  587. تِلْكَ التِي ذُكِرَتْ وَمَعْنَىً جَامِعٌ * لِجَمِيعِهَا كَالأُسِّ لِلْبُنْيَانِ

  588. فَتَكُونُ أَنْوَاعًا وَعِندَ نَظِيرِهِمْ * أَوْصَافَهُ وَهُمَا فَمَتَّفِقَانَ

  589. أَنَّ الَّذِي جَاءَ الرَّسُولُ بِهِ فَمَخْـ * ـلُوقٌ وَلَمْ يُسْمَعْ مِنَ الدَّيَّانِ

  590. وَالْخُلْفُ بَيْنَهُمُ فَقِيلَ مُحَمَّدٌ * أَنْشَاهُ تَعْبِيرًا عَنِ الْقُرْآنِ

  591. وَالْآخَرُونَ أَبَوْا وَقَالُوا إِنَّمَا * جِبْرِيلُ أَنْشَاهُ عَنِ الْمَنَّانِ

  592. وَتَكَايَسَتْ أُخْرَى وَقَالَتْ إِنَّهُ * نَقْلٌ مِنَ اللَّوحِ الرَّفِيعِ الشَّانِ

  593. فَاللَّوحُ مَبدَاهُ وَرَبُّ اللَّوحِ قَدْ * أَنْشَاهُ خَلْقًا فِيهِ ذَا حِدْثَانِ

  594. هَذِهِ مَقَالَاتٌ لَهُمْ فَانْظُرْ تَرَى * فِي كُتْبِهِمْ يَا مَنْ لَهُ عَيْنَانِ

  595. لَكِنَّ أَهْلَ الْحَقِّ قَالُوا إِنَّمَا * جِبْرِيلُ بَلَّغَهُ عَنِ الرَّحْمَـٰنِ

  596. أَلْقَاهُ مَسْمُوعًا لَهُ مِنْ رَبِّهِ * لِلصَّادِقِ الْمَصْدُوقِ بِالْبُرْهَانِ

  597. وَإِذَا أَرَدْتَ مَجَامِعَ الطُّرُقِ الَّتِي * فِيهَا افْتِرَاقُ النَّاسِ فِي الْقُرْآنِ

  598. فَمَدَارُهَا أَصْلَانِ قَامَ عَلَيْهِمَا * هَذَا الْخِلَافُ هُمَا لَهُ رُكْنَانِ

  599. هَلْ قَوْلُهُ بِمَشِيئَةٍ أَمْ لَا وَهَلْ * فِي ذَاتِهِ أَمْ خَارِجٌ هَذَانِ

  600. أَصْلَا اخْتِلَافِ جَمِيعِ أَهْلِ الْأَرْضِ فِي الْـ * ـقُرْآنِ فَاطْلُبْ مُقْتَضَى الْبُرْهَانِ

  601. ثُمَّ الأُلَى قَالُوا بِغَيْرِ مَشِيئَةٍ * وَإِرَادَةٍ مِنْهُ فَطَائِفَتَانِ

  602. إحْدَاهُمَا جَعَلَتْهُ مَعْنَىً قَائِمًا * بِالنَّفْسِ أَوْ قَالُوا بِخَمْسِ مَعَانِ

  603. وَاللَّهُ أَحْدَثَ هَذِهِ الْأَلْفَاظَ كَيْ * تُبْدِيهِ مَعْقُولًا إِلَى الْأَذْهَانِ

  604. وَلَذَاكَ قَالُوا إِنَّهَا لَيْسَتْ هِيَ الْـ * ـقُرْآنَ بَلْ دَلَّتْ عَلَى الْقُرْآنِ

  605. وَلَرُبَّمَا سُمِّيَ بِهَا الْقُرْآنُ تَسْـ * ـمِيَةَ الْمَجازِ وَذَاكَ وَضْعٌ ثَانِ

  606. وَلِذَلِكَ اخْتَلَفُوا فَقِيلَ حِكَايَةٌ * عَنْهُ وَقِيلَ عِبَارَةٌ لِبَيَانِ

  607. إِذْ كَانَ مَا يُحْكَى كَمَحْكِيٍّ وَهَـ * ـذَا اللَّفْظُ وَالْمَعْنَى فَمُخْتَلِفَانِ

  608. وَلِذَا يُقَالُ حَكَى الْحَدِيثَ بِعَيْنِهِ * إِذْ كَانَ أَوَّلُهُ نَظِيرَ الثَّانِي

  609. فَلِذَاكَ قَالُوا لَا نَقُولُ حِكَايَةٌ * وَنَقُولُ ذَاكَ عِبَارَةُ الْفُرْقَانِ

  610. وَالْآخَرُونَ يَرَوْنَ هَذَا الْبَحْثَ لِفْـ * ـظِيًّا وَمَا فِيهِ كَبِيرُ مَعَانِ

  611. وَالْفِرْقَةُ الْأُخْرَى فَقَالَتْ إِنَّهُ * لَفْظٌ وَمَعْنًى لَيْسَ يَنْفَصِلَانِ

  612. وَاللَّفْظُ كَالْمَعْنَى قَدِيمٌ قَائِمٌ * بِالنَّفْسِ لَيْسَ بِقَابِلِ الْحِدْثَانِ

  613. فَالْسِّينُ عِندَ الْبَاءِ لَا مُشْبُوقَةٌ * لَكِنْ هُمَا حَرْفَانِ مُقْتَرِنَانِ

  614. وَالْقَائِلُونَ بِذَا يَقُولُونَ إِنَّمَا * تَرْتِيبُهَا فِي السَّمْعِ بِالْآذَانِ

  615. وَلَهَا اقْتِرَانٌ ثَابِتٌ لِذَوَاتِهَا * فَاعْجَبْ لِذَا التَّخْلِيطِ وَالْهَذَيَانِ

  616. لَكِنَّ زَاغُونِيَّتَهُمْ قَدْ قَالَ إِنَّ م * ذَوَاتِهَا وَوُجُودَهَا غَيْرَانِ

  617. فَتَرَتَّبْتْ بُوُجُودِهَا لَا ذَاتِهَا * يَا لَلْعُقُولِ وَزِيْغَةِ الأَذْهَانِ

  618. لَيْسَ الوُجُودُ سِوَى حَقِيقَتِهَا لَدَى الْـ * أَذْهَانِ بَلْ فِي هَذِهِ الْأَعْيَانِ

  619. لَكِنْ إِذَا أَخَذَ الْحَقيقَةَ خَارِجًا * وَوُجُودَهَا ذِهْنًا فَمُخْتَلِفَانِ

  620. وَالْعَكْسُ أَيْضًا مِثْلُ ذَا فَإِذَا هُمَا اتَّـ * ـحَدَا اعْتِبَارًا لَمْ يَكُنْ شَيْئَانِ

  621. وَبِذَا تَزُولُ جَمِيعُ إِشْكَالاتِهِمْ * فِي ذَاتِهِ وَوُجُودِهِ الرَّحْمَـٰنِ

  622. وَالقَائِلُونَ بِأَنَّهُ بِمَشِيئَةٍ * وَإِرَادَةٍ أَيْضًا فَهُمْ صِنْفَانِ

  623. إحْدَىٰهُمَا جَعَلَتْهُ خَارِجَ ذَاتِهِ * كَمَشِيئَةٍ لِلْخَلْقِ وَالأَكْوَانِ

  624. قَالُوا: وَصَارَ كَلَامُهُ بِإِضَافَةِ التَّـ * ـشْرِيفِ مِثْلَ الْبَيْتِ ذِي الْأَرْكَانِ

  625. مَا قَالَ عِندَهُمُ وَلَا هُوَ قَائِلٌ * وَالْقَوْلُ لَمْ يُسْمَعْ مِنَ الدَّيَّانِ

  626. فَالْقَوْلُ مَفْعُولٌ لَدَيْهِمْ قَائِمٌ * بِالْغَيْرِ كَالأَعْرَاضِ وَالْأَلْوَانِ

  627. هَذِهِ مَقَالَةُ كُلِّ جَهْمِيٍّ وَهُمْ * فِيهَا الشُّيُوخُ مُعَلِّمُو الصِّبْيَانِ

  628. لَكِنَّ أَهْلَ الْاعْتِزَالِ قَدِيمَهُمْ * لَمْ يَذْهَبُوا ذَا الْمَذْهَبَ الشَّيْطَانِي

  629. وَهُمُ الأُلَى اعْتَزَلُوا عَنْ الْحَسَنِ الرِّضَا الْـ * ـبَصْرِيِّ ذَاكَ الْعَالِمِ الرَّبَّانِي

  630. وَكَذَاكَ أَتْبَاعٌ عَلَى مِنْهَاجِهِمْ * مِنْ قَبْلِ جَهْمٍ صَاحِبِ الحِدْثَانِ

  631. لَكِنَّمَا مُتَأَخِّرُوهُمْ بَعْدَ ذَ * لِكَ وَافَقُوا جَهْمًا عَلَى الْكُفْرَانِ

  632. فَهُمُ بِذَا جَهْمِيَّةٌ أَهْلُ اعْتِزَا * لٍ ثَوْبُهُمْ أَضْحَى لَهُ عَلَمَانِ

  633. وَلَقَدْ تَقَلَّدَ كُفْرَهُمْ خَمْسُونَ فِي * عَشْرٍ مِنَ الْعُلَمَاءِ فِي الْبُلْدَانِ

  634. وَاللَّالَكَائِيُّ الْإِمَامُ حَكَاهُ عَنْـ * ـهُم بَلْ حَكَاهُ قَبْلَهُ الطَّبَرَانِي

  635. وَالْقَائِلُونَ بِأَنَّهُ بِمَشِيئَةٍ * فِي ذَاتِهِ أَيْضًا فَهُمْ نَوْعَانِ

  636. إحْدَاهُمَا جَعَلَتْهُ مَبْدُوءًا بِهِ * نَوْعًا حِذَارَ تَسَلْسُلِ الْأَعْيَانِ

  637. فَيَسُدُّ ذَاكَ عَلَيْهِمْ فِي زَعْمِهِمْ * إِثْبَاتَ خَالِقِ هَذِهِ الْأَكْوَانِ

  638. فَلِذَاكَ قَالُوا إِنَّهُ ذُو أَوَّلٍ * مَا لِلفَنَاءِ عَلَيْهِ مِنْ سُلْطَانِ

  639. وَكَلَامُهُ كَفِعَالِهِ وَكِلَاهُمَا * ذُو مَبْدَأٍ بَلْ لَيْسَ يَنْتَهِيَانِ

  640. قَالُوا وَلَمْ يُنْصِفْ خُصُومٌ جَعْجَعُوا * وَأَتَوْا بِتَشْنِيعٍ بِلَا بُرْهَانِ

  641. قُلْنَا كَمَا قَالُوهُ فِي أَفْعَالِهِ * بَلْ بَيْنَنَا بَوْنٌ مِنَ الْفُرْقَانِ

  642. بَلْ نَحْنُ أَسْعَدُ مِنْهُمُ بِالْحَقِّ إِذْ * قُلْنَا هُمَا بِاللَّهِ قَائِمَتَانِ

  643. وَهُمُ فَقَالُوا لَمْ يَقُمْ بِاللَّهِ لَا * فِعْلٌ وَلَا قَوْلٌ فَتَعْطِيلَانِ

  644. لِفَعَالِهِ وَمَقَالِهِ شَرٌّ وَأَبْـ * ـطَلُ مِنْ حُلُولِ حَوَادِثٍ بِبَيَانِ

  645. تَعْطِيلُهُ عَنْ فِعْلِهِ وَكَلَامِهِ * شَرٌّ مِنَ التَّشْنِيعِ بِالْهَذَيَانِ

  646. هَذِي مَقَالاتُ ابْنِ كَرَّامٍ وَمَا * رَدُّوا عَلَيْهِ قَطُّ بِالْبُرْهَانِ

  647. أَنَّى وَمَا قَدْ قَالَ أَقْرَبُ مِنْهُمُ * لِلْعَقْلِ وَالْآثَارِ وَالْقُرْآنِ

  648. لَكِنَّهُم جَاؤُوا لَهُ بِجَعَاجِعٍ * وَفَرَاقِعٍ وَقَعَاقِعٍ بِشِنَانِ

  649. وَالْآخَرُونَ أُولُو الْحَدِيثِ كَأَحْمَدٍ * وَمُحَمَّدٍ وَأَئِمَّةِ الْإِيمَانِ

  650. قَالُوا بِأَنَّ اللَّهَ حَقًّا لَمْ يَزَلْ * مُتَكَلِّمًا بِمَشِيئَةٍ وَبَيَانِ

  651. إِنَّ الْكَلَامَ هُوَ الْكَمَالُ فَكَيْفَ يَخْـ * ـلُو عَنْهُ فِي أَزَلٍ بِلَا إِمْكَانِ

  652. وَيَصِيرُ فِيمَا لَمْ يَزَلْ مُتَكَلِّمًا * مَاذَا اقْتَضَاهُ لَهُ مِنَ الْإِمْكَانِ

  653. وَتَعَاقُبُ الكَلِمَاتِ أَمْرٌ ثَابِتٌ * لِلذَّاتِ مِثْلَ تَعَاقُبِ الأَزْمَانِ

  654. وَاللَّهُ رَبُّ الْعَرْشِ قَالَ حَقِيقَةً * حمَ مَعْ طه بِغَيْرِ قِرَانِ

  655. بَلْ أَحْرُفٌ مُتَرَتِّبَاتٌ مَثْلَمَا * قَدْ رُتِّبَتْ فِي مَسْمَعِ الْإِنْسَانِ

  656. وَقْتَانِ فِي وَقْتٍ مُحَالٌ هَكَذَا * حَرْفَانِ أَيْضًا يُوجَدَا فِي آنِ

  657. مِنْ وَاحِدٍ مُتَكَلِّمٍ بَلْ يُوجَدَا * بِالرَّسْمِ أَوْ بِتَكَلُّمِ الرَّجُلَانِ

  658. هَذَا هُوَ الْمَعْقُولُ أَمَّا الْاقْتِرَا * نُ فَلَيْسَ مَعْقُولًا لَدَى الْأَذْهَانِ

  659. وَكَذَا كَلَامٌ مِنْ سِوَى مُتَكَلِّمٍ * أَيْضًا مُحَالٌ لَيْسَ فِي إِمْكَانِ

  660. إِلَّا لِمَنْ قَامَ الْكَلَامُ بِهِ فَذَا * كَ كَلَامِهِ الْمَعْقُولُ لِلْإِنْسَانِ

  661. أَيَكُونُ حَيٌّ سَامِعًا أَوْ مُبْصِرًا * مِنْ غَيْرِ مَا سَمْعٍ وَغَيْرِ عِيَانِ

  662. وَالسَّمْعُ وَالإِبْصَارُ قَامَ بِغَيْرِهِ * هَذَا الْمُحَالُ وَوَاضِحُ الْبُهْتَانِ

  663. وَكَذَا مُرِيدٌ وَالإرَادَةُ لَمْ تَكُنْ * وَصْفًا لَهُ هَذَا مِنَ الهَذَيَانِ

  664. وَكَذَا قَدِيرٌ مَا لَهُ مِنْ قُدْرَةٍ * قَامَتْ بِهِ مِنْ وَاضِحِ الْبُطْلَانِ

  665. وَاللَّهُ جَلَّ جَلاَلُهُ مُتَكَلِّمٌ * بِالنَّقْلِ وَالْمَعْقُولِ وَالْبُرْهَانِ

  666. قَدْ أَجْمَعَتْ رُسُلُ الْإِلَٰهِ عَلَيْهِ لَمْ * يُنْكِرْهُ مِنْ أَتْبَاعِهِم رَجُلَانِ

  667. فَكَلَامُهُ حَقًّا يَقُومُ بِهِ وَإِلَّا م * لَم يَكُنْ مُتَكَلِّمًا بِقُرَانِ

  668. وَاللَّهُ قَالَ وَقَائِلٌ وَكِذَا يَقُولُ * لُ الْحَقَّ لَيْسَ كَلَامُهُ بِالْفَانِي

  669. وَيُكَلِّمُ الثَّقَلَيْنِ يَوْمَ مَعَادِهِم * حَقًّا فَيَسْمَعُ قَوْلَهُ الثَّقَلَانِ

  670. وَكِذَا يُكَلِّمُ حِزْبَهُ فِي جَنَّةِ الْـ * ـحَيَوانِ بِالتَّسْلِيمِ وَالرِّضْوَانِ

  671. وَاللَّهُ جَلَّ جَلاَلُهُ مُتَكَلِّمٌ * بِالنَّقْلِ وَالْمَعْقُولِ وَالْبُرْهَانِ

  672. وَيُرَاجِعُ التَّكْلِيمَ جَلَّ جَلَالُهُ * وَقْتَ الْجِدَالِ لَهُ مِنَ الْإِنْسَانِ

  673. وَيُكَلِّمُ الْكُفَّارَ فِي الْعَرَصَاتِ تَوْ * بِيخًا وَتَقْرِيعًا بِلَا غُفْرَانِ

  674. وَيُكَلِّمُ الْكُفَّارَ أَيْضًا فِي الْجَحِيـ * ـمِ أَنِ اخْسَؤُوا فِيهَا بِكُلِّ هَوَانِ

  675. وَاللَّهُ قَدْ نَادَى الْكَلِيمَ وَقَبْلَهُ * سَمِعَ النِّدَى فِي الْجَنَّةِ الْأَبَوَانِ

  676. وَأَتَى النِّدَا فِي تِسْعِ آيَاتٍ لَهُ * وَصْفًا فَرَاجِعْهَا مِنَ الْقُرْآنِ

  677. وَكَذَا يُكَلِّمُ جَبْرَائِيلَ بِأَمْرِهِ * حَتَّى يُنفِّذَهُ بِكُلِّ مَكَانِ

  678. وَاذْكُرْ حَدِيثًا فِي صَحِيحِ مُحَمَّدٍ * ذَاكَ الْبُخَارِيِّ الْعَظِيمِ الشَّانِ

  679. فِيهِ نِداءُ اللهِ يَوْمَ مَعَادِنَا * بِالصَّوتِ يَبْلُغُ قَاصِيًا وَالدَّانِي

  680. هَبْ أَنَّ هَذَا اللَّفْظَ لَيْسَ بِثَابِتٍ * بَلْ ذِكْرُهُ مَعَ حَذْفِهِ سِيَّانِ

  681. وَرَواهُ عِندَكُمُ الْبُخَارِيُّ الْمُجَسِّـ * ـمُ بَلْ رَوَاهُ مُجَسِّمٌ فَوْقَانِي

  682. أَيصِحُّ فِي عَقْلٍ وَفِي نَقْلٍ نِدَا * ءٌ لَيْسَ مَسْمُوعًا لَنَا كَأَذَانِ

  683. أَمْ أَجْمَعَ الْعُقَلَاءُ مِنْ * أَهْلِ اللِّسَانِ وَأَهْلِ كُلِّ لِسَانِ

  684. أَنَّ النِّدَا الصَّوْتُ الرَّفِيعُ وَضِدُّهُ * فَهُوَ النِّجَاءُ كِلَاهُمَا صَوْتَانِ

  685. وَاللَّهُ مَوْصُوفٌ بِذَاكَ حَقِيقَةً * هَذَا الْحَدِيثُ وَمُحْكَمُ الْقُرْآنِ

  686. وَاذْكُرْ حَدِيثًا لِابْنِ مَسْعُودٍ صَرِيـ * ـحًا أَنَّهُ ذُو أَحْرُفٍ بِبَيَانِ

  687. لِلْحَرفِ مِنْهُ فِي الْجَزَا عَشْرٌ مِنَ الْـ * ـحَسَنَاتِ مَا فِيهنَّ مِنْ نُقْصَانِ

  688. وَانظُرْ إِلَى السُّوَرِ الَّتِي افْتُتِحَتْ بِأَحْـ * ـرُفِهَا تَرَى سِرًّا عَظِيمَ الشَّانِ

  689. لَمْ يَأْتِ قَطُّ بِسُورَةٍ إِلَّا أَتَى * فِي إِثْرِهَا خَبَرٌ عَنْ الْقُرْآنِ

  690. إذْ كَانَ إخْبَارًا بِهِ عَنْهَا وَفِي * هَذَا الشِّفَاءُ لِطَالِبِ الإيمَانِ

  691. وَيَدُلُّ أَنَّ كَلَامَهُ هُوَ نَفْسُهَا * لَا غَيْرُهَا وَالْحَقُّ ذُو تِبْيَانِ

  692. فَانْظُرْ إِلَى مَبْدَأِ الْكِتَابِ وَبَعْدَهَا الْـ * أَعْرَافِ ثُمَّ كَذَا إِلَى لُقْمَانَ

  693. مَعَ تِلْوِهَا أَيْضًا وَمَعْ حمَ مَعْ * يَس وَافْهَم مُقْتَضَى الْقُرْآنِ

  694. وَاللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ مُوصٍ آمِرٌ * نَاهٍ مُنَبٍّ مُرْسِلٌ لِبَيَانِ

  695. وَمُخَاطِبٌ وَمُحَاسِبٌ وَمُنَبِّئٌ * وَمُحَدِّثٌ وَمُخَبِّرٌ بِالشَّانِ

  696. وَمُكَلِّمٌ مُتَكَلِّمٌ بَلْ قَائِلٌ * وَمُحَذِّرٌ وَمُبَشِّرٌ بِأَمَانِ

  697. هَادٍ يَقُولُ الْحَقَّ مُرْشِدُ خَلْقِهِ * بِكَلَامِهِ لِلْحَقِّ وَالْإِيمَانِ

  698. فَإِذَا انْتَفَتْ صِفَةُ الْكَلَامِ فَكُلُّ هَـ * ـذَا مُنْتَفٍ مُتَحَقِّقُ الْبُطْلَانِ

  699. وَإِذَا انْتَفَتْ صِفَةُ الْكَلَامِ كَذَلِكَ الْـ * إِرْسَالُ مَنْفِيٌّ بِلَا فُرْقَانَ

  700. فَرِسَالَةُ الْمَبْعُوثِ تَبْلِيغٌ كَلَا * مَ الْمُرْسِلِ الدَّاعِي بِلَا نُقْصَانِ

  701. وَحَقِيقَةُ الإِرْسَالِ نَفْسُ خِطَابِهِ * لِلْمُرْسَلِينَ وَإِنَّهُ نَوْعَانِ

  702. نَوْعٌ بِغَيْرِ وَسَاطَةٍ كَكَلَامِهِ * مُوسَى وَجَبْرِيلَ الْقَرِيبَ الدَّانِي

  703. مِنهُ إِلَيهِ مِنْ وَرَاءِ حِجَابِهِ * إِذْ لَا تَراهُ هَاهُنا العَينَانِ

  704. وَالْآخَرُ التَّكْلِيمُ مِنْهُ بِالْوَسَا * طَةِ وَهْوَ أَيْضًا عِندَهُ ضَرْبَانِ

  705. وَحْىٌ وَإِرْسَالٌ إِلَيهِ وَذَاكَ فِي الشُّـ * ـورَى أَتَى فِي أَحْسَنِ التِّبيَانِ

  706. وَإِذَا انْتَفَتْ صِفَةُ الْكَلَامِ فَضِدُّهَا * خَرَسٌ وَذَلِكَ غَايَةُ النُّقْصَانِ

  707. فَلَئِنْ زَعَمْتُم أَنَّ ذَلِكَ فِي الَّذِي * هُوَ قَابِلٌ مِنْ أُمَّةِ الْحَيَوَانِ

  708. وَالْرَّبُّ لَيْسَ بِقَابِلٍ صِفَةَ الْكَلَا * مِ فَنَفْيُهَا مَا فِيهِ مِنْ نُقْصَانِ

  709. فِيُقَالُ سَلْبُ كَلَامِهِ وَقَبُولِهِ * صِفَةَ الْكَلَامِ أَتَمُّ لِلنَّقْصَانِ

  710. إِذْ أَخْرَسُ الإِنْسَانِ أَكْمَلُ حَالَةً * مِنْ ذَا الْجَمَادِ بِأَوْضَحِ الْبُرْهَانِ

  711. فَجَحَدْتَ أَوْصَافَ الْكَمَالِ مَخَافَةَ التَّـ * ـجْسِيمِ وَالتَّشْبِيهِ بِالْإِنْسَانِ

  712. وَوَقَعْتَ فِي تَشْبِيهِهِ بِالْجَامِدَاتِ * تِ النَّاقِصَاتِ وَذَا مِنَ الْخِذْلَانِ

  713. اللَّهُ أَكْبَرُ هُتِّكَتْ أَسْتَارُكُمْ * حَتَّى غَدَوْتُمْ ضُحْكَةَ الصِّبْيَانِ

  714. أَوَ لَيْسَ قَدْ قَامَ الدَّلِيلُ بِأَنَّ أَفْـ * ـعَالَ الْعِبَادِ خَلِيقَةُ الرَّحْمَـٰنِ

  715. مِنْ أَلْفِ وَجْهٍ أَوْ قَرِيبِ الأَلْفِ يُحْـ * ـصِيها الَّذِي يُعْنَى بِهَذَا الشَّانِ

  716. فَيَكُونُ كُلُّ كَلَامِ هَذَا الْخَلْقِ عَيْـ * ـنَ كَلَامِهِ سُبْحَانَ ذِي السُّلْطَانِ

  717. إِذْ كَانَ مَنْسُوبًا إِلَيهِ كَلَامُهُ * خَلْقًا كَبَيتِ اللهِ ذِي الأرْكَانِ

  718. هَذَا وَلَازِمُ قَوْلِكُمْ قَدْ قَالَهُ * ذُو الْاتِّحَادِ مُصَرِّحًا بِبَيَانِ

  719. حَذَرَ التَّناقُضِ إِذْ تَنَاقَضْتُم وَلَـ * ـكِنْ طَرْدُهُ فِي غَايَةِ الْكُفْرَانِ

  720. فَلَئِنْ زَعَمْتُمْ أَنَّ تَخْصِيصَ الْقُرَ * انِ كَـبَيْتِهِ وَكِلَاهُمَا خَلْقَانِ

  721. فَيُقَالُ ذَا التَّخْصِيصُ لَا يَنْفِي الْعُمُو * مَ كَرَبِّ ذِي الْأَكْوَانِ

  722. وَيُقَالُ رَبُّ الْعَرْشِ أَيْضًا، هَكَذَا * تَخْصِيصُهُ لِإِضَافَةِ الْقُرْآنِ

  723. لَا يَمْنَعُ التَّعْميمَ فِي الْبَاقِي وَذَا * فِي غَايَةِ الْإِيضَاحِ وَالتَّبْيَانِ

  724. وَلَقدْ أَتَى الفُرْقَانُ بَيْنَ الخَلْقِ وَالْـ * أَمْرِ الصَّرِيحُ وَذَاكَ فِي الفُرْقَانِ

  725. وَكِلَاهُمَا عِندَ الْمُنَازِعِ وَاحِدٌ * وَالْكُلُّ خَلْقٌ مَا هُنَا شَيْئَانِ

  726. وَالْعَطْفُ عِندَهُمُ كَعَطْفِ الْفَرْدِ مِنْ * نَوْعٍ عَلَيْهِ وَذَاكَ فِي الْقُرْآنِ

  727. فَيُقَالُ هَذَا ذُو امْتِنَاعٍ ظَاهِرٍ * فِي آيَةِ التَّفْرِيقِ ذُو تَبْيَانِ

  728. فَاللَّهُ بَعْدَ الْخَلْقِ أَخْبَرَ أَنَّهَا * قَدْ سُخِّرَتْ بِالْأَمْرِ لِلْجَرَيَانِ

  729. وَأَبَانَ عَنْ تَسْخِيرِهَا سُبْحَانَهُ * بِالْأَمْرِ بَعْدَ الْخَلْقِ بِالتِّبْيَانِ

  730. وَالأَمْرُ إِمَّا مَصْدَرٌ أَوْ كَانَ مَفْـ * ـعُولًا هُمَا فِي ذَاكَ مُسْتَوِيَانِ

  731. مَأْمُورُهُ هُوَ قَابِلٌ لِلْأَمْرِ كَالْـ * ـمَصْنُوعِ قَابِلِ صَنْعَةِ الرَّحْمَـٰنِ

  732. فَإِذَا انْتَفَى الأَمْرُ انْتَفَى الْمَأْمُورُ كَالـ * ـمَخْلُوقِ يُنْفَى لِانْتِفَاءِ الْحِدْثَانِ

  733. وَانظُرْ إِلَى نَظْمِ السِّيَاقِ تَجِدْ بِهِ * سِرًّا عَجِيبًا وَاضِحَ الْبُرْهَانِ

  734. ذَكَرَ الْخُصُوصَ وَفِعْلَهُ مُتَقَدِّمًا * وَالْوَصْفَ وَالتَّعْمِيمَ فِي ذَا الثَّانِي

  735. فَأَتَى بِنوعَيْ خَلْقِهِ وَبِأَمْرِهِ * فَعْلًا وَوَصْفًا مُوجَزًا بِبَيَانِ

  736. فَتَدَبَّرِ الْقُرْآنَ إِنْ رُمْتَ الْهُدَى * فَالْعِلْمُ تَحْتَ تَدَبُّرِ الْقُرْآنِ

  737. وَاللَّهُ أَخْبَرَ فِي الْكِتَابِ أَنَّهُ * مِنْهُ وَمَجْرُورٌ بِمِنْ نَوْعَانِ

  738. عَينٌ وَوَصْفٌ قَائِمٌ بِالغَيرِ فَالـ * أَعْيَانُ خَلْقُ الخَالِقِ الرَّحْمَـٰنِ

  739. وَالْوَصْفُ بِالْمَجْرُورِ قَامَ لِأَنَّهُ * أَوْلَى بِهِ فِي عُرْفِ كُلِّ لِسَانِ

  740. وَنَظِيرُ ذَا أَيْضًا سَوَاءً مَا يُضَا * فُ إِلَيْهِ مِنْ صِفَةٍ وَمِنْ أَعْيَانِ

  741. فِإِضَافَةُ الأَوْصَافِ ثَابِتَةٌ لِمَنْ * قَامَتْ بِهِ كَإِرَادَةِ الرَّحْمَـٰنِ

  742. وَإِضَافَةُ الأَعيَانِ ثَابِتَةٌ لَهُ * مِلْكًا وَخَلْقًا مَا هُمَا سِيَّانِ

  743. فَانْظُرْ إِلَى بَيْتِ الْإِلَٰهِ وَعِلْمِهِ * لَمَّا أُضِيفَا كَيْفَ يَفْتَرِقَانِ

  744. وَكَلَامُهُ كَحَيَاتِهِ وَكَعِلْمِهِ * فِي ذِي الْإِضَافَةِ إِذْ هُمَا وَصْفَانِ

  745. لَكِنَّ نَاقَتَهُ وَبَيْتَ إِلَهِنَا * فَكَعْبِدِهِ أَيْضًا هُمَا ذَاتَانِ

  746. فَانظُرْ إِلَى الجَهْمِيِّ لَمَّا فَاتَهُ الْـ * ـحَقُّ الْمُبِينُ وَوَاضِحُ الْفُرْقَانِ

  747. كَانَ الجَمِيعُ لَدَيْهِ بَابٌ وَاحِدٌ * وَالصُّبْحُ لَاحَ لِمَنْ لَهُ عَيْنَانِ

  748. وَأَتَى ابْنُ حَزْمٍ بَعْدَ ذَاكَ فَقَالَ مَا * لِلنَّاسِ قُرْآنٌ وَلَا اِثْنَانِ

  749. بَلْ أَرْبَعٌ كُلٌّ يُسَمَّى بِالْقُرَا * نِ وَذَاكَ قَوْلٌ بَيِّنُ الْبُطْلَانِ

  750. هَذَا الَّذِي يُتْلَى وَآخَرُ ثَابِتٌ * فِي الرَّسْمِ يُدْعَى الْمُصْحَفَ الْعُثْمَانِيَ

  751. وَالْثَّالِثُ الْمَحْفُوظُ بَيْنَ صُدُورِنَا * هَذِهِ الثَّلَاثُ خَلِيقَةُ الرَّحْمَـٰنِ

  752. وَالرَّابِعُ الْمَعْنَى الْقَدِيمُ كَعِلْمِهِ * كُلٌّ يُعَبَّرُ عَنْهُ بِالْقُرْآنِ

  753. وَأَظُنُّهُ قَدْ رَامَ شَيْئًا لَمْ يَجِدْ * عَنْهُ عِبَارَةَ نَاطِقٍ بِبَيَانِ

  754. أَنَّ الْمُعَيَّنَ ذُو مَرَاتِبَ أَرْبَعٍ * عُقِلَتْ فَلَا تَخْفَى عَلَى إِنْسَانِ

  755. فِي العَينِ ثُمَّ الذِّهْنِ ثُمَّ اللَّفْظِ ثُمَّ * الرَّسْمِ حِينَ تَخُطُّهُ بِبَنَانِ

  756. وَعَلَى الجَمِيعِ الْاسْمُ يَصْدُقُ لَكِنِ الـ * أَوْلَى بِهِ الْمَوْجُودُ فِي الْأَعْيَانِ

  757. بِخِلَافِ قَوْلِ ابْنِ الخَطِيبِ فَإنَّهُ * قَدْ قَالَ إنَّ الوَضْعَ لِلْأَذْهَانِ

  758. فَالشَّيْءُ شَيْءٌ وَاحِدٌ لَا أَرْبَعٌ * فَدَهَى ابْنَ حَزْمٍ قِلَّةُ الْفُرْقَانِ

  759. وَاللَّهُ أَخْبَرَ أَنَّهُ سُبْحَانَهُ * مُتَكَلِّمٌ بِالْوَحْيِ وَالْفُرْقَانِ

  760. وَكَذَاكَ أَخْبَرَنَا بِأَنَّ كَلَامَهُ * بِصُدُورِ أَهْلِ الْعِلْمِ وَالْإِيمَانِ

  761. وَكَذَاكَ أَخْبَرَ أَنَّهُ الْمَكْتُوبُ فِي * صُحُفٍ مُطَهَّرَةٍ مِنَ الشَّيْطَانِ

  762. وَكَذَٰلِكَ أَخْبَرَ أَنَّهُ الْمَتْلُوُّ وَالْـ * ـمَقْرُوءُ عِندَ تِلَاوَةِ الْإِنْسَانِ

  763. وَالْكُلُّ شَيْءٌ وَاحِدٌ لَا أَنَّهُ * هُوَ أَرْبَعٌ وَثَلَاثَةٌ وَاثْنَانِ

  764. وَتِلَاوَةُ الْقُرْآنِ أَفْعَالٌ لَنَا * وَكَذَا الْكِتَابَةُ فَهْيَ خَطُّ بَنَانِ

  765. لَكِنَّمَا الْمَتْلُوُّ وَالْمَكْتُوبُ وَالْـ * ـمَحْفُوظُ قَوْلُ الْواحِدِ الْمَنَّانِ

  766. وَالْعَبْدُ يَقْرَأُهُ بِصَوْتٍ طَيِّبٍ * وَبِضِدِّهِ فَهُمَا لَهُ صَوْتَانِ

  767. وَكَذَاكَ يَكْتُبُهُ بِخَطٍّ جَيِّدٍ * وَبِضِدِّهِ فَهُمَا لَهُ خَطَّانِ

  768. أَصْوَاتُنَا وَمِدَادُنَا وَأَدَاتُنَا * وَالرَّقُّ ثُمَّ كِتَابَةُ الْقُرْآنِ

  769. وَلَقَدْ أَتَى بِصَوَابِهِ فِي نَظْمِهِ * مَنْ قَالَ قَوْلَ الْحَقِّ غَيْرَ جَبَانِ

  770. إِنَّ الَّذِي هُوَ فِي الْمُصَاحِفِ مُثْبَتٌ * بِأَنَامِلِ الْأَشْيَاخِ وَالشُّبَّانِ

  771. هُوَ قَوْلُ رَبِّي آيَتُهُ وَحُرُوفُهُ * وَمِدَادُنَا وَالرَّقُّ مَخْلُوقَانِ

  772. فَشَفَى وَفَرَّقَ بَيْنَ مَتْلُوٍّ وَمَصْ* ـنُوعٍ وَذَاكَ حَقِيقَةُ الْعِرْفَانِ

  773. الكُلُّ مَخْلُوقٌ وَليسَ كَلَامُهُ الْـ * ـمَتْلُوُّ مَخْلُوقًا هُمَا شَيئَانِ

  774. فَعَلَيْكَ بِالتَّفْصِيلِ وَالتَّمْيِيزِ فَالْـ * إِطْلَاقُ وَالإِجْمَالُ دُونَ بَيَانِ

  775. قَدْ أَفْسَدَا هَذَا الْوُجُودَ وَخَبَّطَا الْـ * أَذْهَانَ وَالْآرَاءَ كُلَّ زَمَانِ

  776. وَتِلَاوَةُ الْقُرْآنِ فِي تَعْرِيفِهَا * بِاللَّامِ قَدْ يُعْنَى بِهَا شَيْئَانِ

  777. يُعْنَى بِهَا الْمَتْلُوُّ فَهْوَ كَلَامُهُ * هُوَ غَيْرُ مَخْلُوقٍ كَذِي الْأَكْوَانِ

  778. وَيُرَادُ أَفْعَالُ الْعِبَادِ كَصَوْتِهِمْ * وَأَدَائِهِمْ وَكِلَاهُمَا خَلْقَانِ

  779. هَذَا الَّذِي نَصَّتْ عَلَيْهِ أئِمَّةُ الْـ * إسْلَامِ أَهْلُ الْعِلْمِ وَالْعِرْفَانِ

  780. وَهُوَ الَّذِي قَصَدَ الْبُخَارِيُّ الرِّضَا * لَكِنْ تَقَاصَرَ قَاصِرُ الْأَذْهَانِ

  781. عَنْ فَهْمِهِ كَتَقَاصُرِ الْأَفْهَامِ عَنْ * قَوْلِ الْإِمَامِ الْأَعْظَمِ الشَّيْبَانِي

  782. فِي اللَّفْظِ لَمَّا أَنْ نَفَى الضِّدَّيْنِ عَنْـ * ـهُ وَاهْتَدَى لِلنَّفْيِ ذُو عِرْفَانِ

  783. فَاللَّفْظُ يَصْلُحُ مَصْدَرًا هُوَ فِعْلُنَا * كَتَلَفُّظٍ بِتِلَاوَةِ الْقُرْآنِ

  784. وَكَذَٰلِكَ يَصْلُحُ نَفْسَ مَلْفُوظٍ بِهِ * وَهُوَ الْقُرْآنُ فَذَانِ مُحْتَمَلَانِ

  785. فَلِذَاكَ أَنْكَرَ أَحْمَدُ الْإِطْلَاقَ فِي * نَفْيٍ وَإِثْبَاتٍ بِلَا فُرْقَانِ

  786. وَأَتَى ابْنُ سِينَا الْقِرْمِطِيُّ مُصَانِعًا * لِلْمُسْلِمِينَ بِإِفْكِ ذِي بُهْتَانِ

  787. فَرَآهُ فَيْضًا فَاضَ مِنْ عَقْلٍ هُوَ الـ * ـفَعَّالُ عِلَّةُ هَذِهِ الأكْوَانِ

  788. حَتَّى تَلَقَّاهُ زَكِيٌّ فَاضِلٌ * حَسَنُ التَّخَيُّلِ جَيِّدُ التَّبْيَانِ

  789. فَأَتَى بِهِ لِلْعَالَمِينَ خَطَابَةً * وَمَوَاعِظًا عَرِيَتْ عَنْ الْبُرْهَانِ

  790. مَا صَرَّحَتْ أَخْبَارُهُ بِالْحَقِّ بَلْ * رَمَزَتْ إِلَيْهِ إِشَارَةً لِمَعَانِ

  791. وَخِطَابُ هَذَا الْخَلْقِ وَالْجُمْهُورِ بِالـ * ـحَقِّ الصَّرِيحِ فَغَيْرُ ذِي إِمْكَانِ

  792. لَا يَقْبَلُونَ حَقَائِقَ المَعْقُولِ إِلَّا * فِي مِثَالِ الحِسِّ وَالأَعْيَانِ

  793. وَمَشَارِبُ الْعُقَلَاءِ لَا يَرِدُونَهَا * إِلَّا إِذَا وُضِعَتْ لَهُمْ بِأَوَانِ

  794. مِنْ جِنْسِ مَا أَلِفَتْ طِبَاعُهُمُ مِنَ الـ * ـمَحْسُوسِ فِي ذَا الْعَالَمِ الْجُثْمَانِي

  795. فَأَتَوْا بِتَشْبِيهٍ وَتَمْثِيلٍ وَتَجْـ * ـسِيمٍ وَتَخْيِيلٍ إِلَى الأَذْهَانِ

  796. وَلِذَاكَ يَحْرُمُ عِنْدَهُم تَأْوِيلُهُ * لَكِنَّهُ حِلٌّ لِذِي الْعِرْفَانِ

  797. فَإِذَا تَأَوَّلْنَاهُ كَانَ جِنَايَةً * مِنَّا وَخَرَقَ سِيَاجَ ذَا الْبُسْتَانِ

  798. لَكِنْ حَقِيقَةُ قَوْلِهِمْ أَنْ قَدْ أَتَوْا * بِالكِذْبِ فِيهِ مَصَالِحُ الْإِنْسَانِ

  799. وَالْفَيْلَسُوفُ وَذَا الرَّسُولُ لَدَيْهِمُ * مُتَفَاوِتَانِ وَمَا هُمَا عِدْلَانِ

  800. أَمَّا الرَّسُولُ فَفَيْلَسُوفُ عَوَامِهِمْ * وَالْفَيْلَسُوفُ نَبِيُّ ذِي الْبُرْهَانِ

  801. وَالْحَقُّ عِندَهُمُ فَفِيمَا قَالَهُ * أَتْبَاعُ صَاحِبِ مَنْطِقِ الْيُونَانِ

  802. وَمَضَى عَلَى هَذِي الْمَقَالَةِ أُمَّةٌ * خَلْفَ ابْنِ سِينَا فَاغْتَذَوْا بِاللِّبَانِ

  803. مِنْهُم نَصِيرُ الكُفْرِ فِي أَصْحَابِهِ * النَّاصِرِينَ لِمِلَّةِ الشَّيْطَانِ

  804. فَاسْأَلْ بِهِمْ ذَا خِبْرَةٍ تَلْقَاهُمُ * أَعْدَاءَ كُلِّ مُوَحِّدٍ رَبَّانِي

  805. وَاسْأَلْ بِهِمْ ذَا خِبْرَةٍ تَلْقَاهُمُ * أَعْدَاءَ رُسُلِ اللَّهِ وَالْقُرْآنِ

  806. صُوفِيُّهُم عَبدُ الوُجُودِ الْمَطْلَقِ الْـ * ـمَعْدُومِ عَنْدَ الْعَقْلِ فِي الْأَعْيَانِ

  807. أَوْ مُلْحِدٌ بِالِاتِّحَادِ يَدِينُ لَا التَّـ * ـوحِيدِ، مُنْسَلِخٌ مِنَ الأَدْيَانِ

  808. مَعْبُودُهُ مَوْطُوؤهُ فِيهِ يَرَى * وَصْفَ الجَمَالِ وَمَظْهَرَ الإحْسانِ

  809. اللَّهُ أَكْبَرُ كَمْ عَلَى ذَا الْمَذْهَبِ الْـ * ـمَلْعُونِ بَيْنَ النَّاسِ مِنْ شَيْخَانِ

  810. يَبْغُونَ مِنْهُمْ دَعْوَةً وَيُقَبِّلُو * نَ أَيَادِيًا مِنْهُمْ رَجَا الْغُفْرَانِ

  811. وَلَوْ أَنَّهُمْ عَرَفُوا حَقِيقَةَ أَمْرِهِمْ * رَجَمُوهُمْ لَا شَكَّ بِالصَّوَّانِ

  812. فَابْذُرْ لَهُم إِنْ كُنْتَ تَبْغِي كَشْفَهُمْ * وَافْرِشْ لَهُم كَفًّا مِنَ الأَتْبَانِ

  813. وَاظْهَرْ بِمَظْهَرٍ قَابِلٍ مِنْهُمْ وَلَا * تَظْهَرْ بِمَظْهَرِ صَاحِبِ النُّكْرَانِ

  814. وَانْظُرْ إِلَى أَنْهَارِ كُفْرٍ فُجِّرَتْ * وَتَهُمُّ لَوْلَا السَّيْفُ بِالْجَرَيَانِ

  815. وَأَتَتْ طَوَائِفُ الْاتِّحَادِ بِمِلَّةٍ * طَمَّتْ عَلَى مَا قَالَ كُلُّ لِسَانِ

  816. قَالُوا كَلَامُ الله كُلُّ كَلَامِ هَـ * ـذَا الْخَلْقِ مِنْ جِنٍّ وَمِنْ إِنْسَانِ

  817. نَظْمًا وَنَثْرًا زُورُهُ وَصَحِيحُهُ * صِدْقًا وَكِذْبًا وَاضِحَ الْبُطْلَانِ

  818. فَالْسَّبُّ وَالشَّتْمُ الْقَبِيحُ وَقَذْفُهُمْ * لِلْمُحْصَنَاتِ وَكُلُّ نَوْعِ أَغَانِ

  819. وَالْنَّوْحُ وَالتَّعْزِيمُ وَالسِّحْرُ الْمُبِيـ * ـنُ وَسَائِرُ الْبُهْتَانِ وَالْهَذَيَانِ

  820. هُوَ عَيْنُ قَوْلِ اللَّهِ جَلَّ جَلَالُهُ * وَكَلَامُهُ حَقًّا بِلَا نُكْرَانِ

  821. هَذَا الذِّي أَدَّى إِلَيْهِ أَصْلُهُم * وَعَلَيْهِ قَامَ مُكَسَّحُ الْبُنْيَانِ

  822. إذْ أَصْلُهُم أَنَّ الإِلَٰهَ حَقِيقَةً * عَيْنُ الْوُجُودِ وَعَيْنُ ذِي الْأَكْوَانِ

  823. فَكَلَامُهَا وَصِفَاتُهَا هُوَ قَوْلُهُ * وَصِفَاتُهُ مَا هَاهُنَا غَيْرَانِ

  824. وَلِذَاكَ قَالُوا إِنَّهُ الْمَوْصُوفُ بِالضِّـ * ـدَّيْنِ مِنْ قُبْحٍ وَمِنْ إِحْسَانِ

  825. وَلِذَاكَ قَدْ وَصَفُوهُ أَيْضًا بِالكَمَالِ * لِوَضِدِّهِ مِنْ سَائِرِ النُّقْصَانِ

  826. هَذِهِ مَقَالَاتُ الطَّوَائِفِ كُلِّهَا * حُمِلَتْ إِلَيْكَ رَخِيصَةَ الأَثْمَانِ

  827. وَأَظُنُّ لَوْ فَتَّشْتَ كُتْبَ النَّاسِ مَا * أَلْفَيتَهَا أَبَدًا بِذَا التِّبْيَانِ

  828. زُفَّتْ إِلَيكَ فَإنْ يَكُنْ لَكَ نَاظِرٌ * أَبْصَرتَ ذَاتَ الحُسْنِ وَالإحْسَانِ

  829. فَاعْطِفْ عَلَى الْجَهْمِيَّةِ الْمُغْلِ الأُلَى * خَرَقُوا سِيَاجَ الْعَقْلِ وَالْقُرْآنِ

  830. شَرِّدْ بِهِم مَنْ خَلْفَهُم وَاكْسِرْهُمُ * بَلْ نَادِ فِي نَادِيهمُ بِأَذَانِ

  831. أَفْسَدْتُمُ الْمَعْقُولَ وَالْمَنْقُولَ وَالْـ * ـمَسْمُوعَ مِنْ لُغَةٍ بِكُلِّ لِسَانِ

  832. أَيَصِحُّ وَصْفُ الشَّيءِ بِالْمُشْتَقِّ لِلْـ * ـمَسْلُوبِ مَعْنَاهُ لَدَى الأَذْهَانِ

  833. أَيَصِحُّ صَبَّارٌ وَلَا صَبْرٌ لَهُ * وَيَصِحُّ شَكَّارٌ بِلَا شُكْرَانِ

  834. وَيَصِحُّ عَلَّامٌ وَلَا عِلْمٌ لَهُ * وَيَصِحُّ غَفَّارٌ بِلَا غُفْرَانِ

  835. وَيُقَالُ هَذَا سَامِعٌ أَوْ مُبصِرٌ * وَالسَّمْعُ وَالإبْصَارُ مَفْقُودَانِ

  836. هَذَا مُحَالٌ فِي العُقُولِ وَفِي النُّقُو * لِ وَفِي اللُّغَاتِ وَغَيْرُ ذِي إِمْكَانِ

  837. فَلَئِنْ زَعَمْتُمْ أَنَّهُ مُتَكَلِّمٌ * لَكِنْ بِقَوْلٍ قَامَ بِالْإِنْسَانِ

  838. أَوْ غَيْرِهِ فَيُقَالُ هَذَا بَاطِلٌ * وَعَلَيْكُمْ فِي ذَاكَ مَحْذُورَانِ

  839. نَفْيُ اشْتِقَاقِ اللَّفْظِ لِلْمَوْجُودِ مَعْـ * ـنَاهُ بِهِ وَثُبُوتُهُ لِلثَّانِي

  840. أَعْنِي الذِي مَا قَامَ مَعْنَاهُ بِهِ * قَلْبُ الحَقَائِقِ أَقْبَحُ البُهْتَانِ

  841. وَنَظِيرُ ذَا أَخَوَانِ هَذَا مُبْصِرٌ * وَأَخُوهُ مَعْدُودٌ مِنَ الْعُمْيَانِ

  842. سَمَّيْتُمُ الأَعْمَى بَصِيرًا إِذْ أَخُو * هُ مُبْصِرٌ وَبِعَكْسِهِ فِي الثَّانِي

  843. فَلَئِنْ زَعَمْتُم أَنَّ ذَلِكَ ثَابِتٌ * فِي فِعْلِهِ كَالْخَلْقِ لِلْأَكْوَانِ

  844. وَالْفِعْلُ لَيْسَ بِقَائِمٍ بِإِلَهِنَا * إِذْ لَا يَكُونُ مَحَلَّ ذِي حِدْثَانِ

  845. وَيَصِحُّ أَنْ يُشْتَقَّ مِنْهُ خَالِقٌ * فَكَذَلِكَ الْمُتَكَلِّمُ الْوَحْدَانِي

  846. هُوَ فَاعِلٌ لِكَلَامِهِ وَكِتَابِهِ * لَيْسَ الكَلَامُ لَهُ بِوَصْفِ مَعَانِ

  847. وَمُخَالِفُ الْمَعْقُولِ وَالْمَنْقُولِ وَالْـ * ـفِطْرَاتِ وَالْمَسْمُوعِ لِلْإِنْسَانِ

  848. مَنْ قَالَ إِنَّ كَلَامَهُ سُبْحَانَهُ * وَصْفٌ قَدِيمٌ أَحْرُفًا وَمَعَانِي

  849. وَالسِّينُ عَنْدَ الْبَاءِ لَيْسَتْ بَعْدَهَا * لَكِنْ هُمَا حَرْفَانِ مُقْتَرِنَانِ

  850. أَوْ قَالَ إنَّ كَلَامَهُ سُبْحَانَهُ * مَعْنًى قَدِيمٌ قَامَ بِالرَّحْمَـٰنِ

  851. مَا إِنْ لَهُ كُلٌّ وَلَا بَعْضٌ وَلا الْـ * ـعَرَبِيُّ حَقِيقَتُهُ وَلَا الْعِبْرَانِي

  852. وَالأمْرُ عَيْنُ النَّهْيِ وَاسْتِفْهَامُهُ * هُوَ عَيْنُ إِخْبَارٍ بِلَا فُرْقَانِ

  853. وَكَلَامُهُ كَحَيَاتِهِ مَا ذَاكَ مَقْـ * ـدُورًا لَهُ بَلْ لَازِمُ الرَّحْمَـٰنِ

  854. هَذَا الَّذِي قَدْ خَالَفَ الْمَعْقُولَ وَالْـ * ـمَنْقُولَ وَالْفِطْرَاتِ لِلْإِنْسَانِ

  855. أَمَّا الَّذِي قَدْ قَالَ إِنَّ كَلَامَهُ * ذُو أَحْرُفٍ قَدْ رُتِّبَتْ بِبَيَانِ

  856. وَكَلَامُهُ بِمَشِيئَةٍ وَإِرَادَةٍ * كَالْفِعْلِ مِنْهُ كِلَاهُمَا سِيَّانِ

  857. فَهُوَ الَّذِي قَدْ قَالَ قَوْلًا يَعْلَمُ الْـ * ـعُقَلَاءُ صِحَّتَهُ بِلَا نُكْرَانِ

  858. فَلَأَيِّ شَيْءٍ كَانَ مَا قَدْ قُلْتُمُ * أَوْلَى وَأَقْرَبَ مِنْهُ لِلْبُرْهَانِ

  859. وَلِأَيِّ شَيْءٍ دَائِمًا كَفَّرْتُمُ * أَصْحَابَ هَذَا الْقَوْلِ بِالْعُدْوَانِ

  860. فَدَعُوا الدَّعَاوِيَ وَابْحَثُوا مَعَنَا بِتَحْـ * ـقِيقٍ وَإِنْصَافٍ بِلَا عُدْوَانِ

  861. وَارْفُوا مَذَاهِبَكُمْ وَسُدُّوا خَارِقَهَا * إِنْ كَانَ ذَاكَ الرَّفْوُ فِي الْإِمْكَانِ

  862. فَاحْكُمْ هَدَاكَ الله بَيْنَهُمُ فَقَدْ * أَدْلَوْا إِلَيْكَ بِحُجَّةٍ وَبَيَانِ

  863. لَا تَنْصُرَنَّ سِوَى الحَدِيثِ وَأَهْلِهِ * هُمْ عَسْكَرُ الْقُرْآنِ وَالْإِيمَانِ

  864. وَتَحَيَّزَنَّ إِلَيْهِمْ لَا غَيْرِهِمْ * لِتَكُونَ مَنْصُورًا لَدَى الرَّحْمَـٰنِ

  865. فَتَقُولُ هَذَا الْقَدْرُ قَدْ أَعْيَا عَلَى * أَهْلِ الْكَلَامِ وَقَادَهُ أَصْلَانِ

  866. إِحْدَاهُمَا هَلْ فِعْلُهُ مَفْعُولُهُ * أَوْ غَيْرُهُ فَهُمَا لَهُمَا قَوْلَانِ

  867. وَالْقَائِلُونَ بِأَنَّهُ هُوَ عَيْنُهُ * فَرُّوا مِنَ الْأَوْصَافِ بِالْحِدْثَانِ

  868. لَكِنْ حَقِيقَةُ قَوْلِهِمْ وَصَرِيحُهُ * تَعْطِيلُ خَالِقِ هَذِهِ الْأَكْوَانِ

  869. عَنْ فِعْلِهِ إِذْ فِعْلُهُ مَفْعُولُهُ * لَكِنَّهُ مَا قَامَ بِالرَّحْمَـٰنِ

  870. فَعَلَى الْحَقِيقَةِ مَا لَهُ فِعْلٌ إِذِ الْـ * ـمَفْعُولُ مُنْفَصِلٌ عَنِ الدِّيَّانِ

  871. وَالْقَائِلُونَ بِأَنَّهُ غَيْرٌ لَهُ * مُتَنَازِعُونَ وَهُمْ فَطَائِفَتَانِ

  872. إحْدَاهُمَا قَالَتْ قَدِيمٌ قَائِمٌ * بِالذَّاتِ وَهْوَ كَقُدْرَةِ الْمَنَّانِ

  873. سَمَّوْهُ تَكْوِينًا قَدِيمًا قَالَهُ * أَتْبَاعُ شَيْخِ الْعَالَمِ النُّعْمَانِ

  874. وَخُصُومُهُمْ لَمْ يُنْصِفُوا فِي رَدِّهِ * بَلْ كَابَرُوهُمْ مَا أَتَوْا بِبَيَانِ

  875. وَالْآخَرُونَ رَأَوْهُ أَمْرًا حَادِثًا * بِالذَّاتِ قَامَ وَإِنَّهُمْ نَوْعَانِ

  876. إحْدَاهُمَا جَعَلَتْهُ مُفْتَتَحًا بِهِ * حَذَرَ التَّسَلْسُلِ لَيْسَ ذَا إِمْكَانِ

  877. هَذَا الَّذِي قَالَتْهُ كَرَّامِيَّةٌ * فَفَعَالُهُ وَكَلَامُهُ سِيَّانِ

  878. وَالْآخَرُونَ أُولُو الْحَدِيثِ كَأَحْمَدٍ * ذَاكَ ابْنُ حَنْبَلٍ الرِّضَا الشَّيْبَانِي

  879. قَدْ قَالَ إِنَّ اللَّهَ حَقًّا لَمْ يَزَلْ * مُتَكَلِّمًا إِنْ شَاءَ ذُو إِحْسَانِ

  880. جَعَلَ الْكَلَامَ صِفَاتِ فِعْلٍ قَائِمٍ * بِالذَّاتِ لَمْ يُفْقَدْ مِنَ الرَّحْمَـٰنِ

  881. وَكَذَاكَ نَصَّ عَلَى دَوَامِ الفِعْلِ بِالْـ * إِحْسَانِ أَيْضًا فِي مَكَانٍ ثَانِ

  882. وَكَذَا ابْنُ عَبَّاسٍ فَارَاجِعْ قَوْلَهُ * لَمَّا أَجَابَ مَسَائِلَ الْقُرْآنِ

  883. وَكَذَٰلِكَ جَعْفَرٌ الإِمَامُ الصَّادِقُ الْـ * ـمَقْبُولُ عِندَ الْخَلْقِ ذُو الْعِرْفَانِ

  884. قَدْ قَالَ لَمْ يَزَلِ المُهَيْمِنُ مُحْسِنًا * بَرًّا جَوَادًا عِنْدَ كُلِّ أَوانِ

  885. وَكَذَا الإِمَامُ الدَّارِمِيُّ فَإنَّهُ * قَدْ قَالَ مَا فِيهِ هُدَى الْحَيْرَانِ

  886. قَالَ الحَيَاةُ مَعَ الفَعَالِ كِلَاهُمَا * مُتَلازِمَانِ فَلَيْسَ يَفْتَرِقَانِ

  887. صَدَقَ الإِمَامُ فَكُلُّ حَيٍّ فَهْوَ فَعَّـ * ـالٌ وَذَا فِي غَايَةِ التِّبْيَانِ

  888. إلَّا إِذَا مَا كَانَ ثَمَّ مَوَانِعٌ * مِنْ آفَةٍ أَوْ قَاسِرِ الْحَيَوَانِ

  889. وَالْرَّبُّ لَيْسَ لِفِعْلِهِ مِنْ مَانِعٍ * مَا شَاءَ كَانَ بِقُدْرَةِ الدَّيَّانِ

  890. وَمَشِيئَةُ الرَّحْمَـٰنِ لَازِمَةٌ لَهُ * وَكَذَٰلِكَ قُدْرَةُ رَبِّنَا الرَّحْمَـٰنِ

  891. هَذَا وَقَدْ فَطَرَ الإِلَٰهُ عِبَادَهُ * أَنَّ الْمُهَيْمِنَ دَائِمُ الْإِحْسَانِ

  892. أَوَ لَسْتَ تَسْمَعُ قَوْلَ كُلِّ مُوَحِّدٍ * يَا دَائِمَ المَعْرُوفِ وَالسُّلْطَانِ

  893. وَقَدِيمَ الإحْسَانِ الْكَثِيرِ وَدَائِمَ الْـ * ـجُودِ الْعَظِيمِ وَصَاحِبَ الْغُفْرَانِ

  894. مِنْ غَيْرِ إنْكَارٍ عَلَيْهِمْ فِطْرَةً * فُطِرُوا عَلَيْهَا لَا تَواصِي ثَانِ

  895. أَوَ لَيْسَ فِعْلُ الرَّبِّ تَابِعَ وَصْفِهِ * وَكَمَالِهِ أَفَذَاكَ ذُو حِدْثَانِ

  896. وَكَمَالُهُ سَبَبُ الْفِعَالِ وَخَلْقُهُ * أَفْعَالَهُمْ سَبَبُ الْكَمَالِ الثَّانِي

  897. أَوَ مَا فِعَالُ الرَّبِّ عَيْنَ كَمَالِهِ * أَفَذَاكَ مُمْتَنِعٌ عَلى الْمَنَّانِ

  898. أَزَلًا إِلَى أَنْ صَارَ فِيمَا لَمْ يَزَلْ * مُتَمَكِّنًا وَالْفِعْلُ ذُو إِمْكَانِ

  899. تَاللهِ قَدْ ضَلَّتْ عُقُولُ القَوْمِ إِذْ * قَالُوا بِهَذَا القَوْلِ ذِي الْبُطْلَانِ

  900. مَاذَا الَّذِي أَضْحَى لَهُ مُتَجَدِّدًا * حَتَّى تَمَكَّنَ فَانْطِقُوا بِبَيَانِ

  901. وَالرَّبُّ لَيْسَ مُعَطَّلًا عَنْ فِعْلِهِ * بَلْ كُلَّ يَوْمٍ رَبُّنَا فِي شَانِ

  902. وَالْأَمْرُ وَالتَّكْوِينُ وَصْفُ كَمَالِهِ * مَا فَقْدُ ذَا وَوُجُودُه سِيَّانِ

  903. وَتَخَلُّفُ التَّأْثِيرِ بَعْدَ تَمَامِ مُو * جِبِهِ مُحَالٌ لَيْسَ فِي الإمْكَانِ

  904. وَاللَّهُ رَبِّي لَمْ يَزَلْ ذَا قُدْرَةٍ * وَمَشِيئَةٍ وَيَلِيهِمَا وَصْفَانِ

  905. العِلْمُ مَعْ وَصْفِ الحَيَاةِ وَهَذِهِ * أَوْصَافُ ذَاتِ الخَالِقِ الْمَنَّانِ

  906. وَبِهَا تَمَامُ الفِعْلِ لَيْسَ بِدُونِهَا * فِعْلٌ يَتِمُّ بِوَاضِحِ البُرْهَانِ

  907. فَلِأَيِّ شَيْءٍ قَدْ تَأَخَّرَ فِعْلُهُ * مَعَ مُوجِبٍ قَدْ تَمَّ بِالأَرْكَانِ

  908. مَا كَانَ مُمْتَنِعًا عَلَيْهِ الفِعْلُ بَلْ * مَا زَالَ فِعْلُ اللَّهِ ذَا إِمْكَانِ

  909. وَاللَّهُ عَابَ الْمُشْرِكِينَ بِأَنَّهُمْ * عَبَدُوا الْحِجَارَةَ فِي رِضَا الشَّيْطَانِ

  910. وَنَعَى عَلَيْهِمْ كَوْنَهَا لَيْسَتْ بِخَا * لِقَةٍ وَليْسَتْ ذَاتَ نُطْقِ بَيَانِ

  911. فَأَبَانَ أَنَّ الْفِعْلَ وَالتَّكْلِيمَ مِنْ * أَوْثَانِهِم لَا شَكَّ مَفْقُودَانِ

  912. وَإِذَا هُمَا فُقِدَا فَمَا مَسْلُوبُهَا * بِإِلَٰهِ حَقٍّ وَهْوَ ذُو بُطْلَانِ

  913. وَاللَّهُ فَهْوَ إِلَٰهُ حَقٍّ دَائِمًا * أَفَعَنْهُ ذَا الْوَصْفَانِ مَسْلُوبَانِ

  914. أَزَلًا وَلَيْسَ لِفَقْدِهَا مِنْ غَايَةٍ * هَذَا الْمُحَالُ وَأَعْظَمُ الْبُطْلَانِ

  915. إِنْ كَانَ رَبُّ الْعَرشِ حَقًّا لَمْ يَزَلْ * أَبَدًا إِلَهَ الْحَقِّ ذَا سُلْطَانِ

  916. فَكَذَا كَأَيْضًا لَمْ يَزَلْ مُتَكَلِّمًا * بَلْ فَاعِلًا مَا شَاءَ ذَا إِحْسَانِ

  917. وَاللَّهِ مَا فِي الْعَقْلِ مَا يَقْضِي لِذَا * بِالرَّدِّ وَالْإِبْطَالِ وَالنُّكْرَانِ

  918. بَلْ لَيْسَ فِي الْمَعْقُولِ غَيْرُ ثُبُوتِهِ * لِلْخَالِقِ الْأَزَلِيِّ ذِي الْإِحْسَانِ

  919. هَذَا وَمَا دُونَ الْمُهَيْمِنِ حَادِثٌ * لَيْسَ الْقَدِيمُ سِوَاهُ فِي الْأَكْوَانِ

  920. وَاللَّهُ سَابِقُ كُلِّ شَيْءٍ غَيْرِهِ * مَا رَبُّنَا وَالْخَلْقُ مُقْتَرِنَانِ

  921. وَاللَّهُ كَانَ وَلَيْسَ شَيْءٌ غَيْرُهُ * سُبْحَانَهُ جَلَّ الْعَظِيمُ الشَّانِ

  922. لَسْنَا نَقُولُ كَمَا يَقُولُ الْمُلْحِدُ الزِّ * نْدِيقُ صَاحِبُ مَنْطِقِ الْيُونَانِ

  923. بِدَوامِ هَذَا الْعَالَمِ الْمَشْهُودِ وَالْـ * أَرْوَاحِ فِي أَزَلٍ وَلَيْسَ بِفَانِ

  924. هَذِهِ مَقَالَاتُ الْمَلَاحِدَةِ الأُولَى * كَفَرُوا بِخَالِقِ هَذِهِ الْأَكْوَانِ

  925. وَأَتَى ابْنُ سِينَا بَعْدَ ذَاكَ مُصَانِعًا * لِلْمُسْلِمِينَ فَقَالَ بِالْإِمْكَانِ

  926. لَكِنَّهُ الأَزَلِيُّ لَيْسَ بِمُحْدَثٍ * مَا كَانَ مَعْدُومًا وَلَا هُوَ فَانِ

  927. وَأَتَى بِصُلْحٍ بَيْنَ طَائِفَتَيْنِ بَيْنَهُمَا الْحُرُوبُ وَمَا هُمَا سِلْمَانُ

  928. أَنَّى يَكُونُ الْمُسْلِمُونَ وَشِيعَةُ الْـ * ـيُونَانِ صُلْحًا قَطُّ فِي الْإِيمَانِ

  929. وَالسَّيْفُ بَيْنَ الأَنْبِيَاءِ وَبَيْنَهُمْ * وَالحَرْبُ بَيْنَهُمُ فَحَرْبُ عَوَانِ

  930. وَلِذَا أَتَى الطُّوسِيُّ بِالْحَرْبِ الصَّرِيـ * ـحِ بِصَارِمٍ مِنْهُ وَسَلِّ لِسَانِ

  931. وَأَتَى إِلَى الْإِسْلَامِ يَهْدِمُ أَصْلَهُ * مِنْ أُسِّهِ وَقَوَاعِدِ الْبُنْيَانِ

  932. عَمَرَ الْمَدَارِسَ لِلْفَلاسِفَةِ الْأُلَى * كَفَرُوا بِدِينِ اللَّهِ وَالْقُرْآنِ

  933. وَأَتَى إِلَى أَوْقَافِ أَهْلِ الدِّينِ يَنْـ * ـقُلُهَا إِلَيْهِم فِعْلَ ذِي أَضْغَانِ

  934. وَأَرَادَ تَحْوِيلَ الإِشَارَاتِ الَّتِي * هِيَ لَابْنِ سِينَا مَوْضِعَ الفُرْقَانِ

  935. وَأَرَادَ تَحْوِيلَ الشَّرِيعَةِ بِالنَّوَا * مِيسِ التِي كَانَتْ لَدَى الْيُونَانِ

  936. لَكِنَّهُ عَلِمَ اللَّعِينُ أَنَّ هَـ * ـذَا لَيْسَ فِي الْمَقْدُورِ وَالْإِمْكَانِ

  937. إلَّا إِذَا قَتَلَ الْخَلِيفَةَ وَالْقُضَا * ةَ وَسَائِرَ الْفُقَهَاءِ فِي الْبُلْدَانِ

  938. فَسَعَى لِذَاكَ وَسَاعَدَ الْمَقْدُورُ بِالْـ * أَمْرِ الَّذِي هُوَ حِكْمَةُ الرَّحْمَـٰنِ

  939. فَأَشَارَ أَنْ يَضَعَ التَّتَارُ سُيُوفَهُمْ * فِي عَسْكَرِ الْإِيمَانِ وَالْقُرْآنِ

  940. لَكِنَّهُمْ يُبْقُونَ أَهْلَ صَنَائِعِ الدُّ * نْيَا لِأَجْلِ مَصَالِحِ الأَبْدَانِ

  941. فَغَدَا عَلَى سَيْفِ التَّتَارِ الأَلْفُ فِي * مِثْلٍ لَهَا مَضْرُوبَةً بِوِزَانِ

  942. وَكَذَا ثَمَانِ مِئِينِهَا فِي أَلْفِهَا * مَضْرُوبَةً بِالْعَدِّ وَالْحُسْبَانِ

  943. حَتَّى بَكَى الْإِسْلَامَ أَعْدَاهُ الْيَهُو * دُ كَذَا الْمَجُوسُ وَعَابِدُو الصَّلِبَانِ

  944. فَشَفَى اللَّعِينُ النَّفْسَ مِنْ حِزْبِ الرَّسُو * لِ وَعَسْكَرِ الإِيمَانِ وَالْقُرْآنِ

  945. وَبِوُدِّهِ لَوْ كَانَ فِي أَحُدٍ وَقَدْ * شَهِدَ الوَقيعَةَ مَعْ أَبِي سُفْيَانَ

  946. لَأَقَرَّ أَعْيُنَهُمْ وَأَوْفَى نَذْرَهُ * أَوْ أَنْ يُرَى مُتَمَزِّقَ اللُّحْمَانِ

  947. وَشَوَاهِدُ الإحْدَاثِ ظَاهِرَةٌ عَلَى * ذَا الْعَالَمِ الْمَخْلُوقِ بِالْبُرْهَانِ

  948. وَشَوَاهِدُ الإحْدَاثِ ظَاهِرَةٌ عَلَى * ذَا الْعَالَمِ الْمَخْلُوقِ بِالْبُرْهَانِ

  949. وَأَدِلَّةُ التَّوحِيدِ تَشْهَدُ كُلُّهَا * بِحُدُوثِ كُلٍّ مَا سِوَى الرَّحْمَـٰنِ

  950. لَوْ كَانَ غَيْرُ اللَّهِ جَلَّ جَلَالُهُ * مَعَهُ قَدِيمًا كَانَ رَبًّا ثَانِي

  951. وَالرَّبُّ بِاسْتِقْلَالِهِ مُتَوَحِّدٌ * أَفَمُمْكِنٌ أَنْ يَسْتَقِلَّ اثْنَانِ

  952. لَوْ كَانَ ذَاكَ تَنَافِيًا وَتَسَاقَطًا * فَإِذَا هُمَا عَدَمَانِ مُمْتَنِعَانِ

  953. وَالْقَهْرُ وَالتَّوْحِيدُ يَشْهَدُ مِنْهُمَا * كُلٌّ لِصَاحِبِهِمَا عِدْلَانِ

  954. وَلِذَلِكَ اقْتَرَنَا جَمِيعًا فِي صِفَا * تِ اللهِ فَانْظُرْ ذَاكَ فِي الْقُرْآنِ

  955. فَالوَاحِدُ القَهَّارُ حَقًّا لَيْسَ فِي الْـ * إمْكَانِ أَنْ تَحْظَى بِهِ ذَاتَانِ

  956. فَلَئِنْ زَعَمْتُمْ أَنَّ ذَاكَ تَسَلْسُلٌ * قُلْنَا صَدَقْتُمْ وَهْوَ ذُو إِمْكَانِ

  957. كِتَسَلْسُلِ التَّأْثِيرِ فِي مَسْتَقْبَلٍ * هَلْ بَيْنَ ذَيْنِكَ قَطُّ مِنْ فُرْقَانِ

  958. وَاللَّهِ مَا افْتَرَقَا لِذِي عَقْلٍ وَلا * نَقْلٍ وَلَا نَظَرٍ وَلَا بُرْهَانِ

  959. فِي سَلْبِ إِمْكَانٍ وَلَا فِي ضِدِّهِ * هَذِهِ الْعُقُولُ وَنَحْنُ ذُو أَذْهَانٍ

  960. فَلْيَأْتِ بِالْفُرْقَانِ مَنْ هُوَ فَارِقٌ * فَرْقًا يَبِينُ لِصَالِحِ الْأَذْهَانِ

  961. وَلِذَاكَ سَوَّى الجَهْمُ بَيْنَهُمَا كَذَا الْـ * ـعَلَّافُ فِي الْإنْكَارِ وَالْبُطْلَانِ

  962. وَلَأَجْلِ ذَٰلِكَ حَكَمَا بِحُكْمٍ بَاطِلٍ * قَطْعًا عَلَى الْجَنَّاتِ وَالنِّيرَانِ

  963. فَالْجَهْمُ أَفْنَى الذَّاتَ وَالعَلَّافُ لِلْـ * ـحَرَكَاتِ أَفْنَى قَالَهُ الثَّوْرَانِ

  964. وَأَبُو عَليٍّ وَابْنُهُ وَالأشْعَرِيُّ م * وَبَعْدَهُ ابْنُ الطَّيِّبِ الرَّبَّانِي

  965. وَجَمِيعُ أَرْبَابِ الْكَلَامِ الْبَاطِلِ الْـ * ـمَذْمُومِ عِندَ أَئِمَّةِ الْإِيمَانِ

  966. فَرَقُوا وَقَالُوا ذَاكَ فِيمَا لَمْ يَزَلْ * حَقٌّ وَفِي أَزَلٍ بَلَا إِمْكَانِ

  967. قَالُوا: لِأَجْلِ تَنَاقُضِ الْأَزَلِيِّ وَالْـ * إِحْدَاثِ مَا هَذَانِ يَجْتَمِعَانِ

  968. لَكِنْ دَوامُ الفِعْلِ فِي مُسْتَقْبَلٍ * مَا فِيهِ مَحْذُورٌ مِنَ النُّكْرانِ

  969. فَانْظُرْ إِلَى التَّلْبِيسِ فِي ذَا الْفَرْقِ تَرْ * وِيجًا عَلَى الْعُورَانِ وَالْعُمْيَانِ

  970. مَا قَالَ ذُو عَقْلٍ أَنَّ الفَرْدَ ذُو * أَزَلٍ لِذِي ذِهْنٍ وَلَا أَعْيَانِ

  971. بَلْ كُلُّ فَرْدٍ فَهْوَ مَسْبُوقٌ بِفَرْ * دٍ قَبْلَهُ أَبَدًا بِلَا حُسْبَانِ

  972. وَنَظِيرُ هَذَا كُلُّ فَرْدٍ فَهْوَ مَلْـ * ـحُوقٌ بِفَرْدٍ بَعْدَهُ حُكْمَانِ

  973. لِلنَّوْعِ وَالْأَحَادِ مَسْبُوقٌ وَمَلْـ * ـحُوقٌ وَكُلٌّ فَهْوَ مِنْهَا فَانِ

  974. وَالنَّوْعُ لَا يَفْنَى أَخِيرًا فَهْوَ لَا * يَفْنَى كَذَلِكَ أَوَّلًا بِبَيَانِ

  975. وَتَعَاقُبُ الْآنَاتِ أَمْرٌ ثَابِتٌ * فِي الذِّهْنِ وَهْوَ كَذَاكَ فِي الْأَعْيَانِ

  976. فَإِذَا أَبَيْتُمْ ذَا وَقُلْتُمْ أَوَّلُ الْـ * آنَاتِ مُفْتَتَحٌ بِلا نُكْرَانِ

  977. مَا كَانَ ذَاكَ الْآنُ مَسْبُوقًا يُرَى * إِلَّا بِسَلْبِ وَجُودِهِ الْحَقَّانِي

  978. فَيُقَالُ مَا تَعْنُونَ بِالْآنَاتِ هَلْ * تَعْنُونَ مُدَّةَ هَذِهِ الْأَزْمَانِ

  979. مِنْ حِينِ إِحْدَاثِ السَّمَاوَاتِ الْعُلَى * وَالْأَرْضِ وَالْأَفْلَاكِ وَالْقَمَرَانِ

  980. وَنَظُنُّكُمْ تَعْنُونَ ذَاكَ وَلَمْ يَكُنْ * مِنْ قَبْلِهَا شَيْءٌ مِنَ الْأَكْوَانِ

  981. هَلْ جَاءَكُمْ فِي ذَاكَ مِنْ أَثَرٍ وَمِنْ * نَصٍّ وَمِنْ نَظَرٍ وَمِنْ بُرْهَانِ

  982. هَذَا الْكِتَابُ وَهَذِهِ الْآثَارُ وَالْـ * ـمَعْقُولُ فِي الْفَطْرَاتِ وَالْأَذْهَانِ

  983. إِنَّا نَحَاكِمُكُمْ إِلَى مَا شِئْتُمُ * مِنْهَا فَحُكْمُ الْحَقِّ ذُو تِبْيَانِ

  984. أَوَ لَيسَ خَلْقُ الْكَوْنِ فِي الْأَيَّامِ كَا * نَ وَذَاكَ مَأْخُوذٌ مِنَ الْقُرْآنِ

  985. أَوَ لَيْسَ ذَلكُمُ الزَّمَانُ بِمُدَّةٍ * لِحُدُوثِ شَيْءٍ وَهْوَ عَيْنُ زَمَانِ

  986. فَحَقِيقَةُ الأَزْمَانِ نِسْبَةُ حَادِثٍ * لِسِوَاهُ تِلْكَ حَقيقَةُ الأَزْمَانِ

  987. وَاذْكُرْ حَدِيثَ السَّبْقِ لِلتَّقْدِيرِ وَالتَّـ * ـوْقِيتِ قَبْلَ جَمِيعِ ذِي الْأَعْيَانِ

  988. خَمْسِينَ أَلْفًا مِنْ سِنِينَ عَدَّهَا الْـ * ـمُخْتَارُ سَابِقَةً لِذِي الْأَكْوَانِ

  989. هَذَا وَعَرْشُ الرَّبِّ فَوْقَ الْمَاءِ مِنْ * قَبْلِ السِّنِينَ بِمُدَّةٍ وَزَمَانِ

  990. وَالنَّاسُ مُخْتَلِفُونَ فِي الْقَلَمِ الَّذِي * كُتِبَ الْقَضَاءُ بِهِ مِنَ الدَّيَّانِ

  991. هَلْ كَانَ قَبْلَ الْعَرْشِ أَوْ هُوَ بَعْدَهُ * قَوْلَانِ عِندَ أَبِي الْعَلَا الْهَمَذَانِي

  992. وَالْحَقُّ أَنَّ الْعَرْشَ قَبْلُ لَأَنَّهُ * قَبْلَ الْكِتَابَةِ كَانَ ذَا أَرْكَانِ

  993. وَكِتَابَةُ الْقَلَمِ الشَّرِيفِ تَعَقَّبَتْ * إِيجَادَهُ مِنْ غَيْرِ فَصْلِ زَمَانِ

  994. لَمَّا بَراهُ اللّهُ قَالَ اكْتُبْ كَذَا * فَغَدَا بِأَمْرِ اللّهِ ذَا جَرْيَانِ

  995. فَجَرَى بِمَا هُوَ كَائِنٌ أَبَدًا إِلَى * يَوْمِ الْمِعَادِ بِقُدْرَةِ الرَّحْمَـٰنِ

  996. أَفَكَانَ رَبُّ الْعَرْشِ جَلَّ جَلاَلُهُ * مِنْ قَبْلُ ذَا عَجْزٍ وَذَا نُقْصَانِ

  997. أَمْ لَمْ يَزَلْ ذَا قُدْرَةٍ وَالْفِعْلُ مَقْـ * ـدُورٌ لَهُ أَبَدًا وَذُو إِمْكَانِ

  998. فَلَئِنْ سَأَلْتَ وَقُلْتَ مَا هَذَا الَّذِي * أَدَّاهُمُ لِخِلَافِ ذَا التَّبْيَانِ

  999. وَلَأَيِّ شَيْءٍ لَمْ يَقُولُوا إِنَّهُ * سُبْحَانَهُ هُوَ دَائِمُ الْإِحْسَانِ

  1000. فَاعْلَمْ أَنَّ الْقَوْمَ لَمَّا أَسَّسُوا * أَصْلَ الْكَلَامِ عَمُوا عَنِ الْقُرْآنِ

  1001. وَعَنِ الْحَدِيثِ وَمُقْتَضَى الْمَعْقُولِ بَلْ * عَنْ فِطْرَةِ الرَّحْمَـٰنِ وَالْبُرْهَانِ

  1002. وَبَنَوْا قَوَاعِدَهُمْ عَلَيْهِ فَقَادَهُمْ * قَسْرًا إِلَى التَّعْطِيلِ وَالْبُطْلَانِ

  1003. نَفْيُ الْقِيَامِ لِكُلِّ أَمْرٍ حَادِثٍ * بِالرَّبِّ خَوْفَ تَسَلْسُلِ الْأَعْيَانِ

  1004. فَيْسُدُّ ذَاكَ عَلَيْهِمُ فِي زَعْمِهِمْ * إِثْبَاتَ صَانِعِ هَذِهِ الْأَكْوَانِ

  1005. إِذْ أَثْبَتُوهُ بِكَوْنِ ذِي الْأَجْسَامِ حَا * دِثَةً فَلا تَنْفَكُّ عَنْ حِدْثَانِ

  1006. فَإِذَا تَسَلْسَلَتِ الْحَوادِثُ لَمْ يَكُنْ * لِحُدُوثِهَا إِذْ ذَاكَ مِنْ بُرْهَانِ

  1007. فَلْأَجْلِ ذَا قَالُوا التَّسَلُّسُلُ بَاطِلٌ * وَالْجِسْمُ لَا يَخْلُو عَنْ الْحِدْثَانِ

  1008. فَيَصِحُّ حِينَئِذٍ حُدُوثُ الْجَسَمِ مِنْ * هَذَا الدَّلِيلِ بِوَاضِحِ الْبُرْهَانِ

  1009. هَذِهِ نِهَايَاتٌ لِأَقْدَامِ الْوَرَى * فِي ذَا الْمَقَامِ الضَّيِّقِ الْأَعْطَانِ

  1010. فَمَنِ الَّذِي يَأْتِي بِفَتْحٍ بَيِّنٍ * يُنْجِي الْوَرَى مِنْ غَمْرَةِ الْحَيْرَانِ

  1011. فَاللَّهُ يَجْزِيهِ الَّذِي هُوَ أَهْلُهُ * مِنْ جَنَّةِ الْمَأْوَى مَعَ الرِّضْوَانِ

  1012. فَاسْمَعْ إِذًا وَافْهَمْ فَذَاكَ مُعَطِّلٌ * وَمُشَبِّهٌ وَهَداكَ ذُو الْغُفْرَانِ

  1013. هَذَا الدَّلِيلُ هُوَ الَّذِي أَرَادَهُمُ * بَلْ هَدَّ كُلَّ قَوَاعِدِ الْقُرْآنِ

  1014. وَهُوَ الدَّلِيلُ الْبَاطِلُ الْمَرْدُودُ عِنْـ * ـدَ أئمَّةِ التَّحْقِيقِ وَالْعِرْفَانِ

  1015. مَا زَالَ أَمْرُ النَّاسِ مُعْتَدِلًا إِلَى * أَنْ دَارَ فِي الْأَوْرَاقِ وَالْأَذْهَانِ

  1016. وَتَمَكَّنَتْ أَجْزَاؤُهُ بِقُلُوبِهِمْ * فَأَتَتْ لَوَازِمُهُ إِلَى الْإِيمَانِ

  1017. رَفَعَتْ قَوَاعِدَهُ وَنَحَّتْ أُسَّهُ * فَهَوَى الْبِنَاءُ وَخَرَّ لِلْأَرْكَانِ

  1018. وَجَنَوْا عَلَى الْإِسْلَامِ كُلَّ جِنَايَةٍ * إِذْ سَلَّطُوا الْأَعْدَاءَ بِالْعُدْوَانِ

  1019. حَمَلُوا بِأَسْلِحَةِ الْمِحَالِ فَخَانَهُمْ * ذَاكَ السِّلاحُ فَمَا اشْتَفَوْا بِطِعَانِ

  1020. وَأَتَى الْعَدُوُّ إِلَى سِلَاحِهِمْ فَقَا * تَلَهُمْ بِهِ فِي غَيْبَةِ الْفُرْسَانِ

  1021. يَا مِحْنَةَ الْإِسْلَامِ وَالْقُرْآنِ مِنْ * جَهْلِ الصَّدِيقِ وَبَغْيِ ذِي طُغْيَانِ

  1022. وَاللَّهِ لَوْلَا اللَّهُ نَاصِرُ دِينِهِ * وَكِتَابِهِ بِالْحَقِّ وَالْبُرْهَانِ

  1023. لَتَخَطَّفَتْ أَعْدَاؤُهُ أَرْوَاحَنَا * وَلَقُطِّعَتْ مِنَّا عُرَى الْإِيمَانِ

  1024. أَيَكُونُ حَقًّا ذَا الدَّلِيلُ وَمَا اهْتَدَى * خَيْرُ الْقُرُونِ لَهُ مُحَالٌ ذَانِ

  1025. وُفِّقْتُمُ لِلحَقِّ إِذْ حُرِمُوهُ فِي * أَصْلِ الْيَقِينِ وَمَقْعَدِ الْعِرْفَانِ

  1026. وَهَدَيْتُمُونَا لِلَّذِي لَمْ يَهْتَدُوا * أَبَدًا بِهِ وَاشِدَّةَ الْحِرْمَانِ

  1027. وَدَخَلْتُمُ لِلْحَقِّ مِنْ بَابٍ وَمَا * دَخَلُوهُ وَاعَجَبَا لِذَا الْخِذْلَانِ

  1028. وَسَلَكْتُمُ طُرُقَ الْهُدَى وَالْعِلْمِ دُو * نَ الْقَوْمِ وَاعْجَبَا لِذَا الْبُهْتَانِ

  1029. وَعَرَفْتُمُ الرَّحْمَـٰنِ بِالْأَجْسَامِ وَالْـ * أَعْرَاضِ وَالْحَرَكَاتِ وَالْأَلْوَانِ

  1030. وَهُمُ فَمَا عَرَفُوهُ مِنْهَا بَلْ مِنَ الْـ * آيَاتِ وَهِيَ فَغَيْرُ ذِي بُرْهَانٍ

  1031. اللَّهُ أَكْبَرُ أَنْتُمُ أَوْ هُمْ عَلَى * حَقٍّ وَفِي غَيٍّ وَفِي خُسْرَانِ

  1032. دَعْ ذَا أَلَيْسَ اللهُ قَدْ أَبْدَى لَنَا * حَقَّ الأَدِلَّةِ وَهِيَ فِي الْقُرْآنِ

  1033. مُتَنَوِّعَاتٌ صُرِّفَتْ وَتَظَاهَرَتْ * مِنْ كُلِّ وَجْهٍ فَهِيَ ذُو أَفْنَانِ

  1034. مَعْلُومَةٌ لِلْعَقْلِ أَوْ مَشْهُودَةٌ * لِلْحِسِّ أَوْ فِي فِطْرَةِ الرَّحْمَـٰنِ

  1035. أَسَمِعْتُمُ لِدَلِيلِكُمْ فِي بَعْضِهَا * خَبَرًا أَوَ احْسَسْتُمْ لَهُ بِبَيَانِ

  1036. أَيَكُونُ أَصْلُ الدِّينِ مَا تَمَّ الْهُدَى * إِلَّا بِهِ وَبِهِ قُوَى الْإِيمَانِ

  1037. وَسِوَاهُ لَيْسَ بِمُوجِبٍ مَنْ لَمْ يُحِطْ * عِلْمًا بِهِ لَمْ يَنْجُ مِنْ كُفْرَانِ

  1038. وَاللَّهُ ثُمَّ رَسُولُهُ قَدْ بَيَّنَا * طُرُقَ الْهُدَى فِي غَايَةِ التِّبْيَانِ

  1039. فَلَأَيِّ شَيْءٍ أَعْرَضَا عَنْهُ وَلَمْ * نَسْمَعْهُ فِي أَثَرٍ وَلَا قُرْآنِ

  1040. لَكِنْ أَتَانَا بَعْدَ خَيْرِ قُرُونِنَا * وَظُهُورِ أَحْدَاثٍ مِنَ الشَّيْطَانِ

  1041. وَعَلَى لِسَانِ الجَهْمِ جَاءَ وَحِزْبِهِ * مِنْ كُلِّ صَاحِبِ بَدْعَةٍ حَيْرَانِ

  1042. وَلِذَٰلِكَ اشْتَدَّ النَّكِيرُ عَلَيْهِمْ * مِنْ سَائِرِ الْعُلَمَاءِ فِي الْبُلْدَانِ

  1043. صَاحُوا بِهِمْ مِنْ كُلِّ قُطْرٍ بَلْ رَمَوْا * فِي إِثْرِهِمْ بِثَوَاقِبِ الشُّهْبَانِ

  1044. عَرَفُوا الَّذِي يُفْضِي إِلَيْهِ قَوْلُهُمْ * وَدَلِيلُهُمْ بِحَقيقَةِ العِرْفَانِ

  1045. وَأَخُو الْجَهَالَةِ فِي خُفَارَةِ جَهْلِهِ * وَالْجَهْلُ قَدْ يُنْجِي مِنَ الْكُفْرَانِ

  1046. وَاللَّهُ كَانَ وَلَيْسَ شَيْءٌ غَيْرُهُ * وَبَرَى الْبَرِيَّةَ وَهْيَ ذُو حِدْثَانِ

  1047. فَسَلِ المعطِّلَ هَلْ بَراهَا خَارِجًا * عَنْ ذَاتِهِ أَمْ فِيهِ حَلَّتْ ذَانِ

  1048. لَا بُدَّ مِنْ إِحْدَاهُمَا أَوْ أَنَّهَا * هِيَ عَيْنُهُ مَا ثَمَّ مَوْجُودَانِ

  1049. مَا ثَمَّ مَخْلُوقٌ وَخَالِقُهُ وَمَا * شَيءٌ مُغَايِرٌ هَذِهِ الْأَكْوَانِ

  1050. لَا بُدَّ مِنْ إحْدَى ثَلاثٍ مَا لَهَا * مِنْ رَابِعٍ خَلُّوا عَنْ الرَّوغَانِ

  1051. وَلِذَاكَ قَالَ مُحَقِّقُ الْقَوْمِ الَّذِي * رَفَعَ الْقَوَاعِدَ مُدَّعِي الْعِرْفَانِ

  1052. هُوَ عَيْنُ هَذَا الْكَوْنِ لَيْسَ بِغَيْرِهِ * أَنَّى وَلَيْسَ مُبَايِنَ الْأَكْوَانِ

  1053. كَلَّا وَلَيْسَ مُحَايِثًا أَيْضًا لَهَا * فَهُوَ الْوُجُودُ بِعَيْنِهِ وَعِيَانِ

  1054. إِنْ لَمْ يَكُنْ فَوْقَ الْخَلَائِقِ رَبُّهَا * فَالْقَوْلُ هَذَا الْقَوْلُ فِي الْمِيزَانِ

  1055. إِذْ لَيْسَ يُعْقَلُ بَعْدُ إِلَّا أَنَّهُ * قَدْ حَلَّ فِيهَا وَهْيَ كَالأَبْدَانِ

  1056. وَالرُّوحُ ذَاتُ الْحَقِّ جَلَّ جَلَالُهُ * حَلَّتْ بِهَا كَمَقَالَةِ النَّصْرَانِيِّ

  1057. فَاحْكُمْ عَلَى مَنْ قَالَ لَيْسَ بِخَارِجٍ * عَنْهَا وَلَا فِيهَا بِحُكْمِ بَيَانِ

  1058. بِخِلَافِهِ الْوَحْيَيْنِ وَالإِجْمَاعِ وَالْـ * ـعَقْلِ الصَّرِيحِ وَفِطْرَةِ الرَّحْمَـٰنِ

  1059. فَعَلَيْهِ أَوْقَعَ حَدَّ مَعْدُومٍ بَلَى * حَدَّ الْمُحَالِ بِغَيْرِ مَا فُرْقَانِ

  1060. يَا لَلْعُقُولِ إِذَا نَفَيْتُمْ مُخْبِرًا * وَنَقِيضَهُ هَلْ ذَاكَ فِي إِمْكَانِ

  1061. إِذَا كَانَ نَفْيُ دُخُولِهِ وَخُرُوجِهِ * لَا يَصْدُقَانِ مَعًا لَدَى الْإِمْكَانِ

  1062. إلَّا عَلَى عَدَمٍ صَرِيحٍ نَفْيُهُ * مُتَحَقِّقٌ بِبَدِيهَةِ الْإِنْسَانِ

  1063. أَيُصِحُّ فِي الْمَعْقُولِ يَا أَهْلَ النُّهَى * ذَاتَانِ لَا بِالْغَيْرِ قَائِمَتَانِ

  1064. لَيْسَتْ تُبَايِنُ مِنْهُمَا ذَاتٌ لِأَخْـ * ـرَى أَوْ تُحَايِثُهَا فَتَجْتَمِعَانِ

  1065. إِنْ كَانَ فِي الدُّنْيَا مُحَالٌ فَهْوَ ذَا * فَارْجِعْ إِلَى الْمَعْقُولِ وَالْبُرْهَانِ

  1066. فَلَئِنْ زَعَمْتُمْ أَنَّ ذَٰلِكَ فِي الَّذِي * هُوَ قَابِلٌ مِنْ جِسْمٍ أَوْ جُسْمَانِ

  1067. وَالرَّبُّ لَيْسَ كَذَا فَنَفْيُ دُخُولِهِ * وَخُرُوجِهِ مَا فِيهِ مِنْ بُطْلَانِ

  1068. فِي قَالَ: هَذَا أَوَّلًا مِنْ قَوْلِكُمْ * دَعْوَى مُجَرَّدَةٌ بِلَا بُرْهَانِ

  1069. ذَاكَ اِصْطِلَاحٌ مِنْ فَرِيقٍ فَارَقُوا الْـ * ـــوَحْيَ الْمُبِينِ لِحِكْمَةِ الْيُونَانِ

  1070. وَالشَّيْءُ يَصْدُقُ نَفْيُهُ عَنْ قَابِلٍ * وَسِوَاهُ فِي مَعْهُودِ كُلِّ لِسَانِ

  1071. أَنَسِيتَ نَفْيَ الظُّلْمِ عَنْهُ وَقَوْلَكَ: الـ * ــظُلْمُ الْمُحَالُ وَلَيْسَ ذَا إِمْكَانِ

  1072. وَنسِيتَ نَفْيَ النَّوْمِ وَالسِّنَةِ الَّتِي * لَيْسَتْ لِرَبِّ الْعَرْشِ فِي الْإِمْكَانِ

  1073. وَنَسِيتَ نَفْيَ الطَّعْمِ عَنْهُ وَلَيْسَ ذَا * مَقبُولَهُ وَالنَّفْيُ فِي الْقُرْآنِ

  1074. وَنَسِيتَ نَفْيَ وِلَادَةٍ أَوْ زَوْجَةٍ * وَهُمَا عَلَى الرَّحْمَـٰنِ مَمْتَنِعَانِ

  1075. وَاللَّهُ قَدْ وَصَفَ الْجَمَادَ بِأَنَّهُ * مَيْتٌ أَصَمُّ وَمَا لَهُ عَيْنَانِ

  1076. وَكِذَا نَفَى عَنْهُ الشُّعُورَ وَنُطْقَهُ * وَالْخَلْقَ نَفْيًا وَاضِحَ التِّبْيَانِ

  1077. هَذَا وَلَيْسَ لَهَا قُبُولٌ لِلَّذِي * يُنْفَى وَلَا مِنْ جُمْلَةِ الْحَيَوَانِ

  1078. وَيُقَالُ أَيْضًا ثَانِيًا لَوْ صَحَّ هَـ * ـذَا الشَّرْطُ كَانَ لِمَا هُمَا ضِدَّانِ

  1079. لَا فِي النَّقِيضَيْنِ اللَّذَيْنِ كِلَاهُمَا * لَا يَثْبُتَانِ وَلَيْسَ يَرْتَفِعَانِ

  1080. وَيُقَالُ أَيْضًا نَفْيُكُمْ لِقَبُولِهِ * لَهُمَا يُزِيلُ حَقيقَةَ الإِمْكَانِ

  1081. بَلْ ذَا كَنَفْيِ قِيَامِهِ بِالنَّفْسِ أَوْ * بِالْغَيْرِ فِي الْفِطْرَاتِ وَالْأَذْهَانِ

  1082. فَإِذَا الْمُعَطِّلُ قَالَ إِنَّ قِيَامَهُ * بِالنَّفْسِ أَوْ بِالْغَيْرِ ذُو بُطْلَانِ

  1083. إِذْ لَيْسَ يَقْبَلُ وَاحِدًا مِنْ ذَيْنِكَ الْـ * أَمْرَيْنِ إِلَّا وَهْوَ ذُو إِمْكَانِ

  1084. جِسْمٌ يَقُومُ بِنَفْسِهِ أَيْضًا كَذَا * عَرَضٌ يَقُومُ بِغَيْرِهِ أَخَوَانِ

  1085. فِي حُكْمِ إِمْكَانٍ وَلَيْسَ بِوَاجِبٍ * مَا كَانَ فِيهِ حَقيقَةُ الإِمْكَانِ

  1086. فَكِلَاكُمَا يَنْفِي الْإِلَٰهَ حَقِيقَةً * وَكِلَاكُمَا فِي نَفْيِهِ سِيَّانِ

  1087. مَاذَا يَرُدُّ عَلَيْهِ مَنْ هُوَ مِثْلُهُ * فِي النَّفْيِ صِرْفًا إِذْ هُمَا عِدْلَانِ

  1088. وَالْفَرْقُ لَيْسَ بِمُمْكِنٍ لَكَ بَعْدَمَا * ضَاهَيْتَ هَذَا النَّفْيَ فِي الْبُطْلَانِ

  1089. فَوِزَانُ هَذَا النَّفْي مَا قَدْ قُلْتَهُ * حَرْفًا بِحَرْفٍ أَنتُمَا صِنْوَانِ

  1090. وَالْخَصْمُ يَزْعُمُ أَنَّ مَا هُوَ قَابِلٌ * لِكِلَيْهِمَا فَكَقَابِلٍ لِمَكَانِ

  1091. فَافْرُقْ لَنَا فَرْقًا يُبِينُ مَوَاقِعَ الْـ * إِثْبَاتِ وَالتَّعْطِيلِ بِالْبُرْهَانِ

  1092. أَوْ لَا فَأَعْطِ الْقَوْسَ بَارِيَهَا وَخَلِّ م * الْفَشْرَ عَنْكَ وَكَثْرَةَ الْهَذَيَانِ

  1093. وَسَلِ المعطِّلَ عَنْ مَسَائِلَ خَمْسَةٍ * تُرْدِي قَوَاعِدَهُ مِنَ الأرْكَانِ

  1094. قُلْ لِلْمُعَطِّلِ هَلْ تَقُولُ إِلَهُنَا الْـ * ـمَعْبُودُ حَقًّا خَارِجَ الْأَذْهَانِ

  1095. فَإِذَا نَفَى هَذَا فَذَاكَ مُعَطِّلٌ * لِلرَّبِّ حَقًّا بَالِغُ الْكُفْرَانِ

  1096. وَإِذَا أَقَرَّ بِهِ فَسَلْهُ ثَانِيًا * أَتَرَاهُ غَيْرَ جَمِيعِ ذِي الْأَكْوَانِ

  1097. فَإِذَا نَفَى هَذَا وَقَالَ بِأَنَّهُ * هُوَ عَيْنُهَا مَا هَهُنَا غَيْرَانِ

  1098. فَقَدِ ارْتَدَى بِالِاتِّحَادِ مِصْرِّحًا * بِالْكُفْرِ جَاحِدَ رَبِّهِ الرَّحْمَـٰنِ

  1099. حَاشَا النَّصَارَى أَنْ يَكُونُوا مِثْلَهُ * وَهُمُ الحَمِيرُ وَعَابِدُو الصُّلْبَانِ

  1100. هُمْ خَصَّصُوهُ بِالْمَسِيحِ وَأُمِّهِ * وَأُولَاءِ مَا صَانُوهُ عَنْ حَيَوَانِ

  1101. فَإِذَا أَقَرَّ أَنَّهُ غَيْرُ الْوَرَى * عَبْدٌ وَمَعْبُودٌ هُمَا شَيْئَانِ

  1102. فَاسْأَلْهُ هَلْ هَذَا الْوَرَى فِي ذَاتِهِ * أَمْ ذَاتُهُ فِيهِ هُنَا أَمْرَانِ

  1103. فَإِذَا أَقَرَّ بِواحِدٍ مِنْ ذَيْنِكَ الْـ * أَمْرَيْنِ قَبَّلَ خَدَّهُ النَّصْرَانِي

  1104. وَيَقُولُ أَهْلًا بِالَّذِي هُوَ مِثْلُنَا * خُشْدَاشُنَا وَحَبِيبُنَا الْحَقَّانِي

  1105. وَإِذَا نَفَى الأَمْرَيْنِ فَاسْأَلْهُ إِذًا * هَلْ ذَاتُهُ اسْتَغْنَتْ عَنْ الأَكْوَانِ

  1106. فَلِذَاكَ قَامَ بِنَفْسِهِ أَمْ قَامَ بِالْـ * أَعْيَانِ كَالأَعْرَاضِ وَالْأَلْوَانِ

  1107. فَإِذَا أَقَرَّ وَقَالَ بَلْ هُوَ قَائِمٌ * بِالنَّفْسِ فَاسْأَلْهُ وَقُلْ ذَاتَانِ

  1108. بِالنَّفْسِ قَائِمَتَانِ أَخْبِرْنِي هُمَا * مِثْلَانِ أَوْ ضِدَّانِ أَوْ غَيْرَانِ

  1109. وَعَلَى التَّقَادِيرِ الثَّلاثِ فَإنَّهُ * لَوْلَا التَّبَايُنُ لَمْ يَكُنْ شَيْئَانِ

  1110. ضِدَّانِ أَوْ مِثْلَانِ أَوْ غَيْرَانِ كَا * نَا بَلْ هُمَا لَا شَكَّ مُتَّحِدَانِ

  1111. فَلِذَاكَ قُلْنَا إِنَّكُمْ بَابٌ لِمَنْ * بِالِاتِّحَادِ يَقُولُ بَلْ بَابَانِ

  1112. نَقَّطْتُمُ لَهُمُ وَهُمْ خَطُّوا عَلَى * نُقَطٍ لَكُمْ كَمُعَلِّمِ الصِّبْيَانِ

  1113. وَلَقَدْ أَتَانَا عَشْرُ أَنْوَاعٍ مِنَ الْـ * ـمَنْقُولِ فِي فَوْقِيَّةِ الرَّحْمَـٰنِ

  1114. مَعَ مِثْلِهَا أَيْضًا تَزِيدُ بِواحِدٍ * هَا نَحْنُ نَسْرُدُهَا بِلَا كِتْمَانِ

  1115. مِنْهَا اسْتَوَاءُ الرَّبِّ فَوْقَ الْعَرْشِ فِي * سَبْعٍ أَتَتْ فِي مُحْكَمِ الْقُرْآنِ

  1116. وَلِذَلِكَ اطَّرَدَتْ بِلَا لَامٍ وَلَوْ * كَانَتْ بِمَعْنَى الْلَّامِ فِي الْأَذْهَانِ

  1117. لَأَتَتْ بِهَا فِي مَوْضِعٍ كَيْ يُحْمَلَ الْـ * ـبَاقِي عَلَيْهَا بِالْبَيَانِ الثَّانِي

  1118. وَنَظِيرُ ذَا إِضْمَارُهُمْ فِي مَوْضِعٍ * حَمْلًا عَلَى الْمَذْكُورِ فِي التِّبْيَانِ

  1119. لَا يُضْمِرُونَ مَعَ اطِّرَادٍ دُونَ ذِكْـ * ـرِ الْمَضْمَرِ الْمَحْذُوفِ دُونَ بَيَانِ

  1120. بَلْ فِي مَحَلِّ الْحَذْفِ يَكْثُرُ ذِكْرُهُ * فَإِذَا هُمُ أَلِفُوهُ إِلِفَ لِسَانِ

  1121. حَذَفُوهُ تَخْفِيفًا وَإِيجَازًا فَلَا * يَخْفَى الْمُرَادُ بِهِ عَلَى الْإِنْسَانِ

  1122. هَذَا وَمِنْ عِشْرِينَ وَجْهًا يَبْطُلُ التَّـ * ـفْسِيرُ بِاسْتَوْلَى لِذِي الْعِرْفَانِ

  1123. قَدْ أُفْرِدَتْ بِمُصَنَّفٍ لِإِمَامِ هَـ * ـذَا الشَّأْنِ بَحْرِ الْعَالَمِ الْحُرَّانِي

  1124. هَذَا وَثَانِيهَا صَرِيحُ عُلُوِّهِ * وَلَهُ بِحُكْمِ صَرِيحِهِ لَفْظَانِ

  1125. لَفْظُ العَليِّ وَلَفْظَةُ الأعْلَى مُعَرَّ * فَةً أَتَتْ فِيهِ لِقَصْدِ بَيَانِ

  1126. أَنَّ العُلُوَّ لَهُ بِمُطْلَقِهِ عَلَى التَّـ * ـعْمِيمِ وَالإطْلَاقِ بِالْبُرْهَانِ

  1127. وَلَهُ الْعُلُوُّ مِنَ الْوُجُوهِ جَمِيعِهَا * ذَاتًا وَقَهْرًا مَعَ عُلُوِّ الشَّانِ

  1128. لَكِنْ نُفَاةُ عَلُوِّهِ سَلَبُوهُ إِكْـ * ـمَالَ الْعُلُوِّ فَصَارَ ذَا نُقْصَانِ

  1129. حَاشَاهُ مِنْ إِفْكِ النُّفَاةِ وَسَلْبِهِمْ * فَلَهُ الْكَمَالُ الْمُطْلَقُ الرَّبَّانِي

  1130. وَعُلُوُّهُ فَوْقَ الْخَلِيقَةِ كُلِّهَا * فُطِرَتْ عَلَيْهِ الْخَلْقُ وَالثَّقَلَانِ

  1131. لَا يَسْتَطِيعُ مُعَطِّلٌ تَبْدِيلَهَا * أَبَدًا وَذَلِكَ سُنَّةُ الرَّحْمَـٰنِ

  1132. كُلٌّ إِذا مَا نَابَهُ أَمْرٌ يُرَى * مُتَوَجِّهًا بِضَرُورَةِ الْإِنْسَانِ

  1133. نَحْوَ الْعُلُوِّ فَلَيْسَ يَطْلُبُ خَلْفَهُ * وَأَمَامَهُ أَوْ جَانِبَ الْإِنْسَانِ

  1134. وَنِهَايَةُ الشُّبُهَاتِ تَشْكِيكٌ وَتَخْـ * ـمِيشٌ وَتَغْبِيرٌ عَلَى الْإِيمَانِ

  1135. لَا تَسْتَطِيعُ تُعَارِضُ الْمَعْلُومَ وَالْـ * ـمَعْقُولَ عِندَ بَدَائِهِ الْأَذْهَانِ

  1136. فَمِنَ الْمُحَالِ الْقَدْحُ فِي الْمَعْلُومِ بِالشُّـ * ـبُهَاتِ هَذَا بَيِّنٌ الْبُطْلَانِ

  1137. وَإِذَا الْبَدَائِهُ قَابَلَتْهَا هَذِهِ الشُّـ * ـبُهَاتُ لَمْ تَحْتَجْ إِلَى بُطْلَانِ

  1138. شَتَّانَ بَيْنَ مَقَالَةٍ أَوْصَى بِهَا * بَعْضٌ لِبَعْضٍ أَوَّلًا لِلثَّانِي

  1139. وَمَقَالَةٍ فَطَرَ الْإِلَٰهُ عِبَادَهُ * حَقًّا عَلَيْهَا مَا هُمَا عِدْلَانِ

  1140. هَذَا وَثَالِثُهَا صَريحُ الْفَوْقِ مَصْـ * ـحُوبًا بِمِنْ وَبِدُونِهَا نَوْعَانِ

  1141. إحْدَاهُمَا هُوَ قَابِلُ التَّأْوِيلِ وَالْـ * أَصْلُ الْحَقِيقَةُ وَحْدَهَا بِبَيَانِ

  1142. فَإِذَا ادَّعَى تَأْوِيلَ ذَلِكَ مُدَّعٍ * لَمْ تُقْبَلِ الدَّعْوَى بِلَا بُرْهَانِ

  1143. لَكِنَّمَا الْمَجْرُورُ لَيْسَ بِقَابِلِ التَّـ * ـأْوِيلِ فِي لُغَةٍ وَعُرْفِ لِسَانِ

  1144. وَأَصِخْ لِفَائِدَةٍ جَلِيلٍ قَدْرُهَا * تَهْدِيكَ لِلْتَّحْقِيقِ وَالْعِرْفَانِ

  1145. إِنَّ الْكَلَامَ إِذَا أَتَى بِسِيَاقَةٍ * تُبْدِي الْمُرَادَ لِمَنْ لَهُ أَذُنَانِ

  1146. أَضْحَى كَنَصٍّ قَاطِعٍ لَا يَقْبَلُ التَّـ * ـأْوِيلَ يَعْرِفُ ذَا أُولُو الأَذْهَانِ

  1147. فَسِيَاقَةُ الألْفَاظِ مِثْلُ شَوَاهِدِ الْـ * أَحْوَالِ إِنَّهُمَا لَنَا صِنْوَانِ

  1148. إِحْدَاهُمَا لِلْعَيْنِ مَشْهُودًا بِهَا * لَكِنَّ ذَاكَ لِمَسْمَعِ الْإِنْسَانِ

  1149. فَإِذَا أَتَى التَّأْوِيلُ بَعْدَ سِيَاقَةٍ * تُبْدِي الْمُرَادَ أَتَى عَلَى اسْتِهْجَانِ

  1150. وَإِذَا أَتَى الْكِتْمَانُ بَعْدَ شَوَاهِدِ الْـ * أَحْوَالِ كَانَ كَأَقْبَحِ الْكِتْمَانِ

  1151. فَتَأَمَّلِ الأَلْفَاظَ وَانْظُرْ مَا الَّذِي * سِيقَتْ لَهُ إِنْ كُنْتَ ذَا عِرْفَانِ

  1152. وَالْفَوْقُ وَصْفٌ ثَابِتٌ بِالذَّاتِ مِنْ * كُلِّ الْوُجُوهِ لِفَاطِرِ الْأَكْوَانِ

  1153. لَكِنْ نُفَاةُ الْفَوْقِ مَا وَفَّوا بِهِ * جَحَدُوا كَمَالَ الْفَوْقِ لِلدَّيَّانِ

  1154. بَلْ فَسَّرُوهُ بِأَنَّ قَدْرَ الله أَعْـ * ـلَى لَا بِفَوْقِ الذَّاتِ لِلرَّحْمٰنِ

  1155. قَالُوا وَهَذَا مِثْلُ قَوْلِ النَّاسِ فِي * ذَهَبٍ يُرَى مِنْ خَالِصِ الْعِقْيَانِ

  1156. هُوَ فَوْقَ جِنْسِ الْفِضَّةِ الْبَيْضَاءِ لَا * بِالذَّاتِ بَلْ فِي مُقْتَضَى الْأَثْمَانِ

  1157. وَالفَوْقُ أَنْوَاعٌ ثَلاثٌ كُلُّهَا * لِلَّهِ ثَابِتَةٌ بِلَا نُكْرَانِ

  1158. هَذَا الَّذِي قَالُوا وَفَوْقُ الْقَهْرِ وَالْـ * ـفَوْقِيَّةُ الْعُلْيَا عَلَى الْأَكْوَانِ

  1159. هَذَا وَرَابِعُهَا عُرُوجُ الرُّوحِ وَالْـ * أَمْلَاكِ صَاعِدَةً إِلَى الرَّحْمَـٰنِ

  1160. وَلَقدْ أَتَى فِي سُورَتَيْنِ كِلَاهُمَا اشْـ * ـتَمَلَا عَلَى التَّقْدِيرِ بِالْأَزْمَانِ

  1161. فِي سُورَةٍ فِيهَا الْمَعَارِجُ قُدِّرَتْ * خَمْسِينَ أَلْفًا كَامِلَ الْحُسْبَانِ

  1162. وَبِسَجْدَةِ التَّنْزِيلِ أَلْفًا قُدِّرَتْ * فَلِأَجْلِ ذَا قَالُوا هُمَا يَوْمَانِ

  1163. يَوْمُ الْمِعَادِ بِذِي الْمَعَارِجِ ذِكْرُهُ * وَالْيَوْمُ فِي تَنْزِيلَ فِي ذَا الْآنِ

  1164. وَكِلَاهُمَا عِنْدِي فَيَوْمٌ وَاحِدٌ * وَعُرُوجُهُمْ فِيهِ إِلَى الدَّيَّانِ

  1165. فَالْأَلِفُ فِيهِ مَسَافَةٌ لِنُزُولِهِمْ * وَصُعُودِهِمْ نَحْوَ الرَّقِيعِ الدَّانِي

  1166. هَذِهِ السَّمَاءِ فَإِنَّهَا قَدْ قُدِّرَتْ * خَمْسِينَ فِي عَشْرٍ وَذَا ضِعْفَانِ

  1167. لَكِنَّمَا الْخَمْسُونَ أَلْفَ مَسَافَةُ الْـ * ـسَبْعِ الطِّبَاقِ وَبُعْدُ ذِي الْأَكْوَانِ

  1168. مِنْ عَرْشِ رَبِّ الْعَالَمِينَ إِلَى الثَّرَى * عِندَ الْحَضِيضِ الْأَسْفَلِ التَّحْتَانِي

  1169. وَاخْتَارَ هَذَا الْقَوْلَ فِي تَفْسِيرِهِ الْـ * ـبَغَوِيُّ ذَاكَ الْعَالِمُ الرَّبَّانِي

  1170. وَمُجَاهِدٌ قَدْ قَالَ هَذَا الْقَوْلَ لَـ * ـكِنَّ ابْنَ إِسْحَاقَ الْجَلِيلَ الشَّانِ

  1171. قَالَ الْمُسَافَةُ بَيْنَنَا وَالْعَرْشِ ذَا الْـ * ـمِقْدَارُ فِي سَيْرٍ مِنَ الْإِنْسَانِ

  1172. وَالْقَوْلُ الْأَوَّلُ قَوْلُ عِكْرِمَةَ وَقَوْ * لُ قَتَادَةَ وَهُمَا لَنَا عَلَمَانِ

  1173. وَاخْتَارَهُ الحَسَنُ الرِّضَا وَرَوَاهُ عَنْ * بَحْرِ العُلُومِ مُفَسِّرِ القُرْآنِ

  1174. وَيُرَجِّحُ الْقَوْلَ الَّذِي قَدْ قَالَهُ * سَادَاتُنَا فِي فَرْقِهِمْ أَمْرَانِ

  1175. إِحْدَاهُمَا مَا فِي الصَّحِيحِ لِمَانِعٍ * لِزَكَاتِهِ مِنْ هَذِهِ الأَعْيَانِ

  1176. يُكْوَى بِهَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ ظَهْرُهُ * وَجَبِينُهُ وَكَذَلِكَ الْجَنْبَانِ

  1177. خَمْسُونَ أَلْفًا قَدْرُ ذَاكَ الْيَوْمِ فِي * هَذَا الْحَدِيثِ وَذَاكَ ذُو تِبْيَانٍ

  1178. فَالظَّاهِرُ الْيَوْمَانِ فِي الْوَجْهَيْنِ يَوْ * مٌ وَاحِدٌ مَا إِنْ هُمَا يَوْمَانِ

  1179. قَالُوا وَإِيرَادُ السِّيَاقِ يُبَيِّنُ الْـ * ـمَقْصُودَ مِنْهُ بِأَوْضَحِ التِّبْيَانِ

  1180. فَانْظُرْ إِلَى الْإِضْمَارِ ضِمْنَ يَرَوْنَهُ * وَنَرَاهُ مَا تَفْسِيرُهُ بِبَيَانِ

  1181. فَالْيَوْمُ بِالتَّفْسِيرِ أَوْلَى مِنْ عَذَا * بٍ وَاقِعٍ لِلْقُرْبِ وَالْجِيرَانِ

  1182. وَيَكُونُ ذِكْرُ عُرُوجِهِمْ فِي هَذِهِ الدُّ * نْيَا وَيَوْمَ قِيَامَةِ الْأَبْدَانِ

  1183. فِنزُولُهُمْ أَيْضًا هُنَالِكَ ثَابِتٌ * كُنُزُولِهِمْ أَيْضًا هُنَا لِلشَّانِ

  1184. وَعُرُوجُهُمْ بَعْدَ الْقَضَا كَعُرُوجِهِمْ * أَيْضًا هُنَا فَلَهُمْ إِذًا شَأْنَانِ

  1185. وَيَزُولُ هَذَا السَّقْفُ يَوْمَ مَعَادِنَا * فَعُرُوجُهُمْ لِلْعَرْشِ وَالرَّحْمَـٰنِ

  1186. هَذَا وَمَا نَضِجَتْ لَدَيَّ وَعِلْمُهَا الْـ * ـمَـوْكُولُ بَعْدُ لِمُنْزِلِ الْقُرْآنِ

  1187. وَأَعُوذُ بِالرَّحْمَـٰنِ مِنْ جَزْمٍ بِلَا * عِلْمٍ وَهَذَا غَايَةُ الْإِمْكَانِ

  1188. وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِالْمُرَادِ بِقَوْلِهِ * وَرَسُولُهُ الْمَبْعُوثُ بِالْفُرْقَانِ

  1189. هَذَا وَخَامِسُهَا صُعُودُ كَلَامِنَا * بِالطَّيِّبَاتِ إِلَيْهِ وَالإحْسَانِ

  1190. وَكَذَا صُعُودُ الْبَاقِيَاتِ الصَّالِحَا * تِ إِلَيْهِ مِنْ أَعْمَالِ ذِي الْإِيمَانِ

  1191. وَكَذَا صُعُودُ تَصَدُّقٍ مِنْ طَيِّبٍ * أَيْضًا إِلَيْهِ عِنْدَ كُلِّ أَوَانِ

  1192. وَكَذَا عُرُوجُ مَلَائِكَةٍ قَدْ وُكِّلُوا * مِنَّا بِأَعْمَالٍ وَهُمْ بَدَلَانِ

  1193. فَإِلَيْهِ تَعْرُجُ بُكْرَةً وَعَشِيَّةً * وَالصُّبْحُ يَجْمَعُهُمْ عَلَى الْقُرْآنِ

  1194. كَي يَشْهَدُوهُ وَيَعْرُجُونَ إِلَيْهِ بِالْـ * أَعْمَالِ سُبْحَانَ الْعَظِيمِ الشَّانِ

  1195. وَكَذَاكَ سَعْيُ اللَّيْلِ يَرْفَعُهُ إِلَى الرَّ * حْمَـٰنِ مِنْ قَبْلِ النَّهَارِ الثَّانِي

  1196. وَكَذَاكَ سَعْيُ الْيَوْمِ يَرْفَعُهُ لَهُ * مِنْ قَبْلِ لَيْلٍ حَافِظُ الْإِنْسَانِ

  1197. وَكَذَاكَ مِعْرَاجُ الرَّسُولِ إلَيْهِ حَقًّا * ثَابِتٌ مَا فِيهِ مِنْ نُكْرَانِ

  1198. بَلْ جَاوَزَ السَّبْعَ الطِّبَاقَ وَقَدْ دَنَا * مِنْهُ إِلَى أَنْ قُدِّرَتْ قَوْسَانِ

  1199. بَلْ عَادَ مِنْ مُوسَى إِلَيْهِ صَاعِدًا * خَمْسًا عِدَادَ الفَرْضِ فِي الْحُسْبَانِ

  1200. وَكَذَاكَ رَفْعُ الرُّوحِ عِيسَى الْمُرْتَضَى * حَقًّا إِلَيْهِ جَاءَ فِي الْقُرْآنِ

  1201. كَذَاكَ تَصْعَدُ رُوحُ كُلِّ مُصَدِّقٍ * لَمَّا تَفُوزُ بِفُرْقَةِ الأَبْدَانِ

  1202. حَقًّا إِلَيْهِ كَيْ تَفُوزَ بِقُرْبِهِ * وَتَعُودَ يَوْمَ الْعَرْضِ لِلْجُثْمَانِ

  1203. وَكَذَا دُعَا الْمُضْطَرِّ أَيْضًا صَاعِدٌ * أَبَدًا إِلَيْهِ عِنْدَ كُلِّ أَوَانِ

  1204. وَكَذَا دُعَا الْمَظْلُومِ أَيْضًا صَاعِدٌ * حَقًّا إِلَيْهِ قَاطِعَ الْأَكْوَانِ

  1205. هَذَا وَسَادِسُهَا وَسَابِعُهَا النُّزُو * لُ كَذَلِكَ التَّنْزِيلُ لِلْقُرْآنِ

  1206. وَاللَّهُ أَخْبَرَنَا أَنَّ كِتَابَهُ * تَنْزِيلُهُ بِالْحَقِّ وَالْبُرْهَانِ

  1207. أَيَكُونُ تَنْزِيلًا وَلَيْسَ كَلَامَ مَنْ * فَوْقَ الْعِبَادِ أَذَاكَ ذُو إِمْكَانِ

  1208. أَيَكُونُ تَنْزِيلًا مِنَ الرَّحْمَـٰنِ وَالرَّ * حْمَـٰنُ لَيْسَ مُبَايِنَ الْأَكْوَانِ

  1209. وَكذَا نُزُولُ الرَّبِّ جَلَّ جَلَالُهُ * فِي النِّصْفِ مِنْ لَيْلٍ وَذَاكَ الثَّانِي

  1210. فَيَقُولُ لَسْتُ بِسَائِلٍ غَيْرِي بِأَحْـ * ـوَالِ الْعِبَادِ أَنَا الْعَظِيمُ الشَّانِ

  1211. مَنْ ذَاكَ يَسْأَلُنِي فَيُعْطَى سُؤْلَهُ * مَنْ ذَا يَتُوبُ إِلَيَّ مِنْ عِصْيَانِ

  1212. مَنْ ذَاكَ يَسْأَلُنِي فَأَغْفِرَ ذَنْبَهُ * فَأَنَا الْوَدُودُ الْوَاسِعُ الْغُفْرَانِ

  1213. مَنْ ذَا يُرِيدُ شِفَاءَهُ مِنْ سُقْمِهِ * فَأَنَا الْقَرِيبُ مُجِيبُ مَنْ نَادَانِي

  1214. ذَا شَأْنُهُ سُبْحَانَهُ وَبِحَمْدِهِ * حَتَّى يَكُونَ الْفَجْرُ فَجْرًا ثَانِي

  1215. يَا قَوْمُ لَيْسَ نُزُولُهُ وَعُلُوُّهُ * حَقًّا لَدَيْكُمْ بَلْ هُمَا عَدَمَانِ

  1216. وَكَذَاكَ لَيْسَ يَقُولُ شَيْئًا عَنْدَكُمْ * لَا ذَا وَلَا قَوْلٌ سِوَاهُ ثَانِ

  1217. كُلٌّ مَجَازٌ لَا حَقِيقَةَ تَحْتَهُ * أَوِّلْ وَزِدْ وَانقُصْ بِلَا بُرْهَانِ

  1218. هَذَا وَثَامِنُهَا بِسُورَةِ غَافِرٍ * هُوَ رِفْعَةُ الدَّرَجَاتِ لِلرَّحْمَـٰنِ

  1219. دَرَجاتُهُ مَرْفُوعَةٌ كَمَعَارِجٍ * أَيْضًا لَهُ وَكِلَاهُمَا رَفْعَانِ

  1220. وَفَعِيلُ فِيهَا لَيسَ مَعْنَى فَاعِلٍ * وَسِيَاقُهَا يَأْبَاهُ ذُو التِّبْيَانِ

  1221. لَكِنَّهَا مَرْفُوعَةٌ دَرَجَاتُهُ * لِكَمَالِ رِفْعَتِهِ عَلَى الْأَكْوَانِ

  1222. هَذَا هُوَ الْقَوْلُ الصَّحِيحُ فَلَا تَحِدْ * عَنْهُ وَخُذْ مَعْنَاهُ فِي الْقُرْآنِ

  1223. فَنَظِيرُهَا الْمُبْدِي لَنَا تَفْسِيرَهَا * فِي ذِي الْمَعَارِجِ لَيْسَ يَفْتَرِقَانِ

  1224. وَالرُّوحُ وَالأمْلَاكُ تَصْعَدُ فِي مَعَا * رِجِهِ إِلَيْهِ جَلَّ ذُو السُّلْطَانِ

  1225. ذَا رِفْعَةُ الدَّرَجَاتِ حَقًّا مَا هُمَا * إِلَّا سَوَاءٌ أَوْ هُمَا شَبْهَانِ

  1226. فَخُذِ الكِتَابَ بِبَعْضِهِ بَعْضًا كَذَا * تَفْسِيرُ أَهْلِ الْعِلْمِ لِلْقُرْآنِ

  1227. هَذَا وَتَاسِعُهَا النُّصُوصُ بِأَنَّهُ * فَوْقَ السَّمَاءِ وَذَا بِلَا حُسْبَانِ

  1228. فَاسْتَحْضِرِ الْوَحْيَيْنِ وَانْظُرْ ذَاكَ تَلْـ * ـقَاهُ مُبِينًا وَاضِحَ التِّبْيَانِ

  1229. وَلَسَوْفَ نَذْكُرُ بَعْضَ ذَٰلِكَ عَنْ قَرِيـ * ـبٍ كَيْ تَقُومَ شَوَاهِدُ الإِيمَانِ

  1230. وَإِذَا أَتَتْ فِي لَا تَكُنْ مُسْتَوْحِشًا * مِنْهَا وَلَا تَكُ عِندَهَا بِجَبَانِ

  1231. لَيسَتْ تَدُلُّ عَلَى انْحِصَارِ إِلَهِنَا * عَقْلًا وَلَا عُرْفًا وَلَا بِلِسَانِ

  1232. إِذْ أَجْمَعَ السَّلَفُ الْكِرَامُ بِأَنَّ مَعْـ * ـنَاهَا كَمَعْنَى فَوْقَ بِالْبُرْهَانِ

  1233. أَوْ أَنَّ لَفْظَ سَمَائِهِ يُعْنَى بِهِ * نَفْسُ الْعُلُوِّ الْمُطْلَقِ الْحَقَّانِي

  1234. وَالرَّبُّ فِيهِ وَلَيْسَ يَحْصُرُهُ مِنَ الْـ * ـمَخْلُوقِ شَيْءٌ عَزَّ ذُو السُّلْطَانِ

  1235. كُلُّ الجِهَاتِ بِأَسْرِهَا عَدَمِيَّةٌ * فِي حَقِّهِ هُوَ فَوْقَهَا بِبَيَانِ

  1236. قَدْ بَانَ عَنْهَا كُلِّهَا فَهُوَ الْمُحِيـ * ـطُ وَلَا يُحَاطُ بِخَالِقِ الْأَكْوَانِ

  1237. مَا ذَاكَ يَنْقِمُ بَعْدُ ذُو التَّعْطِيلِ مِنْ * وَصْفِ الْعُلُوِّ لِرَبِّنَا الرَّحْمَـٰنِ

  1238. أَيَرُدُّ ذُو عَقْلٍ سَلِيمٍ قَطُّ ذَا * بَعْدَ التَّصَوُّرِ يَا أُولِي الأَذْهَانِ

  1239. وَاللَّهِ مَا رَدَّ امْرُؤٌ هَذَا بِغَيْـ * ـرِ الجَهْلِ أَوْ بِحَمِيَّةِ الشَّيْطَانِ

  1240. هَذَا وَعَاشِرُهَا اخْتِصاصُ الْبَعْضِ مِنْ * أَمْلَاكِهِ بِالْعِنْدِ لِلرَّحْمَـٰنِ

  1241. وَكَذَا اخْتِصَاصُ كِتَابِ رَحْمَتِهِ بِعِنْـ * ـدِ اللَّهِ فَوْقَ الْعَرْشِ ذُو تِبْيَانِ

  1242. لَوْ لَمْ يَكُنْ سُبْحَانَهُ فَوْقَ الوَرَى * كَانُوا جَمِيعًا عِنْدَ ذِي السُّلْطَانِ

  1243. وَيكُونُ عِندَ اللهِ إِبْلِيسٌ وَجِبْـ * ـرِيلٌ هُمَا فِي الْعِنْدِ مُسْتَوِيَانِ

  1244. وَتَمَامُ ذَاكَ الْقَوْلِ أَنَّ مَحَبَّةَ الرَّ * حْمَـٰنِ عَيْنُ إِرَادَةِ الْأَكْوَانِ

  1245. وَكِلَاهُمَا مَحْبُوبُهُ وَمُرَادُهُ * وَكِلَاهُمَا هُوَ عِندَهُ سِيَّانِ

  1246. إِنْ قُلْتُمُ عِنْدِيَّةُ التَّكْوِينِ فَالذَّ * اتَانِ عِنْدَ اللَّهِ مَخْلُوقَانِ

  1247. أَوْ قُلْتُمُ عِنْدِيَّةُ التَّقْرِيبِ تَقْـ * ـرِيبُ الحَبِيبِ وَمَا هُمَا عِدْلَانِ

  1248. فَالحُبُّ عِنْدَكُمُ الْمَشِيئَةُ نَفْسُهَا * وَكِلَاهُمَا فِي حُكْمِهَا مِثْلَانِ

  1249. لَكِنَّ مُنَازِعَكُمْ يَقُولُ بِأَنَّهَا * عِنْدِيَّةٌ حَقًّا بِلَا رَوَغَانِ

  1250. جَمعَتْ لَهُ حُبَّ الإلهِ وَقُرْبَهُ * مِنْ ذَاتِهِ وَكَرَامَةَ الإِحْسَانِ

  1251. وَالحُبُّ وَصْفٌ وَهْوَ غَيْرُ مَشِيئَةٍ * وَالعِنْدُ قُرْبٌ ظَاهِرُ التِّبْيَانِ

  1252. هَذَا وَحَادِي عَشْرَةٌ إِشَارَةٌ * نَحْوَ الْعُلُوِّ بِإِصْبَعٍ وَبَنَانِ

  1253. لِلَّهِ جَلَّ جَلَالُهُ لَا غَيْرِهِ * إِذْ ذَاكَ إِشْرَاكٌ مِنَ الْإِنْسَانِ

  1254. وَلَقَدْ أَشَارَ رَسُولُهُ فِي مَجْمَعِ الْـ * حَجِّ الْعَظِيمِ بِمَوْقِفِ الْغُفْرَانِ

  1255. نَحْوَ السَّمَاءِ بِإِصْبَعٍ قَدْ كُرِّمَتْ * مُسْتَشْهِدًا لِلْوَاحِدِ الرَّحْمَـٰنِ

  1256. يَا رَبِّ فَاشْهَدْ أَنَّنِي بَلَّغْتُهُمْ * وَيُشِيرُ نَحْوَهُمُ لِقَصْدِ بَيَانِ

  1257. فَغَدًا الْبَنَانُ مُرَفَّعًا وَمُصَوَّبًا * صَلَّى عَلَيْكَ اللَّهُ ذُو الْغُفْرَانِ

  1258. أَدَّيْتَ ثُمَّ نَصَحْتَ إِذْ بَلَّغْتَنَا * حَقَّ الْبَلَاغِ الْوَاجِبِ الشُّكْرَانِ

  1259. هَذَا وَثَانِيَ عَشْرَهَا وَصْفُ الظُّهُو * رِ لَهُ كَمَا قَدْ جَاءَ فِي الْقُرْآنِ

  1260. وَالظَّاهِرُ الْعَالِي الَّذِي مَا فَوْقَهُ * شَيْءٌ كَمَا قَدْ قَالَ ذُو الْبُرْهَانِ

  1261. حَقًّا رَسُولُ اللهِ ذَا تَفْسِيرُهُ * وَلَقَدْ رَوَاهُ مُسْلِمٌ بِضَمَانِ

  1262. فَاقْبَلْهُ لَا تَقْبَلْ سِوَاهُ مِنَ التَّفَا * سِيرِ الَّتِي قِيلَتْ بِلَا بُرْهَانِ

  1263. وَالشَّيْءُ حِينَ يَتِمُّ مِنْهُ عُلُوُّهُ * فَظُهُورُهُ فِي غَايَةِ التَّبْيَانِ

  1264. أَوَ مَا تَرى هَذِي السَّمَا وَعُلُوَّهَا * وَظُهُورَهَا وَكَذَلِكَ القَمَرَانِ

  1265. وَالعَكْسُ أَيْضًا ثَابِتٌ فَسُفُولُهُ * وَخَفَاؤُهُ إِذْ ذَاكَ مُصطَحِبَانِ

  1266. فَانْظُرْ إلَى عُلْوِ المُحِيطِ وَأَخْذِهِ * صِفَةَ الظُّهُورِ وَذَاكَ ذُو تَبْيَانِ

  1267. وَانْظُرْ خَفَاءَ الْمَركَزِ الْأَدْنَى وَوَصْـ * ـفِ السُّفْلِ مِنْهُ وَكَوْنَهُ تَحْتَانِي

  1268. وَظُهُورُهُ سُبْحَانَهُ بِالذَّاتِ مِثْـ * ـلُ عُلُوِّهِ فَهُمَا لَهُ صِفَتَانِ

  1269. لَا تَجْحَدَنَّهُمَا جُحُودَ الجَهْمِ أَوْ * صَافَ الكَمَالِ تَكُونُ ذَا بُهْتَانِ

  1270. وَظُهُورُهُ هُوَ مُقْتَضٍ لِعُلُوِّهِ * وَعُلُوُّهُ لِظُهُورِهِ بِبَيَانِ

  1271. وَلِذَاكَ قَدْ دَخَلَتْ هُنَاكَ الْفَاءُ لِلْتَّـ * ـسْبِيبِ مُؤْذِنَةً بِهَذَا الشَّانِ

  1272. فَتَأمَّلُوا تَفْسِيرَ أَعْلَمِ خَلْقِهِ * بِصِفَاتِهِ مَنْ جَاءَ بِالْقُرْآنِ

  1273. إِذْ قَالَ أَنْتَ كَذَا فَلَيْسَ لِضِدِّهِ * أَبَدًا إِلَيْكَ تَطَرُّقُ الإتْيَانِ

  1274. هَذَا وَثَالِثَ عَشْرَهَا إِخْبَارُهُ * أَنَّا نَرَاهُ بِجَنَّةِ الْحَيَوَانِ

  1275. فَسَلِ المعَطِّلَ هَلْ يُرَى مِن تَحْتِنَا * أَمْ عَنْ شَمَائِلِنَا وَعَنْ أَيْمَانِ

  1276. أَمْ خَلْفَنَا وَأَمَامَنَا سُبْحَانَهُ * أَمْ هَلْ يُرَى مِنْ فَوْقِنَا بِبَيَانِ

  1277. يَا قَوْمُ مَا فِي الأَمْرِ شَيْءٌ غَيْرُ ذَا * أَوْ أَنَّ رُؤْيَتَهُ بِلَا إِمْكَانِ

  1278. إِذْ رُؤْيَةٌ لَا فِي مُقَابَلَةٍ مِنَ الرَّ * ائِي مُحَالٌ لَيْسَ فِي الْإِمْكَانِ

  1279. وَمَنِ ادَّعَى شَيْئًا سِوَى ذَا كَانَ دَعْـ * ـوَاهُ مُكَابَرةً عَلَى الأذْهَانِ

  1280. وَلِذَاكَ قَالَ مُحَقِّقٌ مِنْكُمْ لِأَهْـ * ـلِ الْاعْتِزَالِ مَقَالَةً بِأَمَانِ

  1281. مَا بَيْنَنَا خُلْفٌ وَبَيْنَكُمُ لَدَى التَّـ * ـحْقِيقِ فِي مَعْنًى فَيَا إِخْوَانِي

  1282. شُدُّوا بِأَجْمَعِينَا لِنَحْمِلَ حَمْلَةً * تَذَرُ الْمُجَسِّمَ فِي أَذَلِّ هَوَانِ

  1283. إِذْ قَالَ إِنَّ إِلَهَهُ حَقًّا يُرَى * يَوْمَ الْمَعَادِ كَمَا يُرَى الْقَمَرَانِ

  1284. وَتَصِيرُ أَبْصَارُ الْعِبَادِ نَوَاظِرًا * حَقًّا إِلَيْهِ رُؤْيَةً بِعِيَانِ

  1285. لَا رَيْبَ أَنَّهُمُ إِذَا قَالُوا بِذَا * لَزِمَ الْعُلُوُّ لِفَاطِرِ الْأَكْوَانِ

  1286. وَيكُونُ فَوْقَ الْعَرْشِ جَلَّ جَلَالُهُ * فَلِذَاكَ نَحْنُ وَحِزْبُهُمْ خَصْمَانِ

  1287. لَكِنَّنَا سِلْمٌ وَأَنتُمْ إِذْ تَسَا * عَدْنَا عَلَى نَفْيِ الْعُلُوِّ لِرَبِّنَا الرَّحْمَـٰنِ

  1288. فَعُلُوُّهُ عَيْنُ المُحَالِ وَلَيْسَ فَوْ * قَ الْعَرْشِ مِنْ رَبٍّ وَلَا دَيَّانِ

  1289. لَا تَنْصِبُوا مَعَنا الْخِلَافَ فَمَا لَهُ * طَعْمٌ فَنَحْنُ وَأَنْتُمْ سِلْمَانِ

  1290. هَذَا الَّذِي وَاللَّهِ مُودَعُ كُتْبِهِمْ * فَانْظُرْ تَرَى يَا مَنْ لَهُ عَيْنَانِ

  1291. هَذَا وَرَابِعَ عَشْرَهَا إِقْرَارُ سَا * ئِلِهِ بِلَفْظِ الأَيْنَ لِلرَّحْمَـٰنِ

  1292. وَلَقَدْ رَوَاهُ أَبُو رَزِينٍ بَعْدَمَا * سَأَلَ الرَّسُولَ بِلَفْظِهِ بَوِزَانِ

  1293. وَرَوَاهُ تَبْلِيغًا لَهُ وَمُقَرِّرًا * لَمَّا أَقَرَّ بِهِ بِلَا نُكْرَانِ

  1294. هَذَا وَمَا كَانَ الجَوَابُ جَوابَ مَنْ * لَكِنْ جَوَابَ اللَّفْظِ بِالمِيزَانِ

  1295. كَلَّا وَلَيْسَ لِمَنْ دُخُولٌ قَطُّ فِي * هَذَا السِّيَاقِ لِمَن لَهُ أُذُنَانِ

  1296. دَعْ ذَا فَقَدْ قَالَ الرَّسُولُ بِنَفْسِهِ * أَيْنَ الإِلَهُ لِعَالِمٍ بِلِسَانِ

  1297. وَاللَّهِ مَا قَصَدَ الْمُخَاطِبُ غَيْرَ مَعْـ * ـنَاهَا الَّذِي وُضِعَتْ لَهُ الْحَقَّانِي

  1298. وَاللَّهِ مَا فَهِمَ الْمُخَاطَبُ غَيْرَهُ * وَاللَّفْظُ مَوْضُوعٌ لِقَصْدِ بَيَانِ

  1299. يَا قَوْمُ لَفْظُ "الأيْنِ" مُمْتَنِعٌ عَلَى الرَّ * حْمَـٰنِ عِنْدَكُمُ وَذُو بُطْلَانِ

  1300. وَيَكَادُ قَائِلُكُمْ يُكفِّرُنَا بِهِ * بَلْ قَدْ وَهَذَا غَايَةُ الْعُدْوَانِ

  1301. لَفْظٌ صَرِيحٌ جَاءَ عَنْ خَيْرِ الوَرَى * قَوْلًا وَإِقْرَارًا هُمَا نَوْعَانِ

  1302. وَاللَّهِ مَا كَانَ الرَّسُولُ بِعَاجِزٍ * عَنْ لَفْظِ مَنْ مَعَ أَنَّهَا حَرْفَانِ

  1303. وَالْأَيْنُ أَحْرُفُهَا ثَلَاثٌ وَهِيَ ذُو * لَبْسٍ وَمَنْ فِي غَايَةِ التِّبْيَانِ

  1304. وَاللَّهِ مَا الْمَلَكَانِ أَفْصَحَ مِنْهُ إِذْ * فِي الْقَبْرِ مَنْ رَبُّ الْوَرَى يَسَلَانِ

  1305. وَيقُولُ أَيْنَ اللهُ يَعْنِي مَنْ فَلَا * وَاللَّهِ مَا اللَّفظَانِ مُتَّحِدَانِ

  1306. كَلَّا وَلَا مَعْنَاهُمَا أَيْضًا لِذِي * لُغَةٍ وَلَا شَرْعٍ وَلَا إِنْسَانِ

  1307. هَذَا وَخَامِسَ عَشْرَهَا الإِجْمَاعُ مِنْ * رُسُلِ الإِلهِ الْواحِدِ الْمَنَّانِ

  1308. فَالْمُرْسَلُونَ جَمِيعُهُمْ مَعَ كُتُبِهِمْ * قَدْ صَرَّحُوا بِالْفَوْقِ لِلرَّحْمَـٰنِ

  1309. وَحَكَى لَنَا إِجْمَاعَهُمْ شَيْخُ الْوَرَى * وَالدِّينِ عَبْدُ الْقَادِرِ الْكَيْلَانِي

  1310. وَأَبُو الْوَلِيدِ الْمَالِكِي أَيْضًا حَكَى * إِجْمَاعَهُمْ أَعْنِي ابْنَ رُشْدِ الثَّانِي

  1311. وَكَذَا أَبُو الْعَبَّاسِ أَيْضًا قَدْ حَكَى * إِجْمَاعَهُمْ عَلَمُ الْهُدَى الْحَرَّانِي

  1312. وَلَهُ اطِّلَاعٌ لَمْ يَكُنْ مِنْ قَبْلِهِ * لِسِوَاهُ مِنْ مُتَكَلِّمٍ وَلِسَانِ

  1313. هَذَا وَنَقْطَعُ نَحْنُ أَيْضًا أَنَّهُ * إِجْمَاعُهُمْ قَطْعًا عَلَى الْبُرْهَانِ

  1314. وَكَذَاكَ نَقْطَعُ أَنَّهُمْ جَاؤُوا بِإِثْـ * ـبَاتِ الصِّفَاتِ لِخَالِقِ الْأَكْوَانِ

  1315. وَكَذَاكَ نَقْطَعُ أَنَّهُمْ جَاؤُوا بِإِثْـ * ـبَاتِ الْكَلَامِ لِرَبِّنَا الرَّحْمَـٰنِ

  1316. وَكَذَاكَ نَقْطَعُ أَنَّهُمْ جَاؤُوا بِإِثْـ * ـبَاتِ الْمِعَادِ لِهَذِهِ الْأَبْدَانِ

  1317. وَكَذَاكَ نَقْطَعُ أَنَّهُمْ جَاءُوا بِتَوْ * حِيدِ الْإِلَهِ وَمَا لَهُ مِنْ ثَانِ

  1318. وَكَذَاكَ نَقْطَعُ أَنَّهُمْ جَاؤُوا بِإِثْـ * ـبَاتِ الْقَضَاءِ وَمَا لَهُمْ قَوْلَانِ

  1319. فَالرُّسُلُ مُتَّفِقُونَ قَطْعًا فِي أُصُو * لِ الدِّينِ دُونَ شَرَائِعِ الإيمَانِ

  1320. كُلٌّ لَهُ شَرْعٌ وَمِنْهَاجٌ وَذَا * فِي الأَمْرِ لَا التَّوْحِيدِ فَافْهَمْ ذَانِ

  1321. فَالْدِّينُ فِي التَّوْحِيدِ دِينٌ وَاحِدٌ * لَمْ يَخْتَلِفْ مِنْهُمْ عَلَيْهِ اثْنَانِ

  1322. دِينُ الإلَهِ اخْتَارَهُ لِعِبَادِهِ * وَلِنَفْسِهِ هُوَ قَيِّمُ الأَدْيَانِ

  1323. فَمِنَ الْمُحَالِ أَنْ يَكُونَ لِرُسْلِهِ * فِي وَصْفِهِ خَبَرَانِ مُخْتَلِفَانِ

  1324. وَكَذَاكَ نَقْطَعُ أَنَّهُمْ جَاؤُوا بِعَدْ * لِ اللَّهِ بَيْنَ طَوَائِفِ الْإِنْسَانِ

  1325. وَكَذَاكَ نَقْطَعُ أَنَّهُمْ أَيْضًا دَعَوْا * لِلْخَمْسِ وَهِيَ قَوَاعِدُ الْإِيمَانِ

  1326. إِيمَانُنَا بِاللَّهِ ثُمَّ بِرُسْلِهِ * وَبِكُتْبِهِ وَقِيَامَةِ الْأَبْدَانِ

  1327. وَبِجُنْدِهِ وَهُمُ الْمَلَائِكَةُ الْأُلَى * هُمْ رُسْلُهُ لِمَصَالِحِ الْأَكْوَانِ

  1328. هَذِي أُصُولُ الدِّينِ حَقًّا لَا الأُصُو * لُ الخَمْسُ لِلْقَاضِي هُوَ الهَمَذَانِي

  1329. تِلْكَ الأُصُولُ لِلِاعْتِزَالِ وَكَمْ لَهَا * فَرْعٌ فَمِنْهُ الْخَلْقُ لِلْقُرْآنِ

  1330. وَجُحُودُ أَوْصَافِ الْإِلَهِ وَنَفْيُهُمْ * لِعُلُوِّهِ وَالْفَوْقِ لِلرَّحْمَـٰنِ

  1331. وَكَذَاكَ نَفْيُهُمُ لِرُؤْيَتِنَا لَهُ * يَوْمَ اللِّقَاءِ كَمَا يُرَى الْقَمَرَانِ

  1332. وَنَفَوْا قَضَاءَ الرَّبِّ وَالْقَدَرَ الَّذِي * سَبَقَ الْكِتَابُ بِهِ هُمَا حَتْمَانِ

  1333. مِنْ أَجْلِ هَاتِيكَ الْأَصُولِ وَخَلَّدُوا * أَهْلَ الْكَبَائِرِ فِي لَظَى النِّيرَانِ

  1334. وَلَأَجْلِهَا نَفَوُا الشَّفَاعَةَ فِيهِمُ * وَرَمَوْا رُوَاةَ حَدِيثِهَا بِطِعَانِ

  1335. وَلَأَجْلِهَا قَالُوا بِأَنَّ اللَّهَ لَمْ * يَقْدِرْ عَلَى إِصْلَاحِ ذِي الْعِصْيَانِ

  1336. وَلَأَجْلِهَا قَالُوا بِأَنَّ اللَّهَ لَمْ * يَقْدِرْ عَلَى إِيمَانِ ذِي الْكُفْرَانِ

  1337. وَلِأَجْلِهَا حَكَمُوا عَلَى الرَّحْمَـٰنِ بِالشَّـ * ـرْعِ الْمُحَالِ شَرِيعَةِ الْبُهْتَانِ

  1338. وَلِأَجْلِهَا هُمْ يُوجِبُونَ رِعَايَةً * لِلْأَصْلَحِ الْمَوْجُودِ فِي الْإِمْكَانِ

  1339. حَقًّا عَلَى رَبِّ الْوَرَى بِعُقُولِهِم * سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ ذَا السُّبْحَانِ

  1340. هَذَا وَسَادِسَ عَشْرَهَا إِجْمَاعُ أَهْـ * ـلِ العِلْمِ أَعْنِي حُجَّةَ الأَزْمَانِ

  1341. مِنْ كُلِّ صَاحِبِ سُنَةٍ شَهدَتْ لَهُ * أَهْلُ الحَدِيثِ وَعَسْكَرُ القُرْآنِ

  1342. لَا عِبْرَةَ بِمُخَالِفٍ لَهُمُ وَلَوْ * كَانُوا عَدِيدَ الشَّاءِ وَالْبُعْرَانِ

  1343. أَنَّ الَّذِي فَوْقَ السَّمَاوَاتِ الْعُلَى * وَالْعَرْشِ وَهْوَ مُبَايِنٌ الْأَكْوَانِ

  1344. هُوَ رَبُّنَا سُبْحَانَهُ وَبِحَمْدِهِ * حَقًّا عَلَى الْعَرْشِ اسْتِوَا الرَّحْمَـٰنِ

  1345. فَاسْمَعْ إِذًا أَقْوَالَهُمْ وَاشْهَدْ عَلَيْـ * ـهِمْ بَعْدَهَا بِالْكُفْرِ وَالْإِيمَانِ

  1346. وَاقْرَأْ تَفَاسِيرَ الأئمَّةِ ذَاكِرِي الْـ * إِسْنَادِ فَهْيَ هِدَايَةُ الْحَيْرَانِ

  1347. وَانْظُرْ إِلَى قَوْلِ ابْنِ عَبَّاسٍ بِتَفْـ * ـسِيرِ اسْتَوَى إِنْ كُنتَ ذَا عِرْفَان

  1348. وَانْظُرْ إِلَى أَصْحَابِهِ مِنْ بَعْدِهِ * كَمُجَاهِدٍ وَمُقَاتِلٍ حَبْرَانِ

  1349. وَانْظُرْ إِلَى الْكَلْبِيِّ أَيْضًا وَالَّذِي * قَدْ قَالَهُ مِنْ غَيْرِ مَا نُكْرَانِ

  1350. وَكَذَا رُفَيعُ التَّابِعِيُّ أَجَلُّهُم * ذَاكَ الرِّيَاحِيُّ العَظِيمُ الشَّانِ